توافقات ليبية مبدئية في جنيف تسمح بترشح «الوجوه القديمة»

تكتلان سياسيان يطالبان بمعاقبة المُهددين بـ«الانقلاب» على نتائج الانتخابات

جانب من جلسة ملتقى الحوار الليبي في سويسرا أمس (الأمم المتحدة)
جانب من جلسة ملتقى الحوار الليبي في سويسرا أمس (الأمم المتحدة)
TT

توافقات ليبية مبدئية في جنيف تسمح بترشح «الوجوه القديمة»

جانب من جلسة ملتقى الحوار الليبي في سويسرا أمس (الأمم المتحدة)
جانب من جلسة ملتقى الحوار الليبي في سويسرا أمس (الأمم المتحدة)

قبل انتهاء المهلة الأممية المحددة للفرقاء الليبيين بضرورة إقرار «القاعدة الدستورية» للانتخابات العامة قبل مطلع يوليو (تموز) المقبل، توافق غالبية أعضاء «ملتقى الحوار السياسي» المجتمعين في جنيف، لليوم الثاني، على الشروط الواجب توافرها في المترشحين لمنصب الرئيس، وسط اعتراضات نخب سياسية. ودعا تكتلان سياسيان إلى ضرورة اضطلاع مجلس النواب بإصدار هذه القاعدة الدستورية المختلف عليها، و«معاقبة المعرقلين للمسار الديمقراطي».
وجاء توافق غالبية المشاركين في الملتقى الليبي ليُبقي على فرص الشخصيات السياسية والعسكرية التي تسيدت المشهد خلال السنوات الماضية، مما يسمح لها وفقاً للشروط المبدئية الجديدة بالترشح لرئاسة ليبيا، لكنهم اكتفوا بأنه «في حال فوز أي من هؤلاء فعليهم الاستقالة من مناصبهم» الأخرى.
وأوضح عضو ملتقى الحوار عبد الله عثمان في اليوم الأول للمؤتمر، أن اللجنة الاستشارية المنبثقة عن الملتقى توافقت على الشروط الواجب توافرها في المترشح لرئاسة البلاد، ومنها «أن يكون ليبياً، مسلماً، وألا يكون حاملاً لجنسية دولة أخرى ما لم يكن مأذوناً له وفقاً للقوانين، وألا يكون متزوجاً بغير ليبية، وألا يكون قد سبقت إدانته بحكم قضائي بقضايا فساد أو انتهاك لحقوق الإنسان، على أن يستقيل من أي منصب سياسي أو عسكري حال فوزه بالمنصب، ويقدم إقراراً بممتلكاته الثابتة داخل ليبيا وخارجها، هو وأسرته».
ومن بين نقاط التوافق التي أجمعت عليها غالبية المشاركين إجراء الانتخابات على أساس القوائم، على أن يتم انتخاب البرلمان بغرفتيه النواب والشيوخ.
وقبل أن تنتهي أعمال «الملتقى السياسي» في جنيف، لاحت بوادر انقسام بين من يرفض إفساح المجال أمام «الوجوه القديمة» لتتسيد المشهد مرة ثانية، وبين من يرى ضرورة إتاحة الفرصة أمام الليبيين ليمارسوا حقوقهم القانونية والدستورية بالتساوي.
في السياق ذاته، رحب كل من «التكتل المدني الديمقراطي» و«تكتل إحياء ليبيا» بتصريحات المبعوث الأممي لدى ليبيا يان كوبيش، حول أحقية مجلس النواب بإصدار القاعدة الدستورية وقوانين الانتخابات، إلى جانب إعادة مخرجات اجتماعات لجنة الملتقى المكونة من 75 شخصاً إلى مجلس النواب «لتكتسب شرعيتها المبنية على الشرعية الانتخابية للبرلمان».
وأصدر التكتلان بياناً مشتركاً، أمس، ثمنا فيه جهود البعثة لإجراء الانتخابات الرئاسية المباشرة والبرلمانية في موعدها المقرر، وطالبا بتفعيل مخرجات مؤتمري «برلين 1» و«برلين 2» فيما يتعلق بمطالبة مجلس الأمن الدولي والاتحادين الأفريقي والأوروبي وجامعة الدول العربية بتفعيل البنود الخاصة بـ«معاقبة المعرقلين، وبشكل عاجل، لتكون رادعاً لكل من تسوّل له نفسه تخريب الانتخابات الوطنية الليبية، أو الانقلاب على نتائجها».
وعبر التكتلان عن أسفهما لـ«تصريحات خطيرة» صدرت عن شخصيات ليبية عدة، توجب حسب المعايير المنشورة، تطبيق العقوبات الدولية الصارمة عليهم، بسبب «تحريضهم على عرقلة الانتخابات، أو تخريبها، أو الانقلاب العنيف على نتائجها».
وخلص التكتلان إلى مناشدة البعثة الأممية بضرورة تفعيل معاقبة المعرقلين كافة «بشكل عاجل، وبرصد كل ما يستجدّ من تصريحات وأفعال مخربة للانتخابات في قائمة يتم تحديثها بشكل مستمر».
إلى ذلك، ناقش رئيس مجلس النواب عقيلة صالح مع أعضاء لجنة المسار الدستوري في المجلس آخر المستجدات على الساحتين الداخلية والخارجية بشأن القاعدة الدستورية للانتخابات الرئاسية والبرلمانية المزمع إجراؤها في 24 من ديسمبر (كانون الأول) المقبل. وأكد اللقاء على القاعدة الدستورية بشأن انتخاب الرئيس وفقاً لما هو مقرر في الإعلان الدستوري وقرار مجلس النواب رقم 5 لسنة 2014، كما تم الاتفاق على إعداد قانون للانتخابات وتقديمه لمجلس النواب للتصويت عليه وإقراره خلال يوليو المقبل، «إيفاءً بالمهام المنوط بها المجلس والمتمثلة في إصدار التشريعات اللازمة للانتخابات الرئاسية والبرلمانية في موعدها المحدد».



ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
TT

ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)

احتفل سكان دمشق بسقوط نظام بشار الأسد بعد حرب وحشية استمرت 13 عاماً، لكن أصحاب أماكن السهر في المدينة اعتراهم القلق وهم يعيدون فتح أبواب حاناتهم وملاهيهم.

فقد قادت «هيئة تحرير الشام» فصائل المعارضة التي أطاحت بنظام الأسد، وكانت هناك خشية لدى بعض الناس من أن تمنع الهيئة شرب الكحول.

ظلت حانات دمشق ومحلات بيع الخمور فيها مغلقة لأربعة أيام بعد دخول مقاتلي «هيئة تحرير الشام» المدينة، دون فرضهم أي إجراءات صارمة، والآن أعيد فتح هذه الأماكن مؤقتاً.

ما يريده صافي، صاحب «بابا بار» في أزقة المدينة القديمة، من الجميع أن يهدأوا ويستمتعوا بموسم عيد الميلاد الذي يشهد إقبالاً عادة.

مخاوف بسبب وسائل التواصل

وفي حديث مع «وكالة الصحافة الفرنسية» في حانته، اشتكى صافي، الذي لم يذكر اسم عائلته حتى لا يكشف عن انتمائه الطائفي، من حالة الذعر التي أحدثتها وسائل التواصل الاجتماعي.

فبعدما انتشرت شائعات أن المسلحين المسيطرين على الحي يعتزمون شن حملة على الحانات، توجه إلى مركز الشرطة الذي بات في أيدي الفصائل في ساحة باب توما.

وقال صافي بينما كان يقف وخلفه زجاجات الخمور: «أخبرتهم أنني أملك حانة وأود أن أقيم حفلاً أقدم فيه مشروبات كحولية».

