جدل حول شرعية هادي يقسم حزب المؤتمر بين الشمال والجنوب

سلطة الحوثي تجمد أموال الملياردير اليمني حميد الأحمر «داعم ثورة 2011»

الرئيس اليمني عبد ربه منصور هادي أثناء أداء صلاة الجمعة في عدن أمس (رويترز)
الرئيس اليمني عبد ربه منصور هادي أثناء أداء صلاة الجمعة في عدن أمس (رويترز)
TT

جدل حول شرعية هادي يقسم حزب المؤتمر بين الشمال والجنوب

الرئيس اليمني عبد ربه منصور هادي أثناء أداء صلاة الجمعة في عدن أمس (رويترز)
الرئيس اليمني عبد ربه منصور هادي أثناء أداء صلاة الجمعة في عدن أمس (رويترز)

انتقل الجدل حول الشرعية السياسية للرئيس الانتقالي اليمني عبد ربه منصور هادي إلى حزب المؤتمر الشعبي العام، مع تجدد الأزمة الداخلية التي يعيشها بسبب انقسامه بين جناح هادي، والرئيس السابق علي عبد الله صالح، تمثل في تمسك أعضاء الحزب في الجنوب بشرعية هادي في منصبه الحزبي النائب الأول وأمين عام الحزب، الذي كان صالح أقاله منه العام الماضي.
وبرزت قضية الأزمة الداخلية لحزب المؤتمر الذي كان يحكم البلاد منفردا قبل عام 2011، بعد عقد هادي اجتماعا مع ما تسمى «اللجنة التحضيرية للمؤتمر الشعبي العام» في المحافظات الجنوبية، اتهم فيه صالح - ضمنيا - بالالتفاف على أدبيات المؤتمر الشعبي العام، مؤكدا أن النظام الداخلي للمؤتمر واضح وليس بحاجة إلى الالتفاف عليه من البعض أو جماعة تعتقد بأنها تملك القرار في المؤتمر، مطالبا من قيادات وقواعد المؤتمر وضع مصلحة الوطن فوق كل المصالح الحزبية الضيقة والعمل مع كل القوى الوطنية على إخراج البلد من وضعها المأزوم الناجم عن انقلاب الحوثيين على الشرعية الدستورية ومخرجات الحوار الوطني المبنية على المبادرة الخليجية وآليتها التنفيذية كون المؤتمر الشعبي العام شريكا فعالا وأحد الأطراف الموقعة عليها، ورفض مؤتمر الجنوب، القرارات التي اتخذها جناح صالح في صنعاء، وأكدوا تمسكهم بالشرعية الدستورية وبالقيادة السياسية للمؤتمر الشعبي العام المتمثلة في هادي النائب الأول لرئيس المؤتمر للمؤتمر الشعبي العام وكذا الدكتور عبد الكريم الإرياني النائب الثاني لرئيس المؤتمر الشعبي العام، كما رفض فرع حزب المؤتمر في محافظة مأرب قرار إيقاف رئيس الحزب الشيخ القبلي عبد الواحد القبلي الموالي لهادي، محذرا من تفكك الحزب إذا استمر تجاوز النظام الداخلي واللوائح ودون التشاور والرجوع للتكوينات القاعدية والمنظمات الجماهيرية المؤتمرية، واعتبر قيادات وأعضاء الحزب في مأرب إقالة رئيس الفرع السابق بأنه قرار تعسفي.
من جانبه سارع جناح صالح في المؤتمر بوصف لقاءات هادي بعدن، بـ«أولى الخطوات العملية للانفصال وعودة التشطير إلى البلد»، واتهمت وسائل إعلامية مملوكة لصالح، هادي بشق صف الحزب، ونقلت عن مصدر مسؤول في الحزب، أن «الرئيس المستقيل عبدربه منصور هادي، لم يعد له أي صفة تنظيمية، حيث تم انتخاب الدكتور أحمد عبيد بن دغر، نائبا أول لرئيس المؤتمر، وانتخاب عارف عوض الزوكا، أمينًا عامًا للمؤتمر، من قبل اللجنة الدائمة الرئيسية»، موضحا بأن تلك الإجراءات التي اتخذت جاءت وفقا لأحكام النظام الداخلي واللوائح التنظيمية المتفرعة عنه، واصفًا أي تعامل مع الرئيس المستقيل بـ«غير الشرعي»، ويرأس صالح المؤتمر منذ أكثر من 3 عقود ورفض تسليم رئاسة الحزب لهادي بعد الإطاحة به من الحكم إثر حركة الاحتجاجات الشعبية عام 2011.
