تل أبيب تعترف بـ«أخطاء» وتحاول ترميم العلاقة مع واشنطن

بلينكن يتطلع إلى «شراكة دائمة» وصون هدنة غزة

وزير الخارجية الأميركي يرحب بنظيره الإسرائيلي في اجتماعهما بروما الأحد (أ.ف.ب)
وزير الخارجية الأميركي يرحب بنظيره الإسرائيلي في اجتماعهما بروما الأحد (أ.ف.ب)
TT

تل أبيب تعترف بـ«أخطاء» وتحاول ترميم العلاقة مع واشنطن

وزير الخارجية الأميركي يرحب بنظيره الإسرائيلي في اجتماعهما بروما الأحد (أ.ف.ب)
وزير الخارجية الأميركي يرحب بنظيره الإسرائيلي في اجتماعهما بروما الأحد (أ.ف.ب)

سعى وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن ونظيره الإسرائيلي يائير لبيد، خلال اجتماع هو الأول بينهما منذ تشكيل حكومة نفتالي بنيت، في طي صفحة علاقة اتخذت طابعاً شخصياً وثيقاً بين رئيس الوزراء الإسرائيلي السابق بنيامين نتنياهو والرئيس الأميركي السابق دونالد ترمب؛ مما هدد بجعل العلاقة الوطيدة تاريخياً مع إسرائيل، موضوعاً خلافياً بين الحزبين الديمقراطي والجمهوري في الولايات المتحدة.
وتزامن هذا اللقاء بين كبيري الدبلوماسيين الأميركيين الإسرائيليين في أحد فنادق روما، الأحد، مع استقبال الرئيس جو بايدن في البيت الأبيض، أمس، الرئيس الإسرائيلي المنتهية ولايته رؤوفين ريفلين، فيما بدا أنه جهد منسق و«أولوية» بين البلدين من أجل التركيز على الدبلوماسية البراغماتية، بدلاً من المبادرات الدرامية التي تخاطر بإثارة المعارضة في الداخل، أو صرف الانتباه عن الأولويات الأخرى. وسعى الدبلوماسيون الأميركيون والإسرائيليون، إلى حل خلافاتهم بعيداً عن أنظار الرأي العام، على غرار الدبلوماسية «الهادئة» التي اعتمدها بايدن، عندما حض نتنياهو بشكل خاص، على إنهاء الحرب بين إسرائيل و«حماس» قبل الهدنة التي دخلت حيز التنفيذ في 21 مايو (أيار) الماضي.
وفي الجانب المعلن، أشار بلينكن إلى أنه على رغم أن هناك حكومتين جديدتين بين البلدين، فإن «الأساس الذي نعمل عليه هو شراكة دائمة وعلاقة وصداقة بين الولايات المتحدة وإسرائيل».
ودفع خلال محادثاته نحو تحقيق إنجازات أصغر، مثل دعم وقف النار غير الرسمي، الذي أنهى حرب الشهر الماضي مع «حماس» وغيرها من الفصائل الفلسطينية في غزة وتجديد نظام القبة الحديدية الدفاعي الإسرائيلي، بالإضافة إلى محاولة إعطاء دفعة كبيرة لإحياء عملية السلام المترنحة منذ فترة طويلة بين إسرائيل والفلسطينيين.
وتحدث بلينكن أيضاً عن الحاجة إلى حل النزاع الإسرائيلي - الفلسطيني، بيد أنه لم يقدم أي جدول زمني أو أي استراتيجية «لتقديم مستقبل أكثر تفاؤلاً للجميع: الفلسطينيون والإسرائيليون على حد سواء مع تدابير متساوية للفرص والكرامة».
وبينما عبر عن دعم إدارة بايدن لتوسيع نطاق اتفاقات أبراهام التي بدأت في عهد ترمب وأدت إلى تطبيع العلاقات بين إسرائيل والعديد من الدول العربية، رأى بلينكن أنها «ليست بديلاً عن الانخراط في القضايا بين الإسرائيليين والفلسطينيين التي تحتاج إلى حل».
وأقرّ لبيد لبلينكن بوضوح، بأنه «في السنوات القليلة الماضية، ارتكبت أخطاء»، وبأن التوافق بين الحزبين الأميركيين على وضع إسرائيل «تعرض لتضرر. سنصلح هذه الأخطاء سوياً».
وأشار إلى أنه تحادث مع الديمقراطيين والجمهوريين منذ توليه المنصب و«ذكّرهم جميعاً بأننا نتقاسم القيم الأساسية والأساسية لأميركا - الحرية والديمقراطية والأسواق الحرة والبحث المستمر عن السلام». وأشار إلى أن حكومته تختلف مع الإدارة الأميركية حيال المحادثات غير المباشرة في فيينا في شأن العودة إلى الاتفاق النووي مع إيران، لكنه تعهد العمل مع واشنطن. وقال «نعتقد أن طريقة مناقشة تلك الخلافات هي من خلال المحادثات المباشرة والمهنية، وليس في المؤتمرات الصحافية».
وأفاد الناطق باسم وزارة الخارجية الأميركية، نيد برايس، بأن بلينكن ولبيد ناقشا «دعم الاستقرار في المنطقة والبناء على جهود التطبيع الإقليمي وضرورة تحسين العلاقات الإسرائيلية الفلسطينية». وشددا على «الشراكة القوية بين الولايات المتحدة وإسرائيل ودعم أميركا الثابت لأمن إسرائيل».
واكتسب هذا اللقاء أهمية متزايدة بسبب المقاربتين المختلفتين لدى كل من إدارة بايدن وحكومة بنيت، عن الطريقة التي اعتمدها كل من ترمب ونتنياهو.
وتحاول حكومتا البلدين الحفاظ على الائتلاف الحاكم الهش لإسرائيل، جزئياً، من خلال الحد من الاستفزازات التي لعبت دوراً في إشعال الحرب الأخيرة التي أدت إلى مقتل 254 فلسطينياً على الأقل و13 من الإسرائيليين.
ونقلت وكالة «أسوشييتد برس» عن خبير في أمن الشرق الأوسط لدى «مركز الأمن الأميركي الجديد»، إيلان غولدنبرغ، أن «لا أحد يعتقد أنها فكرة جيدة أن تبدأ في تنفيذ مبادرة سلام جديدة كبرى»، مضيفاً أن «هناك أموراً يمكن القيام بها بهدوء بعيداً عن الأنظار، على الأرض، لتحسين الوضع». وبالإضافة إلى لقاء بلينكن لبيد في روما وزيارة ريفلين لبايدن في واشنطن، تخطط مجموعة من النواب الديمقراطيين لرحلة رسمية إلى إسرائيل خلال عطلة الكونغرس بعد العيد الوطني الأميركي في 4 يوليو (تموز) المقبل. وتجرى مشاورات لتنظيم رحلة لبنيت ولبيد إلى واشنطن في وقت لاحق من هذا الصيف.



