الغنوشي يقاضي نواب «الدستوري الحر» بتهمة «تعطيل البرلمان»

عبير موسي لم تتقدم بشكوى حول تعرضها للعنف

راشد الغنوشي في البرلمان التونسي سبتمبر 2020 (أ.ف.ب)
راشد الغنوشي في البرلمان التونسي سبتمبر 2020 (أ.ف.ب)
TT

الغنوشي يقاضي نواب «الدستوري الحر» بتهمة «تعطيل البرلمان»

راشد الغنوشي في البرلمان التونسي سبتمبر 2020 (أ.ف.ب)
راشد الغنوشي في البرلمان التونسي سبتمبر 2020 (أ.ف.ب)

قال المتحدث باسم المحكمة الابتدائية بالعاصمة التونسية، محسن الدالي، إن راشد الغنوشي رئيس البرلمان التونسي قدم شكوى إلى المحكمة الابتدائية ضد أعضاء كتلة الحزب الدستوري الحر التي تتزعمها عبير موسي، بتهمة تعطيل أعمال البرلمان.
وأفاد المصدر ذاته بأن النيابة العامة التونسية أحالت الشكوى إلى وحدة أمنية مركزية لإجراء الأبحاث الأولية الضرورية. وأكد أن رئيس البرلمان طالب في الشكوى المقدمة إلى المحكمة النيابة العامة، بالإذن بتدخل القوة العامة لفض اعتصامات كتلة الدستوري الحر(16 نائبا) ومنعهم من تعطيلهم سير الجلسات العامة البرلمانية. وبشأن تعرض عبير موسي للعنف، أفاد الدالي بأن المعنية بالأمر لم تتقدم إلى الآن بأي شكوى إلى الوحدات الأمنية أو النيابة العامة.
وبذلك يكون الغنوشي قد حذا حذو هشام المشيشي رئيس الحكومة الذي قدم بدوره شكوى القضاء التونسي يتهم من خلالها نواب كتلة الحزب الدستوري الحر بتعطيل إحدى الجلسات التي حضرها أعضاء من الحكومة بالبرلمان التونسي.
يذكر أن أحد النواب المقربين من حركة النهضة قد اعتدى بالعنف على رئيسة الحزب الدستوري الحر المعارض تحت قبة البرلمان وهو ما كان موضوع تنديد الكثير من منظمات حقوق الإنسان والأحزاب السياسية وجمعيات المجتمع المدني. وكانت كتلة الدستوري الحر المعارضة بالبرلمان التونسي قد نفذت خلال هذه المدة النيابية عددا من الاعتصامات بمقر المجلس الأصلي والفرعي وقاعة الجلسات العامة بالبرلمان التونسي مما دفع مكتب المجلس إلى تغيير مكان انعقادها إلى المبنى الفرعي للبرلمان في أكثر من مناسبة، كما قامت في أكثر من مرة بنقل مداولات مكتب المجلس مباشرة على منصات التواصل الاجتماعي، ووثقت عمليات الاعتداء عليها.
في غضون ذلك، خلف تصريح الرئيس التونسي قيس سعيد حول العنف المرتكب ضد رئيسة الحزب الدستوري الحر عبير موسي تحت قبة البرلمان التونسي، جدلا حادا خاصة ما تعلق بإعلانه العلم بعملية العنف والترتيب لها منذ ثلاثة أيام على حد قوله.
وندد رئيس الجمهورية خلال تدشينه جناحا جديدا لقسم الإنعاش بالمستشفى العسكري بالعصمة التونسية، بالعنف في البرلمان وقال إنها المرة الثانية التي يُرتكب فيها العنف داخل البرلمان، ودعا إلى ضرورة رفع الحصانة عمن يرتكب العنف ومحاسبته طبقا للقانون. وقال سعيد «نعلم أن ما قد حصل مسرحية تجري في عدد من المؤسسات، فلا المخرج ناجح ولا الممثل ناجح، وأعلم جيّدا أن هذه العملية تم الترتيب لها منذ ثلاثة أيام»، وهو ما أثار الكثير من التساؤلات خاصة بسبب عدم تدخله لمنع العنف والجهة التي أعلمته بالترتيب لعملية العنف ضد عبير موسي. وأضاف سعيد أن تونس فوق كل الأحزاب وكل الاعتبارات و «لن نتركها لقمة سائغة لمن يريد إسقاطها من الداخل».
وخلال شهر ديسمبر(كانون الأول) الماضي عبر الرئيس التونسي عن غضبه الشديد، حين استقبل النواب الذين تعرضوا للتعنيف من قبل نواب ائتلاف الكرامة المقرب من حركة النهضة في البرلمان. وحذر سعيّد في تهديد مبطن أتباع سيف الدين مخلوف (نائب عن كتلة ائتلاف الكرامة) من تنامي موجة العنف في مؤسسات الدولة.
على صعيد غير متصل، أكد حسام الدين الجبابلي المتحدث باسم الإدارة العامة للحرس الوطني التونسي عن انتشال 8 جثث لمجتازين غير شرعيين للحدود البحرية بسواحل منطقة صفاقس (وسط شرقي تونس) كما تمكنت وحدات تابعة للمنطقة البحرية، من إنقاذ 13 مهاجرا آخر.
وفي عملية إنقاذ أخرى، تمكنت وحدات تابعة للمنطقة البحرية للحرس الوطني بالمهدية، وسط شرقي تونس، من نجدة و إنقاذ 33 شخصا من جنسيات أفريقية مختلفة بعد تعرض مركبهم للعطب وتسرب مياه البحر بداخله إثر تعمدهم اجتياز الحدود البحرية خلسة باتجاه السواحل الإيطالية انطلاقا من سواحل سيدي منصور بصفاقس.



