أزمة المحروقات تهدّد المستشفيات والأفران في لبنان

سيارات مصطفة أمام محطة وقود في بيروت (أ.ب)
سيارات مصطفة أمام محطة وقود في بيروت (أ.ب)
TT

أزمة المحروقات تهدّد المستشفيات والأفران في لبنان

سيارات مصطفة أمام محطة وقود في بيروت (أ.ب)
سيارات مصطفة أمام محطة وقود في بيروت (أ.ب)

يهدّد استمرار أزمة المحروقات وشح مادة المازوت في لبنان عدداً من القطاعات الحيويّة، لا سيّما الأفران والمستشفيات التي حذّرت من أنّ مخزونها وصل إلى الحافة، ما يضع حياة مئات من المرضى في خطر، خصوصاً مع استمرار التقنين القاسي لتغذية كهرباء الدولة.
وحذّر نقيب المستشفيات الخاصة في لبنان سليمان هارون من أنّ مخزون المستشفيات من المازوت بات قليلاً جداً، ووصل إلى الحافة، وأنّ المستشفيات تشتري المازوت بشكل يومي من دون أن يكون لديها المخزون الكافي لأكثر من يومين، في حين أنه يجب أن يكون لأسبوعين في الظروف الطبيعية، فكيف في ظلّ التقنين القاسي لكهرباء الدولة؟ مشيراً في حديث مع «الشرق الأوسط» إلى أنّ عدم تأمين المازوت يعرّض حياة المرضى للخطر.
وأوضح هارون أنّ المستشفيات تضطر إلى شراء المازوت من السوق السوداء في بعض الأحيان، وأنها تواصلت مع وزارة الطاقة التي وعدت بحلحلة الأمور.
بدوره، اعتبر مدير مستشفى بيروت الحكومي فراس أبيض أنّ الهم الرئيسي وبالنسبة لمعظم المستشفيات في لبنان ليس متحور كورونا «دلتا» ولا نقص الإمدادات، بل تأمين الكهرباء الذي تحول إلى مصدر القلق الرئيسي، إذ من دونها لا يمكن تشغيل المعدات الطبية.
وأوضح أبيض في تغريدة له أنّه لا يمكن للمولدات القديمة الاستمرار في العمل من دون توقف، وعندما تنهار، ستكون الأرواح في خطر.
وكانت شركة كهرباء لبنان أعلنت أنها ستعمد إلى توقيف معملي دير عمار والزهراني بالتتابع، ما سيخفض القدرة الإنتاجية الإجمالية بنحو 150 ميغاواط، وذلك بسبب عدم توافر كميات الفيول أويل الكافية، ما يعني تراجع تغذية الكهرباء إلى ساعتين فقط في النهار.
وتستمر أزمة المحروقات المتمثلة بشح مادتي المازوت والبنزين على الرغم من رفع وزارة الطاقة أسعار المحروقات أكثر من 40 في المائة خلال الأسبوع الحالي في إجراء يهدف إلى حلحلة الأزمة.
وجاء قرار رفع الأسعار استكمالاً لقرار الحكومة اللبنانية خفض دعم المحروقات لمدة ثلاثة أشهر، إذ رفعت قيمة دولار استيراد المحروقات الذي يدعمه مصرف لبنان من 1500 ليرة لبنانية للدولار الواحد (السعر الرسمي) إلى 3900 ليرة.
وفي الإطار نفسه، حذّر نقيب الأفران علي إبراهيم من أنّ مخزون المازوت لدى الأفران يكفي ليوم غد (الاثنين) فقط، مطمئناً بأنّ الأفران ستفتح أبوابها اليوم (الأحد)، وستكون هناك كميات من الخبز، وذلك بعدما قدّم الجيش اللبناني جزءاً من مخزون المازوت لديه للأفران، فيما عمدت أفران أخرى إلى شراء المازوت من السوق السوداء حتى لا تتوقّف عن العمل.
وشدّد إبراهيم في حديث مع «الشرق الأوسط» على أنّه في حال عدم توافر المازوت يوم الاثنين، ستكون الأفران أمام مشكلة كبيرة وسيفتح من يتوافر عنده المازوت، فيما سيقفل العدد الأكبر كما حال محطات الوقود.
ويؤكّد مصدر في وزارة الطاقة أنّ باخرة من المازوت قد أفرغت حمولتها في منشأتي النفط التابعتين للدولة بعد فتح اعتماد لها من مصرف لبنان، مضيفاً في حديث مع «الشرق الأوسط» أنّه سيصار إلى توزيع المازوت الذي سيصبح متوافراً يوم الاثنين مع إعطاء الأولوية للمستشفيات ولهيئة «أوجيرو».
وكان مدير عام هيئة «أوجيرو» عماد كريدية كشف أنّ مولدات الكهرباء في الشركة أنهكت لتعوّض النقص في انقطاع التيار الكهربائي، وأنه ما دامت الاعتمادات متوفرة لتأمين المازوت ستستمر الشركة بالعمل وبتأمين الإنترنت من خلال طاقتها الذاتية، مستبعداً فكرة وجود ما يُسمّى «تقنين إنترنت»، لأن الإنترنت إما أن يكون موجوداً أو لا يكون.
ويعود سبب أزمة شح المازوت إلى تأخر مصرف لبنان بفتح الاعتمادات المخصصة لاستيراد المحروقات، فضلاً عن تخزين هذه المادة، إما بهدف تهريبها أو بيعها في السوق السوداء.
وفي الإطار، داهمت قوى الأمن أمس، مستودعاً يقوم بتخزين المازوت وبيعه في السوق السوداء بمنطقة العمارة شمال لبنان. وضبطت في المستودع خزّاناً سِعة 40 ألف لتر، وخزانات حديد سِعة 15 برميلاً، و16 غالوناً سِعة 10 لترات.



