شي في مئوية الحزب الشيوعي: ولّى عهد التنمر على الصين

أكد «إعادة» تايوان... وتايبيه ترد بأنها ستدافع عن استقلالها

من احتفالات الصين أمس بمئوية الحزب الشيوعي الحاكم (أ.ف.ب)
من احتفالات الصين أمس بمئوية الحزب الشيوعي الحاكم (أ.ف.ب)
TT

شي في مئوية الحزب الشيوعي: ولّى عهد التنمر على الصين

من احتفالات الصين أمس بمئوية الحزب الشيوعي الحاكم (أ.ف.ب)
من احتفالات الصين أمس بمئوية الحزب الشيوعي الحاكم (أ.ف.ب)

قال الرئيس الصيني شي جين بينغ إن «عهد التنمر على الصين ولّى إلى الأبد»، رافضاً بشدة الضغوط الخارجية؛ في خطاب ألقاه بمناسبة مرور 100 عام على تأسيس الحزب الشيوعي في البلاد أمس الخميس. وقال شي خلال احتفال حاشد في ميدان «تيانانمين» ببكين إن الشعب الصيني لن يسمح أبداً لقوى أجنبية بـ«قمعه أو إخضاعه». وتابع: «كل من يجرؤ على القيام بذلك ستسحق رأسه وتخضب بالدماء على سور الفولاذ العظيم»، قائلاً إن أي محاولة لفصل الحزب عن الشعب الصيني أو لتحريض الشعب ضده، ستفشل. وأضاف: «أعضاء الحزب الذين يزيد عددهم على 95 مليوناً والشعب الصيني الذي يزيد على 1.4 مليار نسمة لن يسمحوا مطلقاً بمثل هذا السيناريو».
وأسس ماو تسي تونغ صيف 1921 مع مجموعة من المفكرين الماركسيين اللينينيين في شنغهاي الحزب الذي تحول منذ ذلك الحين إلى واحدة من أقوى المنظمات السياسية في العالم. وقال شي إن الصينيين لن يقبلوا «الوعظ المتسم بالرياء من أولئك الذين يشعرون بأن لديهم الحق في إلقاء محاضرات علينا». كما دعا زعيم الحزب في خطاب استمر أكثر من ساعة إلى تحديث القوات المسلحة. وقال شي، وهو أيضاً رئيس «اللجنة العسكرية المركزية» التي تسيطر على القوات المسلحة في البلاد، إن الصين ستعمل على تعزيز جيشها لحماية سيادتها وأمنها وتنميتها وصعودها إلى مستوى المعايير العالمية، مضيفاً: «يجب أن نسرع في تحديث الدفاع الوطني والقوات المسلحة».
وقام الحزب الشيوعي الصيني، الذي وصل إلى السلطة في عام 1949 تحت قيادة ماو تسي تونغ، في البداية بتجنيد الفلاحين والعمال، لكنه تطور لتبني الأسواق وريادة الأعمال على أساس «الاشتراكية بخصائص صينية» مع الاحتفاظ بنموذج لينين للحكم الشمولي.
وانطلقت الاحتفالات في بكين بطائرات مقاتلة وطائرات هليكوبتر في ميدان تيانانمين بوسط العاصمة. ورسمت نحو 30 طائرة تشكيلاً للرقم مائة، فيما هتفت الحشود تحت أنظار قادة البلاد وهم يجلسون عند الأسوار الجنوبية لـ«المدينة المحرّمة». وأنشد آلاف من المغنين تساندهم فرق موسيقية أغاني؛ بينها: «نحن ورثة الشيوعية» و:«من دون الحزب الشيوعي لن تكون هناك صين جديدة»، بينما كان الحضور يرددون الهتافات ويلوحون بالأعلام في الساحة المكتظة.
وتأتي الذكرى المئوية للحزب الشيوعي في ظل إجراءات أمنية مشددة. وشرعت الشرطة قبل أيام في فحص جميع السيارات والركاب الذين يدخلون العاصمة؛ التي يبلغ عدد سكانها 21 مليون نسمة، وهو ما أدى إلى اختناقات مرورية شديدة في بعض الأماكن.
