«تلك» تناقش معاناة المرأة في ظل القيود الاجتماعية

تتألف ديكورات المسرحية من أجساد النساء المعذبات

مشهد من المسرحية التي شاركت فيها لاجئات ولبنانيات
مشهد من المسرحية التي شاركت فيها لاجئات ولبنانيات
TT

«تلك» تناقش معاناة المرأة في ظل القيود الاجتماعية

مشهد من المسرحية التي شاركت فيها لاجئات ولبنانيات
مشهد من المسرحية التي شاركت فيها لاجئات ولبنانيات

«تلك» هي أداة تعريف عادة ما يستخدمها الناس بلغتهم الشعبية للإشارة إلى صفة أو مستوى اجتماعي مبهم لامرأة معينة. فكي لا يلفظوا اسمها يعيرونها بكلمة «تلك»، وكأنها حرف ساقط في مجتمع سطحي، يبحث عن التباهي والمفاخرة وليس عن ملامسة الروح.
وتأتي مسرحية «تلك» التي تعرضها جمعية سيناريو على مسرح «دوار الشمس» في شارع بدارو مجاناً، وتنقلها فيما بعد إلى خشبة «بربيكان سنتر» في لندن، لتناقش معاني هذه الكلمة بعمق. فتتناول في هذا العمل الذي تخرجه لمى أمين وتعاونها فيه ماريليز عاد فنياً، العادات والتقاليد والسفر للوصول إلى الذات.
أركان هذه المسرحية هي أنثوية بامتياز، وقد تم اختيار نماذج حياتية لنساء من إثيوبيا واليمن وسوريا ولبنان ليكنّ بطلاتها من دون منازع. فهن من كتبن نص المسرحية، ومن ترجمن أفكارهن ومعاناتهن بأسلوبهن على الخشبة. وتعد المسرحية عرضاً حركياً يتلون بالسوريالية، ويرتكز على التفاعل ما بين بطلات المسرحية والجمهور.
من جانبها، توضح مخرجة العمل، لمى الأمين، في حديث لـ«الشرق الأوسط» بأننا «في هذه المسرحية سنتابع قصص نساء معذبات قيدتهن عادات وتقاليد اجتماعية لا دخل لهن فيها. وفي سياق العمل سنطل على واقع ضيق تعشن فيه وتحاولن الهرب منه في أحلامهن وفي أسفارهن المجازية. ويتناول العمل رسائل اجتماعية عديدة، بينها العنصرية وحقوق المرأة في إعطاء الجنسية لأطفالها، وكذلك يعرّج على تجارة الأعضاء وغيرها من المعضلات التي تواجهها النساء بصمت».
لا ديكورات ولا عناصر بهرجة ترافق هذا العمل الذي يستغرق عرضه نحو 50 دقيقة. فهو يعتمد على ملامسة المشاعر، ونقل تجارب تلك النساء من أرض الواقع إلى المسرح، والذي هو بمثابة خشبة الخلاص لهن. وتوضح لمى الأمين في سياق حديثها «ليس هناك من ديكورات اعتمدناها في المسرحية؛ لأن أجساد تلك النساء المشاركات في العمل تلعب هذا الدور من دون منازع. وضمن لوحات راقصة وأغنيات دافئة وحركات مسرحية تنشّط خيال المشاهد وتدفعه إلى التحليل تنطبع مجريات العمل. وفي النهاية سنلمس الإيجابية عند نساء اكتشفن أسباب معناتهن عندما التقين بمرآتهن، فتوقفن عن الهرب ليواجهن مصيرهن بصلابة وبقوة وبأمل».
وتروي لمى الأمين طبيعة بعض شخصيات العمل كـ تيما من إثيوبيا، وكناز من اليمن، وسوريا وليلى من سوريا؛ فهن يمثلن نماذج حية لمشوار حياة عانين خلالها الأمرّين من تسلط الشريك وممارسته العنف الجسدي عليهن. وكذلك من قوانين مجحفة بحقهن سلبت منهن أحلامهن وطموحهن. ومع 14 امرأة من مختلف الجنسيات نتابع مسرحية تمزج بين السوريالية والواقعية والألم والفرح والحلم قولبتها المخرجة لمى الأمين على طريقتها ضمن مشاهد معبرة، لا تحتاج إلى