دهم مجالس العزاء... سلوك حوثي لإذلال السكان

منظر عام لوسط مدينة صنعاء (رويترز)
منظر عام لوسط مدينة صنعاء (رويترز)
TT

دهم مجالس العزاء... سلوك حوثي لإذلال السكان

منظر عام لوسط مدينة صنعاء (رويترز)
منظر عام لوسط مدينة صنعاء (رويترز)

لم تكتف الميليشيات الحوثية باستهداف الفنانين وملاك قاعات الأعراس منعا للموسيقى والأغاني وغيرها من المناسبات الاجتماعية التي يقيمها المواطنون في محافظة ريف صنعاء، لكنها وسعت أخيرا من حجم تلك الاستهدافات التي وصفت بـ«الإرهابية» لتشمل هذه المرة مجالس العزاء في ذات المحافظة الواقعة تحت سيطرة الجماعة.
في هذا السياق، كشفت مصادر محلية بريف صنعاء عن شن مسلحين حوثيين قبل أيام حملة مداهمة استهدفت مجلس عزاء ومنازل عدة بقرية تتبع المحافظة وباشروا باعتقال عدد من المواطنين بتهمة إقامة العزاء في مقتل أحد الجنود في إحدى الجبهات المقاومة للميليشيات بين الجوف ومأرب.
وأفادت المصادر لـ«الشرق الأوسط»، بأن مسلحي الجماعة دهموا فور اقتحامهم قرية ذرحان بمديرية همدان بريف صنعاء برفقة دوريات ومدرعات عسكرية مجلس عزاء ومنازل عدة بذات القرية، مؤكدة أن الحملة أسفر عنها اختطاف 10 شبان من المجلس أثناء تأديتهم واجب العزاء لأسرة القتيل المنتمي لقوات الجيش الوطني التابع للشرعية اليمنية.
وبحسب ما أفاد به سكان بالمنطقة، فقد بررت الميليشيات تلك الجريمة بأن العزاء خاص بجندي في الجيش الوطني المناوئ لها.
وتحدث البعض منهم لـ«الشرق الأوسط»، عن توجيه الجماعة للشبان المختطفين اتهامات عدة منها ترويجهم المسبق لعزاء أسرة الجندي على منصات التواصل وتحريضهم للأهالي على القتال ضدها.
وفي حين أكد المواطنون أن إقدام الميليشيات على اقتحام منطقتهم يأتي ضمن حملة الترهيب الحوثية الممنهجة، اعتبر مراقبون محليون أن ذلك يعزز حقيقة أن الحوثية لا تملك حاضنة تتقبل فكرها ومشاريعها الإيرانية بعموم المناطق التي تحكم قبضتها عليها منذ انقلابها.
ويرى المراقبون أن ذلك يندرج في إطار مواصلة الجماعة لجرائم الترويع والإرهاب بحق الأهالي بمدن ومناطق سيطرتها بغية التنكيل بهم وإفساد جميع مناسباتهم الاجتماعية.
وعلى مدى السنوات القليلة الماضية شهدت قاعات عزاء بمناطق عدة تحت سيطرة الجماعة عشرات المداهمات والاقتحامات الحوثية أسفرت عن اختطاف مئات المواطنين وإيداعهم السجون.
وفي مطلع ديسمبر (كانون الأول) من العام الماضي، اقتحم مسلحون حوثيون مجلس عزاء في مديرية «ميفعة عنس» جنوب ذمار، واعتقلوا العشرات من الموجودين في العزاء ونقلوهم إلى جهة مجهولة.
وقالت مصادر محلية في ذمار حينها بأن مسلحي الجماعة على متن دوريتين بقيادة القيادي في الميليشيات المدعو أبو طالب مطهر المعين كمشرف أمني هناك، اقتحموا مجلس عزاء أقيم في قرية «الحجناء» لأسرة الجندي القتيل معين محمد قديد، واعتقلوا 15 من المعزين بينهم مالك المنزل الذي أقيم فيه العزاء.
وأرجعت المصادر سبب المداهمة تلك بأن العزاء أقيم لأحد جنود الجيش الوطني من أبناء القرية بعد مقتله في المواجهات مع الانقلابيين في مأرب.
وفي منتصف نوفمبر (تشرين الثاني) من العام قبل الماضي، تسببت الجماعة بحدوث حالة من الذعر والهلع لدى الأطفال والنساء لحظة مداهمة مسلحيها في حملة عسكرية وصفت بـ«الضخمة» قرية ذي صبل بمديرية المنار بمحافظة ذمار ومهاجمتهم لصالة عزاء أقامها أهالي جندي قتل بصفوف الجيش الوطني خلال المعارك ضد الميليشيات.
تقارير محلية في ذمار تحدثت حينها أن مسلحي الجماعة باشروا فور المداهمة بفض مجلس العزاء بالقوة واعتقلوا اثنين من أقارب القتيل، إلى جانب نعتهم للحاضرين بألفاظ نابية ومهينة، مع تهديدهم بالاعتقال والسجن حال عودتهم لزيارة ذوي الجندي القتيل.
وتواصلا لجرائم الانقلابيين بهذا السياق نفسه، فضت الجماعة منتصف العام الماضي مجلس عزاء أقامه مواطنون حينها في مديرية الظهار غربي محافظة إب (170 كلم جنوب صنعاء) وذلك بعد نحو ساعة من إقامته لأحد القتلى من أبناء المنطقة ينتمي للجيش الوطني.
وقال بعض الشهود إن الميليشيات باشرت فور اقتحامها المنطقة ومجلس العزاء بالاعتداء على الحاضرين وتمزيق صور القتيل في القاعة واعتقال العشرات من المعزين وأهالي الجندي واقتيادهم إلى السجون.


