حكومة بنيت ـ لبيد تتفق مع المستوطنين على إخلاء بؤرة «أفيتار»

إرجاء البت في أوامر تجميد لم الشمل للعائلات الفلسطينية

مركز مستوطنة «أفيتار» التي أقيمت مؤخراً على أراضي بلدة بيتا قرب نابلس (أ.ب)
مركز مستوطنة «أفيتار» التي أقيمت مؤخراً على أراضي بلدة بيتا قرب نابلس (أ.ب)
TT

حكومة بنيت ـ لبيد تتفق مع المستوطنين على إخلاء بؤرة «أفيتار»

مركز مستوطنة «أفيتار» التي أقيمت مؤخراً على أراضي بلدة بيتا قرب نابلس (أ.ب)
مركز مستوطنة «أفيتار» التي أقيمت مؤخراً على أراضي بلدة بيتا قرب نابلس (أ.ب)

بعد أسبوعين من بداية عملها، دخلت الحكومة الإسرائيلية الجديدة برئاسة نفتالي بنيت ويائير لبيد، أول امتحاناتها السياسية والحزبية، إذ خسرت معركة في الكنيست (البرلمان) أمام المعارضة، وجعلت أحد قادة الليكود المعارض يبدأ في رثائها والتنبؤ بفشلها وسقوطها القريب، ولكنها ربحت معركة أخرى ميدانية على الأرض.
وتوصلت الحكومة إلى اتفاق مع المستوطنين الذين احتلوا أرضاً فلسطينية قرب نابلس وبنوا 50 بيتاً عليها، منذ شهر ونيف، ينص على إخلاء المستوطنين، البيوت، بإرادتهم، على أن تبحث إمكانية بناء مدرسة دينية في المكان. واعتبرت هذا الربح «بداية عهد»، إذ إن موافقة المستوطنين على الإخلاء، جاءت بما يتعارض مع رغبة المعارضة السياسية لحزبي الليكود والصهيونية الدينية. فهما شركاء للمستوطنين ويحرصان على إبقاء عدد من نوابهما، في المستوطنة، وكانا يأملان في أن يصطدم المستوطنون مع الجيش ووزارة الأمن والحكومة وتنتشر الفوضى، ويسهم ذلك في سقوط الحكومة، ذات التركيبة الهشة. وكان الائتلاف الحكومي، قد فشل، أمس (الاثنين)، في تمرير قرار بلجنة النظام البرلمانية بخصوص تعديل قانون المواصلات. وانفجرت الجلسة إثر الصراخ وتبادل الشتائم بين ممثلي الحكومة والمعارضة. ورأت المعارضة أن نجاحها في إسقاط القانون هو مقدمة لسقوط الحكومة. لكن الائتلاف استدرك الفشل وعاد ليجند نائبين إضافيين، وضمن لاقتراحه أكثرية ضئيلة. وتم تمرير القانون.
وكشفت الحكومة، أمس، أنها توصلت إلى اتفاق مع قادة مجلس المستوطنات في الضفة الغربية المحتلة، يقضي بأن يخلي المستوطنون بأنفسهم البؤرة الاستيطانية «أفيتار»، المقامة على جبل صبيح قرب نابلس، على أن تبقى قوة عسكرية من جيش الاحتلال بشكل دائم في الموقع الذي ستقام عليه بعد 6 أسابيع مدرسة دينية عسكرية، بعد فحص الوضعية القانونية للأراضي المقامة عليها البؤرة الاستيطانية.
وأعلن المستوطنون في «أفيتار» قبولهم «التسوية»، بحيث يغادرون المكان خلال الأسبوع، دون أن تهدم الأبنية الاستيطانية التي أقاموها في المكان. وراح المستوطنون يمتدحون الحكومة على مبادرتها للحوار معهم وتقديم اقتراحات ترضيهم. وقالت دانئيلا فايس، التي تعد من غلاة المتطرفين في المستوطنات: «علي أن أعترف باستقامة هذه الحكومة التي كرهناها ورفضناها، هي التي بادرت للتفاهم معنا. على عكس حكومات بنيامين نتنياهو التي تعد يمينية، لكنها لم تأخذنا في حساباتها».
والمعروف أن هذه المستوطنة أقيمت رداً على مقتل مستوطن بأيدي فلسطيني. ومنذ دخول المستوطنين للمكان، نشبت صدامات دامية بينهم وبين الفلسطينيين، تدخل فيها الجيش لحماية المستوطنين وقتل خلالها أربعة فلسطينيين من بلدة بيتا المجاورة وأصيب العشرات بجروح.
من جهة ثانية، قررت الحكومة تأجيل البت في أوامر تجميد لم الشمل للعائلات الفلسطينية، إلى الأسبوع المقبل، على أمل أن تأتي بتسوية ترضي نواب الحركة الإسلامية الأربعة واثنين من قادة حزب ميرتس اليساري، بينهم الوزير العربي عيساوي فريج، المعارضين للقانون.
ويجري الحديث عن قانون يمنع منح الهوية الإسرائيلية لفلسطينيين (أو أردنيين او مصريين أو مغربيين)، ممن تزوجوا من أحد أبناء أو بنات فلسطينيي 48. ويؤدي هذا الأمر إلى المساس بالحق الأولي لهؤلاء المواطنين في اختيار شريك الحياة، ويتسبب في معاناة 17 ألف عائلة فلسطينية. وتحاول الحكومة إيجاد تسوية تخفف معارضة الفلسطينيين. وقد أثار موقفها، المعارضة، وعقد نتنياهو، أمس، مؤتمراً صحافياً خاصاً ليهاجمها، وقال إنها بهذه التعديلات تمس بالطابع اليهودي لإسرائيل، وتثبت أنها حكومة يسارية محكومة بسيطرة العرب على قراراتها القومية. وردت اييلت شكيد، وزيرة الداخلية، بالقول إن نتنياهو يستغل ذاكرة الناس القصيرة. فمنذ 17 سنة وهو يؤيد القانون ويصوت على تمديده، ويقول إن دافعه لذلك هو المسألة الأمنية. لكنه اليوم ينوي التصويت ضده ويفتش عن حجج يتذرع بها للتغطية على موقفه المعيب.
من جهة أخرى، أعلن رئيس كتلة الحركة الإسلامية، نائب الوزير في مكتب رئيس الحكومة، منصور عباس، أن القانون سيمر مع تعديلات مهمة تخفف معاناة الفلسطينيين.



