«برجاف» الكُردية تنظم جلسات حوارية «دستورية» شمال شرقي سوريا

مشاركة فعالة من طلبة الجامعات والمعاهد بحضور نازحين ولاجئين

إحدى الجلسات الحوارية لمنظمة «برجاف لتنمية الديمقراطية والإعلام» حول الدستور بمشاركة طلبة جامعات ولاجئين من المخيمات (الشرق الأوسط)
إحدى الجلسات الحوارية لمنظمة «برجاف لتنمية الديمقراطية والإعلام» حول الدستور بمشاركة طلبة جامعات ولاجئين من المخيمات (الشرق الأوسط)
TT

«برجاف» الكُردية تنظم جلسات حوارية «دستورية» شمال شرقي سوريا

إحدى الجلسات الحوارية لمنظمة «برجاف لتنمية الديمقراطية والإعلام» حول الدستور بمشاركة طلبة جامعات ولاجئين من المخيمات (الشرق الأوسط)
إحدى الجلسات الحوارية لمنظمة «برجاف لتنمية الديمقراطية والإعلام» حول الدستور بمشاركة طلبة جامعات ولاجئين من المخيمات (الشرق الأوسط)

أنهت منظمة «برجاف لتنمية الديمقراطية والإعلام» الكردية سلسلة جلسات حوارية بين المجتمع المحلي وأعضاء باللجنة الدستورية عن كتلة المجتمع المدني، عقدتها في 4 مدن وبلدات سورية، إضافة إلى مدينة أربيل عاصمة إقليم كردستان العراق بحضور طلبة من الجامعات والمعاهد وفعاليات من مخيمات اللاجئين بالعراق.
وشارك محامون وشخصيات مجتمعية ونازحون، إلى جانب نساء وناشطات من المجتمع المدني، في مجموعة أنشطة بلغ عددها 21 جلسة حوارية و14 نشاطاً ميدانياً انطلقت في فبراير (شباط) من العام واستمرت حتى نهاية يونيو (حزيران) الماضي. وناقش المشاركون من خلال الجلسات مفهوم الدستور والحكم الرشيد وشكل النظام السياسي للدولة، إضافة إلى صلاحيات رئيس الجمهورية ودور الجيش وعلاقة الدين بالدولة، وطالبوا بإشراك ممثلين من مدن وبلدات شمال شرقي سوريا.
ولدى حديثه إلى جريدة «الشرق الأوسط»، أوضح فاروق حجي مصطفى، المدير التنفيذي لمنظمة «برجاف»، أن هدف هذه الورشات: «بلورة الثقافة الدستورية، والإحاطة بالعملية السياسية بشكل كامل، وصقل مهارات الفاعلين في الشأن العام، وامتلاكهم للمعلومات بصورة موسعة»، مضيفاً أنهم بحثوا قضايا ومواضيع تتعلق بالعملية السياسية واللجنة الدستورية، من بينها «شكل النظام الأفضل للحكم، وقضايا فصل السلطات، وحقوق الأقليات، والدستور الجديد، وضرورة إجراء عملية الاستفتاء وكسب الشرعية».
وحسب حجي مصطفى، شارك نحو 526 شخصية في هذه الأنشطة بحضور فعال من النساء، التي بلغت نسبة مشاركتها أكثر من 30 في المائة. وعن مشاركة الطلبة وجيل الشباب، قال مدير «برجاف»، «اخترنا طلبة أقسام العلوم السياسية، والقانون والحقوق وعلم الاجتماع، والإعلام، والعلاقات الدولية والدبلوماسية، ومشاركتهم كان أمراً مهماً وحافزاً لهم للانخراط في العملية الدستورية والسياسية وصقل الخبرات».
ورغم توقف اجتماعات اللجنة الدستورية منذ شهر مطلع العام الحالي، تأتي أهمية عقد هذه الأنشطة والجلسات الحوارية حول الدستور في الداخل السوري وبدول الجوار إيماناً بأن الدستور ملك للشعب، وانعكاس متكامل لاحتياجاته وتطلعاته بحسب حجي مصطفى، وتابع حديثه ليقول: «الدستور حافظ للحقوق وحامٍ للحريات، ومحدد للسلطات التنفيذية والتشريعية والعسكرية وتوزع اختصاصاتها، وعليه فلا بد من إشراك جميع ممثلي الشعب وشرائحه بهذه النقاشات لصوغ دستور نستطيع القول إنه ملك الجميع».
وترى صباح الحلاق، وهي عضو باللجنة الدستورية عن كتلة المجتمع المدني، التي شاركت في جلسات «برجاف»، أن القرار الدولي 2254 الخاص بحل الأزمة السورية وتشكيل لجنة دستورية «لم يتحقق منه أي شيء حتى اليوم. وبعد سنة ونصف السنة لم نستطع كتابة حرف واحد من الدستور، لذلك من المهم عقد هذه الأنشطة ما قبل اجتماعات اللجنة الدستورية».
كما عُقدت جلسات ومؤتمرات مماثلة نظمتها جمعيات ومنظمات سورية في باقي أرجاء البلاد، ورغم الحروب الدائرة والتقسيمات العسكرية شارك عدد كبير من الأهالي في هذه الاجتماعات، وتقول الحلاق: «نحن نتحدث عن كتابة عقد اجتماعي توافقي، لذلك كان من المهم عقد هذه الأنشطة والتواصل بشكل مباشر مع الناس للمشاركة في صوغ وكتابة الدستور، ومعرفة مجريات العملية الدستورية»، وترى أن نجاح العملية السياسية وصياغة دستور جديد: «هي السبيل الوحيد والمخرج من دوامة الحرب السورية، ولا يتم ذلك إلا عبر مشاركة جميع السوريين على مختلف انتماءاتهم الدينية والقومية والعرقية لرفع صوت المجتمع المدني».
وشددت عضو الدستورية السورية على أن «هذه المشاورات ليست مكملة لاجتماعات اللجان الدستورية الموسعة والمصغرة، لكن تخلق أرضية تمهيدية أساسية تبني توافقات وطنية لإنجاح اجتماعات أعضاء اللجنة الدستورية».
وأصدرت المنظمة دراسة بحثية حملت عنوان: «المسألة الدستورية: مقاربات قطاعات من سكان شمال شرقي سوريا» تضمن استبياناً عن أراء وتوصيات المشاركين في الجلسات الحوارية، وتعقيباً على الدراسة أعرب فاروق حجي مصطفى: «الورقة مثقلة بمئات من التوصيات وتشمل كل الجوانب المتعلقة بالعملية الدستورية، لكن لم يكنْ سهلاً انتزاع الأجوبة من قادة المجتمع المحلي بالمدن الكردية ومن المقيمين واللاجئين في مخيمات إقليم كُردستان العراق».
ومن بين التوصيات التي خرجت بها الدراسة اعتماد اللامركزية السياسية كالـشكل الأنسب لنظام الحكم بسوريا الجديدة، واحترام التركيبة السورية، وإشراك ممثلين من الأكراد وكل القوميات والأديان الموجودة، وضرورة مشاركة المرأة وعدم القفز على مسألة التوافق، إذ إن الديمقراطية التوافقية هي مناسبة لوضع سوريا، والاستثمار الإيجابي لتجربتي لبنان والعراق ودول الجوار والاستفادة من تلك التجارب، ووقف التدخل الخارجي وكبح تأثيره الكبير على العملية الدستورية.



