طرابلس تخاف تكرار سيناريو «الأربعاء الأسود»

أبناؤها يتحدثون عن «شغب مدبّر» ورئيس بلديتها يتهم «الطابور الخامس»

TT

طرابلس تخاف تكرار سيناريو «الأربعاء الأسود»

ألغت فعاليات طرابلس دعوتها إلى وقفة احتجاجية ظهر أمس، كان يفترض أن تجمع رئيس البلدية، ودار الفتوى، ومطارنة، وهيئات اقتصادية، تنديداً بما تعرضت له المدينة ظهر الأربعاء، من قطع للطرق، وإطلاق للرصاص، وترويع للأهالي.
الوقفة ألغيت، بعد أخبار وصلت للمسؤولين، تبين منها أن المخربين أنفسهم قد يعمدون إلى افتعال مشكلة لتوريط المنددين. ورغم أن أحداً لا يريد أن يسمي الجهة التي تقف وراء التخريب والتخويف، وتعطي الأوامر لمجموعات تغزو المدينة بالدراجات النارية، وتجبر المحال التجارية على إغلاق أبوابها، إلا أن أهالي طرابلس باتوا على بينة من أن مدينتهم تتعرض لحوادث مفبركة، ولخطة مبيتة، لا تمت للثورة ولا للاحتجاج على الفقر بصلة، خاصةً أن وجوهاً غير طرابلسية، تأتي في كثير من الأحيان من خارج المدينة.
كما ألغيت أيضاً دعوة لإغلاق المحال أمس لمدة ساعة، والإضراب احتجاجاً على الانتهاكات المتكررة التي يتعرض لها التجار، الذين يعانون أصلاً من الكساد، ولا ينقصهم المزيد من الأضرار، للمخاوف نفسها.
وساد الهدوء أمس، مدينة طرابلس، بعد يوم الأربعاء المباغت، حيث بدأ الشغب بشائعات تبين أنها مفبركة، تقول إن طفلة توفيت في باب التبانة، جراء نقص الأوكسجين، وانقطاع التيار الكهربائي، وشائعة أخرى تحدثت عن مقتل شاب عند ساحة الشراع في الميناء، لم تكن صحيحة، ونشرت صورة لوالد يحمل طفلة مريضة، تبين أنها ملتقطة خلال الأزمة السورية. لكن مجموعات كانت قد خرجت بالفعل غاضبة، وأخرى على دراجات نارية جابت المدينة وقطعت الطرقات، وشتمت أصحاب السيارات الذين لا يخضعون لأوامرها. وظهرت مجموعات أخرى بسلاحها في مناطق باب التبانة، والقبة، وأبي سمراء. وأطلق هؤلاء النار في الهواء، لمدة تقارب الساعتين. وقدر البعض سعر الرصاص الذي استهلك بآلاف الدولارات، فيما المحتجون يقولون إنهم يتظاهرون بسبب الفقر والحرمان.
ولا ينفي رئيس بلدية طرابلس رياض يمق أن انقطاع الكهرباء، بسبب نقص مادة الفيول، قد خنق الأهالي، وتسبب في انقطاع المياه، وزاد من محنتهم ومعاناتهم، لكنه يضيف لـ«الشرق الأوسط»: إن «هناك من يستغل الوضع ليورط الناس فيما لا تحمد عقباه». وأضاف يمق: «يوجد طابور خامس، ونحن ألغينا الوقفة الاحتجاجية لأننا رغم الهدوء لا نأمن ما يمكن أن يفعله أصحاب النوايا المبيتة». وعن الجهة التي تحرك مطلقي النار قال: «هذا عمل الأجهزة الأمنية، نحن كبلدية نعرف أن هناك جهات خارجية وأخرى داخلية تحرك الوضع. ونعرف أيضاً أن هناك من أراد أن يشعل حرباً من جديد بين باب التبانة وجبل محسن، لكنهم باءوا بالفشل». وجدير بالذكر أنه بعد حوادث الأربعاء المشؤومة خرج أهالي جبل محسن وباب التبانة معاً ليؤكدوا أنهم متضامنون، ولا يريدون سوى حماية الجيش والأمن، وأن أي احتجاجات يقومون بها معاً لا تكون إلا سلمية. ويؤكد يمق أن أهالي طرابلس «يرفضون التخريب، ولا يتقبلون أعمالاً تعكر أمنهم» مشيراً إلى أن «من أطلقوا الرصاص كانوا مكشوفي الوجوه، ومعروفين، والقوى الأمنية تقوم بعملها، والجيش لم يقصر أبداً، ويضرب حيث يجب أن يفعل، وقد تم القبض على البعض وآخرون يلاحقون. وهو ما أعاد الهدوء للمدينة يوم أمس الخميس، لكن هذا لا يعني أن الأمر تحت السيطرة الكلية، ويمكن لمحاولات أخرى أن تهدد أمن الناس من جديد».
وتقول ليلى، وهي من سكان منطقة القبة إنها شاهدت ظهر الثلاثاء، أي قبل الحوادث، أكثر من مائة دراجة نارية تتزود بالوقود في وقت واحد من إحدى محطات البنزين في منطقتها، تحضيراً للشغب، في الوقت الذي يحكى فيه عن انقطاع هذه المادة ويحرم منها آخرون. وتم التمهيد لهذا اليوم، بقطع للطرقات في الأيام التي سبقته، بدعوى الثورة والاحتجاج على الفقر وانقطاع الكهرباء، وارتفاع سعر الدولار. لكن يقول علي الذي يعمل في أحد مطاعم منطقة الضم والفرز وتمتلئ ليلاً بالرواد، «إن شبان الموتوسيكلات يجبرون المقاهي على الإغلاق أحياناً، وهم فعلوا ذلك يوم الأربعاء، وهذا إذا استمر لا يصلح الحال، بل يعرض وظائفنا للخطر، ونحن بأمس الحاجة إليها».
ونفى علي أن تكون المقاهي قد تعرضت لأي إطلاق نار لكنه يقول «إن هذه الأجواء تجعل الناس يحجمون عن الخروج من منازلهم، ويقلل عدد الرواد، الذين يريدون متنفساً، بشكل كبير». ولا يريد نديم حسن، الذي يعمل في مطعم في أحد الشوارع الرئيسية في طرابلس، قريباً من شارع عزمي، أن يجيب على أسئلتنا، ويقول: «لا أريد أن أنشغل بما يفعلون. لمرتين جاءوا إلى جانب المطعم وأطلقوا في كل مرة رصاصتين في الهواء، ويقطعون الطريق، ثم ينفضون. هؤلاء يعطلون حياتنا ويضرون أرزاقنا، فوق ضائقتنا، والأجدر أن لا نعبأ بهم، كي لا ندعهم ينتصرون علينا. نحن من يجب أن نتظاهر ونحتج، ونعلي الصوت، لكنهم يسرقون مطالبنا ويشوهونها».
وتعاني طرابلس من فقر شديد، وبات المتجول في شوارعها يرى طوابير الانتظار اليومية، ليس من أجل البنزين فقط، بل للحصول على المساعدات التي توزعها باستمرار جمعيات خيرية، وجهات مانحة، لمساعدة الأهالي على الصمود، في وقت باتت تعز فيه كسرة الخبز، والأدوية، كما حليب الأطفال.