وفي خطابه أمام الصورة العملاقة لماو التي تطغى على ساحة «تيانانمين» من المنصة حيث أعلن الزعيم السابق «جمهورية الصين الشعبية» عام 1949، تحدث شي بعمق عن التاريخ لتذكير مواطنيه في الداخل والمنافسين في الخارج بصعود أمته. وقال شي إن الصين حققت هدفها المئوي المتمثل في بناء «مجتمع رغيد الحياة باعتدال». وقال شي، وهو أقوى زعيم صيني منذ ماو تسي تونغ، إن الفكرة الشاملة لعمل الحزب خلال المائة عام الماضية كانت «تجديد شباب الأمة». وقال: «لا يجيد الشعب الصيني تدمير العالم القديم فحسب؛ بل خلق عالم جديد أيضاً... الاشتراكية فحسب يمكنها إنقاذ الصين». ورسم خطاً تاريخياً خلال خطابه: من حقبة الخضوع لـ«حروب الأفيون»، إلى النضال من أجل تأسيس ثورة اشتراكية، وقال إن الحزب حقق «تجديداً وطنياً» وانتشل عشرات الملايين من الفقر و«غير مشهد التنمية العالمية». وارتدى شي، كما جاء في تقرير «رويترز»، سترة «على طراز ماو»، وقال إن «التجديد العظيم للأمة الصينية دخل مساراً تاريخياً لا رجوع فيه».
وتواجه بكين انتقادات بسبب تصرفاتها في هونغ كونغ وشينجيانغ وتايوان.
وعزز شي؛ الذي ربط في خطابه المعجزة الاقتصادية للصين بعمر الحزب الطويل، حكمه المستمر منذ 8 سنوات مع إنهاء القيود على عدد الولايات الرئاسية ورفض تعيين خليفة. وقام بحملات تطهير بحق المنافسين وسحق المعارضة من مسلمي الأويغور والناشطين عبر الإنترنت؛ إلى الاحتجاجات المؤيدة للديمقراطية في شوارع هونغ كونغ. وتحول الحزب إلى تحديات جديدة، مثل اللجوء إلى التكنولوجيا لجذب الشباب؛ إذ يبلغ عدد الأعضاء الذين لم يتجاوزوا سن الثلاثين نحو 12.55 مليون، بينما أسبغ طابعاً شيوعياً على اقتصاد استهلاكي يزينه رواد أعمال يمتلكون المليارات.
وفي شوارع بكين، أغدق صينيون الثناء على الحزب.
وقال لي لوهاو (19 عاماً)؛ الطالب في جامعة بيهانغ والذي قدم عرضاً في الاحتفال: «يجب أن نشكر الحزب والوطن الأم». وقال آخر يدعى وانغ (42 عاماً): «عندما كنت طفلاً كان هناك انقطاع للتيار الكهربائي لمدة ساعة كل ليلة وأعطال في الكهرباء». وأضاف: «الآن الشوارع مليئة بالأضواء. والطعام والملابس والتعليم وحركة المرور كلها أفضل».
وقال المحلل المختص بشؤون الصين في «جامعة هونغ كونغ الصينية»، ويلي لام، لوكالة الصحافة الفرنسية، إن الرئيس لم يأت على ذكر نفسه مباشرة في خطابه، إلا إنه «من الواضح تماماً أن الفضل يعود إلى شي في كثير من النجاحات التي حققتها الصين». ومثّل شي وجه التحدي لخصومه في الخارج بقيادة الولايات المتحدة؛ الأمر الذي أحيا النزعات القومية. كما تصدى للانتقادات حيال سلوك حكومته في هونغ كونغ وتجاه تايوان ومعاملة الأويغور. وقال في خطابه وسط تصفيق حار: «لن يسمح الشعب الصيني أبداً لأي قوى أجنبية أن ترهبنا أو تقمعنا أو تستعبدنا».
