مهرجان «أفلام السعودية» يضيء مستقبل السينما في المملكة

يحتوي على أفلام وندوات وكتب ويبدأ دورته السابعة اليوم

قاعة المهرجان في دار إثراء الثقافية
قاعة المهرجان في دار إثراء الثقافية
TT

مهرجان «أفلام السعودية» يضيء مستقبل السينما في المملكة

قاعة المهرجان في دار إثراء الثقافية
قاعة المهرجان في دار إثراء الثقافية

تنطلق اليوم (الجمعة) أعمال الدورة السابعة لمهرجان «أفلام السعودية» وتستمر حتى السابع من هذا الشهر. يديره ويضبط إيقاعاته وطموحاته وما يتفاعل فيه من نشاطات أحمد الملا الذي يرأس فريقاً منصب على إنجاح المبادرات والفاعليات التي يحتويها وتأمين كل ما يتطلّبه مهرجان سينمائي من رعاية وتنظيم.
«مهرجان أفلام السعودية» هو واحد من مهرجانين مهمّين للسينما في المملكة. الآخر هو «مهرجان البحر الأحمر الدولي» المرتقب في شهر نوفمبر المقبل. وهناك فارق كبير بين المهرجانين تجسده حقيقة أن «مهرجان أفلام السعودية»، وكما يعكس اسمه، يتخصص في السينما السعودية وحدها. هذا التخصص يهدف المساهمة في تطوير صناعة الأفلام في السعودية وتعزيز الحركة الثقافية في المملكة. ما يعرضه هو كل ما هو مُتاح من نشاطات سينمائية. أفلام وندوات وإصدار كتب.
الأفلام المعروضة تشمل أنواع العمل السينمائي القصير منه والطويل والروائي وغير الروائي. ورغبته من ذلك «توفير الفرص للمواهب السعودية من الشباب والشابات المهتمين في صناعة الأفلام والاحتفاء بأفضلها» كما سبق للمهرجان أن أعلن.
تنضوي الأفلام السعودية المعروضة على عدد لا بأس به من الأفلام القصيرة والمتوسطة والطويلة من بينها «شارع 75» و«يوم فقدت نفسي» و«حد الطار» و«سيدة البحر» و«حكاية روشان». ومن بين الأفلام القصيرة «التحدي» و«شمس 89» و«الطائر الصغير» و«في داخلي خريف أبدي». ويبلغ عدد الأفلام السعودية المرشحّة لجوائزه 36 فيلماً من بينها 15 فيلماً في المسابقة الرسمية و21 فيلماً في البرامج الموازية بالإضافة إلى 21 فيلماً خليجياً.
لجنة تحكيم الأفلام مؤلّفة من خمسة أعضاء هم السعودي علي الكلثمي (رئيس اللجنة) والممثلة بشرى (مصر) والمخرجة كوثر بن هنية (تونس) والسينمائي منذر الرياحنة (الأردن) والناقدة ديبرا يونغ (الولايات المتحدة). وهناك مسابقة سيناريو تقدّم إليها 254 مشاركاً وصل منها 14 إلى المرحلة النهائية (6 سيناريوهات لأفلام طويلة و8 لأفلام قصيرة). واللجنة الموكل إليها اختيار الأفضل تتألف من سعد الدوسري (رئيساً) وعضوية محمد البشير ورجا ساير المطيري.
ويحتفي كذلك بسينمائيين هما مأمون حسن (الذي ترأس «معهد الفيلم البريطاني» لبضع سنوات) والمخرج البحريني بسام الذوادي. أقيمت الدورة الأولى سنة 2008، ومن ثمّ توقف المهرجان إلى أن عاد في دورة ثانية سنة 2015، وأقام دورتين متلاحقتين في عامي 2016 و2017 وغاب في سنة 2018 ليعود أقوى مما كان عليه في عام 2019. في العام الماضي منع وباء كورونا التئام المهرجان مجدداً فمرّت مناسبته السادسة في حدود العروض الافتراضية.
هذا العام يعود «مهرجان أفلام السعودية» بقوّة وزخم وبتصميم متجدد لفريقه على المواصلة والتقدّم. المكان الذي ينعقد فيه المهرجان هذا العام، هو ذاته الذي انعقد فيه لمعظم سنواته السابقة، صالة إثراء التابعة لمركز الملك عبد العزيز الثقافي في مدينة الدمام. صالة بديعة التصميم، كبيرة، محاطة بحدائق واسعة وتحتوي على مكتبة كبيرة وصالتي عرض وصالة للندوات تتسع للجمهور الغفير الذي يحضرها.
مدير المهرجان أحمد الملا تفاعل جيداً في هذه السنة مع التدابير الصحيّة التي قامت بها الجهات الحكومية المختصة، وفي الندوة التي أقيمت قبل أيام، تناول ذلك بالتفصيل، مشيراً إلى «الجهود العملاقة التي قامت بها القيادة الرشيدة والجهات الحكومية المختصة في مكافحة الجانحة، التي مكّنت المركز في الفترة الماضية من الاستعداد لاستقبال الفعاليات والجماهير ضمن إطار الاحترازات الصحية».
هذا ليس كل شيء، وفي حديثه الخاص إلى «الشرق الأوسط» ردّ على ستة أسئلة بإجابات تكشف المزيد مما يعنيه المهرجان وهذه الدورة تحديداً للسينما السعودية.
