قتيبة الجنابي: هذا الهارب والهائم تحوّل إلى رجل خشب

المخرج العراقي أنجز ثالث أفلامه عن الخوف واللجوء

قتيبة الجنابي
قتيبة الجنابي
TT

قتيبة الجنابي: هذا الهارب والهائم تحوّل إلى رجل خشب

قتيبة الجنابي
قتيبة الجنابي

الرجل الهارب ما زال هارباً في ثلاثية المخرج قتيبة الجنابي التي بدأت بفيلم «الرحيل من بغداد» (2011) واستمرّت في فيلمه الثاني «قصص العابرين» (2017) وتنتهي الآن بفيلم «الرجل الخشب».
هو نفسه الرجل الذي عاش في بغداد مصوّراً خاصاً للرئيس صدّام حسين الذي قرر أن الوقت حان ليغادر البلاد هارباً قبل أن تصل إليه أيدي رجال النظام. ينطلق في رحلة بجواز سفر مزوّر وتنتهي رحلته وهو ما زال هارباً. نلتقطه في «قصص العابرين» (2017) وهو ما زال يبحث عن ملاذ آمن في الغرب. هارب من رجال يبحثون عنه ويرصدونه. راغب في الانتماء إلى بلاد جديدة إذا ما سنحت له الفرصة. إذا ما توقف عن فعل الهرب.
في فيلمه الثالث «الرجل الخشب» الهروب ما زال هويّته. الرغبة في الاندماج مع الآخرين أمنيته. لكن فعل الهروب أفقده هويّته الإنسانية. حوّله، في منظور المخرج، إلى رجل ما زال يئن من ماضيه الممتزج جيداً مع حاضره.
«الرجل الخشب» (2021) هو الفيلم الجديد (نعود إليه في نقد منفصل الأسبوع المقبل) للمخرج العراقي قتيبة الجنابي الذي يعيش ويعمل في لندن منذ أن غادر العراق بدوره باحثاً عن ذلك الملاذ. ليس إنه كان مُطارداً أو مطلوباً لكن إذ تولّى تشخيص الخوف في شخصياته الرجالية كان يعلم تماماً عما يتحدّث عنه وتحدّث عنه بأسلوب فني جيد وخاص. كان ولد في بغداد ودرس التصوير في بودابست. أنجز أفلاماً قصيرة بادئ الأمر ثم انحنى لرغبته التحوّل إلى الأفلام الطويلة ليصنع ثلاثية متماسكة ومختلفة، في كل جوانبها الفنية والتعبيرية، عن أي من الأعمال العربية بما في ذلك أفلام سواه من المخرجين العراقيين في داخل وطنهم الأم أو في المهجر.
إذ يتحدّث إلينا يكشف عن ماهية فيلمه الجديد وعلاقته العضوية بفيلميه السابقين من باب مسائل أخرى يطرحها.
> «الرجل الخشب» هو تماماً كما نراه في الفيلم... رجل من خشب، لكنه ما زال يشعر ويئن ويبحث عن خلاص. هل ترى الهروب من بغداد الأمس قد حوّل بطلك إلى رجل بلا هوية؟
- ممكن ونعم. هذا الهائم الذي في فيلمي السابقين تحول إلى رجل خشب. فكرتي بدأت خلال الفترة السابقة للتصوير عندما شاهدت الكثير من المشاهد المتحركة واللقطات الفوتوغرافية الثابتة في التلفزيونات والصحف والمجلات عن اللاجئين والهاربين من مآسي الحروب في بلداننا العربية. ودائماً الكاميرة كانت موجة لوجوه وأعين اللاجئين. هكذا حاولت أن أبحث عن شيء آخر في فيلم «رجل الخشب». أردت أن أعكس كيف يرى اللاجئ والغريب العالم من حوله. كنت أود أن يكون بطل الفيلم من خشب هارب من الغابة والطبيعة صوب الوطن، هذا كان تحدٍ كبيرٍ في إنجاز فكرة كهذه وغير متناولة.
كل الأفلام والحكايات الكلاسيكية عن الهروب تعكس أو تصور طموح اللاجئ للوصول للغرب. في فيلمي هذا يود البطل العودة للوطن والجذور وهي عكس فكرة مشاريع أفلام اللجوء والخروج من الأوطان. أنهُ فيلم العودة وليس الهجرة.
> أراك قمت بالإنتاج والتصوير عدا الكتابة والإخراج. هل كان من الصعب البحث عن تمويل لهذا الفيلم؟
- في بداية تخطيطي لإنجاز السيناريو والتنفيذ وجدت من الصعوبة أن أقنع المنتجين والجهات الداعمة بدعم فكرة فيلم بطله من خشب بحجم الإنسان العادي ولا يتحرك أو يتكلم. حقاً لم أبحث أو أحاول بل قررت أن أدخل المغامرة الإنتاجية لوحدي بكل حرية إبداعية وكسر المألوف وأصور الفيلم بعشقي لسينما. بعد إن أنجزت مرحلة التصوير حصلت علي دعم بعد الإنتاج من مهرجان القاهرة السينمائي حيث فاز الفيلم بالجائزة الأولى وكذلك على دعم منحة الدوحة السينمائية.