تقارير حقوقية توثّق انتهاكات الحوثيين في 3 محافظات يمنية

تجمع لمسلحين حوثيين في صنعاء (إ.ب.أ)
تجمع لمسلحين حوثيين في صنعاء (إ.ب.أ)
TT

تقارير حقوقية توثّق انتهاكات الحوثيين في 3 محافظات يمنية

تجمع لمسلحين حوثيين في صنعاء (إ.ب.أ)
تجمع لمسلحين حوثيين في صنعاء (إ.ب.أ)

سلطت أحدث التقارير الحقوقية في اليمن الضوءَ على آلاف الانتهاكات التي ارتكبتها الجماعة الحوثية ضد المدنيين في 3 محافظات، هي العاصمة المختطفة صنعاء، والجوف، والحديدة، بما شملته تلك الانتهاكات من أعمال القمع والقتل والخطف والتجنيد والإخضاع القسري للتعبئة.

وفي هذا السياق، رصد مكتب حقوق الإنسان في صنعاء (حكومي) ارتكاب جماعة الحوثيين نحو 2500 انتهاك ضد المدنيين في صنعاء، خلال عامين.

بقايا منازل فجرها الحوثيون في اليمن انتقاماً من ملاكها (إكس)

وتنوّعت الانتهاكات التي طالت المدنيين في صنعاء بين القتل والاعتداء الجسدي والاختطافات والإخفاء القسري والتعذيب ونهب الممتلكات العامة والخاصة وتجنيد الأطفال والانتهاكات ضد المرأة والتهجير القسري وممارسات التطييف والتعسف الوظيفي والاعتداء على المؤسسات القضائية وانتهاك الحريات العامة والخاصة ونهب الرواتب والتضييق على الناس في سُبل العيش.

