السعودية: سوق العقارات التجارية أمام حزمة من الإجراءات الجديدة

تستهدف الحد من تضخم الأسعار وحفظ حقوق المالك والمستأجر

السعودية: سوق العقارات التجارية أمام حزمة من الإجراءات الجديدة
TT

السعودية: سوق العقارات التجارية أمام حزمة من الإجراءات الجديدة

السعودية: سوق العقارات التجارية أمام حزمة من الإجراءات الجديدة

في الوقت الذي دعت فيه وزارة «التجارة والصناعة» السعودية، المهتمين إلى إبداء آرائهم ومقترحاتهم في مشروع تنظيم عقود إيجار العقارات التجارية، أفصحت مصادر مطلعة لـ«الشرق الأوسط» أمس، عن أن هناك تحركات حكومية جديدة من شأنها ضبط أسعار العقارات التجارية في البلاد، والحد من عمليات الاستغلال أو التلاعب التي قد تحدث.
وتهدف هذه الخطوة بطبيعة الحال إلى الحد من عمليات التضخم في السوق المحلية من جهة، وفتح المجال أمام قيام مشروعات تجارية جديدة كانت عقود إيجار العقارات التجارية في البلاد تمثل العقبة الكبرى أمامها من جهة أخرى، خصوصا أن أسعار إيجارات العقارات التجارية شهدت خلال السنوات الخمس الماضية زيادة تصل نسبتها إلى 200 في المائة، مما ضغط على الأداء التجاري للمستأجر، الذي يعاني في بعض الأحيان من عشوائية قرارات المالك، من خلال رفع قيمة عقود الإيجار بعد مضي أول عام من التأجير.
وأمام ذلك، أوضحت وزارة التجارة والصناعة، يوم أمس، أنها دعت المهتمين والعموم إلى إبداء آرائهم ومقترحاتهم في مشروع تنظيم عقود إيجار العقارات التجارية ومناقشة ارتفاعها وبحث الحلول المناسبة لها، وذلك من خلال المشاركة في استبيان تأجير العقارات التجارية على موقع الوزارة الإلكتروني.
وأكدت وزارة التجارة والصناعة السعودية يوم أمس، سعيها إلى تنظيم علاقة الإيجار التجاري التي تشمل الأراضي والمباني، بما يحفظ حقوق المالك والمستأجر ومسؤولياتهما، وقالت: «من أهم المحاور المطروحة في الاستبيان، وضع مؤشرات لأسعار الإيجارات التجارية، وربط قيمة الإيجار بأسعار السوق، إلى جانب إبداء الرأي في وضع حد أعلى لنسبة الزيادة السنوية في قيمة الإيجار، وطلب الرأي تحديد الفترة المطلوبة لإبلاغ المستأجر بالزيادة أو طلب إخلاء الموقع، بالإضافة إلى تحديد عدد السنوات المناسبة لمدة الاستئجار وتجديدها».