> كيف تعاملت مع حقيقة أن بطلك دمية لا تتكلم ولا نراها تتحرّك فعلياً ولو إنها تنتقل من مكان لآخر.
- الفيلم بالنسبة لي حكاية (...fairy tale حاولت المزج بين الفنتازيا والتشويق والخيال. كان هدفي أن أحبس أنفاس المُشاهد وأن أعطيه إحساساً بأنهُ يشاهد فيلم تسجيلياً من خلال حركة الكاميرا والمونتاج والصوت وأن هذه الدمية الخشبية تأخذ المشاهد للحظات التفاعل ويفقد الإدراك بأنه يتابع مصير دمية من الخشب. لهذا تميّز تصميم الصوت لرنا عيد لتوفير الإحساس الروحي لهذه الدمية والمساهمة الثمينة للمؤلف الموسيقي نديم مشلاوي التي عكست العوالم الداخلية لبطلي.
> فيلمك قائم على ثلاث شخصيات: امرأة ورجل والرجل الخشبي. المرأة والرجل الآدميان كيف تنظر إليهما؟ من هما في المجتمع الذي تتحدّث عنه؟
‪ -‬نعم يعتمد الفيلم على ثلاث شخصيات وكلّها تبحث عن الدفء الإنساني والعائلة. المرأة تبحث عن الحنان والعائلة الراحلة من خلال تصفحها مجلد الصور وتجد لحظات من التعاطف مع رجل الخشب عندما تجدهُ في بيتها. كذلك رجل الخشب يحس بالألم عندما تغادر المرأة دون رجعة وتتركهُ وحيداً بالبيت.
يبدأ بالبكاء ويتذكر والدتهُ بشكل صور فوتوغرافية. نرى حارس البيت تواقاً للعلاقات الاجتماعية والصداقات وللأسرة والذكريات من خلال مجموعة صور فوتوغرافية أيضاً. بذلك فإن الثلاثة يعانون من فراغ الدفء العائلي في ذلك العالم المتوحش ضد رجل الخشب أو الغريب. الرجل والمرأة متضامنان مع حالته لأنهما يعيشانها بدوريهما.
> يئن الرجل الخشب من الوحدة والابتعاد عن الوطن، لكنه هرب منه. هل من تفسير؟
- يود رجل الخشب في هذا الفيلم العودة للوطن الأول ولهذا تأتي له مشاهد الغابة والطبيعة على شكل أحلام مكان لراحة ذات والنفس. في بداية الفيلم نراهُ هارباً من الغابة حيث قوى الشر غير المرئية تلاحقه. التنقل والترحال يرميْه في صقيع هوامش أوروبا. يدخل بيت المرأة لطلب الأمان ولكن مكان الأمان يتحول إلى سجنه. شخصية رجل الخشب قريبة مني ومن أحاسيسي ولهذا دخلت مناخاً ذاتياً وخاصاً. أهديت الفيلم إلى أمي وحاولت المزج بين الخاص والعام حول ذلك الهارب الراغب بالعودة لمكانه الأول... الوطن.
> بداية الفيلم، كما تقول، لكاميرا من وجهة نظر الرجل الهارب قبل أن يجد بيتاً شبه منعزل يدخله لاجئاً. أصوات صفارات سيارات البوليس تبحث عنه. أين صوّرت الفيلم وما هي المعلومات التقنية والإنتاجية التي يمكن لك الحديث عنها؟
- صورتهُ في بيت فارغ على الحدود المجرية - الصربية وفي قرية هي الأقرب إلى الجدار الفاصل بين أوروبا وصربيا. كنت أود أن يكون الفيلم قريباً مني جداً وقبلت التحدي وصورت الفيلم على هذا النحو وأنا أعرف بأن هذه الدمية لا تتكلم أو تتحرك. لهذا ركزت بشدة على طريقة التصوير والإنارة من أجل خلق الإحساس الروحي عن المشاهد وكسر حاجز أنهُ رجل من خشب.
ركزت أكثر على اللقطات القريبة لخلق التعاطف والتفاعل معه. تصادقت مع الرجل الخشب وأصبح جزءاً مني وكذلك طاقم التصوير الصغير بدء التعاطف والتفاعل مع رجل الخشب والذي أصبح جزءاً منا. هكذا وجدت مونتير بريطاني صديق قديم (هيو ويليامز) وطلبت منه مشاهدة المونتاج الأولي. عندما شاهد النسخة الأولى قال لي أود أن أكمل الفيلم. سألته لماذا فأجاب لأنك أنجزت شيئاً غير مطروق وطريقة تصويرك لدمية من خشب أذهلتني.


