9 ساعات من المعارك... وغارات تحصد عشرات الانقلابيين غرب مأرب

جنديان في صفوف الجيش اليمني خلال عمليات دفاعية ضد الحوثيين في مأرب (أ.ب)
جنديان في صفوف الجيش اليمني خلال عمليات دفاعية ضد الحوثيين في مأرب (أ.ب)
TT

9 ساعات من المعارك... وغارات تحصد عشرات الانقلابيين غرب مأرب

جنديان في صفوف الجيش اليمني خلال عمليات دفاعية ضد الحوثيين في مأرب (أ.ب)
جنديان في صفوف الجيش اليمني خلال عمليات دفاعية ضد الحوثيين في مأرب (أ.ب)

أفادت مصادر عسكرية يمنية رسمية بأن الميليشيات الحوثية شنت واحدة من أعنف الهجمات المتزامنة يوم الأحد على مواقع الجيش الوطني غرب مأرب قبل أن تنكسر هذه الهجمات بإسناد من طيران تحالف دعم الشرعية مخلفة عشرات القتلى والجرحى من عناصر الجماعة المدعومة من إيران.
جاء ذلك في وقت تواصل فيه الميليشيات المدعومة من إيران هجماتها في الضالع وتعز بالتزامن مع خروقها المستمرة للهدنة الأممية في محافظة الحديدة حيث الساحل الغربي لليمن.
ومنذ نحو 10 أيام استأنفت الجماعة الانقلابية هجماتها المكثفة غرب مأرب وشمالها الغربي وجنوبها بعد أن استقدمت مئات من عناصرها للمشاركة في هذه الهجمات التي تأمل من خلالها السيطرة على المحافظة النفطية حيث أهم معقل للشرعية اليمنية في شمال البلاد.
وذكر المركز الإعلامي للقوات المسلحة اليمنية، أن العشرات من الحوثيين سقطوا قتلى وجرحى أمس (الأحد) بنيران الجيش والمقاومة الشعبية وبغارات لطيران تحالف دعم الشرعية في جبهات القتال غرب محافظة مأرب. ونقل المركز عن مصدر عسكري قوله: «إن معارك عنيفة شهدتها جبهات الكسارة والمشجح وصرواح استمرت نحو 9 ساعات وانتهت بسقوط عشرات من عناصر ميليشيا الحوثي بين قتيل وجريح وأسير».
وبحسب تأكيدات المصدر، فإن كثيراً من جثث عناصر الميليشيا ما تزال متناثرة على امتداد مسرح العمليات القتالية بعد أن تركها قادة الجماعة ولاذوا بالفرار، في حين استعاد الجيش كميات من الأسلحة المتوسطة والخفيفة والذخائر المتنوعة كانت بحوزة الميليشيا.
وتزامنت المعارك - بحسب المصدر - «مع قصف شنته مدفعية الجيش ومقاتلات التحالف استهدف تجمعات وتحركات الميليشيات على امتداد الجبهات، ما ألحق بها خسائر بشرية ومادية كبيرة، من ضمنها تدمير 7 آليات مدرعة وعربات ومصرع من كانوا على متنها».
إلى ذلك، أفاد الموقع الرسمي للجيش (سبتمبر نت) بأن القوات نفذت هجوماً خاطفاً على مواقع ميليشيا الحوثي الانقلابية، في جبهة الخنجر بمديرية «خب الشعف» شمال محافظة الجوف؛ حيث ألحقت بعناصر الميليشيات خسائر بشرية ومادية.
