حراك سياسي ليبي يرفض محاولات لتأجيل الانتخابات

كوبيش للمجتمعين في جنيف: هذه فرصتكم الأخيرة للتوافق على القاعدة الدستورية

جانب من اجتماعات «ملتقى الحوار الليبي» في جنيف (البعثة الأممية)
جانب من اجتماعات «ملتقى الحوار الليبي» في جنيف (البعثة الأممية)
TT

حراك سياسي ليبي يرفض محاولات لتأجيل الانتخابات

جانب من اجتماعات «ملتقى الحوار الليبي» في جنيف (البعثة الأممية)
جانب من اجتماعات «ملتقى الحوار الليبي» في جنيف (البعثة الأممية)

فيما يترقب الليبيون حدوث توافق بين المجتمعين في جنيف حول القاعدة الدستورية للانتخابات الوطنية المقررة قبل نهاية العام الجاري، اعترضت أطراف سياسية على محاولات بعض المشاركين في «ملتقى الحوار» لتأجيل الاستحقاق الانتخابي المرتقب والتمديد لحكومة «الوحدة الوطنية» برئاسة عبد الحميد الدبيبة.
ويفترض أن تنتهي ولاية السلطة التنفيذية في ليبيا (المجلس الرئاسي والحكومة) مع إجراء الانتخابات الرئاسية والنيابية المقررة في 24 ديسمبر (كانون الأول) المقبل، وفق الخطة الأممية. لكن ظهرت بوادر في اجتماع «ملتقى الحوار» بجنيف تدفع عكس ذلك، إذ سعى بعض المشاركين إلى جمع توقيعات تدعم الإبقاء على الحكومة إلى العام المقبل من دون اشتراط إجراء الانتخابات في موعدها.
وخاطب المبعوث الأممي لدى ليبيا يان كوبيش المجتمعين في جنيف، أمس، ودعاهم إلى الخروج بنتيجة حول آلية إجراء الانتخابات، وحل القضايا الخلافية التي تقف عائقاً أمام إجراء هذا الاستحقاق. وأضاف «ليس لدينا الوقت أو سبب جيد لتوسيع هذه المناقشة أو لإدخال قضايا قد تؤدي إلى تأجيل هذه الانتخابات... هذه الجلسة هي فرصتكم للارتقاء إلى مسؤوليتكم التاريخية».
وقال حراك «ليبيا تنتخب رئيسها» إنه تابع في الجلسات المباشرة لملتقى الحوار في جنيف «وجود أطراف سياسية تسعى إلى إفشال الحل السلمي بتنصيب نفسها وصية على إرادة الليبيين والضغط نحو تأجيل الانتخابات وتعطيلها»، مشيراً إلى أن «البعض يحاول إطالة عمر الحكومة المؤقتة إلى ما بعد 24 ديسمبر. كما لاحظنا قيام مجموعة معينة بجمع توقيعات داخل الملتقى للمطالبة بتأجيل الانتخابات وهذا كله مرفوض».
وشدد الحراك في بيان على رفضه «كل محاولات الالتفاف والتدجين باقتراح انتخابات رئاسية بنظام القوائم وبرلمان من غرفتين»، داعياً إلى إجراء الاقتراع «وفق الاتفاقات السابقة بالانتخاب المباشر للرئيس ولمجلس تشريعي واحد يمثل كل الليبيين». وأكد ضرورة «أن يكون 24 ديسمبر هو يوم انتخاب السلطات التشريعية والتنفيذية عن طريق الانتخاب السري المباشر ولا يمكن التراجع عنه أو القبول بتأجيله».