في سياق آخر أصدرت جماعة الحوثيين التي تسيطر على السلطة في العاصمة صنعاء، أمس أمرا قضائيا بتجميد أموال رجل الأعمال والشيخ القبلي حميد الأحمر والبالغة 39 مليار ريال يمني، بعد بضعة أشهر من استحواذ الحوثيين على ممتلكاته وشركاته، وقد انتقد مصدر مقرب من الأحمر هذه الإجراءات واعتبرها دليلا على استغلال الحوثيين وحلفائهم لأجهزة الدولة للانتقام من خصومهم السياسيين.
وذكرت وكالة الأنباء اليمنية سبأ التي يديرها الحوثيون، أن «نيابة الأموال العامة الابتدائية الثانية المختصة بقضايا مكافحة الفساد أمرت بتجميد وحجز أموال وأرصدة حميد الأحمر، في البنوك اليمنية والمقدرة حتى الآن بمبلغ 39 مليار ريال يمني وإيقاف أي معاملات بيع أو نقل ملكية للشركات والأسهم والحصص الخاصة به»، وبحسب مصدر قضائي فإن قرارات النيابة المؤيدة من شعبة استئناف الأموال العامة بأمانة العاصمة، سارية المفعول حتى استكمال إجراءات التحقيقات في وقائع فساد واكتساب أموال غير مشروعة متهم بها حميد الأحمر وأسرته، مشيرا إلى أن تأييد الشعبة إجراءات النيابة جاء بحكم صدر في جلسة علنية بقاعة الشعبة مطلع فبراير (شباط) الماضي وقضى منطوقه بعدم قبول الطعن بالاستئناف المقدم من حميد الأحمر ضد تلك الأوامر، ونصت أوامر النيابة «بالتحري وجمع المعلومات المالية في وقائع فساد واكتساب أموال غير مشروعة من قبل حميد الأحمر وأسرته وإيقاف تحويل أي مبالغ مالية إلى الخارج إلا بأمر من النيابة وموافاة النيابة بتقرير مفصل عن الأرصدة في البنوك اليمنية، إضافة إلى إيقاف أي معاملات بيع أو نقل ملكية الشركات والأسهم والحصص الخاصة بحميد الأحمر حتى يتم استكمال التحقيقات.
ويعد حميد الأحمر من أهم المعارضين السياسيين الذين دعموا «ثورة الشباب» التي أطاحت بصالح، وهو أيضا العدو اللدود للحوثيين، وقيادي في حزب الإصلاح الإسلامي، وشقيق شيخ قبيلة حاشد المشهورة صادق الأحمر، الذين تعرضت معاقلهم وممتلكاتهم للنهب والسيطرة من الحوثيين.
وقال مصدر مقرب من الشيخ حميد الأحمر في تصريح لـ«الشرق الأوسط» إن هذه الاتهامات هي أكبر دليل على استغلال الحوثيين وحلفائهم للقضاء بهدف الانتقام من خصومهم السياسيين، موضحا بأن هذه قضية قديمة وتعود إلى شهر سبتمبر (أيلول) الماضي وليس لها أي سند قانوني، بعد أن تم الطعن فيه لدى المحكمة، ولم يصدر فيها أي حكم قضائي حتى الآن.. مرجحا بأن تكون هذه الاتهامات صدرت في هذا التوقيت كرد فعل لحكم محكمة الأموال العامة التي حكمت الاثنين الماضي بعدم قانونية التهم الموجهة لشركة «سبأ فون» وبراءتها من كل التهم التي قدمتها النيابة. واستغرب المصدر من لجوء الحوثيين إلى القضاء، في حين أن ميليشياتهم المسلحة سيطرت بقوة السلاح على شركات وممتلكات تابعة للأحمر، وقاموا باقتحامها ونهبها خارج إطار الدستور والقانون وهو ما يثبت تخبطها، وأشار المصدر إلى أن حكم براءة «سبأ فون» شكل صدمة للحوثيين وحلفائهم الذين رفضوه ما دعاهم إلى إثارة القضية إعلاميا لتشويه خصومهم عبر استغلال القضاء، مؤكدا أن الجماعة المسلحة تستخدم ما قامت بنهبه في أنشطتها وفعاليتها، كما هو الحال في مركز أبولو للمعارض الدولية ومطابع الآفاق التي يطبعون فيها شعاراتهم ومنشوراتهم الطائفية.