التفسير. وتعلق الأمين «الكلام قليل في المسرحية؛ إذ قدّمت عليه العنصر البصري ليحتل المساحة الأكبر منها. فخير الكلام ما قل ودل كما يقول المثل الشعبي عندنا. وتمسكت بهذه اللوحات البصرية من رقص تعبيري ولغة جسد إيمائية وأصوات تنشد أغاني كلها مشاعر وأحاسيس. فعندما أعمل على تحويل نساء عاديات ينتمين إلى مجتمعات مختلفة ليصبحن ممثلات، أحب أن أبين حرفيتهن وأزودهن بهذا الكم من الثقة بالنفس ليشعرن بأنهن بطلات حقيقيات ولسن مجرد نساء يثرن الشفقة».
سنرى في المسرحية تيما من إثيوبيا وهي تمشط شعرها في لوحة تعبيرية. وتشير من خلال هذه المشهدية إلى تخلصها من التعب والمعاناة وحياة الأسر التي عاشتها على مدى سنوات مع زوجها اللبناني الذي حرمها حق رؤية أولادها. وكذلك سنتعرف إلى كناز المصابة بحالة ثنائي القطب. وهو كناية عن اضطراب نفسي يحول صاحبة الانتقال من حالة نفسية إلى أخرى من دون أي مبرر. وتفسر لمى الأمين «إنها مشكلة تعاني منها كناز في الواقع، ولم تكن تعلم أنها تقف وراء خسارتها أصدقاء وأحباء، وأسهمت في إطلاق أحكام مسبقة عليها. ولنشاهدها بُعيد اكتشافها حقيقتها أنها راحت تفتش عن السكون والهدوء لالتقاط أنفاسها». وسنتعرف أيضاً إلى فدى ونجاح من سوريا، ورانيا وزينة وفاطمة من لبنان.
وفي المسرحية أيضاً شخصية «موناليزا» التي أرادت تجسيدها إحدى المشاركات في العمل وهي لاجئة من سوريا. وتقول لمى الأمين «موناليزا هنا تأتي ضمن سياق المسرحية للإشارة إلى موضوعات عدة تعاني منها المرأة بشكل عام. فهناك من يدخل حميميتها وخصوصياتها ويحاول التحرش بها من دون أن تنبس بكلمة. فينظرون إليها مطولاً ويراقبونها وكأنها شيء وليس إنساناً. واستعارت هذه الفتاة شخصية موناليزا الشهيرة للإشارة إلى معاناتها هذه».
التفاعل بين الجمهور والممثلات يطبع مسرحية «تلك» ليشارك بأخذ قرارات تواجهها تلك النسوة. وتشرح لمى الأمين «أول مرة يحدث هذا التفاعل عندما تتساءل مجموعتان من النساء أي طريق يسلكن لتغيير حياتهن. هنا نطرح السؤال نفسه على الجمهور في الصالة، وهو من سيشير إلى الطريق التي يجدها مناسبة. وفي المرة الثانية نسأل الجمهور، هل تفضلون الكابوس أم الحلم؟ وعلى أثر جوابهم نأخذ المسرحية إلى المنحى الذي يناسبه. وفي المرة الثالثة في آخر العرض تسأل إحداهن الجمهور وضمن مشهد (السوق) الذي يجري فيه بيع الأعضاء من قلب وكُلية ودواء لتعقيم الذنوب وغيرها، عما إذا يحق لها بيع طفلتها لتحصل على هوية؟».
وعن مشروع عرض المسرحية في لندن، تقول لمى الأمين «إن الجهة المانحة لتنفيذ هذه المسرحية، هي من ترغب في ذلك، وتعود إلى جمعية بريطانية (ربيكا دايكس). قد لا يتذكر هذا الاسم كثيرون، ولكنه يعود إلى الفتاة الإنجليزية التي قتلت على يد صاحب سيارة أجرة في لبنان على إحدى الطرق الجبلية. فأصدقاء ربيكا أقاموا هذه الجمعية التي تعنى بحقوق النساء في مختلف البلدان تكريماً لذكرى ربيكا». والمشرفون عليها رغبوا في إقامة عمل مسرحي في لبنان يتناول النساء العربيات. ومن المتوقع أن يجري عرض هذه المسرحية على مسرح بريطاني إما مباشرة أو «أونلاين».