العليمي: الحوثيون تسببوا في دمار هائل للبنى التحتية باليمن

رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني مشاركاً في «المنتدى الحضري العالمي» (سبأ)
رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني مشاركاً في «المنتدى الحضري العالمي» (سبأ)
TT

العليمي: الحوثيون تسببوا في دمار هائل للبنى التحتية باليمن

رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني مشاركاً في «المنتدى الحضري العالمي» (سبأ)
رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني مشاركاً في «المنتدى الحضري العالمي» (سبأ)

أكد رئيس مجلس القيادة الرئاسي في اليمن، رشاد العليمي، أن انقلاب الجماعة الحوثية في بلاده تسبَّب في دمار هائل للبنى التحتية، مشيراً إلى تقديرات أممية بأن الاقتصاد سيخسر 657 مليار دولار بحلول 2030 في حال استمرّت الحرب.

تصريحات العليمي جاءت في وقت اتَّهم فيه عضوُ مجلس القيادة الرئاسي، عثمان مجلي، الجماعةَ الحوثيةَ باستغلال موانئ الحديدة؛ لتهريب الأسلحة الإيرانية وتهديد الملاحة، وبرفض مساعي السلام، وذلك خلال لقائه في لندن وزير الدولة البريطاني للشرق الأوسط وشمال أفريقيا هاميش فالكونر.

رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني رشاد العليمي (سبأ)

وأوضح العليمي، في كلمة بلاده أمام «المنتدى الحضري العالمي»، الذي تستضيفه مصر، أن الحكومة في بلاده «ماضية في جهودها للتغلب على ظروف الحرب المدمرة التي أشعلتها الميليشيات الحوثية الإرهابية العميلة للنظام الإيراني».

واستعرض خسائر بلاده جراء الحرب الحوثية التي أدت إلى دمار هائل في قطاعات البنى التحتية والخدمات الأساسية، وفي المقدمة الكهرباء، والطرق، وخطوط النقل والموانئ والمطارات، والجسور، والمصانع، والمنشآت التجارية.

وقال إن خسائر الاقتصاد والمدن الحضرية تتضاعف يوماً بعد يوم؛ جراء الحرب المفروضة على الشعب اليمني، محذراً من أن الخسائر سترتفع بحسب تقديرات برنامج الأمم المتحدة الإنمائي إلى 657 مليار دولار بحلول عام 2030 إذا استمرّت الحرب، ولم تستجب الميليشيات لنداء السلام، ومتطلبات استعادة مسار التنمية.

وبلغة الأرقام، أوضح العليمي أن التقديرات تشير إلى تضرر خدمات المدن والحواضر اليمنية بنسبة 49 في المائة من أصول قطاع الطاقة، و38 في المائة من قطاع المياه والصرف الصحي، فضلاً عن أضرار بالغة التكلفة في شبكة الطرق الداخلية، والأصول الخاصة بقطاع الاتصالات، بينما تضرر قطاع المساكن بشدة، وأُعيدت نحو 16 مدينة يمنية عقوداً إلى الوراء.

وتطرَّق رئيس مجلس الحكم اليمني إلى التحديات البنيوية والتمويلية المعقدة التي تواجه الحكومة اليمنية إزاء المتغيرات المناخية التي ضاعفت من أعباء التدخلات الطارئة، وتباطؤ إنفاذ خطط التنمية الحضرية على مختلف المستويات.