السيسي: الربط الكهربائي مع السعودية نموذج للتعاون الإقليمي

اجتماع الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي مع مدبولي ووزيري الكهرباء والبترول (الرئاسة المصرية)
اجتماع الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي مع مدبولي ووزيري الكهرباء والبترول (الرئاسة المصرية)
TT

السيسي: الربط الكهربائي مع السعودية نموذج للتعاون الإقليمي

اجتماع الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي مع مدبولي ووزيري الكهرباء والبترول (الرئاسة المصرية)
اجتماع الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي مع مدبولي ووزيري الكهرباء والبترول (الرئاسة المصرية)

أكد الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي أن مشروع الربط الكهربائي مع المملكة العربية السعودية نموذج لتكامل التعاون في مجال الطاقة على المستوى الإقليمي، وبين مصر والمملكة خصيصاً. وأضاف: «كما يعد المشروع نموذجاً يحتذى به في تنفيذ مشروعات مماثلة مستقبلاً للربط الكهربائي»، موجهاً بإجراء متابعة دقيقة لكافة تفاصيل مشروع الربط الكهربائي مع السعودية.

جاءت تأكيدات السيسي خلال اجتماع مع رئيس مجلس الوزراء المصري مصطفى مدبولي، ووزيري الكهرباء والطاقة المتجددة، محمود عصمت، والبترول والثروة المعدنية، كريم بدوي. وحسب إفادة لـ«الرئاسة المصرية»، الأحد، تناول الاجتماع الموقف الخاص بمشروعات الربط الكهربائي بين مصر والسعودية، في ظل ما تكتسبه مثل تلك المشروعات من أهمية لتعزيز فاعلية الشبكات الكهربائية ودعم استقرارها، والاستفادة من قدرات التوليد المتاحة خلال فترات ذروة الأحمال الكهربائية.

وكانت مصر والسعودية قد وقعتا اتفاق تعاون لإنشاء مشروع الربط الكهربائي في عام 2012، بتكلفة مليار و800 مليون دولار، يخصّ الجانب المصري منها 600 مليون دولار (الدولار يساوي 49.65 جنيه في البنوك المصرية). وقال رئيس مجلس الوزراء المصري، خلال اجتماع للحكومة، منتصف أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، إن خط الربط الكهربائي بين مصر والسعودية سيدخل الخدمة في مايو (أيار) أو يونيو (حزيران) المقبلين. وأضاف أنه من المقرر أن تكون قدرة المرحلة الأولى 1500 ميغاواط.

ويعد المشروع الأول من نوعه لتبادل تيار الجهد العالي في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، من مدينة بدر في مصر إلى المدينة المنورة مروراً بمدينة تبوك في السعودية. كما أكد مدبولي، في تصريحات، نهاية الشهر الماضي، أن مشروع الربط الكهربائي مع السعودية، الذي يستهدف إنتاج 3000 ميغاواط من الكهرباء على مرحلتين، يعد أبرز ما توصلت إليه بلاده في مجال الطاقة.