«الوفد» المصري يدخل أزمة جديدة بعد فصل أحد قادته

رئيس «الوفد» الحالي عبد السند يمامة وإلى جواره رئيسه الأسبق السيد البدوي خلال أحد أنشطة الحزب (حزب الوفد)
رئيس «الوفد» الحالي عبد السند يمامة وإلى جواره رئيسه الأسبق السيد البدوي خلال أحد أنشطة الحزب (حزب الوفد)
TT

«الوفد» المصري يدخل أزمة جديدة بعد فصل أحد قادته

رئيس «الوفد» الحالي عبد السند يمامة وإلى جواره رئيسه الأسبق السيد البدوي خلال أحد أنشطة الحزب (حزب الوفد)
رئيس «الوفد» الحالي عبد السند يمامة وإلى جواره رئيسه الأسبق السيد البدوي خلال أحد أنشطة الحزب (حزب الوفد)

دخل حزب «الوفد» المصري العريق في أزمة جديدة، على خلفية قرار رئيسه عبد السند يمامة، فصل أحد قادة الحزب ورئيسه الأسبق الدكتور السيد البدوي، على خلفية انتقادات وجَّهها الأخير إلى الإدارة الحالية، وسط مطالبات باجتماع عاجل للهيئة العليا لاحتواء الأزمة، فيما حذَّر خبراء من «موجة انشقاقات» تضرب الحزب.

وانتقد البدوي في حديث تلفزيوني، دور حزب الوفد الراهن، في سياق حديثه عمّا عدَّه «ضعفاً للحياة الحزبية» في مصر. وأعرب البدوي عن استيائه من «تراجع أداء الحزب»، الذي وصفه بأنه «لا يمثل أغلبية ولا معارضة» ويعد «بلا شكل».

وذكر البدوي، أن «انعدام وجوده (الوفد) أفقد المعارضة قيمتها، حيث كان له دور بارز في المعارضة».

و«الوفد» من الأحزاب السياسية العريقة في مصر، وهو الثالث من حيث عدد المقاعد داخل البرلمان، بواقع 39 نائباً. في حين خاض رئيسه عبد السند يمامة، انتخابات الرئاسة الأخيرة، أمام الرئيس عبد الفتاح السيسي، وحصل على المركز الرابع والأخير.

المقر الرئيسي لحزب «الوفد» في القاهرة (حزب الوفد)

وأثارت تصريحات البدوي استياء يمامة، الذي أصدر مساء الأحد، قراراً بفصل البدوي من الحزب وجميع تشكيلاته.

القرار ووجه بانتقادات واسعة داخل الحزب الليبرالي، الذي يعود تأسيسه إلى عام 1919 على يد الزعيم التاريخي سعد زغلول، حيث اتهم عدد من قادة الحزب يمامة بمخالفة لائحة الحزب، داعين إلى اجتماع طارئ للهيئة العليا.

