«حقوق الإنسان» العراقية: عودة التفجيرات تزامنت مع تصاعد المطالب الشعبية

عمال يزيلون أنقاضاً تطايرت نتيجة الانفجار (أ.ب)
عمال يزيلون أنقاضاً تطايرت نتيجة الانفجار (أ.ب)
TT

«حقوق الإنسان» العراقية: عودة التفجيرات تزامنت مع تصاعد المطالب الشعبية

عمال يزيلون أنقاضاً تطايرت نتيجة الانفجار (أ.ب)
عمال يزيلون أنقاضاً تطايرت نتيجة الانفجار (أ.ب)

دانت مفوضية حقوق الإنسان المستقلة، أمس (الخميس)، الانفجار الذي وقع بمدينة الصدر شرق بغداد، مساء أول من أمس (الأربعاء)، وتسبب بإصابة 15 مواطناً، وبعض الأضرار المادية من دون خسائر بالأرواح.
وفي إشارة إلى الأزمة المتفاقمة المتعلقة بتراجع إنتاج الطاقة الكهربائية وما نجم عنها من مطالبات وانتقادات شعبية واسعة ضد السلطات، استغربت مفوضية حقوق الإنسان في بيان أصدرته أمس «عودة التفجيرات إلى العاصمة بغداد بعد فترة من الهدوء والأمن، وتزامنها مع تصاعد المطالبات الشعبية بتحسين الخدمات المقدمة للمواطن». وشددت على «القوات الأمنية الماسكة للأرض بتعزيز جهدها الاستخباري والأمني وتفويت الفرصة على من يحاولون زعزعة الوضع الداخلي أو السماح للإرهاب بإعادة نشر الخوف والرعب وزعزعة السلم الأهلي والاستقرار المجتمعي». وطالبت «الحكومة وأجهزتها الأمنية تحمل مسؤوليتها في سرعة تحديد هوية مرتكبي هذه الجرائم اللاإنسانية وتقديمهم إلى العدالة».
واستهدف مدينة الصدر الفقير، أول من أمس، بعبوة ناسفة وضعت في سوق شعبية لبيع المواد والسلع المستعملة.
وقالت خلية الإعلام الأمني الرسمي، إن «حادث الانفجار عبارة عن انفجار عبوة ناسفة محلية الصنع، كانت موضوعة أسفل أحد الأكشاك في سوق مريدي؛ مما أدى إلى إصابة 15 مواطناً بجروح بسيطة، أغلبهم غادر المستشفى بعد تلقي العلاج».
وأضاف، أن «مفارز خبراء مكافحة المتفجرات والأدلة الجنائية متواجدة في مكان الحادث، وقد فتحت القوات الأمنية تحقيقاً لمعرفة ملابسات هذا الحادث».
ولا يميل بعض المراقبين إلى فرضية تنفيذ الجماعات الإرهابية المرتبطة بـ«داعش» لحادث الانفجار، ولا يستبعدون ضلوع إحدى الجماعات المسلحة المحلية المتنافسة في مدينة الصدر بالحادث، كما لا يستبعدون أن يكون الحادث من تدبير أصحاب مصالح خاصة داخل السوق في الوقوف وراء التفجير. كانت مدينة الصدر تعرضت لعشرات الهجمات الانتحارية خلال سنوات الحرب الأهلية والطائفية بين الأعوام (2007 – 2010)، وتعد المدينة المعقل الرئيسي في بغداد لأنصار زعيم «التيار الصدري» مقتدى الصدر، إلى جانب تواجد أتباع بعض الفصائل الشيعية الأخرى المرتبطة بـ«الحشد الشعبي».
وفي شأن آخر ذي صلة بحقوق الإنسان، تمكنت المفوضية العراقية، الثلاثاء الماضي، من الحصول على أعلى درجة تصنيف عالمي (A) من قبل التحالف العالمي للمؤسسات الوطنية لحقوق الإنسان في المفوضية السامية لحقوق الإنسان في جنيف.
وذكرت المفوضية في بيان، أن «لجنة الاعتماد الدولية للمؤسسات الوطنية لحقوق الإنسان في جنيف قررت بالإجماع، منح المفوضية العليا لحقوق الإنسان في العراق تصنيف (A) كأعلى تصنيف عالمي يمنح للمؤسسات الوطنية الفاعلة والناشطة على المستوى الوطني والإقليمي والدولي».
وأضافت المفوضية، أن «حصولها يمثل ثمرة جهود وعمل وتواصل إقليمي ودولي استمر لمدة أربعة أعوام بتقييم التحالف العالمي للمؤسسات الوطنية لحقوق الإنسان (GANHRI) والمفوضية الأممية السامية لحقوق الإنسان (OHCHR)». وصلت المفوضية العليا لحقوق الإنسان في العراق التي تم اعتمادها للمرة الأولى في أغسطس (آب)، عام 2015 بتصنيف (B) لعدم امتثالها بشكل كامل للأسس المعيارية، وفقاً لمبادئ باريس المنشأة للمؤسسات الوطنية.
وطبقاً لمفوضية الحقوق، فإن التنصيف الدولي (A)، يتيح لها التمتع بمركز مراقب كامل في مجلس حقوق الإنسان في جنيف أسوة بالدول المراقبة والمشاركة في دورات مجلس حقوق الإنسان الدولي كافة، وتقديم بيانات مكتوبة إلى مجلس حقوق الإنسان وحضور المشاورات والتفاوض على مشاريع القرارات وعرض تقارير الإجراءات الخاصة في جلسات لجان حقوق الإنسان الدولية وتنظيم الأحداث داخل مبنى الأمم المتحدة في جنيف وشغل المواقع القيادية في المجلس.
كانت مفوضية حقوق الإنسان والأعضاء الناشطين فيها لعبوا دوراً استثنائياً في تزويد وسائل الإعلام المحلية والأجنبية بأعداد قتلى وجرحى الاحتجاجات العراقية التي انطلقت في أكتوبر (تشرين الأول) 2019، في ظل امتناع السلطات الرسمية عن تقديم مثل هكذا نوع من المعلومات، كما وجهت المفوضية انتقادات لاذعة في حينها للاستخدام المفرط للقوة من قبل قوات الأمن وعدم مراعاتها حقوق الإنسان والأصول المرعية في التعامل مع المحتجين.



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».