وتحدث بعض المشاركين في «ملتقى الحوار» في جنيف، أمس، عن أنهم يتعرضون لتهديدات لإجبارهم على الموافقة على تأجيل الانتخابات والتأكيد على بقاء الحكومة. ونقلت وسائل إعلام محلية عن عضو الحوار أحمد الشركي أنه تلقى رسالة على هاتفه تحمل هذا المعنى.
ووسط حالة من اللغط تسود الأوساط السياسية في البلاد، حمّل الحراك بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا مسؤولية «الفشل في إقرار القاعدة الدستورية لما رأيناه في جلساتها بقبولها تحويل مسار الجلسة عن هدفها».
وطالبها بـ«توسيع دائرة الحوار والمشاركة وأن تعلن أسماء المعرقلين فور انتهاء الجلسة الحالية بوصفهم أعداء للديمقراطية وللشعب الليبي». كما دعت «كل القوى السياسية الداعمة للانتخابات إلى ضرورة الاتفاق على قاعدة دستورية وتقديمها لمجلس النواب الليبي والمجتمع الدولي وإقرارها ضمن الإعلان الدستوري وتجاوز أعضاء ملتقى الحوار السياسي الليبي».
وفي حين رفض الحراك «أي محاولات للوصاية على إرادة الليبيين وطالب بالذهاب لصناديق الاقتراع في الموعد المحدد»، تمسك بـ«حقه في الذهاب لخيارات الاحتجاج السلمي والعصيان المدني، وقد يتطور إلى ما هو أبعد من ذلك رفضاً لمحاولات خطف إرادة الليبيين وصوتهم السياسي وحماية للمسار الديمقراطي».
ودفاعاً عن مقترح إجراء الانتخابات النيابية أولاً في الموعد المحدد، على أن يعقبها انتخابات رئاسية، قال النائب عن مدينة ترهونة في غرب البلاد أبو بكر أحمد سعيد إنه «مضى على انتخاب مجلس النواب الحالي أكثر من 6 أعوام، وهي مدة أكثر من كافية إن أرادت هيئة رئاسة المجلس الحالية إجراء تطوير على أدائها، إذ إن استمرار وضع المجلس على ما هو عليه ليس في صالح البلاد وحل أزماته».
ورأى سعيد في تصريح صحافي، أمس، أن «إجراء انتخابات تشريعية جديدة سيضع حداً لتنازع الشرعية وإنهاء دور الغرفة الموازية (مجلس الدولة الاستشاري) وتوحيد السلطة التشريعية وتهيئة الظروف المناسبة التي تُمكن مجلس النواب الجديد من إصدار القرارات التي عجز البرلمان الحالي عن اتخاذها». ولفت إلى «إمكانية الاستعانة بلجان عربية ودولية لدعم عملية الإشراف والمراقبة على هذه الانتخابات وهو ما يُعطي ضمانات أكثر لنجاحها».
ولفت إلى أن «حُسن انتخاب كفاءات لمجلس النواب الجديد سيساعد في تسريع توحيد مؤسسات الدولة وإنجاز الاستحقاق الوطني الذي ينتظره الجميع وهو الاستفتاء على الدستور وإصدار القوانين المنظمة للانتخابات الرئاسية المقبلة». وأكد أن «إجراء الانتخابات على مراحل متوالية أفضل بكثير من إجرائها مرة واحدة، وذلك لضمان قبولها والتحقق من نزاهتها وشفافيتها لتكون مؤشراً حقيقياً لضمان نجاح الانتخابات الرئاسية المقبلة».



الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
TT

الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)

ضمن مخاوف الجماعة الحوثية من ارتدادات تطورات الأوضاع في سوريا على قوتها وتراجع نفوذ محور إيران في منطقة الشرق الأوسط؛ صعّدت الجماعة من ممارساتها بغرض تطييف المجتمع واستقطاب أتباع جدد ومنع اليمنيين من الاحتفال بسقوط نظام بشار الأسد.

واستهدفت الجماعة، حديثاً، موظفي مؤسسات عمومية وأخرى خاصة وأولياء أمور الطلاب بالأنشطة والفعاليات ضمن حملات التعبئة التي تنفذها لاستقطاب أتباع جدد، واختبار ولاء منتسبي مختلف القطاعات الخاضعة لها، كما أجبرت أعياناً قبليين على الالتزام برفد جبهاتها بالمقاتلين، ولجأت إلى تصعيد عسكري في محافظة تعز.

وكانت قوات الحكومة اليمنية أكدت، الخميس، إحباطها ثلاث محاولات تسلل لمقاتلي الجماعة الحوثية في جبهات محافظة تعز (جنوب غربي)، قتل خلالها اثنان من مسلحي الجماعة، وتزامنت مع قصف مواقع للجيش ومناطق سكنية بالطيران المسير، ورد الجيش على تلك الهجمات باستهداف مواقع مدفعية الجماعة في مختلف الجبهات، وفق ما نقله الإعلام الرسمي.

الجيش اليمني في تعز يتصدى لأعمال تصعيد حوثية متكررة خلال الأسابيع الماضية (الجيش اليمني)

وخلال الأيام الماضية اختطفت الجماعة الحوثية في عدد من المحافظات الخاضعة لسيطرتها ناشطين وشباناً على خلفية احتفالهم بسقوط نظام الأسد في سوريا، وبلغ عدد المختطفين في صنعاء 17 شخصاً، قالت شبكة حقوقية يمنية إنهم اقتيدوا إلى سجون سرية، في حين تم اختطاف آخرين في محافظتي إب وتعز للأسباب نفسها.

وأدانت الشبكة اليمنية للحقوق والحريات حملة الاختطافات التي رصدتها في العاصمة المختطفة صنعاء، مشيرة إلى أنها تعكس قلق الجماعة الحوثية من انعكاسات الوضع في سوريا على سيطرتها في صنعاء، وخوفها من اندلاع انتفاضة شعبية مماثلة تنهي وجودها، ما اضطرها إلى تكثيف انتشار عناصرها الأمنية والعسكرية في شوارع وأحياء المدينة خلال الأيام الماضية.

وطالبت الشبكة في بيان لها المجتمع الدولي والأمم المتحدة والمنظمات الحقوقية بإدانة هذه الممارسات بشكل واضح، بوصفها خطوة أساسية نحو محاسبة مرتكبيها، والضغط على الجماعة الحوثية للإفراج عن جميع المختطفين والمخفيين قسراً في معتقلاتها، والتحرك الفوري لتصنيفها منظمة إرهابية بسبب تهديدها للأمن والسلم الإقليميين والدوليين.

تطييف القطاع الطبي

في محافظة تعز، كشفت مصادر محلية لـ«الشرق الأوسط» عن أن الجماعة الحوثية اختطفت عدداً من الشبان في منطقة الحوبان على خلفية إبداء آرائهم بسقوط نظام الأسد، ولم يعرف عدد من جرى اختطافهم.

تكدس في نقطة تفتيش حوثية في تعز حيث اختطفت الجماعة ناشطين بتهمة الاحتفال بسقوط الأسد (إكس)

وأوقفت الجماعة، بحسب المصادر، عدداً كبيراً من الشبان والناشطين القادمين من مناطق سيطرة الحكومة اليمنية، وأخضعتهم للاستجواب وتفتيش متعلقاتهم الشخصية وجوالاتهم بحثاً عمّا يدل على احتفالهم بتطورات الأحداث في سوريا، أو ربط ما يجري هناك بالوضع في اليمن.

وشهدت محافظة إب (193 كيلومتراً جنوب صنعاء) اختطاف عدد من السكان للأسباب نفسها في عدد من المديريات، مترافقاً مع إجراءات أمنية مشددة في مركز المحافظة ومدنها الأخرى، وتكثيف أعمال التحري في الطرقات ونقاط التفتيش.

إلى ذلك، أجبرت الجماعة عاملين في القطاع الطبي، بشقيه العام والخاص، على حضور فعاليات تعبوية تتضمن محاضرات واستماع لخطابات زعيمها عبد الملك الحوثي، وشروحات لملازم المؤسس حسين الحوثي، وأتبعت ذلك بإجبارهم على المشاركة في تدريبات عسكرية على استخدام مختلف الأسلحة الخفيفة والمتوسطة والقنابل اليدوية وزراعة الألغام والتعامل مع المتفجرات.

وذكرت مصادر طبية في صنعاء أن هذه الإجراءات استهدفت العاملين في المستشفيات الخاصعة لسيطرة الجماعة بشكل مباشر، سواء العمومية منها، أو المستشفيات الخاصة التي استولت عليها الجماعة بواسطة ما يعرف بالحارس القضائي المكلف بالاستحواذ على أموال وممتلكات معارضيها ومناهضي نفوذها من الأحزاب والأفراد.