مقالات ذات صلة

«حالة من الصمت» يحصد «جائزة الشرق الوثائقية»

يوميات الشرق الفيلم يتناول مخاطرة صحافيين بحياتهم لتغطية «سياسات المخدّرات» في المكسيك (الشرق الأوسط)

«حالة من الصمت» يحصد «جائزة الشرق الوثائقية»

فاز الفيلم الوثائقي «حالة من الصمت» للمخرج سانتياغو مازا بالنسخة الثانية من جائزة «الشرق الوثائقية».

«الشرق الأوسط» (جدة)
سينما «من المسافة صفر» (مشهراوي فَنْد)‬

8 أفلام عن أزمات الإنسان والوطن المُمزّق

تُحرّك جوائز «الأوسكار» آمال العاملين في جوانب العمل السينمائي المختلفة، وتجذبهم إلى أمنية واحدة هي، صعود منصّة حفل «الأوسكار» وتسلُّم الجائزة

محمد رُضا‬ (سانتا باربرا - كاليفورنيا)
سينما «موعد مع بُل بوت» (سي د.ب)

شاشة الناقد: تضحيات صحافيين وانتهاكات انظمة

يأتي فيلم «موعد مع بُل بوت» في وقت تكشف فيه الأرقام سقوط أعداد كبيرة من الصحافيين والإعلاميين قتلى خلال تغطياتهم مناطق التوتر والقتال حول العالم.

محمد رُضا‬ (لندن)
يوميات الشرق فيلم «الحريفة 2» اعتمد على البطولة الشبابية (الشركة المنتجة)

«الحريفة 2» ينعش إيرادات السينما المصرية في موسم «رأس السنة»

شهدت دور العرض السينمائي في مصر انتعاشة ملحوظة عبر إيرادات فيلم «الحريفة 2... الريمونتادا»، الذي يعرض بالتزامن مع قرب موسم «رأس السنة».

داليا ماهر (القاهرة )
يوميات الشرق «صيفي» فيلم سعودي مرشح لجائزة مسابقة مهرجان البحر الأحمر السينمائي للأفلام الطويلة

الفساد والابتزاز في «صيفي»... تحديات تقديم القضايا الحساسة على الشاشة

تعود أحداث فيلم «صيفي» الذي عُرض ضمن فعاليات مهرجان البحر الأحمر السينمائي في دورته الرابعة، إلى فترة أواخر التسعينات.