وتضمّن الاستبيان، في الوقت ذاته، تقديم الطرف المستأجر وديعة تأمينية لضمان الوفاء بالأجرة وصيانة العقار، ومدد الإشعارات بالتجديد أو إنهاء عقد الإيجار، ومهلة تسليم الدفعات وإنهاء العقود، وتهدف الوزارة من خلال هذه الخطوة إلى حماية حقوق الملاك والمستأجرين ومسؤولياتهم وتنظيم العلاقة التعاقدية فيما بينهم.
من جهة أخرى، أكد عايض العتيق، وهو صاحب سلسلة من مكاتب التسويق العقاري في الرياض، أن أسعار إيجارات المحلات والمعارض التجارية تعاني في كثير من الأحيان من جشع بعض ملاك العقارات، وقال: «عندما يرى مالك العقار أن هناك نجاحا في المشروع التجاري الذي جرى استئجار موقعه من قبل مستثمر ما، يعمد إلى رفع الإيجار السنوي في العام التالي بنسبة قد تصل إلى 30 في المائة، ثقة منه في أن المستأجر سيقوم بالتجديد بسبب نجاح مشروعه التجاري».
وأوضح العتيق أن الحد من زيادة أسعار إيجارات المحال والمعارض التجارية يقود بكل تأكيد التأثير على معدلات التضخم، مبينا أن زيادة أسعار الإيجارات تقود إلى رفع أسعار السلع والخدمات، مما يزيد من مستويات التضخم في نهاية المطاف.
وتأتي هذه التطورات في الوقت الذي وضع فيه شرط الـ30 في المائة مقابل التمويل العقاري، البنوك السعودية في مأزق انخفاض حجم الطلب، والعقود المبرمة بينها وبين عملائها الباحثين عن شراء العقارات من خلال تمويل هذه البنوك بضمان الراتب الشهري، مما دفع بعض هذه البنوك إلى البحث عن مخرج لهذا الشرط، إلا أن مؤسسة النقد العربي السعودي (ساما) حذرت البنوك في الأيام القليلة الماضية من تجاوز الأنظمة والقرارات الصادرة.
وينص شرط الـ30 في المائة على أن يدفع المشتري (طالب التمويل العقاري) ما نسبته 30 في المائة من قيمة العقار دفعة مقدمة، على أن يتولى الممول (بنك تجاري أو شركة تمويل) دفع قيمة الـ70 في المائة المتبقية، ومن ثم تقسيط هذه القيمة على المشتري الباحث عن التمويل.
وبحسب مصادر مصرفية تحدثت لـ«الشرق الأوسط»، قبل نحو 14 يوما، فإن شرط الـ30 في المائة قاد طلبات التمويل إلى التراجع بصورة حادة، وقالت هذه المصادر: «هناك بنوك بحثت عن مخرج لهذا القرار، إلا أن مؤسسة النقد العربي السعودي أوقفت ذلك، وحذرت البنوك من أي تجاوز للأنظمة، وعليه فإن القرار ساري التنفيذ».
ولفتت المصادر ذاتها حينها إلى أن ارتفاع أسعار العقارات في السعودية يعتبر السبب الرئيسي في عدم قدرة طالب التمويل على توفير ما نسبته 30 في المائة دفعة مقدمة للتمويل العقاري، وهو الأمر الذي زاد من مرور السوق العقارية السعودية بحالة ركود كبرى خلال المرحلة الحالية.