نزيف بشري للجماعة الحوثية رغم توقف المعارك

مقبرة أنشأتها الجماعة الحوثية لقتلاها في صنعاء (أ.ف.ب)
مقبرة أنشأتها الجماعة الحوثية لقتلاها في صنعاء (أ.ف.ب)
TT

نزيف بشري للجماعة الحوثية رغم توقف المعارك

مقبرة أنشأتها الجماعة الحوثية لقتلاها في صنعاء (أ.ف.ب)
مقبرة أنشأتها الجماعة الحوثية لقتلاها في صنعاء (أ.ف.ب)

شيّعت الجماعة الحوثية خلال الأسبوع الماضي أكثر من 15 قتيلاً من قيادييها العسكريين والأمنيين من دون إعلان ملابسات سقوطهم. ورغم توقف المعارك العسكرية مع القوات الحكومية اليمنية في مختلف الجبهات؛ فإن النزيف البشري المستمر لقياداتها وعناصرها يثير التساؤلات عن أسبابه، بالتزامن مع مقتل العديد من القادة في خلافات شخصية واعتداءات على السكان.

ولقي قيادي بارز في صفوف الجماعة مصرعه، الأحد، في محافظة الجوف شمال شرقي العاصمة صنعاء في كمين نصبه مسلحون محليون انتقاماً لمقتل أحد أقاربهم، وذلك بعد أيام من مقتل قيادي آخر في صنعاء الخاضعة لسيطرة الجماعة، في خلاف قضائي.

وذكرت مصادر قبلية في محافظة الجوف أن القيادي الحوثي البارز المُكنى أبو كمال الجبلي لقي مصرعه على يد أحد المسلحين القبليين، ثأراً لمقتل أحد أقاربه الذي قُتل في عملية مداهمة على أحد أحياء قبيلة آل نوف، التي ينتمي إليها المسلح، نفذها القيادي الحوثي منذ أشهر، بغرض إجبار الأهالي على دفع إتاوات.

من فعالية تشييع أحد قتلى الجماعة الحوثية في محافظة حجة دون الإعلان عن سبب مقتله (إعلام حوثي)

ويتهم سكان الجوف القيادي القتيل بممارسات خطيرة نتج عنها مقتل عدد من أهالي المحافظة والمسافرين وسائقي الشاحنات في طرقاتها الصحراوية واختطاف وتعذيب العديد منهم، حيث يتهمونه بأنه كان «يقود مسلحين تابعين للجماعة لمزاولة أعمال فرض الجبايات على المركبات المقبلة من المحافظات التي تسيطر عليها الحكومة، وتضمنت ممارساته الاختطاف والتعذيب والابتزاز وطلب الفدية من أقارب المختطفين أو جهات أعمالهم».

وتقول المصادر إن الجبلي كان يعدّ مطلوباً من القوات الحكومية اليمنية نتيجة ممارساته، في حين كانت عدة قبائل تتوعد بالانتقام منه لما تسبب فيه من تضييق عليها.

وشهدت محافظة الجوف مطلع هذا الشهر اغتيال قيادي في الجماعة، يُكنى أبو علي، مع أحد مرافقيه، في سوق شعبي بعد هجوم مسلحين قبليين عليه، انتقاماً لأحد أقاربهم الذي قُتِل قبل ذلك في حادثة يُتهم أبو علي بالوقوف خلفها.

في الآونة الأخيرة تتجنب الجماعة الحوثية نشر صور فعاليات تشييع قتلاها في العاصمة صنعاء (إعلام حوثي)

وتلفت مصادر محلية في المحافظة إلى أن المسلحين الذين اغتالوا أبو علي يوالون الجماعة الحوثية التي لم تتخذ إجراءات بحقهم، مرجحة أن تكون عملية الاغتيال جزءاً من أعمال تصفية الحسابات داخلياً.

