قيادة القوات الأميركية في أفغانستان... من ميللر إلى ماكينزي

بايدن يراهن على تراجع اهتمام الأميركيين بـ«الحرب الأبدية» فيها

قيادة القوات الأميركية في أفغانستان... من ميللر إلى ماكينزي
TT

قيادة القوات الأميركية في أفغانستان... من ميللر إلى ماكينزي

قيادة القوات الأميركية في أفغانستان... من ميللر إلى ماكينزي

في الوقت الذي تواصل فيه الولايات المتحدة سحب قواتها من أفغانستان وفق الجدول الزمني الذي حدده الرئيس الأميركي جو بايدن، أكد المتحدث باسم وزارة الدفاع البنتاغون، أن القوات الأميركية ستنهي عملية انسحابها بنهاية شهر أغسطس (آب) المقبل. وقال كيربي في مؤتمره الصحافي مساء الجمعة: «نعتقد أننا سننهي العملية بنهاية أغسطس». وأوضح أن عملية تسليم القواعد العسكرية الأميركية للقوات الأفغانية «جارية كما هو مخطط لها، وهي خطوة مهمة على طريق الانسحاب من هذا البلد».
لكنه أضاف أن الولايات المتحدة «ستواصل دعمها للسلطات الأفغانية في مواجهة الإرهاب وإحلال السلام». وأكد كيربي أن القوات الأميركية التي ستبقى في أفغانستان ستكون مهمتها الأساسية حماية البعثة الدبلوماسية الأميركية. وأضاف كيربي أنه مع تسليم قاعدة باغرام، التي كانت مركز كل العمليات الأميركية في أفغانستان على امتداد عشرين عاماً، تكون الولايات المتحدة قد سلمت آخر قاعدة للقوات الأميركية إلى القوات الأفغانية. وأضاف كيربي أن وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن أصدر قراراً بنقل سلطات القيادة العسكرية والإشراف على أفغانستان من الجنرال سكوت ميللر إلى الجنرال كينيث ماكينزي قائد القادة الأميركية الوسطى (السينتكوم). وبذلك تعود أفغانستان إلى إشراف تلك القيادة، بعدما كانت لديها قيادة مستقلة إلى حد كبير، حيث سيحتفظ ماكينزي بالسلطات العسكرية كقائد للقوات التي ستبقى في أفغانستان بعد الانسحاب.
وأثار قرار الانسحاب من قاعدة باغرام انتقادات عدد من المشرعين الجمهوريين تحديداً، الذين حذروا من أن الانسحاب الأميركي من أفغانستان، هو «خطأ استراتيجي فادح»، في الوقت الذي تواجه فيه الولايات المتحدة تهديدات أمنية جديدة من بكين وموسكو وطهران. وقال مايكل والتز النائب الجمهوري من ولاية فلوريدا، الذي خدم في أفغانستان قائداً بالوحدات الخاصة في تغريدة على «تويتر»: «بما أن قاعدتنا الوحيدة محصورة بين الصين وروسيا وإيران، فهي رصيد استراتيجي ضخم. لماذا نتخلى عنها فقط؟».
وأضاف والتز: «إنها إلى حد بعيد أكبر رمز لعشرين عاماً من الدماء والأموال التي أنفقناها على جميع المحاربين القدامى الذين خدموا هناك». انتقادات والتز يرجح أن تتكرر خصوصاً من الجمهوريين الذين يستعدون لخوض انتخابات التجديد النصفي العام المقبل، ويعدون قائمة بالقضايا التي يمكن التحريض عليها، على الرغم من أن قرار الانسحاب وتوقيع الاتفاق مع «طالبان» كان في ظل قيادة الرئيس الجمهوري السابق دونالد ترمب.
في المقابل، أثارت رسائل الرئيس الأميركي جو بايدن «المتناقضة» عن سعيه لإنهاء «الحرب الأبدية»، في الوقت الذي وعد فيه الأفغان بعدم التخلي عن دعمهم، التساؤلات عن حقيقة ما تعد له الإدارة الأميركية، فيما تواصل العمل على سحب القوات الأميركية من مناطق واسعة في المنطقة. وشكلت تطمينات البنتاغون بأن الانسحاب من قاعدة باغرام لن يكون نهاية المطاف، وبأن الجيش الأميركي سيواصل تقديم الدعم للقوات الأفغانية، رسالة متناقضة أيضاً، فيما الخبراء العسكريون وقادة حاليون وسابقون يؤكدون أن القدرة على تنفيذ هذه الوعود قد تتحول إلى سراب.
فالواقع على الأرض تغير كثيراً خلال الأشهر الثلاثة الماضية. وعلى الرغم من وعود بايدن بتقديم أكثر من 3 مليارات دولار مساعدات أمنية للقوات الأفغانية، فإنه مع سحب معظم القوات الأميركية، لن يكون هناك أميركيون على الأرض لتقديم المشورة لتلك القوات ومساعدتها. ويتوقع انسحاب متعهدي البنتاغون البالغ عددهم 18 ألفاً الذين يقومون بمهام صيانة الطائرات والأسلحة الأخرى التي في حوزة القوات الأفغانية. ومع تقدير محللي الاستخبارات بأن الحكومة الأفغانية يمكن أن تسقط في غضون ستة أشهر، وعودة «طالبان» للحكم من جديد، لا يزال من غير الواضح الدور الذي يمكن أن تلعبه تركيا في أفغانستان، وكذلك بريطانيا التي قررت الإبقاء على وحدات قتالية لحماية أمن مطار كابل مع القوات التركية، ما يجعل الحفاظ على تماسك حكومة كابل أمراً صعباً جداً.
وبعد تعرضه لضغوط الصحافيين للحديث عن أفغانستان، قطع بايدن السائلين قائلاً: «دعونا نتحدث عن الأشياء السعيدة»، مشيراً إلى تقرير الوظائف الأميركية الذي صدر أول من أمس (الجمعة). وأبلغ عدد من كبار مساعدي بايدن، صحيفة «نيويورك تايمز»، أن الرئيس يراهن على تراجع الاهتمام الأميركي بالشأن الأفغاني. فقد كشف استطلاع مشترك للرأي أجرته وكالة «أسوشييتدبرس» ووكالة «نورك»، أن 12 في المائة فقط من الأميركيين يتابعون عن كثب الأخبار المتعلقة بالوجود الأميركي في أفغانستان، طالما لا يوجد قتلى أميركيون.
ورغم السيناريوهات القاتمة المحيطة بمستقبل أفغانستان، فإن بايدن يراهن على عدم تأثير ذلك على الداخل الأميركي، خصوصاً أن فشل مفاوضات الدوحة بين «طالبان» والحكومة كان مقدراً حصوله حتى ولو بقي ترمب في السلطة، في ظل العجز عن محاسبة تراجع «طالبان» عن وعودها بحسب الاتفاق الذي وقعته العام الماضي.