«كوفيد ـ 19» يوقف إجراءات تسليم المساكن في السودان

ينتظر أن ينطلق برنامج التوعية والتثقيف بالسكن الرأسي لرفع الوعي بهذا النوع من البناء
ينتظر أن ينطلق برنامج التوعية والتثقيف بالسكن الرأسي لرفع الوعي بهذا النوع من البناء
TT

«كوفيد ـ 19» يوقف إجراءات تسليم المساكن في السودان

ينتظر أن ينطلق برنامج التوعية والتثقيف بالسكن الرأسي لرفع الوعي بهذا النوع من البناء
ينتظر أن ينطلق برنامج التوعية والتثقيف بالسكن الرأسي لرفع الوعي بهذا النوع من البناء

في وقت تجري فيه الاستعدادات لعقد اجتماع بين الصندوق القومي للإسكان ووزارة المالية والتخطيط الاقتصادي وبنك السودان، لبحث سبل توفير تمويل لمشروعات الإسكان للمواطنين عبر قروض طويلة الأجل، ألغت الحكومة أول من أمس، وأوقفت، إجراءات تسليم المساكن للموطنين والتقديم لها، خوفاً من حدوث إصابات بـ«كورونا»، أثناء الاصطفاف للتقديم والتسلم.
وكان الصندوق القومي للإسكان قد طرح مباني سكنية جاهزة للمواطنين في معظم المناطق الطرفية بالعاصمة الخرطوم، وبقية الولايات، وذلك ضمن مشروع السودان لتوفير المأوى للمواطنين، الذي سيبدأ بـ100 ألف وحدة سكنية لذوي الدخل المحدود. وقد بدأ المشروع بفئة العمال في القطاعات الحكومية في جميع ولايات السودان العام الماضي، بواقع 5 آلاف منزل للمرحلة الأولى، تسدد بالتقسيط على مدى 7 سنوات. ويتضمن مشروع إسكان عمال السودان 40 مدينة سكنية في جميع مدن البلاد، لصالح محدودي الدخل، ويستفيد من المشروع في عامه الأول أكثر من مليونين.
وقد أقام المواطنون مواقع أمام مقر الصندوق القومي للإسكان، وباتوا يتجمعون يومياً بأعداد كبيرة، ما سبب إزعاجاً لدى إدارة الصندوق والشارع العام، وذلك بعد قرار سياسي من والي ولاية الخرطوم، لدعوة المواطنين للتقديم للحصول على سكن شعبي.
ووفقاً للدكتور عبد الرحمن الطيب أيوبيه الأمين العام المكلف للصندوق القومي للإسكان والتعمير في السودان لـ«الشرق الأوسط» حول دواعي إصدار قرار بوقف إجراءات التسليم والتقديم للإسكان الشعبي، وعما إذا كان «كورونا» هو السبب، أوضح أن تلك التجمعات تسببت في زحام شديد، حيث نصب المتقدمون للوحدات السكنية خياماً أمام مقر الصندوق في شارع الجمهورية، بعد قرار الوالي في وقت سابق من العام الماضي بدعوة المواطنين للتقديم. وظلت تلك التجمعات مصدر إزعاج وإرباك للسلطات، ولم تتعامل معهم إدارة الصندوق، إلى أن جاء قرار الوالي الأخير بمنع هذه التجمعات خوفاً من عدوى «كورونا» الذي ينشط في الزحام.
وبين أيوبيه أن الخطة الإسكانية لا تحتاج لتجمعات أمام مباني الجهات المختصة، حيث هناك ترتيبات وإجراءات للتقديم والتسلم تتم عبر منافذ صناديق الإسكان في البلاد، وعندما تكون هناك وحدات جاهزة للتسليم يتم الإعلان عنها عبر الصحف اليومية، موضحاً أن كل ولاية لديها مكاتب إدارية في كل ولايات السودان، وتتبع الإجراءات نفسها المعمول بها في العاصمة.
ولم يخفِ أيوبيه أزمة السكن في البلاد، والفجوة في المساكن والوحدات السكنية، والمقدرة بنحو مليوني وحدة سكنية في ولاية الخرطوم فقط، لكنه أشار إلى أن لديهم خطة مدروسة لإنشاء 40 ألف مدينة سكنية، تم الفراغ من نسبة عالية في العاصمة الخرطوم، بجانب 10 آلاف وحدة سكنية.
وقال إن هذه المشاريع الإسكانية ستغطي فجوة كبيرة في السكن الشعبي والاقتصادي في البلاد، موضحاً أن العقبة أمام تنفيذها هو التمويل، لكنها كمشاريع جاهزة للتنفيذ والتطبيق، مشيراً إلى أن لديهم جهوداً محلية ودولية لتوفير التمويل لهذه المشاريع.
وقال إن اجتماعاً سيتم بين الصندوق القومي للإسكان وبنك السودان المركزي ووزارة المالية والتخطيط الاقتصادي، لتوفير الضمانات بالنسبة للتمويل الخارجي واعتماد مبالغ للإسكان من الاحتياطي القانوني للمصارف المحلية.