كندا «لن تتراجع أبداً» في مواجهة تهديدات ترمب

TT

كندا «لن تتراجع أبداً» في مواجهة تهديدات ترمب

جزء من مباني البرلمان الكندي في أوتاوا (رويترز)
جزء من مباني البرلمان الكندي في أوتاوا (رويترز)

أكد رئيس الوزراء الكندي المستقيل، جاستن ترودو، ووزيرة خارجيته ميلاني جولي، الثلاثاء، أن أوتاوا «لن تنحني» أمام تهديدات الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب الذي دعا إلى ضم بلادهما إلى الولايات المتحدة.

وقال ترودو في منشور على منصة «إكس»، إنه «لا يوجد أي احتمال على الإطلاق في أن تصبح كندا جزءاً من الولايات المتحدة». وأضاف: «يستفيد العمال والمجتمعات في بلدينا من كونهما شريكين تجاريين وأمنيين كبيرين».

واحتجت وزيرة الخارجية الكندية جولي على تعليقات ترمب حول إمكانية استخدام القوة الاقتصادية ضد البلاد.

وقالت في منشور على شبكة التواصل الاجتماعي «إكس»: «إن تعليقات الرئيس المنتخب ترمب تظهر افتقاراً تاماً إلى فهم ما يجعل كندا دولة قوية... لن نتراجع أبداً في مواجهة التهديدات».

وتعهد ترمب أمس باستخدام «القوة الاقتصادية» ضد كندا، الحليفة المجاورة التي دعا لضمها إلى أراضي الولايات المتحدة.

وعندما سُئل عما إذا كان سيستخدم القوة العسكرية، أجاب ترمب: «لا، القوة الاقتصادية».

وأضاف أن اندماج «كندا والولايات المتحدة سيكون خطوة إيجابية. تخيلوا ما سيبدو عليه الوضع عند التخلص من هذا الخط المرسوم بشكل مصطنع. وسيكون ذلك أيضاً أفضل كثيراً على صعيد الأمن القومي».

يأتي ذلك غداة تجديد الرئيس المنتخب دعوته لضم كندا، وذلك عقب إعلان رئيس الوزراء الكندي جاستن ترودو استقالته.

وقال ترمب في منشور على وسائل التواصل الاجتماعي، الاثنين: «إذا اندمجت كندا مع الولايات المتحدة، فلن تكون هناك تعريفات جمركية، وستنخفض الضرائب بشكل كبير، وستكون كندا آمنة تماماً من تهديد السفن الروسية والصينية التي تحيط بها باستمرار».

تحدي الحزب الليبرالي الكندي

ويجد حزب الليبراليين الكندي بزعامة رئيس الوزراء المستقيل جاستن ترودو نفسه في بحث عن زعيم جديد، بينما يتعامل مع تهديدات الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب بفرض رسوم جمركية باهظة على السلع الكندية، ومع اقتراب موعد الانتخابات الكندية بعد أشهر قليلة.

وأعلن ترودو استقالته بعد مواجهة خسارة متزايدة للدعم داخل حزبه وفي البلاد. وأصبح سليل بيير ترودو البالغ من العمر 53 عاماً، أحد أشهر رؤساء الوزراء في كندا، غير محبوب بشدة لدى الناخبين، جراء مجموعة من القضايا، بما في ذلك ارتفاع تكلفة الغذاء والإسكان، بالإضافة إلى ارتفاع كبير في عدد المهاجرين إلى كندا.