وبحسب الموقع، «يأتي الهجوم عقب محاولة الميليشيا شن هجمات، على مواقع للجيش، في محاولة منها لاستعادتها، بعد أن خسرتها في معارك سابقة، إلا أنها باءت بالفشل، وعادت تجر أذيال الهزيمة».
وتزامن الهجوم مع ضربات لمدفعية الجيش استهدفت تحصينات الميليشيا، فيما نفذ طيران التحالف سلسلة غارات على تجمعات الميليشيا في مواقع متفرقة من جبهة «الخنجر» أسفرت عن سقوط قتلى وجرحى وتدمير آليات عسكرية، وفق ما أوردته المصادر العسكرية الرسمية.
وتقول مصادر مطلعة في صنعاء إن زعيم الميليشيات عبد الملك الحوثي شدد على قادته للدفع بمزيد من المقاتلين إلى جبهات مأرب، وسط إحجام منهم عن الذهاب إلى هذه الجبهات، نظراً للخسائر التي تكبدوها خلال الأشهر الماضية.
وخلال أسبوع فقط، قدرت مصادر عسكرية تحدثت لـ«الشرق الأوسط» أن نحو 150 عنصراً على الأقل من مجندي الجماعة الانقلابية قضوا في جبهات الكسارة ومشجح وعند أطراف جبل البلق وفي مديرية رغوان المتصلة بمحافظة الجوف.
وفي حين لا تعترف الجماعة صراحة بعدد قتلاها في هذه الجبهات، فإن وسائل إعلامها تنقل بشكل يومي مواكب لتشييع العشرات من القتلى، بعضهم ينتحلون رتباً عسكرية رفيعة؛ حيث تستثمر الجماعة مقتلهم لاستقطاب أقاربهم للذهاب نحو المصير نفسه. وتسعى الميليشيات، ومن خلفها إيران - وفق ما يقوله مراقبون عسكريون، «إلى السيطرة على المحافظة الهامة لتحقيق تقدم استراتيجي، ولما تمثله من أهمية، إذ إن مأرب هي رأس الحربة في مواجهة الميليشيا الحوثية، وهي نواة المقاومة ضد المشروع الحوثي الإيراني في اليمن».
وبحسب تقديرات عسكرية، فإن الميليشيات خسرت أكثر من 7 آلاف عنصر على الأقل منذ كثّفت الهجمات على مأرب، ابتداء من فبراير (شباط) الماضي، غير أن ذلك لم يحل بينها وبين تكرار الهجمات واستقدام مزيد من المقاتلين، إذ تراهن على مواصلة القتل للسيطرة على موارد المحافظة النفطية.
ورفضت الميليشيات المدعومة من إيران أخيراً خطة أممية مدعومة أميركياً ودولياً لوقف القتال مقابل تدابير إنسانية واقتصادية تتعلق بإعادة تشغيل الرحلات التجارية من مطار صنعاء، وتخفيف قيود الرقابة المفروضة على الواردات إلى ميناء الحديدة، مقابل تحويل عائدات الجمارك لصرف لرواتب الموظفين.
ولا تزال الإدارة الأميركية تراهن على الضغوط التي تبذلها لإرغام الجماعة الانقلابية على وقف الحرب بموجب الخطة الأممية، لكن مراقبين يمنيين يرون أن الجماعة لن تستجيب لهذه الضغوط إلا بمقدار ما يمكن أن تحققه من مكاسب سياسية واقتصادية تكفل لها الاستمرار في مساعيها لتوطيد أركان الانقلاب والهيمنة على البلاد.