ووصف عضو الهيئة العليا للحزب فؤاد بدراوي قرار فصل البدوي بـ«الباطل»، موضحاً لـ«الشرق الأوسط» أن «لائحة الحزب تنظم قرارات فصل أي قيادي بالحزب أو عضو بالهيئة العليا، حيث يتم تشكيل لجنة تضم 5 من قيادات الحزب للتحقيق معه، ثم تُرفع نتيجة التحقيق إلى (الهيئة العليا) لتتخذ قرارها».

وأكد بدراوي أن عدداً من قيادات الحزب «دعوا إلى اجتماع طارئ للهيئة العليا قد يُعقد خلال الساعات القادمة لبحث الأزمة واتخاذ قرار»، معتبراً أن «البدوي لم يخطئ، فقد أبدى رأياً سياسياً، وهو أمر جيد للحزب والحياة الحزبية».

ويتخوف مراقبون من أن تتسبب الأزمة في تعميق الخلافات الداخلية بالحزب، مما يؤدي إلى «موجة انشقاقات»، وقال أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة الدكتور طارق فهمي لـ«الشرق الأوسط» إن «مشكلة فصل البدوي قد تؤدي إلى موجة انشقاقات داخل الحزب، وهي ظاهرة مرشحة للتفاقم في الحياة السياسية المصرية خلال الفترة القادمة، فمشكلة (الوفد) مثل باقي الأحزاب... لا توجد قناعة بتعدد الآراء والاستماع لجميع وجهات النظر».

وأكد فهمي أن «اجتماع الهيئة العليا لحزب (الوفد) لن يحل الأزمة، والحل السياسي هو التوصل إلى تفاهم، للحيلولة دون حدوث انشقاقات، فمشكلة (الوفد) أنه يضم تيارات وقيادات كبيرة تحمل رؤى مختلفة دون وجود مبدأ استيعاب الآراء كافة، وهو ما يؤدي إلى تكرار أزمات الحزب».

وواجه الحزب أزمات داخلية متكررة خلال السنوات الأخيرة، كان أبرزها إعلان عدد من قياداته في مايو (أيار) 2015 إطلاق حملة توقيعات لسحب الثقة من رئيسه حينها السيد البدوي، على خلفية انقسامات تفاقمت بين قياداته، مما أدى إلى تدخل الرئيس عبد الفتاح السيسي في الأزمة، حيث اجتمع مع قادة «الوفد» داعياً جميع الأطراف إلى «إعلاء المصلحة الوطنية، ونبذ الخلافات والانقسامات، وتوحيد الصف، وتكاتف الجهود في مواجهة مختلف التحديات»، وفق بيان للرئاسة المصرية حينها.

وأبدى فهمي تخوفه من أن «عدم التوصل إلى توافق سياسي في الأزمة الحالية قد يؤدي إلى مواجهة سياسية بين قيادات (الوفد)، ومزيد من قرارات الفصل، وهو ما سيؤثر سلباً على مكانة الحزب».

في حين رأى نائب مدير «مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» في مصر الدكتور عمرو هاشم ربيع، أن «(الوفد) سيتجاوز هذه الأزمة كما تجاوز مثلها»، وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «الأزمة ستمر مثل كثير من الأزمات، لكنها لن تمر بسهولة، وستحدث عاصفة داخل الحزب».

واستنكر ربيع فصل أحد قيادات حزب ليبرالي بسبب رأيه، قائلاً: «من الغريب أن يقوم رئيس حزب ليبرالي ينادي بحرية التعبير بفصل أحد قياداته بسبب رأيه».

كان البدوي قد أعرب عن «صدمته» من قرار فصله، وقال في مداخلة تلفزيونية، مساء الأحد، إن القرار «غير قانوني وغير متوافق مع لائحة الحزب»، مؤكداً أنه «لا يحق لرئيس الحزب اتخاذ قرار الفصل بمفرده».

وأثار القرار ما وصفها مراقبون بـ«عاصفة حزبية»، وأبدى عدد كبير من أعضاء الهيئة العليا رفضهم القرار، وقال القيادي البارز بحزب «الوفد» منير فخري عبد النور، في مداخلة تلفزيونية، إن «القرار يأتي ضمن سلسلة قرارات مخالفة للائحة الحزب، ولا بد أن تجتمع الهيئة العليا لمناقشة القرار».

ورأى عضو الهيئة العليا لحزب «الوفد» عضو مجلس النواب محمد عبد العليم داوود، أن قرار فصل البدوي «خطير»، وقال في مداخلة تلفزيونية إن «القرار لا سند له ولا مرجعية».

وفي يوليو (تموز) الماضي، شهد الحزب أزمة كبرى أيضاً بسبب مقطع فيديو جرى تداوله على نطاق واسع، على منصات التواصل الاجتماعي، يتعلق بحديث لعدد من الأشخاص، قيل إنهم قيادات بحزب «الوفد»، عن بيع قطع أثرية؛ مما أثار اتهامات لهم بـ«الاتجار غير المشروع في الآثار».