> حين تنظر إلى الدورات السابقة وهذه الدورة، كيف ترى التطوّر الذي حدث وهل هو حسب ما طمحت إليه تماماً؟
- مر المهرجان بمخاضات عدة منذ دورته الأولى عام 2008، حتى دورته السابعة 2021، بحدوث انقطاع قهري بين دورتيه الأولى والثانية. كنا نرفع شعاراً رمزياً هو «في لمح البصر»، وكأننا نخطف اللحظة ونسرقها، جراء المخاطر المحيطة بتنفيذه قبل عام 2018، وتغير الشعار من دورته الخامسة إلى «أحلام تتحقق»، ويمكن أن نقلب حرف الحاء إلى فاء كما نشاء. واجهت المهرجان الكثير من المصاعب، ليس آخرها جائحة كورونا العام الماضي، ولم يستسلم، بل أعاد صياغة برامجه افتراضياً، وغامر في التجربة، وحقق انتشاراً لم يعهده من قبل، مما عزز من التخطيط لدورته المقبلة بأن يعقد المهرجان واقعاً لجمهوره ومشاركيه، ويحافظ على منصته الافتراضية ليصل إلى أكبر عدد من متابعيه.
نعم كنا نحلم بأفق أوسع، ونأمل باعتراف لائق، ونتمنى يداً تحنو على هذا الفن، وها هي تتحقق. كان الحلم منصباً على أن يكون للفيلم السعودي قيمة فنية، ليستطيع أن يحمل جماليات المكان، وسردية الإرث وأساطير الأثر، في هذه الدورة أقف على مشارف الحلم وأراه قادماً لأول مرة.
> ينمو المهرجان باضطراد ملحوظ. كنت حضرت الدورة الخامسة ورأيت فيها من التنظيم والإدارة الصحيحة ما عجزت عنه مهرجانات عربية أخرى عديدة. هذا يدفعني للتساؤل، ما هي طموحاتك العليا بالنسبة للدورات المقبلة؟
- أن يستمر المهرجان مركزاً على هدفه الأساسي في التنافس وعرض الأفلام السعودية، وأن ينظّم إلى جوار برنامجه الرئيسي برامج أخرى متنوعة وملهمة لصناع الأفلام. مما سيحقق استمرار تطور صناع الأفلام بقفزات متواترة، كما حدث منذ انطلاقته حتى الدورة السابعة. وأتمنى للمهرجان أن يبقى منصة معرفية خلاقة للفن والجمال.
> كيف أفاد المهرجان صانعي السينما في المملكة إلى الآن؟
- ربما يتحدث صانعو الأفلام، عن فوائد يرونها تحققت لهم، ومن وجهة نظري فمجرد اجتماعهم في مكان وزمان واحد، تحت مناخ يتيح لهم النقاش والتعارف وتبادل الأفكار وتعزيز العلاقات المشتركة بعمق، بالنسبة لي سنام الفوائد، وبعدها يأتي: التشجيع والتنافس بروح عالية، تطوير الأدوات عبر برامج مثرية مثل: الورش، والندوات، والكتب المعرفية، والنقاشات المنتظمة.
> كيف انطلق المهرجان أساساً؟ ومن هو المسؤول الأول عن ولادة الفكرة والعمل عليها؟
- في عام 2006 كنت عضواً بين زملاء أعزاء في مجلس إدارة النادي الأدبي في المنطقة الشرقية، ومديراً تنفيذياً له إلى جانب إدارة الفعاليات، ولاهتمامي الشخصي بالسينما، اقترحت على مجلس الإدارة تنظيم ليلة سينمائية أسبوعية، وكنت أختار أفلامها. حتى تشكل جمهور نوعي من الشباب يرتادون النادي لأول مرة (طبعاً من جهة أخرى، تشكلت جبهة اعتراضات على ذلك)، ومنها تكون فريق من هواة الأفلام الشباب، وبعد نقاشات تم الاتفاق بين النادي وجمعية الثقافة والفنون في الدمام على تنظيم أول مهرجان. الأسماء المشاركة في التأسيس كثيرة وأخشى نسيان أي منها، فأندم.
> هل أفادت المهرجانات العربية الأخرى الفيلم السعودي وكيف؟
- طبعاً وبالتأكيد، قبل مهرجان أفلام السعودية وخلاله وبعده، كلما شارك الفيلم السعودي في أي منافسة عربية أو عالمية، تتحقق مكاسب جمة، لصناع الفيلم ولزملائه في المجال، من حيث تطوير المحتوى، وإفساح نافذة لمن بعدهم، كما يصنع الاعتبار في أنظار المهرجانات الأخرى، علاوة على ما تحققه المشاركة من قوة ناعمة في المخيلة العامة للجمهور، عن الفيلم السعودي.
> عدد من الأفلام السعودية سينتقل للعرض في مهرجان البحر الأحمر المقبل. كيف يستفيد مهرجان «أفلام من السعودية» من ذلك وكيف يستفيد صانعو الأفلام؟
- مهرجان البحر الأحمر منصة مهمة في سياق التطلعات التحديثية في السعودية، يسعى إلى تحقيق طموحات عربية وعالمية، ويشجع صناع الأفلام السعوديين على الانخراط في خضمها. وها نحن نلمس بدء برامج الدعم والتطوير والإنتاج، التي أطلقها، علاوة على قرب عقد دورته الأولى في نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل. وأعتقد أن التكامل بين المهرجانين وارد، ويتحقق.