التطرف المناخي كبَّد اليمن خسائر كبيرة خلال السنوات الماضية (إعلام محلي)

وقال العليمي: «إن الأعاصير القوية التي شهدها اليمن خلال السنوات الأخيرة تسببت بدمار واسع النطاق، بما في ذلك الفيضانات والانهيارات الأرضية والأضرار التي لحقت بالبنى التحتية ومنازل المواطنين».

وأشار إلى أنه بين أبريل (نيسان) وأغسطس (آب) 2024 خلّفت الفيضانات المفاجئة عشرات الضحايا، وأكثر من 100 ألف نازح، وخسائر في البنى التحتية والحيازات الزراعية قُدِّرت بنحو 350 مليون دولار.

وثمَّن العليمي، في كلمته، الدور السعودي والإماراتي والمصري، وباقي دول «تحالف دعم الشرعية»، في الحد من وطأة الحرب على الشعب اليمني، ومنع انهيار شامل لمؤسساته الوطنية.

من جانبه، جدَّد عضو مجلس القيادة الرئاسي اليمني، عثمان مجلي، اتهامات بلاده لإيران بدعم الحوثيين بالصواريخ والمسيّرات. وقال إن الجماعة هي التي ترفض السلام، كما حمّل المجتمع الدولي المسؤولية عن توقف معركة تحرير الحديدة.

وبحسب الإعلام الرسمي، التقى مجلي في لندن، الثلاثاء، في وزارة الخارجية البريطانية، وزير الدولة البريطاني للشرق الأوسط وشمال أفريقيا هاميش فالكونر.

عضو مجلس القيادة الرئاسي اليمني عثمان مجلي مع وزير الدولة البريطاني للشرق الأوسط وشمال أفريقيا (سبأ)

وأوضح مجلي للوزير البريطاني أن السلام مطلب الشعب اليمني الذي يعاني ويلات الانقلاب الحوثي. وقال: «لأجل السلام ذهبنا إلى المشاورات كافة، بدءاً من (جنيف1) و(جنيف2)، ومشاورات الكويت، واستوكهولم، وظهران الجنوب في السعودية».

وأكد أن الحكومة في بلاده تدعم كل الدعوات التي تحقق سلاماً عادلاً وشاملاً في اليمن وفق القرارات الدولية، بما يحقن الدماء ويصون حقوق اليمنيين في العيش بسلام.

وقال مجلي إن الدور الإيراني التخريبي امتدّ ضرره إلى الإقليم والعالم من خلال تزويد الحوثيين بالأسلحة والصواريخ الباليستية والطائرات المسيّرة، وتمكين الجماعة من تهديد السفن التجارية في البحرَين الأحمر والعربي، وإعاقة تدفق سلاسل الغذاء، وإحداث أزمة عالمية.

وأشار مجلي إلى انتهاكات الحوثيين التي امتدت إلى العاملين في المنظمات الإنسانية الأممية والدولية، وموظفي السفارات الذين تمارس الجماعة ضدهم أشد أنواع التعذيب النفسي والجسدي، غير آبهة بالتحذيرات والدعوات التي تطلقها السفارات والمنظمات الدولية لسرعة الإفراج عنهم.

واتهم الحوثيين بإعاقة كل صفقات تبادل الأسرى التي ترعاها الأمم المتحدة والمبعوث الأممي هانس غروندبرغ. وقال: «الجميع يدفع ثمن منع الشرعية من تحرير ميناء الحديدة الذي استخدمه الحوثيون سابقاً ويستخدمونه حالياً لأغراض غير إنسانية وتهريب الأسلحة، وتحويله إلى غرفة عمليات لمهاجمة السفن، وتعطيل حركة الملاحة الدولية في البحر الأحمر».

عضو مجلس القيادة اليمني عثمان مجلي اتهم إيران بدعم الحوثيين لتهديد المنطقة (سبأ)

وأثنى عضو مجلس القيادة اليمني على الدور السعودي والإماراتي في بلاده، وقال إنه كان ذا أثر ملموس في التخفيف من معاناة اليمنيين من خلال تقديم المساعدات الإنسانية والطارئة ودعم الاقتصاد والعملة الوطنية.

ونسب الإعلام اليمني الرسمي إلى الوزير البريطاني أنه أكد حرص بلاده «على المضي في العمل مع الشركاء الدوليين ودول الجوار والمنطقة؛ لمكافحة الإرهاب وتأمين خطوط الملاحة البحرية في البحر الأحمر، والالتزام بتحقيق سلام مستدام في اليمن، ودعم جهود مجلس القيادة الرئاسي والحكومة لتحسين الوضع الاقتصادي».