أسماء الغابري (جدة)

شاشة الناقد: تضحيات صحافيين وانتهاكات انظمة

 «موعد مع بُل بوت» (سي د ب)
«موعد مع بُل بوت» (سي د ب)
TT

شاشة الناقد: تضحيات صحافيين وانتهاكات انظمة

 «موعد مع بُل بوت» (سي د ب)
«موعد مع بُل بوت» (سي د ب)

RENDEZ‪-‬VOUS AVEC POL‪-‬POT ★★★

* إخراج: ريثي بَنه (فرنسا/ كمبوديا)

يأتي فيلم «موعد مع بُل بوت» في وقت تكشف فيه الأرقام سقوط أعداد كبيرة من الصحافيين والإعلاميين قتلى خلال تغطياتهم مناطق التوتر والقتال حول العالم. ويُذكّر الفيلم أن الصحافة في تاريخها العريق، دائماً ما وجدت نفسها أمام مسؤوليات وتحديات عديدة. في هذا الفيلم الذي أخرجه ريثي بَنه عن الأحداث التي عصفت في بلاده سنة 1978 اقتباسات عن كتاب الصحافية إليزابيث بَكَر (Becker) وعن تجربتها بصفتها واحدة من 3 صحافيين دُعوا لمقابلة بُل بوت، رئيس وزراء كمبوديا وأحد قادة منظمة «الخمير الحمر» (Khmer Rouge) المتهمة بقتل ما لا يقل عن مليون و500 كمبودي خلال السبعينات. الصحافيان الآخران هما الأميركي ريتشارد دودمان، والأسكوتلندي مالكوم كالدويل.

لا يبدو أن المخرج اتّبع خُطى الكتاب كاملةً بل تدخّل بغايةِ ولوج الموضوع من جانب الحدث الذي وضع حياة الثلاثة في خطر بعدما جاءوا للتحقيق ومقابلة بُل بوت. في الواقع دفع الأميركي حياته ثمناً لخروجه عن جدول الأعمال الرسمي والتقاطه صوراً تكشف عن قتلٍ جماعي. وفي الفيلم لحظة مختصرة لكنها قاسية التأثير عندما يَلقى الصحافي حتفه غرقاً في نهر دُفع إليه.

الفرنسية إيرين جاكوب التي تؤدي شخصية الكاتبة بَكَر تُعايش بدورها الوضع بكل مأساته. تُفصل عن زميلها ولم تعد تعرف عنه شيئاً، وتمر بدورها بتجربة مخيفة لم تكن تعلم إذا ما كانت ستخرج منها حية.

في باطن هذا الفيلم الجيد على تواضع إنتاجه، تُطرح أسئلة فيما إذا كان الصحافي يستطيع أن يقبل التحوّل إلى جزءٍ من البروباغاندا. وهل هو أداة لنقل الرأي الرسمي بغياب حرية التعبير؟ وماذا لو فعل ذلك وماذا لو لم يفعل؟

هو ليس بالفيلم السّهل متابعته من دون معرفة ذلك التاريخ ودلالاته حول العلاقة بين النُّظم الفاشية والإعلام. والحرية التي لا تُمنح لصحافيين محليين هي نفسها التي لا تُمنح كذلك للأجانب ما دام عليهم نقل ما يُقال لهم فقط.

* عروض: موسم الجوائز ومهرجان «آسيا وورلد فيلم فيستيڤال».

‪THE‬ WRESTLE‪R‬ ★★

* إخراج: إقبال حسين شودهوري (بنغلاديش).

يقترب الرجل المسن موجو (ناصر أودين خان) وسط أشجار ليست بعيدة عن شاطئ البحر وينتقل من واحدة لأخرى ماداً يديه إليها كما لو كان يريد أن يدفعها بعيداً أو أن يُزيحها من مكانها. ومن ثَمّ يتركها ويركض صوب أخرى ليقوم بالفعل نفسه قبل أن يعود إليها. يبعث هذا المشهد على تكراره سخرية غير مقصودة. قد تكون طريقة قديمة لممارسة تمارين المصارعة أو التدريب الوحيد المُتاح في تلك القرية، لكن موجو جادٌ في محاولته لدفع الأشجار إلى الخلف أو تغيير مواقعها، استعداداً لملاقاة مصارع أصغر منه سنّا وأكبر حجماً في المباراة المقبلة.