هشام خرما لـ«الشرق الأوسط»: أستلهمُ مؤلفاتي الموسيقية من التفاصيل

من حفل افتتاح بطولة العالم للجمباز
من حفل افتتاح بطولة العالم للجمباز
TT

هشام خرما لـ«الشرق الأوسط»: أستلهمُ مؤلفاتي الموسيقية من التفاصيل

من حفل افتتاح بطولة العالم للجمباز
من حفل افتتاح بطولة العالم للجمباز

يعتمد الموسيقار المصري هشام خرما طريقة موحّدة لتأليف موسيقاه، تقتضي البحث في تفاصيل الموضوعات للخروج بـ«ثيمات» موسيقية مميزة. وهو يعتزّ بكونه أول موسيقار عربي يضع موسيقى خاصة لبطولة العالم للجمباز، حيث عُزفت مقطوعاته في حفل الافتتاح في القاهرة أخيراً.
يكشف خرما تفاصيل تأليف مقطوعاته الموسيقية التي عُزفت في البطولة، إلى جانب الموسيقى التصويرية لفيلم «يوم 13» المعروض حالياً في الصالات المصرية، فيعبّر عن فخره لاختياره تمثيل مصر بتقديم موسيقى حفلِ بطولة تشارك فيها 40 دولة من العالم، ويوضح: «أمر ممتع أن تقدّم موسيقى بشكل إبداعي في مجالات أخرى غير المتعارف عليها، وشعور جديد حين تجد متلقين جدداً يستمعون لموسيقاك».
ويشير الموسيقار المصري إلى أنه وضع «ثيمة» خاصة تتماشى مع روح لعبة الجمباز: «أردتها ممزوجة بموسيقى حماسية تُظهر بصمتنا المصرية. عُزفت هذه الموسيقى في بداية العرض ونهايته، مع تغييرات في توزيعها».
ويؤكد أنّ «العمل على تأليف موسيقى خاصة للعبة الجمباز كان مثيراً، إذ تعرّفتُ على تفاصيل اللعبة لأستلهم المقطوعات المناسبة، على غرار ما يحدث في الدراما، حيث أشاهد مشهداً درامياً لتأليف موسيقاه».
ويتابع أنّ هناك فارقاً بين وضع موسيقى تصويرية لعمل درامي وموسيقى للعبة رياضية، إذ لا بدّ أن تتضمن الأخيرة، «مقطوعات موسيقية حماسية، وهنا أيضاً تجب مشاهدة الألعاب وتأليف الموسيقى في أثناء مشاهدتها».
وفي إطار الدراما، يعرب عن اعتزازه بالمشاركة في وضع موسيقى أول فيلم رعب مجسم في السينما المصرية، فيقول: «خلال العمل على الفيلم، أيقنتُ أنّ الموسيقى لا بد أن تكون مجسمة مثل الصورة، لذلك قدّمناها بتقنية (Dolby Atmos) لمنح المُشاهد تجربة محيطية مجسمة داخل الصالات تجعله يشعر بأنه يعيش مع الأبطال داخل القصر، حيث جرى التصوير. استعنتُ بالآلات الوترية، خصوصاً الكمان والتشيللو، وأضفتُ البيانو، مع مؤثرات صوتية لجعل الموسيقى تواكب الأحداث وتخلق التوتر المطلوب في كل مشهد».
يشرح خرما طريقته في التأليف الموسيقي الخاص بالأعمال الدرامية: «أعقدُ جلسة مبدئية مع المخرج قبل بدء العمل على أي مشروع درامي؛ لأفهم رؤيته الإخراجية والخطوط العريضة لاتجاهات الموسيقى داخل عمله، فأوازن بين الأشكال التي سيمر بها العمل من أكشن ورومانسي وكوميدي. عقب ذلك أضع استراتيجية خاصة بي من خلال اختيار الأصوات والآلات الموسيقية والتوزيعات. مع الانتهاء المبدئي من (الثيمة) الموسيقية، أعقد جلسة عمل أخرى مع المخرج نناقش فيها ما توصلت إليه».
ويرى أنّ الجمهور المصري والعربي أصبح متعطشاً للاستمتاع وحضور حفلات موسيقية: «قبل بدء تقديمي الحفلات الموسيقية، كنت أخشى ضعف الحضور الجماهيري، لكنني لمستُ التعطّش لها، خصوصاً أن هناك فئة عريضة من الجمهور تحب الموسيقى الحية وتعيشها. وبما أننا في عصر سريع ومزدحم، باتت الساعات التي يقضيها الجمهور في حفلات الموسيقى بمثابة راحة يبتعد فيها عن الصخب».
وأبدى خرما إعجابه بالموسيقى التصويرية لمسلسلَي «الهرشة السابعة» لخالد الكمار، و«جعفر العمدة» لخالد حماد، اللذين عُرضا أخيراً في رمضان.