3.5 مليون يمني من دون مستندات هوية وطنية

المهمشون في اليمن يعيشون على هامش المدن والحياة الاقتصادية والسياسية منذ عقود (إعلام محلي)
المهمشون في اليمن يعيشون على هامش المدن والحياة الاقتصادية والسياسية منذ عقود (إعلام محلي)
TT

3.5 مليون يمني من دون مستندات هوية وطنية

المهمشون في اليمن يعيشون على هامش المدن والحياة الاقتصادية والسياسية منذ عقود (إعلام محلي)
المهمشون في اليمن يعيشون على هامش المدن والحياة الاقتصادية والسياسية منذ عقود (إعلام محلي)

على الرغم من مرور ستة عقود على قيام النظام الجمهوري في اليمن، وإنهاء نظام حكم الإمامة الذي كان يقوم على التمايز الطبقي، فإن نحو 3.5 مليون شخص من المهمشين لا يزالون من دون مستندات هوية وطنية حتى اليوم، وفق ما أفاد به تقرير دولي.

يأتي هذا فيما كشف برنامج الأغذية العالمي أنه طلب أكبر تمويل لعملياته الإنسانية في اليمن خلال العام المقبل من بين 86 دولة تواجه انعدام الأمن الغذائي.

لا يزال اليمن من أسوأ البلاد التي تواجه الأزمات الإنسانية في العالم (إعلام محلي)

وذكر المجلس النرويجي للاجئين في تقرير حديث أن عناصر المجتمع المهمش في اليمن يشكلون 10 في المائة من السكان (نحو 3.5 مليون شخص)، وأنه رغم أن لهم جذوراً تاريخية في البلاد، لكن معظمهم يفتقرون إلى أي شكل من أشكال الهوية القانونية أو إثبات جنسيتهم الوطنية، مع أنهم عاشوا في اليمن لأجيال عدة.

ويؤكد المجلس النرويجي أنه ومن دون الوثائق الأساسية، يُحرم هؤلاء من الوصول إلى الخدمات الأساسية، بما في ذلك الصحة، والتعليم، والمساعدات الحكومية، والمساعدات الإنسانية. ويواجهون تحديات في التحرك بحرية عبر نقاط التفتيش، ولا يمكنهم ممارسة الحقوق المدنية الأخرى، بما في ذلك تسجيل أعمالهم، وشراء وبيع وتأجير الممتلكات، والوصول إلى الأنظمة المالية والحوالات.

ووفق هذه البيانات، فقد أفاد 78 في المائة من المهمشين الذين شملهم استطلاع أجراه المجلس النرويجي للاجئين بأنهم لا يمتلكون بطاقة هوية وطنية، في حين يفتقر 42 في المائة من أطفال المهمشين إلى شهادة ميلاد.

ويصف المجلس الافتقار إلى المعلومات، وتكلفة الوثائق، والتمييز الاجتماعي بأنها العقبات الرئيسة التي تواجه هذه الفئة الاجتماعية، رغم عدم وجود أي قوانين تمييزية ضدهم أو معارضة الحكومة لدمجهم في المجتمع.