وأكد الدكتور عبد الرحمن على أهمية التنسيق والتعاون المشترك بين الجهات المعنية لإنفاذ المشروع القومي للمأوى، وتوفير السكن للشرائح المستهدفة، مجدداً أن أبواب السودان مشرعة للاستثمار في مجال الإسكان. وأشار إلى أن الصندوق القومي للإسكان سيشارك في معرض أكسبو في دبي في أكتوبر (تشرين الأول) المقبل، وذلك بجناح يعرض فيه الفرص الاستثمارية في السكن والوحدات السكنية في السودان، وسيتم عرض كل الفرص الجاهزة والمتاحة في العاصمة والولايات.
وقال إن هناك آثاراً متوقعة من قرار رفع العقوبات الاقتصادية الأميركية على البلاد، ومن المتوقع أن يسهم كثيرا في إنعاش سوق العقارات واستقطاب رؤوس أموال لصالح التوسع في مشروعات الإسكان. وأبان أن الصندوق استطاع خلال السنوات الماضية إحداث جسور للتعاون مع دول ومنظمات واتحادات ومؤسسات مختلفة، وحالت العقوبات دون استثمارها بالشكل المطلوب، مشيرا إلى أن جهودهم ستتواصل للاستفادة من الخبرات والموارد المالية المتاحة عبر القروض والمنح والاستثمارات.
وأكمل الصندوق القومي للإسكان في السودان تحديد المواقع والدراسات لمشروع المأوى القومي ومنازل العمال، حيث ستشيد المنازل بأنماط مختلفة من السكن الاقتصادي، الشعبي، الاستثماري، الريفي، والمنتج، بتمويل من البنوك العاملة في البلاد، وفق خطة الصندوق.
وقد طرحت إدارة الصندوق عطاءات منذ بداية العام الجاري لتنفيذ مدن سكنية، كما دعت المستثمرين إلى الدخول في شراكات للاستثمار العقاري بالولايات لتوفير المأوى للشرائح المستهدفة، إلا أن التمويل وقف عثرة أمام تلك المشاريع.
وطرح الصندوق القومي للإسكان في ولاية الخرطوم أن يطرح حالياً نحو 10 آلاف وحدة سكنية لمحدودي الدخل والفئويين والمهنيين في مدن العاصمة الثلاث، كما يطرح العديد من الفرص المتاحة في مجال الإسكان والتطوير العقاري، حيث تم الانتهاء من تجهيز 5 آلاف شقة و15 ألفا للسكن الاقتصادي في مدن الخرطوم الثلاث.
وتم تزويد تلك المساكن بخدمات الكهرباء والطرق والمدارس وبعض المرافق الأخرى، بهدف تسهيل وتوفير تكلفة البناء للأسرة، حيث تتصاعد أسعار مواد البناء في البلاد بشكل جنوني تماشياً مع الارتفاع الذي يشهده الدولار مقابل الجنيه السوداني والأوضاع الاقتصادية المتردية التي تمر بها البلاد حالياً.
يذكر أن الصندوق القومي للإسكان لديه خطة لتوسيع قاعدة السكن لمحدودي الدخل، عبر الإسكان الرأسي، الذي يتكون من مجمعات سكنية، كل مجمع يضم بناية من 7 أدوار، ويتكون الطابق من 10 شقق سكنية، بمساحات من 180 إلى 300 متر مربع.
ويتوقع الصندوق أن يجد مشروع الإسكان الرأسي والشقق، رواجاً وإقبالاً في أوساط السودانيين محدودي الدخل، خاصة أنه أقل تكلفة وأصبح كثير من السودانيين يفضلونه على السكن الأفقي، الأمر الذي دفع الصندوق لتنفيذ برامج إعلامية لرفع مستوى وعي وثقافة المواطنين للتعامل مع السكن الجماعي والتعاون فيما بينهم.
ووفقاً لمسؤول في الصندوق القومي للإسكان فإن برنامج التوعية والتثقيف بالسكن الرأسي، يتضمن كيفية المحافظة على خدمات البناية، ورفع وعيهم بهذا النوع من البناء، حتى تتحول الخرطوم إلى عاصمة حضارية وجاذبة. وأضاف المصدر أن برنامج التوعية بالسكن في الشقق ودوره في تقليل تكلفة السكن، سيتولاه فريق من اتحاد مراكز الخدمات الصحافية، الذي يضم جميع وسائل الإعلام المحلية، مما سيوسع قاعدة انتشار الحملات الإعلامية للسكن الرأسي.
تغير ثقافة المواطن السوداني من السكن التقليدي (الحوش) إلى مساحات صغيرة مغلقة لا تطل على الشارع أو الجيران، ليس أمرا هينا. وبين أن خطوة الصندوق الحالية للاعتماد على السكن الرأسي مهمة لأنها تزيل كثيرا من المفاهيم المغلوطة عن السكن في الشقق السكنية.
يذكر أن الصندوق القومي للإسكان عام 2018 بدأ بالتعاون مع شركة هيتكو البريطانية للاستثمار، لتنفيذ مشروع الإسكان الفئوي الرأسي، الذي يستهدف بناء 50 ألف وحدة سكنية بالعاصمة الخرطوم، وكذلك مشروع لبناء أكبر مسجد في السودان، بمساحة 5 كيلومترات، وبناء 3 آلاف شقة ومحلات تجارية.