الجيش اللبناني يبحث عن موارد دعم داخلية مع تصاعد الأزمة الاقتصادية

طيار من الجيش اللبناني على متن طائرة ستقوم برحلات سياحية في الأجواء اللبنانية (أ.ف.ب)
طيار من الجيش اللبناني على متن طائرة ستقوم برحلات سياحية في الأجواء اللبنانية (أ.ف.ب)
TT

الجيش اللبناني يبحث عن موارد دعم داخلية مع تصاعد الأزمة الاقتصادية

طيار من الجيش اللبناني على متن طائرة ستقوم برحلات سياحية في الأجواء اللبنانية (أ.ف.ب)
طيار من الجيش اللبناني على متن طائرة ستقوم برحلات سياحية في الأجواء اللبنانية (أ.ف.ب)

بدأ الجيش اللبناني تسيير رحلات ترفيهية مخصصة للمدنيين على متن مروحياته العسكرية وذلك ضمن مشروع تضعه مصادر عسكرية في إطار «التشجيع على السياحة وتعزيز صورة الجيش»، من دون تجاهل سعي المؤسسة العسكرية إلى إيجاد مصادر تمويل داخلية في ظلّ الأوضاع الاقتصادية الصعبة التي يمرّ بها لبنان.
وكانت قيادة الجيش قد أعلنت على موقعها الرسمي إطلاق مشروع ترفيهي عبارة عن رحلة سياحية مدتها 15 دقيقة على متن مروحية من نوع «رافن» (Raven) متاحة للمدنيين مقابل 150 دولاراً، أي 50 دولاراً للشخص الواحد، إذ إنّ عدد الأشخاص المسموح به في الرحلة الواحدة هو 3 أفراد من الفئات العمرية فوق 3 سنوات، على أن يكون الحجز مسبقاً والدفع نقداً في المراكز المحددة.
وستنطلق الرحلات من قاعدة «عمشيت» شمال لبنان وقاعدة «رياق» في منطقة البقاع شرقي البلاد.
ويشير مصدر في الجيش اللبناني إلى أنّ فكرة هذا المشروع الذي أتى تحت عنوان «لبنان من فوق» انطلقت بهدف ترفيهي سياحي بحت، فالمردود المالي لهذه الرحلات بسيط جداً ولا يشكل شيئاً من موازنة الجيش ولا يدخل أي مال لخزينة المؤسسة العسكرية، مضيفاً في حديث مع «الشرق الأوسط» أنّ رسم الرحلات الموضوع هو فقط من أجل تأمين كلفة تشغيل المروحيّة.
ويأتي الإعلان عن هذه الرحلات في وقت يعاني فيه الجيش اللبناني كمعظم المؤسسات اللبنانية من ضائقة مالية بسبب خسارة العملة اللبنانية كثيراً من قيمتها، إذ تجاوز سعر الدولار في السوق السوداء 17 ألف ليرة بعد أن كان ثابتاً لعقود على 1500 ليرة.
كانت الأزمة الاقتصادية التي تمر بها البلاد قد اضطرت الجيش إلى استبعاد اللحوم من وجبات الطعام المقدَّمة للجنود خلال الصيف الماضي.
ويوضح المصدر أنّ التركيز على الجانب الترفيهي لمشروع الرحلات لا ينفي أنّ الجيش وفي ظل الضائقة الاقتصادية يحاول أن يبحث على موارد مالية داخلية أو خارجية وهو ينتظر في هذا الإطار نتائج المؤتمر الدولي الذي عُقد منتصف الشهر الماضي بدعوة من فرنسا ودعم من الأمم المتحدة وإيطاليا وبمشاركة عشرين دولة لدعم هذه المؤسسة.
وفي الإطار، وصلت طائرة إسبانية منذ أيام إلى مطار رفيق الحريري الدولي، محمّلة بنحو 19 طناً من المواد الغذائية (وجبات جاهزة) مقدمة هبةً للجيش اللبناني.
وعلى صعيد الموارد الداخلية، كان الجيش اللبناني قد نشر منذ شهر تقريباً إعلاناً للتدريب على الرماية في نادي الرماية التابع له، وهو أحد القطاعات التي يستطيع استثمارها لتأمين مورد مالي إضافي، إلا أنه وحسب المصدر تبقى هذه الموارد ضئيلة وتشكل دعماً بسيطاً جداً لا يمكن الاعتماد عليه.
ويصف العميد المتقاعد جورج نادر خطوة الجيش اللبناني بالجيّدة والمرحّب بها، مشيراً في حديث مع «الشرق الأوسط» إلى أنّ جيوشاً عدة تعتمد مثل هذه الرحلات، وهي خطوة وطنية تُحسب للجيش لا عليه.
ولأنّ كلفة الطيران بالمروحية العسكرية قد تكون أكثر من الكلفة التي حددها الجيش للرحلة يضع نادر هذا المشروع في إطار التشجيع على السياحة مع بداية الموسم، والدعاية للجيش اللبناني وتقريب المواطنين منه أكثر وتعريفهم بلبنان من خلال جولة جوية، وذلك في وقت يحاول البعض تصوير الجيش كأنّه أداة قمعية في ظلّ الظروف التي يمر بها لبنان اجتماعياً وأمنياً.
ويواجه الجيش اللبناني في الآونة الأخيرة ضغوطاً متصاعدة بسبب الأوضاع الأمنيّة التي تتسبب بها المشكلات ذات الخلفية المعيشية كالإشكالات التي تكررت مؤخراً على خلفية تعبئة البنزين أو الحصول على مواد غذائية مدعومة والتي تتطلّب وجوده بشكل مركّز في معظم المناطق في وقت لا يكفي عدد أفراده لذلك.
يُذكر أنّ موازنة وزارة الدفاع الوطني وصلت في عام 2020، وهي آخر موازنة أُعدت (لم يتم إعداد موازنة العام الحالي)، إلى 2896 مليار ليرة، أي ما كان يوازي 1920 مليون دولار (على أساس سعر الصرف الرسمي) بما يشكّل نسبة 15.8% من إجمالي نفقات الدولة.



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».