بارود «النار بالنار» موهبة صاعدة لفتت المشاهد

عابد فهد وتيم عزيز في مشهد من «النار بالنار» (خاص تيم)
عابد فهد وتيم عزيز في مشهد من «النار بالنار» (خاص تيم)
TT

بارود «النار بالنار» موهبة صاعدة لفتت المشاهد

عابد فهد وتيم عزيز في مشهد من «النار بالنار» (خاص تيم)
عابد فهد وتيم عزيز في مشهد من «النار بالنار» (خاص تيم)

منذ الحلقة الأولى لمسلسل «النار بالنار» لفت تيم عزيز المشاهد في دور (بارود). فهو عرف كيف يتقمص شخصية بائع اليانصيب (اللوتو) بكل أبعادها. فألّف لها قالباً خاصاً، بدأ مع قَصة شعره ولغة جسده وصولاً إلى أدائه المرفق بمصطلحات حفظها متابع العمل تلقائياً.
البعض قال إن دخول تيم عزيز معترك التمثيل هو نتيجة واسطة قوية تلقاها من مخرج العمل والده محمد عبد العزيز، إلا أن هذا الأخير رفض بداية مشاركة ابنه في العمل وحتى دخوله هذا المجال. ولكن المخرج المساعد له حسام النصر سلامة هو من يقف وراء ذلك بالفعل. ويقول تيم عزيز لـ«الشرق الأوسط»: «حتى أنا لم أحبذ الفكرة بداية. لم يخطر ببالي يوماً أن أصبح ممثلاً. توترت كثيراً في البداية وكان همي أن أثبت موهبتي. وفي اليوم الخامس من التصوير بدأت ألمس تطوري».
يحدثك باختصار ابن الـ15 سنة ويرد على السؤال بجواب أقصر منه. فهو يشعر أن الإبحار في الكلام قد يربكه ويدخله في مواقف هو بغنى عنها. على بروفايل حسابه الإلكتروني «واتساب» دوّن عبارة «اخسر الجميع واربح نفسك»، ويؤكد أن على كل شخص الاهتمام بما عنده، فلا يضيع وقته بما قد لا يعود ربحاً عليه معنوياً وفي علاقاته بالناس. لا ينكر أنه بداية، شعر بضعف في أدائه ولكن «مو مهم، لأني عرفت كيف أطور نفسي».
مما دفعه للقيام بهذه التجربة كما يذكر لـ«الشرق الأوسط» هو مشاركة نجوم في الدراما أمثال عابد فهد وكاريس بشار وجورج خباز. «كنت أعرفهم فقط عبر أعمالهم المعروضة على الشاشات. فغرّني الالتقاء بهم والتعاون معهم، وبقيت أفكر في الموضوع نحو أسبوع، وبعدها قلت نعم لأن الدور لم يكن سهلاً».
بنى تيم عزيز خطوط شخصيته (بارود) التي لعبها في «النار بالنار» بدقة، فتعرف إلى باعة اليناصيب بالشارع وراقب تصرفاتهم وطريقة لبسهم وأسلوب كلامهم الشوارعي. «بنيت الشخصية طبعاً وفق النص المكتوب ولونتها بمصطلحات كـ(خالو) و(حظي لوتو). حتى اخترت قصة الشعر، التي تناسب شخصيتي، ورسمتها على الورق وقلت للحلاق هكذا أريدها».
واثق من نفسه يقول تيم عزيز إنه يتمنى يوماً ما أن يصبح ممثلاً ونجماً بمستوى تيم حسن. ولكنه في الوقت نفسه لا يخفي إعجابه الكبير بالممثل المصري محمد رمضان. «لا أفوت مشاهدة أي عمل له فعنده أسلوبه الخاص بالتمثيل وبدأ في عمر صغير مثلي. لم أتابع عمله الرمضاني (جعفر العمدة)، ولكني من دون شك سأشاهد فيلمه السينمائي (هارلي)».
