شاشة الناقد

إخراج: نيل بلومكامب.
أدوار أولى: مات دامون، جودي فوستر، وليام فيتشنر، إيما ترمبلاي.
النوع: خيال علمي | الولايات المتحدة - 2013 تقييم: (3*)(من خمسة) العنوان مشتق من ميثالوجيا إغريقية تفترض أن هناك، في ركن بعيد عند أطراف الدنيا، يكمن مكان للخالدين حين يسلمون الروح. لكن في الفيلم هو كوكب آخر تم صنعه لينتقل إليه القادرون وحدهم من الناس في أحداث تقع سنة 2154. هناك لا هموم ولا مشاغل ولا ديون متراكمة ولا مرض أو شيخوخة.. ربما هناك ضرائب وإلا فكيف يمكن للكوكب الذي تديره الحكومة الأميركية أن يصرف على نفسه. الحكومة بدورها هناك. الرئيس (يحمل اسما هنديا آسيويا ويقوم به فاران طاهر) يريد لكل هذا العالم المتميز القائم على حق الطبقة الثرية في الحياة المترفة أن يمشي حسب القانون. لكن وزيرة دفاعه (جودي فوستر) لها طريقة مفضّلة في استتباب الأمن يقوم على منع كل واحد يأتي من الأرض راغبا في المعالجة أو في الحياة على الكوكب. تأمر فيتم إطلاق صواريخ على مراكبهم فتنفجر في الفضاء.
كوكب الأرض ما زال في مكانه، لكن إذا ما كانت لوس أنجليس نموذجا لمدنه، فلك أن تتصوّر حياة تترعرع وسط الزبالة والدمار والهواء الملوّث وتضم مئات الملايين الذين هم في المستقبل، كما هم الآن، من العوزة والفقراء. أحد هؤلاء هو ماكس (مات دامون) الذي كان يقوم بعمله في أحد المصانع عندما يتعرض لإصابة قاتلة ستقضي عليه في خمسة أيام. لا يريد أن يموت، بل أن يصعد الكوكب السعيد ليستشفي فيه. تحقيق ذلك، حسب سيناريو كتبه المخرج نيل بلومكامب، صعب وهو يزداد صعوبة لأن سيناريو بلومكامب يختار أن يدلف من زقاق إلى آخر فيه راميا فيه كل ما يخطر له على بال. شخصيات جانبية ومفارقات صغيرة وأحداث كبيرة ومشاغل للعين والذهن تتفتق عن تأثير بصري لكنه باهت دراميا. كل ما من شأنه إظهار الفيلم كما لو أن المخرج لا يثق بمادته فأضاف إليها في الكتابة الثانية والثالثة المزيد من التفاصيل بحيث أصبحت رتلا من الخردة.
إلى ذلك، لديك الضجيج الذي تحاول موسيقى موحية من كتابة الجديد رايان أمون التغلب عليه، لكن حين تأتي مشاهد القتال بين ماكس وأعدائه (أشدّهم بطشا مجرم يلعبه شارلتو كوبلي يعمل لحساب الشريرة فوستر) يتصاعد الضجيج كما تفعل الأفلام الأخرى الأقل شأنا.
نيل بلومكامب هو ذاته الذي حقق فيلم انطلاقته «المقاطعة 9» وفيه حمل على العنصرية والتفرقة ومعاملة الأغراب في حكاية خيال علمية أيضا. هنا يوفر لمادته تربة نقدية أخرى عبارة عن إظهار المستقبل كمدفن للفقراء وخلود للأغنياء وتصوير التباعد وتأثيراته. لكن حال يضغط المخرج على زر الأكشن تتحوّل الأحداث إلى مجرد فعل ورد فعل وتلتهم المشاهد التشويقية كل العناصر الاجتماعية حتى تخبو وتصبح مجرد عناوين فرعية للعمل.
ما زال «فردوس» مثيرا للاهتمام والمتابعة بحد ذاته، لكن المخرج فقد الخط الذي كان يمكن أن يتوقّف عنده وتجاوز خطوطا أساسية لها علاقة بالإيقاع ومنح الفيلم هيكلا صحيحا لما يرغب الإدلاء به.