وأضاف أنهم أجابوه: «افتحوا المكان، لا مشكلة. لديكم الحق أن تعملوا وتعيشوا حياتكم الطبيعية كما كانت من قبل»، فيما كانت الموسيقى تصدح في المكان.

ولم تصدر الحكومة، التي تقودها «هيئة تحرير الشام» أي بيان رسمي بشأن الكحول، وقد أغلق العديد من الأشخاص حاناتهم ومطاعمهم بعد سقوط العاصمة.

لكن الحكومة الجديدة أكدت أيضاً أنها إدارة مؤقتة وستكون متسامحة مع كل الفئات الاجتماعية والدينية في سوريا.

وقال مصدر في «هيئة تحرير الشام»، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، طلب عدم كشف هويته، إن «الحديث عن منع الكحول غير صحيح». وبعد الإلحاح عليه بالسؤال شعر بالغضب، مشدداً على أن الحكومة لديها «قضايا أكبر للتعامل معها».

وأعيد فتح «بابا بار» وعدد قليل من الحانات القريبة، لكن العمل محدود ويأمل صافي من الحكومة أن تطمئنهم ببيان يكون أكثر وضوحاً وقوة إلى أنهم آمنون.

في ليلة إعادة الافتتاح، أقام حفلة حتى وقت متأخر حضرها نحو 20 شخصاً، ولكن في الليلة الثانية كانت الأمور أكثر هدوءاً.

وقال إن «الأشخاص الذين حضروا كانوا في حالة من الخوف، كانوا يسهرون لكنهم في الوقت نفسه لم يكونوا سعداء».

وأضاف: «ولكن إذا كانت هناك تطمينات (...) ستجد الجميع قد فتحوا ويقيمون حفلات والناس مسرورون، لأننا الآن في شهر عيد الميلاد، شهر الاحتفالات».

وفي سوريا أقلية مسيحية كبيرة تحتفل بعيد الميلاد، مع تعليق الزينات في دمشق.

في مطعم العلية القريب، كان أحد المغنين يقدم عرضاً بينما يستمتع الحاضرون بأطباق من المقبلات والعرق والبيرة.

لم تكن القاعة ممتلئة، لكن الدكتور محسن أحمد، صاحب الشخصية المرحة والأنيقة، كان مصمماً على قضاء وقت ممتع.

وقال لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «كنا نتوقع فوضى عارمة في الموقف»، فيما كانت الأضواء تنعكس على ديكورات المطعم، مضيفاً: «لكننا عدنا سريعاً إلى حياتنا، حياتنا الليلية، وحقوقنا».

حفلة مع مغنٍ

وقال مدير المطعم يزن شلش إن مقاتلي «هيئة تحرير الشام» حضروا في ليلة إعادة الافتتاح ولم يغلقوا المكان.

وأضاف: «بدأنا العمل أمس. كانت الأمور جيدة جداً. كانت هناك حفلة مع مغنٍ. بدأ الناس بالتوافد، وفي وسط الحفلة حضر عناصر من (هيئة تحرير الشام)»، وأشار إلى أنهم «دخلوا بكل أدب واحترام وتركوا أسلحتهم في الخارج».

وبدلاً من مداهمة المكان، كانت عناصر الهيئة حريصين على طمأنة الجميع أن العمل يمكن أن يستمر.

وتابع: «قالوا للناس: لم نأتِ إلى هنا لنخيف أو نرهب أحداً. جئنا إلى هنا للعيش معاً في سوريا بسلام وحرية كنا ننتظرهما منذ فترة طويلة».

وتابع شلش: «عاملونا بشكل حسن البارحة، نحن حالياً مرتاحون مبدئياً لكنني أخشى أن يكون هذا الأمر آنياً ولا يستمر».

ستمارس الحكومة الانتقالية الجديدة في سوريا بقيادة «هيئة تحرير الشام» عملها حتى الأول من مارس (آذار). بعد ذلك، لا يعرف أصحاب الحانات ماذا يتوقعون.