«المصارع» (أبلبوكس فيلمز)

هناك كثير مما يتأمله المخرج شودهوري بطيئاً قبل تلك المباراة وما بعدها. بعضُ المشاهد لديها نسبة معقولة من الشِّعر الناتج عن تصوير الطبيعة (ماء، أشجار، حياة... إلخ) وبعضها الآخر لا يفضي إلى تقدير خاص. في نصف الساعة الأولى يعكس المخرج شغفاً ما بتصوير شخصياته من الخلف. عندما يتخلى المخرج عن هذه العادة لاحقاً، يستبدل بتلك اللقطات سلسلة من المشاهد البعيدة عن شخصياته في الغالب. هنا يتحسّن تأطير اللقطات على نحوٍ نافع ولو أن شغله على الدراما يبقى غير ذي مكانة.

يطرح الفيلم مشكلة رجلٍ لا يريد الاعتراف بالواقع ويتحدى من هو أكثر قوّة منه. يحقّق طموحه بلقاء المصارع الآخر ويخفق في التغلب عليه. في الواقع يسقط أرضاً مغشياً ومن ثمّ نراه لاحقاً في بيت العائلة قبل أن يعود إلى تلك الأشجار ليصارعها. المخرج (ثاني فيلم له) طموح، لكن أدواته التّعبيرية وإمكانياته التي تفرض نفسها على السيناريو وحجم الفيلم بأسره، محدودة.

* عروض: موسم الجوائز ومهرجان «آسيا وورلد فيلم فيستيڤال».

ONE OF THOSE DAYS WHEN HEMME DIES ★★★

* إخراج: مراد فرات أوغلو (تركيا).

قرب نهاية الفيلم يبدأ الشاب أيوب مراجعة ما مرّ به طوال اليوم. لقد انطلق غاضباً من المُشرِف على العمل عندما شتم أمّه. يعمل أيوب في حقلٍ لتجفيف الطاطم. ويعرف المخرج كيف يوظّف المكان، درامياً (سهل منبطح تحت شمس حامية وصعوبة العمل)، وجمالياً (تلك الثمار المقطوعة إلى نصفين والملقاة فوق شراشف على مد النظر).

«أحد تلك الأيام التي مات فيها هيمي» (مهرجان مراكش)

نقطة الخلاف أن أيوب يُطالب بأتعابه، لكن المُشرف على العمل لم يتقاضَ المال بعد ليدفع له، مما يؤجّج غضب أيوب فينشب شجار بينهما. يركب دراجته النارية وينطلق صوب بلدته. في منزله مسدسٌ سيتسلّح به وفي البال أن يعود لينتقم. معظم الفيلم هو رحلة على الدراجة التي تتعطل مرّتين قبل إصلاحها عند المساء. الأحداث التي تقع على الطريق وفي القرية الصغيرة تُزيّن الموضوع بشخصيات تدخل وتخرج من الحدث الرئيسي الماثل. في أحد هذه الأحداث الثانوية يُساعد أيوب رجلاً عجوزاً اشترى بطيخة ولا يستطيع حملها، فيوصله والبطيخة إلى داره. وفي مشهد آخر يستمع لتوبيخ زوج شقيقته لأنه كان عرض عليه العمل في شركته ورفض. لا يقول لنا الفيلم لماذا رفض ما ينتقص من بنية الموضوع وأسباب عزوف أيوب على تنفيذ وعده لنفسه بالانتقام.

اعتمد المخرج هذين المشهدين وسواهما لملء الوقت الممتد بين عزم أيوب على الانتقام وعزوفه عن ذلك. لكنه هذه المشاهد ضرورية رغم أن الفيلم ينتهي من دون أن يبني حجة دامغة لقرار أيوب النهائي. هذا الفيلم دراما مصوّرة جيداً ومكتوبة بدراية، رغم الهفوات المذكورة.

* عروض حالياً في مهرجان «مراكش»

★ ضعيف | ★★: وسط| ★★★: جيد | ★★★★ جيد جداً | ★★★★★: ممتاز