لم يتوقع تيم عزيز أن يحقق كل هذه الشهرة منذ إطلالته التمثيلية الأولى. «توقعت أن أطبع عين المشاهد في مكان ما، ولكن ليس إلى هذا الحد. فالناس باتت تناديني باسم بارود وتردد المصطلحات التي اخترعتها للمسلسل».
بالنسبة له التجربة كانت رائعة، ودفعته لاختيار تخصصه الجامعي المستقبلي في التمثيل والإخراج. «لقد غيرت حياتي وطبيعة تفكيري، صرت أعرف ماذا أريد وأركّز على هدف أضعه نصب عيني. هذه التجربة أغنتني ونظمت حياتي، كنت محتاراً وضائعاً أي اختصاص سأدرسه مستقبلاً».
يرى تيم في مشهد الولادة، الذي قام به مع شريكته في العمل فيكتوريا عون (رؤى) وكأنه يحصل في الواقع. «لقد نسيت كل ما يدور من حولي وعشت اللحظة كأنها حقيقية. تأثرت وبكيت فكانت من أصعب المشاهد التي أديتها. وقد قمنا به على مدى يومين فبعد نحو 14 مشهداً سابقاً مثلناه في الرابعة صباحاً صورنا المشهد هذا، في التاسعة من صباح اليوم التالي».
أما في المشهد الذي يقتل فيه عمران (عابد فهد) فترك أيضاً أثره عنده، ولكن هذه المرة من ناحية الملاحظات التي زوده بها فهد نفسه. «لقد ساعدني كثيراً في كيفية تلقف المشهد وتقديمه على أفضل ما يرام. وكذلك الأمر بالنسبة لكاريس بشار فهي طبعتني بحرفيتها. كانت تسهّل علي الموضوع وتقول لي (انظر إلى عيني). وفي المشهد الذي يلي مقتلها عندما أرمي الأوراق النقدية في الشارع كي يأخذها المارة تأثرت كثيراً، وكنت أشعر كأنها في مقام والدتي لاهتمامها بي لآخر حد»
ورغم الشهرة التي حصدها، فإن تيم يؤكد أن شيئاً لم يتبدل في حياته «ما زلت كما أنا وكما يعرفني الجميع، بعض أصدقائي اعتقد أني سأتغير في علاقتي بهم، لا أعرف لماذا؟ فالإنسان ومهما بلغ من نجاحات لن يتغير، إذا كان معدنه صلباً، ويملك الثبات الداخلي. فحالات الغرور قد تصيب الممثل هذا صحيح، ولكنها لن تحصل إلا في حال رغب فيها».
يشكر تيم والده المخرج محمد عبد العزيز لأنه وضع كل ثقته به، رغم أنه لم يكن راغباً في دخوله هذه التجربة. ويعلق: «استفدت كثيراً من ملاحظاته حتى أني لم ألجأ إلا نادراً لإعادة مشهد ما. لقد أحببت هذه المهنة ولم أجدها صعبة في حال عرفنا كيف نعيش الدور. والمطلوب أن نعطيها الجهد الكبير والبحث الجدّي، كي نحوّل ما كتب على الورق إلى حقيقة».
ويشير صاحب شخصية بارود إلى أنه لم ينتقد نفسه إلا في مشاهد قليلة شعر أنه بالغ في إبراز مشاعره. «كان ذلك في بداية المسلسل، ولكن الناس أثنت عليها وأعجبت بها. وبعدما عشت الدور حقيقة في سيارة (فولسفاكن) قديمة أبيع اليانصيب في الشارع، استمتعت بالدور أكثر فأكثر، وصار جزءاً مني».
تيم عزيز، الذي يمثل نبض الشباب في الدراما اليوم، يقول إن ما ينقصها هو تناول موضوعات تحاكي المراهقين بعمره. «قد نجدها في أفلام أجنبية، ولكنها تغيب تماماً عن أعمالنا الدرامية العربية».