وناشد التقرير كل الهيئات والمنظمات الفاعلة المعنية بحقوق الإنسان باتخاذ مواقف حازمة، والضغط على الجماعة الحوثية لإيقاف انتهاكاتها ضد اليمنيين في صنعاء وكل المناطق تحت سيطرتها، والإفراج الفوري عن المخفيين قسراً.

11500 انتهاك

على صعيد الانتهاكات الحوثية المتكررة ضد السكان في محافظة الجوف اليمنية، وثق مكتب حقوق الإنسان في المحافظة (حكومي) ارتكاب الجماعة 11500 حالة انتهاك سُجلت خلال عام ضد سكان المحافظة، شمل بعضها 16 حالة قتل، و12 إصابة.

ورصد التقرير 7 حالات نهب حوثي لممتلكات خاصة وتجارية، و17 حالة اعتقال، و20 حالة اعتداء على أراضٍ ومنازل، و80 حالة تجنيد للقاصرين، أعمار بعضهم أقل من 15 عاماً.

عناصر حوثيون يستقلون سيارة عسكرية في صنعاء (أ.ف.ب)

وتطرق المكتب الحقوقي إلى وجود انتهاكات حوثية أخرى، تشمل حرمان الطلبة من التعليم، وتعطيل المراكز الصحية وحرمان الموظفين من حقوقهم وسرقة المساعدات الإغاثية والتلاعب بالاحتياجات الأساسية للمواطنين، وحالات تهجير ونزوح قسري، إلى جانب ارتكاب الجماعة اعتداءات متكررة ضد المناوئين لها، وأبناء القبائل بمناطق عدة في الجوف.

ودعا التقرير جميع الهيئات والمنظمات المحلية والدولية المعنية بحقوق الإنسان إلى إدانة هذه الممارسات بحق المدنيين.

وطالب المكتب الحقوقي في تقريره بضرورة تحمُّل تلك الجهات مسؤولياتها في مناصرة مثل هذه القضايا لدى المحافل الدولية، مثل مجلس حقوق الإنسان العالمي، وهيئات حقوق الإنسان المختلفة، وحشد الجهود الكفيلة باتخاذ موقف حاسم تجاه جماعة الحوثي التي تواصل انتهاكاتها بمختلف المناطق الخاضعة لسيطرتها.

انتهاكات في الحديدة

ولم يكن المدنيون في مديرية الدريهمي بمحافظة الحديدة الساحلية بمنأى عن الاستهداف الحوثي، فقد كشف مكتب حقوق الإنسان التابع للحكومة الشرعية عن تكثيف الجماعة ارتكاب مئات الانتهاكات ضد المدنيين، شمل بعضها التجنيد القسري وزراعة الألغام، والتعبئة الطائفية، والخطف، والتعذيب.

ووثق المكتب الحقوقي 609 حالات تجنيد لمراهقين دون سن 18 عاماً في الدريهمي خلال عام، مضافاً إليها عملية تجنيد آخرين من مختلف الأعمار، قبل أن تقوم الجماعة بإخضاعهم على دفعات لدورات عسكرية وتعبئة طائفية، بغية زرع أفكار تخدم أجنداتها، مستغلة بذلك ظروفهم المادية والمعيشية المتدهورة.

الجماعة الحوثية تتعمد إرهاب السكان لإخضاعهم بالقوة (إ.ب.أ)

وأشار المكتب الحكومي إلى قيام الجماعة بزراعة ألغام فردية وبحرية وعبوات خداعية على امتداد الشريط الساحلي بالمديرية، وفي مزارع المواطنين، ومراعي الأغنام، وحتى داخل البحر. لافتاً إلى تسبب الألغام العشوائية في إنهاء حياة كثير من المدنيين وممتلكاتهم، مع تداعيات طويلة الأمد ستظل تؤثر على اليمن لعقود.

وكشف التقرير عن خطف الجماعة الحوثية عدداً من السكان، وانتزاعها اعترافات منهم تحت التعذيب، بهدف نشر الخوف والرعب في أوساطهم.

ودعا مكتب حقوق الإنسان في مديرية الدريهمي المجتمع الدولي إلى التدخل العاجل لإيقاف الانتهاكات التي أنهكت المديرية وسكانها، مؤكداً استمراره في متابعة وتوثيق جميع الجرائم التي تواصل ارتكابها الجماعة.