زيارات إجبارية للموظفين العموميين إلى معارض صور قتلى الجماعة الحوثية ومقابرهم (إعلام حوثي)

وتتزامن هذه الأنشطة مع أنشطة أخرى شبيهة تستهدف منتسبي الجامعات الخاصة من المدرسين والأكاديميين والموظفين، يضاف إليها إجبارهم على زيارة مقابر قتلى الجماعة في الحرب، وأضرحة عدد من قادتها، بما فيها ضريح حسين الحوثي في محافظة صعدة (233 كيلومتراً شمال صنعاء)، وفق ما كانت أوردته «الشرق الأوسط» في وقت سابق.

وكانت الجماعة أخضعت أكثر من 250 من العاملين في الهيئة العليا للأدوية خلال سبتمبر (أيلول) الماضي، وأخضعت قبلهم مدرسي وأكاديميي جامعة صنعاء (أغلبهم تجاوزوا الستين من العمر) في مايو (أيار) الماضي، لتدريبات عسكرية مكثفة، ضمن ما تعلن الجماعة أنه استعداد لمواجهة الغرب وإسرائيل.

استهداف أولياء الأمور

في ضوء المخاوف الحوثية، ألزمت الجماعة المدعومة من إيران أعياناً قبليين في محافظة الضالع (243 كيلومتراً جنوب صنعاء) بتوقيع اتفاقية لجمع الأموال وحشد المقاتلين إلى الجبهات.

موظفون في القطاع الطبي يخضعون لدورات قتالية إجبارية في صنعاء (إعلام حوثي)

وبينما أعلنت الجماعة ما وصفته بالنفير العام في المناطق الخاضعة لسيطرتها من المحافظة، برعاية أسماء «السلطة المحلية» و«جهاز التعبئة العامة» و«مكتب هيئة شؤون القبائل» التابعة لها، أبدت أوساط اجتماعية استياءها من إجبار الأعيان والمشايخ في تلك المناطق على التوقيع على وثيقة لإلزام السكان بدفع إتاوات مالية لصالح المجهود الحربي وتجنيد أبنائهم للقتال خلال الأشهر المقبلة.

في السياق نفسه، أقدمت الجماعة الانقلابية على خصم 10 درجات من طلاب المرحلة الأساسية في عدد من مدارس صنعاء، بحة عدم حضور أولياء الأمور محاضرات زعيمها المسجلة داخل المدارس.

ونقلت المصادر عن عدد من الطلاب وأولياء أمورهم أن المشرفين الحوثيين على تلك المدارس هددوا الطلاب بعواقب مضاعفة في حال استمرار تغيب آبائهم عن حضور تلك المحاضرات، ومن ذلك طردهم من المدارس أو إسقاطهم في عدد من المواد الدراسية.

وأوضح مصدر تربوي في صنعاء لـ«الشرق الأوسط» أن تعميماً صدر من قيادات عليا في الجماعة إلى القادة الحوثيين المشرفين على قطاع التربية والتعليم باتباع جميع الوسائل للتعبئة العامة في أوساط أولياء الأمور.

مقاتلون حوثيون جدد جرى تدريبهم وإعدادهم أخيراً بمزاعم مناصرة قطاع غزة (إعلام حوثي)

ونبه المصدر إلى أن طلب أولياء الأمور للحضور إلى المدارس بشكل أسبوعي للاستماع إلى محاضرات مسجلة لزعيم الجماعة هو أول إجراء لتنفيذ هذه التعبئة، متوقعاً إجراءات أخرى قد تصل إلى إلزامهم بحضور فعاليات تعبوية أخرى تستمر لأيام، وزيارة المقابر والأضرحة والمشاركة في تدريبات قتالية.

وبحسب المصدر؛ فإن الجماعة لا تقبل أي أعذار لتغيب أولياء الأمور، كالسفر أو الانشغال بالعمل، بل إنها تأمر كل طالب يتحجج بعدم قدرة والده على حضور المحاضرات بإقناع أي فرد آخر في العائلة بالحضور نيابة عن ولي الأمر المتغيب.