وفي عامه المائة، قدم الحزب نسخة انتقائية من التاريخ من خلال الأفلام والحملات وكتب «السياحة الحمراء» التي تتجاهل العنف الجماعي لـ«الثورة الثقافية» والمجاعات وقمع الطلاب في ميدان «تيانانمين». وهناك قضايا أخرى تذكّر بالمخاطر على الاستقرار؛ إذ يصادف الخميس أيضاً الذكرى السنوية الرابعة والعشرين لتسليم هونغ كونغ؛ المستعمرة البريطانية السابقة، إلى بكين، وهو التاريخ الذي قوبل حينها بمظاهرات معارضة حاشدة. وقبل عام من اليوم، فرضت الصين قانوناً صارماً للأمن القومي على المدينة رداً على احتجاجات ضخمة غلب عليها العنف. وبموجب القانون؛ وُجّهت اتهامات لناشطين وجُرّمت الشعارات المناهضة للصين، وحتى أُغلقت صحيفة معارضة، في وقت يغرق فيه القانون المدينة؛ التي كانت تحظى في الماضي بحريات لا مثيل لها في البر الرئيسي، في حالة «طوارئ فيما يتعلق بحقوق الإنسان»، بحسب منظمة العفو الدولية.
وسار 4 ناشطين رافعين لافتة قرب موقع إحياء الذكرى، الخميس، يتبعهم مائتا شرطي، هم جزء من آلاف العناصر الذين نُشروا في أنحاء المدينة لمنع المدافعين عن الديمقراطية من تنظيم أي تحرّكات. وقال أحد سكان هونغ كونغ؛ عرّف عن نفسه باسم كين لوكالة الصحافة الفرنسية: «فليذهب الحزب الشيوعي الصيني إلى الجحيم... يدمرون كل ما يحمل قيمة». وعارض ما يسمى بـ«قوى الاستقلال» في تايوان، التي تتمتع بحكم ذاتي، لكن الصين تعدّها جزءاً من جمهوريتها، ودعا إلى «إعادة التوحيد السلمي» مع الجزيرة. وقال إنه ينبغي ألا يقلل أحد من تصميم الصين وقدرتها على الدفاع عن سيادتها ووحدة أراضيها. وقال إن الصين تريد حل «مسألة تايوان» لتحقيق «إعادة توحيد» كاملة للبلاد و«تحطيم» أي محاولات للاستقلال الرسمي للجزيرة. وردت تايوان قائلة إنها عازمة على الدفاع عن سيادتها وديمقراطيتها، داعية الصين إلى التوقف عن التنمر بالآخرين بوصفها طرفاً مسؤولاً في الحفاظ على السلام الإقليمي. وقال «مجلس شؤون البر الرئيسي»؛ وهو الوكالة الحكومية التايوانية الخاصة بسياسة التعاملات مع بكين، إن شعب تايوان البالغ تعداده 23 مليون نسمة رفض بالفعل منذ فترة طويلة مبدأ «صين واحدة» الأحادي الذي أعلنته بكين. واستشهد «المجلس» بالقيم الأساسية التي يحييها المجتمع في تايوان، مثل الديمقراطية والحرية وحقوق الإنسان وسيادة القانون. وقال وو جيه مين، وهو خبير الشؤون الصينية في منشأة «أكاديميا سينيكا» البحثية في تايبيه، لوكالة الأنباء الألمانية، إنه «لم يكن هناك حقاً أي شيء جديد» في خطاب شي؛ «حيث جرى تكرار التكتيك الصيني المعروف بمحاولة ترويع شعب تايوان بلا هوادة». وأضاف: «الأمر لا يروق حقاً للشعب هنا في تايوان، خصوصاً في وقت أصبح فيه النظام الصيني بقيادة شي أكثر سلطوية وعدائية من ذي قبل».
تتمتع تايوان بحكومة مستقلة منذ 1949، لكن الصين تعدّ الجزيرة الديمقراطية جزءاً من أراضيها. ولم تستبعد الصين لعقود إمكانية التوحيد بالقوة إذا ما تطلب الأمر.