وزير الطاقة السعودي يتوسط وزيري الكهرباء والبترول المصريين في الرياض يوليو الماضي (الشرق الأوسط)

فريق عمل

وفي يوليو (تموز) الماضي، قال وزير الكهرباء والطاقة المتجددة المصري، خلال لقائه وزير الطاقة السعودي، الأمير عبد العزيز بن سلمان، في الرياض، إن «هناك جهوداً كبيرة من جميع الأطراف للانتهاء من مشروع الربط الكهربائي المصري - السعودي، وبدء التشغيل والربط على الشبكة الموحدة قبل بداية فصل الصيف المقبل، وفي سبيل تحقيق ذلك فإن هناك فريق عمل تم تشكيله لإنهاء أي مشكلة أو عقبة قد تطرأ».

وأوضحت وزارة الكهرباء المصرية حينها أن اللقاء الذي حضره أيضاً وزير البترول المصري ناقش عدة جوانب، من بينها مشروع الربط الكهربائي بين شبكتي الكهرباء في البلدين بهدف التبادل المشترك للطاقة في إطار الاستفادة من اختلاف أوقات الذروة وزيادة الأحمال في الدولتين، وكذلك تعظيم العوائد وحسن إدارة واستخدام الفائض الكهربائي وزيادة استقرار الشبكة الكهربائية في مصر والسعودية.

ووفق المتحدث الرسمي باسم الرئاسة المصرية، محمد الشناوي، الأحد، فإن اجتماع السيسي مع مدبولي ووزيري الكهرباء والبترول تضمن متابعة مستجدات الموقف التنفيذي لمحطة «الضبعة النووية»، في ظل ما يمثله المشروع من أهمية قصوى لعملية التنمية الشاملة بمصر، خصوصاً مع تبنى الدولة استراتيجية متكاملة ومستدامة للطاقة تهدف إلى تنويع مصادرها من الطاقة المتجددة والجديدة، بما يسهم في تحسين جودة الخدمات المقدمة للمواطنين.

وأكد السيسي أهمية العمل على ضمان سرعة التنفيذ الفعال لمشروعات الطاقة المختلفة باعتبارها ركيزة ومحركاً أساسياً للتنمية في مصر، مشدداً على أهمية الالتزام بتنفيذ الأعمال في محطة «الضبعة النووية» وفقاً للخطة الزمنية المُحددة، مع ضمان أعلى درجات الكفاءة في التنفيذ، فضلاً عن الالتزام بأفضل مستوى من التدريب وتأهيل الكوادر البشرية للتشغيل والصيانة.

وتضم محطة الضبعة، التي تقام شمال مصر، 4 مفاعلات نووية، بقدرة إجمالية تبلغ 4800 ميغاوات، بواقع 1200 ميغاوات لكل مفاعل. ومن المقرّر أن يبدأ تشغيل المفاعل النووي الأول عام 2028، ثم تشغيل المفاعلات الأخرى تباعاً.

جانب من اجتماع حكومي سابق برئاسة مصطفى مدبولي (مجلس الوزراء المصري)

تنويع مصادر الطاقة

وتعهدت الحكومة المصرية في وقت سابق بـ«تنفيذ التزاماتها الخاصة بالمشروع لإنجازه وفق مخططه الزمني»، وتستهدف مصر من المشروع تنويع مصادرها من الطاقة، وإنتاج الكهرباء، لسد العجز في الاستهلاك المحلي، وتوفير قيمة واردات الغاز والطاقة المستهلكة في تشغيل المحطات الكهربائية.

وعانت مصر من أزمة انقطاع للكهرباء خلال أشهر الصيف، توقفت في نهاية يوليو الماضي بعد توفير الوقود اللازم لتشغيل المحطات الكهربائية. واطلع السيسي خلال الاجتماع، الأحد، على خطة العمل الحكومية لضمان توفير احتياجات قطاع الكهرباء من المنتجات البترولية، وانتظام ضخ إمدادات الغاز للشبكة القومية للكهرباء، بما يحقق استدامة واستقرار التغذية الكهربائية على مستوى الجمهورية وخفض الفاقد.

ووجه بتكثيف الجهود الحكومية لتعزيز فرص جذب الاستثمارات لقطاع الطاقة، وتطوير منظومة إدارة وتشغيل الشبكة القومية للغاز، بما يضمن استدامة الإمدادات للشبكة القومية للكهرباء والقطاعات الصناعية والخدمية، وبتكثيف العمل بالمشروعات الجاري تنفيذها في مجال الطاقة المتجددة، بهدف تنويع مصادر إمدادات الطاقة، وإضافة قدرات جديدة للشبكة الكهربائية، بالإضافة إلى تطوير الشبكة من خلال العمل بأحدث التقنيات لاستيعاب ونقل الطاقة بأعلى كفاءة وأقل فقد.