مقالات ذات صلة

سفيرة بريطانيا في صنعاء لـ«الشرق الأوسط»: مؤتمر دولي مرتقب بنيويورك لدعم اليمن

خاص الرئيس اليمني رشاد العليمي خلال استقبال سابق للسفيرة عبدة شريف (سبأ)

سفيرة بريطانيا في صنعاء لـ«الشرق الأوسط»: مؤتمر دولي مرتقب بنيويورك لدعم اليمن

تكشف السفيرة البريطانية لدى اليمن، عبدة شريف، عن تحضيرات لعقد «مؤتمر دولي في نيويورك مطلع العام الحالي لحشد الدعم سياسياً واقتصادياً للحكومة اليمنية ومؤسساتها».

عبد الهادي حبتور (الرياض)
العالم العربي فتاة في مخيم مؤقت للنازحين اليمنيين جنوب الحُديدة في 4 يناير الحالي (أ.ف.ب)

انخفاض شديد في مستويات دخل الأسر بمناطق الحوثيين

أظهرت بيانات حديثة، وزَّعتها الأمم المتحدة، تراجعَ مستوى دخل الأسر في اليمن خلال الشهر الأخير مقارنة بسابقه، لكنه كان أكثر شدة في مناطق سيطرة الحوثيين.

محمد ناصر (تعز)
العالم العربي أكاديميون في جامعة صنعاء يشاركون في تدريبات عسكرية أخضعهم لها الحوثيون (إعلام حوثي)

الحوثيون يكثفون انتهاكاتهم بحق الأكاديميين في الجامعات

ضاعفت الجماعة الحوثية من استهدافها الأكاديميين اليمنيين، وإخضاعهم لأنشطتها التعبوية، في حين تكشف تقارير عن انتهاكات خطيرة طالتهم وأجبرتهم على طلب الهجرة.

وضاح الجليل (عدن)
المشرق العربي رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني ومحافظ مأرب ورئيس هيئة الأركان خلال زيارة سابقة للجبهات في مأرب (سبأ)

القوات المسلحة اليمنية: قادرون على تأمين الممرات المائية الاستراتيجية وعلى رأسها باب المندب

أكدت القوات المسلحة اليمنية قدرة هذه القوات على مواجهة جماعة الحوثي وتأمين البحر الأحمر والممرات المائية الحيوية وفي مقدمتها مضيق باب المندب الاستراتيجي.

عبد الهادي حبتور (الرياض)
العالم العربي العام الماضي كان قاسياً على اليمنيين وتضاعفت معاناتهم خلاله (أ.ف.ب)

اليمنيون يودّعون عاماً حافلاً بالانتهاكات والمعاناة الإنسانية

شهد اليمن خلال العام الماضي انتهاكات واسعة لحقوق الإنسان، وتسببت مواجهات البحر الأحمر والممارسات الحوثية في المزيد من المعاناة للسكان والإضرار بمعيشتهم وأمنهم.

وضاح الجليل (عدن)

انخفاض شديد في مستويات دخل الأسر بمناطق الحوثيين

فتاة في مخيم مؤقت للنازحين اليمنيين جنوب الحُديدة في 4 يناير الحالي (أ.ف.ب)
فتاة في مخيم مؤقت للنازحين اليمنيين جنوب الحُديدة في 4 يناير الحالي (أ.ف.ب)
TT

انخفاض شديد في مستويات دخل الأسر بمناطق الحوثيين

فتاة في مخيم مؤقت للنازحين اليمنيين جنوب الحُديدة في 4 يناير الحالي (أ.ف.ب)
فتاة في مخيم مؤقت للنازحين اليمنيين جنوب الحُديدة في 4 يناير الحالي (أ.ف.ب)

بموازاة استمرار الجماعة الحوثية في تصعيد هجماتها على إسرائيل، واستهداف الملاحة في البحر الأحمر، وتراجع قدرات المواني؛ نتيجة الردِّ على تلك الهجمات، أظهرت بيانات حديثة وزَّعتها الأمم المتحدة تراجعَ مستوى الدخل الرئيسي لثُلثَي اليمنيين خلال الشهر الأخير من عام 2024 مقارنة بالشهر الذي سبقه، لكن هذا الانخفاض كان شديداً في مناطق سيطرة الجماعة المدعومة من إيران.

ووفق مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية، فقد واجهت العمالة المؤقتة خارج المزارع تحديات؛ بسبب طقس الشتاء البارد، ونتيجة لذلك، أفاد 65 في المائة من الأسر التي شملها الاستطلاع بانخفاض في دخلها الرئيسي مقارنة بشهر نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي والفترة نفسها من العام الماضي، وأكد أن هذا الانخفاض كان شديداً بشكل غير متناسب في مناطق الحوثيين.

وطبقاً لهذه البيانات، فإن انعدام الأمن الغذائي لم يتغيَّر في المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة اليمنية، بينما انخفض بشكل طفيف في المناطق الخاضعة لسيطرة الحوثيين؛ نتيجة استئناف توزيع المساعدات الغذائية هناك.

الوضع الإنساني في مناطق الحوثيين لا يزال مزرياً (الأمم المتحدة)

وأظهرت مؤشرات نتائج انعدام الأمن الغذائي هناك انخفاضاً طفيفاً في صنعاء مقارنة بالشهر السابق، وعلى وجه التحديد، انخفض الاستهلاك غير الكافي للغذاء من 46.9 في المائة في نوفمبر إلى 43 في المائة في ديسمبر (كانون الأول) الماضي.