مقتل المئات جراء إعصار في أرخبيل مايوت الفرنسي (صور)

تلة مدمَّرة في إقليم مايوت الفرنسي بالمحيط الهندي (أ.ب)
تلة مدمَّرة في إقليم مايوت الفرنسي بالمحيط الهندي (أ.ب)
TT

مقتل المئات جراء إعصار في أرخبيل مايوت الفرنسي (صور)

تلة مدمَّرة في إقليم مايوت الفرنسي بالمحيط الهندي (أ.ب)
تلة مدمَّرة في إقليم مايوت الفرنسي بالمحيط الهندي (أ.ب)

رجحت سلطات أرخبيل مايوت في المحيط الهندي، الأحد، مقتل «مئات» أو حتى «بضعة آلاف» من السكان جراء الإعصار شيدو الذي دمر في اليوم السابق قسماً كبيراً من المقاطعة الفرنسية الأفقر التي بدأت في تلقي المساعدات. وصرّح حاكم الأرخبيل، فرانسوا كزافييه بيوفيل، لقناة «مايوت لا بريميير» التلفزيونية: «أعتقد أنه سيكون هناك مئات بالتأكيد، وربما نقترب من ألف أو حتى بضعة آلاف» من القتلى، بعد أن دمر الإعصار إلى حد كبير الأحياء الفقيرة التي يعيش فيها نحو ثلث السكان، كما نقلت عنه وكالة الصحافة الفرنسية. وأضاف أنه سيكون «من الصعب للغاية الوصول إلى حصيلة نهائية»، نظراً لأن «معظم السكان مسلمون ويدفنون موتاهم في غضون يوم من وفاتهم».

صور التقطتها الأقمار الاصطناعية للمعهد التعاوني لأبحاث الغلاف الجوي (CIRA) في جامعة ولاية كولورادو ترصد الإعصار «شيدو» فوق مايوت غرب مدغشقر وشرق موزمبيق (أ.ف.ب)

وصباح الأحد، أفاد مصدر أمني لوكالة الصحافة الفرنسية بأن الإعصار الاستوائي الاستثنائي خلّف 14 قتيلاً في حصيلة أولية. كما قال عبد الواحد سومايلا، رئيس بلدية مامودزو، كبرى مدن الأرخبيل، إن «الأضرار طالت المستشفى والمدارس. ودمّرت منازل بالكامل. ولم يسلم شيء». وضربت رياح عاتية جداً الأرخبيل، مما أدى إلى اقتلاع أعمدة كهرباء وأشجار وأسقف منازل.

الأضرار التي سببها الإعصار «شيدو» في إقليم مايوت الفرنسي (رويترز)

كانت سلطات مايوت، التي يبلغ عدد سكانها 320 ألف نسمة، قد فرضت حظر تجول، يوم السبت، مع اقتراب الإعصار «شيدو» من الجزر التي تبعد نحو 500 كيلومتر شرق موزمبيق، مصحوباً برياح تبلغ سرعتها 226 كيلومتراً في الساعة على الأقل. و«شيدو» هو الإعصار الأعنف الذي يضرب مايوت منذ أكثر من 90 عاماً، حسب مصلحة الأرصاد الجوية الفرنسية (فرانس-ميتيو). ويُرتقَب أن يزور وزير الداخلية الفرنسي برونو روتايو، مايوت، يوم الاثنين. وما زالت المعلومات الواردة من الميدان جدّ شحيحة، إذ إن السّكان معزولون في منازلهم تحت الصدمة ومحرومون من المياه والكهرباء، حسبما أفاد مصدر مطلع على التطوّرات للوكالة الفرنسية.

آثار الدمار التي خلَّفها الإعصار (أ.ف.ب)

في الأثناء، أعلن إقليم لاريونيون الواقع أيضاً في المحيط الهندي ويبعد نحو 1400 كيلومتر على الجانب الآخر من مدغشقر، أنه جرى نقل طواقم بشرية ومعدات الطبية اعتباراً من الأحد عن طريق الجو والبحر. وأعرب البابا فرنسيس خلال زيارته كورسيكا، الأحد، تضامنه «الروحي» مع ضحايا «هذه المأساة».

وخفّض مستوى الإنذار في الأرخبيل لتيسير حركة عناصر الإسعاف، لكنَّ السلطات طلبت من السكان ملازمة المنازل وإبداء «تضامن» في «هذه المحنة». واتّجه الإعصار «شيدو»، صباح الأحد، إلى شمال موزمبيق، ولم تسجَّل سوى أضرار بسيطة في جزر القمر المجاورة من دون سقوط أيّ ضحايا.