قتل داخل السجن

وفي العاصمة صنعاء التي تسيطر عليها الجماعة الحوثية منذ أكثر من 10 سنوات، كشفت مصادر محلية مطلعة عن مقتل القيادي الحوثي البارز عبد الله الحسني، داخل أحد السجون التابعة للجماعة على يد أحد السكان المسلحين الذي اقتحم السجن الذي يديره الحسني بعد خلاف معه.

وتشير المصادر إلى أن الحسني استغل نفوذه للإفراج عن سجين كان محتجزاً على ذمة خلاف ينظره قضاة حوثيون، مع المتهم بقتل الحسني بعد مشادة بينهما إثر الإفراج عن السجين.

وكان الحسني يشغل منصب مساعد قائد ما يسمى بـ«الأمن المركزي» التابع للجماعة الحوثية التي ألقت القبض على قاتله، ويرجح أن تجري معاقبته قريباً.

وأعلنت الجماعة، السبت الماضي، تشييع سبعة من قياداتها دفعة واحدة، إلى جانب ثمانية آخرين جرى تشييعهم في أيام متفرقة خلال أسبوع، وقالت إنهم جميعاً قتلوا خلال اشتباكات مسلحة مع القوات الحكومية، دون الإشارة إلى أماكن مقتلهم، وتجنبت نشر صور لفعاليات التشييع الجماعية.

جانب من سور أكبر المستشفيات في العاصمة صنعاء وقد حولته الجماعة الحوثية معرضاً لصور قتلاها (الشرق الأوسط)

ويزيد عدد القادة الذين أعلنت الجماعة الحوثية عن تشييعهم خلال الشهر الجاري عن 25 قيادياً، في الوقت الذي تشهد مختلف جبهات المواجهة بينها وبين القوات الحكومية هدوءاً مستمراً منذ أكثر من عامين ونصف.

ورعت الأمم المتحدة هدنة بين الطرفين في أبريل (نيسان) من العام قبل الماضي، ورغم أنها انتهت بعد ستة أشهر بسبب رفض الجماعة الحوثية تمديدها؛ فإن الهدوء استمر في مختلف مناطق التماس طوال الأشهر الماضية، سوى بعض الاشتباكات المحدودة على فترات متقطعة دون حدوث أي تقدم لطرف على حساب الآخر.

قتلى بلا حرب

وأقدمت الجماعة الحوثية، أخيراً، على تحويل جدران سور مستشفى الثورة العام بصنعاء، وهو أكبر مستشفيات البلاد، إلى معرض لصور قتلاها في الحرب، ومنعت المرور من جوار السور للحفاظ على الصور من الطمس، في إجراء أثار حفيظة وتذمر السكان.

وتسبب المعرض في التضييق على مرور المشاة والسيارات، وحدوث زحام غير معتاد بجوار المستشفى، ويشكو المرضى من صعوبة وصولهم إلى المستشفى منذ افتتاح المعرض.

ويتوقع مراقبون لأحوال الجماعة الحوثية أن يكون هذا العدد الكبير من القيادات التي يجري تشييعها راجعاً إلى عدة عوامل، منها مقتل عدد منهم في أعمال الجباية وفرض النفوذ داخل مناطق سيطرة الجماعة، حيث يضطر العديد من السكان إلى مواجهة تلك الأعمال بالسلاح، ولا يكاد يمرّ أسبوع دون حدوث مثل هذه المواجهات.

ترجيحات سقوط عدد كبير من القادة الحوثيين بغارات الطيران الأميركي والبريطاني (رويترز)

ويرجح أن يكون عدد من هؤلاء القادة سقطوا بقصف الطيران الحربي للولايات المتحدة الأميركية وبريطانيا اللتين شكلتا منذ قرابة عام تحالفاً عسكرياً للرد على استهداف الجماعة الحوثية للسفن التجارية وطرق الملاحة في البحر الأحمر، وتنفذان منذ ذلك الحين غارات جوية متقطعة على مواقع الجماعة.

كما تذهب بعض الترجيحات إلى تصاعد أعمال تصفية الحسابات ضمن صراع وتنافس الأجنحة الحوثية على النفوذ والثروات المنهوبة والفساد، خصوصاً مع توقف المعارك العسكرية، ما يغري عدداً كبيراً من القيادات العسكرية الميدانية بالالتفات إلى ممارسات نظيرتها داخل مناطق السيطرة والمكاسب الشخصية التي تحققها من خلال سيطرتها على أجهزة ومؤسسات الدولة.

وبدأت الجماعة الحوثية خلال الأسابيع الماضية إجراءات دمج وتقليص عدد من مؤسسات وأجهزة الدولة الخاضعة لسيطرتها، في مساعِ لمزيد من النفوذ والسيطرة عليها، والتخفيف من التزاماتها تجاه السكان بحسب المراقبين.