وضع متدهور

على النقيض من ذلك، ظلَّ انعدام الأمن الغذائي في المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة اليمنية دون تغيير إلى حد كبير، حيث ظلَّ الاستهلاك غير الكافي للغذاء عند مستوى مرتفع بلغ 52 في المائة، مما يشير إلى أن نحو أسرة واحدة من كل أسرتين في تلك المناطق تعاني من انعدام الأمن الغذائي.

ونبّه المكتب الأممي إلى أنه وعلى الرغم من التحسُّن الطفيف في المناطق الخاضعة لسيطرة الحوثيين، فإن الوضع لا يزال مزرياً، على غرار المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة، حيث يعاني نحو نصف الأسر من انعدام الأمن الغذائي (20 في المائية من السكان) مع حرمان شديد من الغذاء، كما يتضح من درجة استهلاك الغذاء.

نصف الأسر اليمنية يعاني من انعدام الأمن الغذائي في مختلف المحافظات (إعلام محلي)

وبحسب هذه البيانات، لم يتمكَّن دخل الأسر من مواكبة ارتفاع تكاليف سلال الغذاء الدنيا، مما أدى إلى تآكل القدرة الشرائية، حيث أفاد نحو ربع الأسر التي شملها الاستطلاع في مناطق الحكومة بارتفاع أسعار المواد الغذائية كصدمة كبرى، مما يؤكد ارتفاع أسعار المواد الغذائية الاسمية بشكل مستمر في هذه المناطق.

وذكر المكتب الأممي أنه وبعد ذروة الدخول الزراعية خلال موسم الحصاد في أكتوبر (تشرين الأول) ونوفمبر، الماضيين، شهد شهر ديسمبر أنشطةً زراعيةً محدودةً، مما قلل من فرص العمل في المزارع.

ولا يتوقع المكتب المسؤول عن تنسيق العمليات الإنسانية في اليمن حدوث تحسُّن كبير في ملف انعدام الأمن الغذائي خلال الشهرين المقبلين، بل رجّح أن يزداد الوضع سوءاً مع التقدم في الموسم.

وقال إن هذا التوقع يستمر ما لم يتم توسيع نطاق المساعدات الإنسانية المستهدفة في المناطق الأكثر عرضة لانعدام الأمن الغذائي الشديد.

تحديات هائلة

بدوره، أكد المكتب الإنمائي للأمم المتحدة أن اليمن استمرَّ في مواجهة تحديات إنسانية هائلة خلال عام 2024؛ نتيجة للصراع المسلح والكوارث الطبيعية الناجمة عن تغير المناخ.

وذكر أن التقديرات تشير إلى نزوح 531 ألف شخص منذ بداية عام 2024، منهم 93 في المائة (492877 فرداً) نزحوا بسبب الأزمات المرتبطة بالمناخ، بينما نزح 7 في المائة (38129 فرداً) بسبب الصراع المسلح.

نحو مليون يمني تضرروا جراء الفيضانات منتصف العام الماضي (الأمم المتحدة)

ولعبت آلية الاستجابة السريعة متعددة القطاعات التابعة للأمم المتحدة، بقيادة صندوق الأمم المتحدة للسكان، وبالشراكة مع برنامج الأغذية العالمي و«اليونيسيف» وشركاء إنسانيين آخرين، دوراً محورياً في معالجة الاحتياجات الإنسانية العاجلة الناتجة عن هذه الأزمات، وتوفير المساعدة الفورية المنقذة للحياة للأشخاص المتضررين.

وطوال عام 2024، وصلت آلية الاستجابة السريعة إلى 463204 أفراد، يمثلون 87 في المائة من المسجلين للحصول على المساعدة في 21 محافظة يمنية، بمَن في ذلك الفئات الأكثر ضعفاً، الذين كان 22 في المائة منهم من الأسر التي تعولها نساء، و21 في المائة من كبار السن، و10 في المائة من ذوي الإعاقة.

وبالإضافة إلى ذلك، تقول البيانات الأممية إن آلية الاستجابة السريعة في اليمن تسهم في تعزيز التنسيق وكفاءة تقديم المساعدات من خلال المشاركة النشطة للبيانات التي تم جمعها من خلال عملية الآلية وتقييم الاحتياجات.