فريق ترمب يريد الوصول إلى «ترتيب» بين روسيا وأوكرانيا من الآن

عناصر من خدمة الطوارئ الأوكرانية تخمد حريقاً شب في مبنى نتيجة قصف روسي على دنبيرو (خدمة الطوارئ الأوكرانية - أ.ب)
عناصر من خدمة الطوارئ الأوكرانية تخمد حريقاً شب في مبنى نتيجة قصف روسي على دنبيرو (خدمة الطوارئ الأوكرانية - أ.ب)
TT

فريق ترمب يريد الوصول إلى «ترتيب» بين روسيا وأوكرانيا من الآن

عناصر من خدمة الطوارئ الأوكرانية تخمد حريقاً شب في مبنى نتيجة قصف روسي على دنبيرو (خدمة الطوارئ الأوكرانية - أ.ب)
عناصر من خدمة الطوارئ الأوكرانية تخمد حريقاً شب في مبنى نتيجة قصف روسي على دنبيرو (خدمة الطوارئ الأوكرانية - أ.ب)

أعلن مايك والتز، المستشار المقبل لشؤون الأمن القومي الأميركي، في مقابلة تلفزيونية، الأحد، أن فريق الرئيس المنتخب دونالد ترمب يريد العمل منذ الآن مع إدارة الرئيس المنتهية ولايته جو بايدن، للتوصل إلى «ترتيب» بين أوكرانيا وروسيا، مبدياً قلقه بشأن «التصعيد» الراهن.

ومنذ فوز الملياردير الجمهوري في الخامس من نوفمبر (تشرين الثاني)، يخشى الأوروبيون أن تقلّص الولايات المتّحدة دعمها لأوكرانيا في هذا النزاع، أو حتى أن تضغط عليها لتقبل باتفاق مع روسيا يكون على حسابها.

واختار الرئيس المنتخب الذي سيتولّى مهامه في 20 يناير (كانون الثاني)، كل أعضاء حكومته المقبلة الذين لا يزال يتعيّن عليهم الحصول على موافقة مجلس الشيوخ.

وفي مقابلة أجرتها معه، الأحد، شبكة «فوكس نيوز»، قال والتز إنّ «الرئيس ترمب كان واضحاً جداً بشأن ضرورة إنهاء هذا النزاع. ما نحتاج إلى مناقشته هو مَن سيجلس إلى الطاولة، وما إذا كان ما سيتمّ التوصل إليه هو اتفاق أم هدنة، وكيفية إحضار الطرفين إلى الطاولة، وما الذي سيكون عليه الإطار للتوصل إلى ترتيب».

وأضاف، وفقاً لـ«وكالة الصحافة الفرنسية» أنّ «هذا ما سنعمل عليه مع هذه الإدارة حتى يناير، وما سنواصل العمل عليه بعد ذلك».

وأوضح والتز أنّه «بالنسبة إلى خصومنا الذين يعتقدون أنّ هذه فرصة لتأليب إدارة ضد أخرى، فهم مخطئون»، مؤكّداً في الوقت نفسه أن فريق الإدارة المقبلة «قلق» بشأن «التصعيد» الراهن للنزاع بين روسيا وأوكرانيا.

وفي الأيام الأخيرة، صدر عن مقرّبين من الرئيس المنتخب تنديد شديد بقرار بايدن السماح لأوكرانيا بضرب عمق الأراضي الروسية بصواريخ بعيدة المدى أميركية الصنع.

وخلال حملته الانتخابية، طرح ترمب أسئلة كثيرة حول جدوى المبالغ الهائلة التي أنفقتها إدارة بايدن على دعم أوكرانيا منذ بداية الغزو الروسي لهذا البلد في 2022.

ووعد الملياردير الجمهوري مراراً بإنهاء هذه الحرب بسرعة، لكن من دون أن يوضح كيف سيفعل ذلك.

وبشأن ما يتعلق بالشرق الأوسط، دعا المستشار المقبل لشؤون الأمن القومي للتوصّل أيضاً إلى «ترتيب يجلب الاستقرار».

وسيشكّل والتز مع ماركو روبيو، الذي عيّنه ترمب وزيراً للخارجية، ثنائياً من الصقور في الإدارة المقبلة، بحسب ما يقول مراقبون.

وكان ترمب وصف والتز، النائب عن ولاية فلوريدا والعسكري السابق في قوات النخبة، بأنه «خبير في التهديدات التي تشكلها الصين وروسيا وإيران والإرهاب العالمي».