وقال ترودو إنه يخطط للبقاء رئيساً للوزراء حتى يتم اختيار زعيم جديد للحزب، ولكن من غير المرجح تسمية زعيم كندي جديد قبل تنصيب ترمب في 20 يناير (كانون الثاني)، حسب وكالة «أسوشييتد برس».

تأتي هذه الاضطرابات السياسية في لحظة صعبة بالنسبة لكندا؛ حيث يواصل الرئيس الأميركي المنتخب ترمب تسمية كندا بالولاية رقم 51، وهدد بفرض رسوم جمركية بنسبة 25 في المائة على جميع السلع الكندية، كما أن ترمب منشغل بالعجز التجاري الأميركي مع كندا.

وفي حين قال ترمب إن الولايات المتحدة لا تحتاج إلى أي شيء من كندا. فإن نحو 60 في المائة من واردات النفط الخام الأميركية تأتي من كندا التي هي أيضاً وجهة التصدير الأولى لـ36 ولاية أميركية.

يحتاج الليبراليون في كندا إلى انتخاب زعيم جديد قبل استئناف عمل البرلمان في 24 مارس (آذار)؛ لأن أحزاب المعارضة الثلاثة تقول إنها ستسقط الحكومة الليبرالية في تصويت بحجب الثقة في أول فرصة، ما قد يؤدي إلى انتخابات. وقد لا يظل الزعيم الجديد للحزب الليبرالي رئيساً للوزراء لفترة طويلة: فمن المرجح جداً أن تصب انتخابات الربيع في صالح حزب المحافظين المعارض.

الرئيس الأميركي دونالد ترمب ورئيس الوزراء الكندي جاستن ترودو يلتقطان صورة عند وصول ترودو إلى البيت الأبيض في واشنطن يوم 11 أكتوبر 2017 (أ.ب)

ومن المحتمل أن يتولى زعامة الليبراليين مارك كارني، الرئيس السابق لبنك كندا الذي تم تعيينه بوصفه أول أجنبي يشغل منصب محافظ بنك إنجلترا منذ تأسيسه في عام 1694، حسب وكالة «أسوشييتد برس». وقد نال تعيين كندي إشادة من الحزبين في بريطانيا بعد أن تعافت كندا بشكل أسرع من كثير من البلدان الأخرى من الأزمة المالية لعام 2008، واكتسب سمعة طيبة على طول الطريق بوصفه منظماً صارماً.

وكارني خبير اقتصادي يتمتع بخبرة في «وول ستريت» ويُنسب إليه الفضل على نطاق واسع في مساعدة كندا على تفادي أسوأ أزمة عام 2008، ومساعدة المملكة المتحدة في إدارة خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي. ولطالما كان كارني مهتماً بدخول السياسة وتولي منصب رئيس الوزراء، ولكنه يفتقر إلى الخبرة السياسية.

وزيرة المالية السابقة كريستيا فريلاند هي أيضاً من المرشحين الأوفر حظاً. وأخبر ترودو فريلاند الشهر الماضي أنه لم يعد يريدها في هذا المنصب، ولكن يمكن أن تظل نائبة لرئيس الوزراء، والشخصية المحورية للعلاقات بين الولايات المتحدة وكندا.

وقال مسؤول مقرب من فريلاند إنها لا تستطيع الاستمرار في العمل وزيرة؛ لأنها تعلم أنها لم تعد تتمتع بثقة ترودو. وتحدث المسؤول بشرط عدم الكشف عن هويته؛ لأنه غير مخوَّل له التحدث علناً بشأن هذه المسألة. وأضاف أنه من السابق لأوانه الإدلاء بتصريحات؛ لكنه قال إن فريلاند ستتحدث إلى زملائها هذا الأسبوع، وتناقش الخطوات التالية. وبعد استقالتها، وصف ترمب فريلاند بأنها «سامة تماماً»، و«غير مناسبة على الإطلاق لإبرام الصفقات».

ولدى فريلاند صفات كثيرة قد تبدو مزعجة لترمب: صحافية كندية سابقة ليبرالية، وهي عالمية تجلس في مجلس إدارة المنتدى الاقتصادي العالمي.

وفريلاند التي تنحدر من أصول أوكرانية، كانت أيضاً مؤيدة قوية لأوكرانيا في حربها ضد روسيا.

مرشح محتمل آخر لتولي زعامة الليبراليين ورئاسة وزراء كندا، هو وزير المالية الجديد، دومينيك لوبلان. وقد انضم لوبلان (وزير الأمن العام السابق وصديق مقرب لترودو) مؤخراً إلى رئيس الوزراء، في عشاء مع ترمب في مارالاغو.

وتشير استطلاعات الرأي الأخيرة إلى أن فرص الليبراليين في الفوز بالانتخابات المقبلة في كندا تبدو ضئيلة. ففي أحدث استطلاع، يتخلف الليبراليون عن المحافظين المعارضين بنسبة 45 في المائة إلى 23 في المائة.