وقال إنه يدعم «الحصول على الهوية القانونية والوثائق المدنية بين المهمشين» في اليمن، بما يمكنهم من الحصول على أوراق الهوية، والحد من مخاطر الحماية، والمطالبة بفرص حياة مهمة في البلاد.

أكبر تمويل

طلبت الأمم المتحدة أعلى تمويل لعملياتها الإنسانية للعام المقبل لتغطية الاحتياجات الإنسانية لأكثر من 17 مليون شخص في اليمن يواجهون انعدام الأمن الغذائي الحاد، بمبلغ قدره مليار ونصف المليار دولار.

وأفاد برنامج الأغذية العالمي في أحدث تقرير له بأن التمويل المطلوب لليمن هو الأعلى على الإطلاق من بين 86 بلداً حول العالم، كما يُعادل نحو 31 في المائة من إجمالي المبلغ المطلوب لعمليات برنامج الغذاء العالمي في 15 بلداً ضمن منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا وشرق أوروبا، والبالغ 4.9 مليار دولار، خلال العام المقبل.

الحوثيون تسببوا في نزوح 4.5 مليون يمني (إعلام محلي)

وأكد البرنامج أنه سيخصص هذا التمويل لتقديم المساعدات الإنسانية المنقذة للحياة في اليمن، حيث خلّف الصراع المستمر والأزمات المتعددة والمتداخلة الناشئة عنه، إضافة إلى الصدمات المناخية، 17.1 مليون شخص يعانون من انعدام الأمن الغذائي الحاد.

وأشار البرنامج إلى وجود 343 مليون شخص حول العالم يعانون من انعدام الأمن الغذائي الحاد، بزيادة قدرها 10 في المائة عن العام الماضي، وأقل بقليل من الرقم القياسي الذي سجل أثناء وباء «كورونا»، ومن بين هؤلاء «نحو 1.9 مليون شخص على شفا المجاعة، خصوصاً في غزة والسودان، وبعض الجيوب في جنوب السودان وهايتي ومالي».

أزمة مستمرة

أكدت مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين أن اليمن لا يزال واحداً من أسوأ البلاد التي تواجه الأزمات الإنسانية على مستوى العالم، حيث خلقت عشر سنوات من الصراع تقريباً نقاط ضعف، وزادت من تفاقمها، وتآكلت القدرة على الصمود والتكيف مع ذلك.

وذكرت المفوضية الأممية في تقرير حديث أن اليمن موطن لنحو 4.5 مليون نازح داخلياً، وأكثر من 60 ألف لاجئ وطالب لجوء. وهؤلاء الأفراد والأسر المتضررة من النزوح معرضون للخطر بشكل خاص، مع انخفاض القدرة على الوصول إلى الخدمات الأساسية وسبل العيش، ويواجهون كثيراً من مخاطر الحماية، غالباً يومياً.

التغيرات المناخية في اليمن ضاعفت من أزمة انعدام الأمن الغذائي (إعلام محلي)

ونبّه التقرير الأممي إلى أن كثيرين يلجأون إلى آليات التكيف الضارة للعيش، بما في ذلك تخطي الوجبات، والانقطاع عن الدراسة، وعمل الأطفال، والحصول على القروض، والانتقال إلى مأوى أقل جودة، والزواج المبكر.

وبيّنت المفوضية أن المساعدات النقدية هي من أكثر الطرق سرعة وكفاءة وفاعلية لدعم الأشخاص الضعفاء الذين أجبروا على الفرار من ديارهم وفي ظروف صعبة، لأنها تحترم استقلال الشخص وكرامته من خلال توفير شعور بالطبيعية والملكية، مما يسمح للأفراد والأسر المتضررة بتحديد ما يحتاجون إليه أكثر في ظروفهم.

وذكر التقرير أن أكثر من 90 في المائة من المستفيدين أكدوا أنهم يفضلون الدعم بالكامل أو جزئياً من خلال النقد، لأنه ومن خلال ذلك تستطيع الأسر شراء السلع والخدمات من الشركات المحلية، مما يعزز الاقتصاد المحلي.