مقالات ذات صلة

نزيف بشري للجماعة الحوثية رغم توقف المعارك

العالم العربي جانب من سور أكبر المستشفيات في العاصمة صنعاء وقد حولته الجماعة الحوثية معرضاً لصور قتلاها (الشرق الأوسط)

نزيف بشري للجماعة الحوثية رغم توقف المعارك

تتزايد أعداد القتلى من قيادات الجماعة الحوثية الذين يجري تشييعهم دون الإشارة إلى أماكن سقوطهم، بالتوازي مع مقتل مشرفين حوثيين على أيدي السكان.

وضاح الجليل (عدن)
أوروبا مدنيون يرتدون زياً عسكرياً يشاركون في تدريب عسكري من قبل جنود أوكرانيين في كييف (أ.ف.ب)

تقرير: بمساعدة الحوثيين... روسيا تجند يمنيين للقتال في أوكرانيا

أفاد تقرير صحافي أن روسيا تقوم بتجنيد رجال من اليمن لإرسالهم إلى الجبهة في أوكرانيا بمساعدة من الحوثيين في اليمن.

«الشرق الأوسط» (لندن )
العالم العربي مالكو الكسارات في مناطق سيطرة الجماعة الحوثية يشتكون من الابتزاز والإتاوات (فيسبوك)

حملة ابتزاز حوثية تستهدف كسارات وناقلات الحجارة

فرضت الجماعة الحوثية إتاوات جديدة على الكسارات وناقلات حصى الخرسانة المسلحة، وأقدمت على ابتزاز ملاكها، واتخاذ إجراءات تعسفية؛ ما تَسَبَّب بالإضرار بقطاع البناء.

«الشرق الأوسط» (صنعاء)
تحليل إخباري الجماعة الحوثية استقبلت انتخاب ترمب بوعيد باستمرار الهجمات في البحر الأحمر وضد إسرائيل (غيتي)

تحليل إخباري ماذا ينتظر اليمن في عهد ترمب؟

ينتظر اليمنيون حدوث تغييرات في السياسات الأميركية تجاه بلادهم في ولاية الرئيس المنتخب دونالد ترمب.

وضاح الجليل (عدن)
العالم العربي رئيس الحكومة اليمنية أحمد عوض بن مبارك (سبأ)

وعود يمنية بإطلاق عملية شاملة لإعادة بناء المؤسسات الحكومية

وعد رئيس الحكومة اليمنية، أحمد عوض بن مبارك، بإطلاق عملية شاملة لإعادة بناء المؤسسات، ضمن خمسة محاور رئيسة، وفي مقدمها إصلاح نظام التقاعد.

«الشرق الأوسط» (عدن)

3.5 مليون يمني من دون مستندات هوية وطنية

المهمشون في اليمن يعيشون على هامش المدن والحياة الاقتصادية والسياسية منذ عقود (إعلام محلي)
المهمشون في اليمن يعيشون على هامش المدن والحياة الاقتصادية والسياسية منذ عقود (إعلام محلي)
TT

3.5 مليون يمني من دون مستندات هوية وطنية

المهمشون في اليمن يعيشون على هامش المدن والحياة الاقتصادية والسياسية منذ عقود (إعلام محلي)
المهمشون في اليمن يعيشون على هامش المدن والحياة الاقتصادية والسياسية منذ عقود (إعلام محلي)

على الرغم من مرور ستة عقود على قيام النظام الجمهوري في اليمن، وإنهاء نظام حكم الإمامة الذي كان يقوم على التمايز الطبقي، فإن نحو 3.5 مليون شخص من المهمشين لا يزالون من دون مستندات هوية وطنية حتى اليوم، وفق ما أفاد به تقرير دولي.

يأتي هذا فيما كشف برنامج الأغذية العالمي أنه طلب أكبر تمويل لعملياته الإنسانية في اليمن خلال العام المقبل من بين 86 دولة تواجه انعدام الأمن الغذائي.

لا يزال اليمن من أسوأ البلاد التي تواجه الأزمات الإنسانية في العالم (إعلام محلي)

وذكر المجلس النرويجي للاجئين في تقرير حديث أن عناصر المجتمع المهمش في اليمن يشكلون 10 في المائة من السكان (نحو 3.5 مليون شخص)، وأنه رغم أن لهم جذوراً تاريخية في البلاد، لكن معظمهم يفتقرون إلى أي شكل من أشكال الهوية القانونية أو إثبات جنسيتهم الوطنية، مع أنهم عاشوا في اليمن لأجيال عدة.

ويؤكد المجلس النرويجي أنه ومن دون الوثائق الأساسية، يُحرم هؤلاء من الوصول إلى الخدمات الأساسية، بما في ذلك الصحة، والتعليم، والمساعدات الحكومية، والمساعدات الإنسانية. ويواجهون تحديات في التحرك بحرية عبر نقاط التفتيش، ولا يمكنهم ممارسة الحقوق المدنية الأخرى، بما في ذلك تسجيل أعمالهم، وشراء وبيع وتأجير الممتلكات، والوصول إلى الأنظمة المالية والحوالات.

ووفق هذه البيانات، فقد أفاد 78 في المائة من المهمشين الذين شملهم استطلاع أجراه المجلس النرويجي للاجئين بأنهم لا يمتلكون بطاقة هوية وطنية، في حين يفتقر 42 في المائة من أطفال المهمشين إلى شهادة ميلاد.

ويصف المجلس الافتقار إلى المعلومات، وتكلفة الوثائق، والتمييز الاجتماعي بأنها العقبات الرئيسة التي تواجه هذه الفئة الاجتماعية، رغم عدم وجود أي قوانين تمييزية ضدهم أو معارضة الحكومة لدمجهم في المجتمع.

وقال إنه يدعم «الحصول على الهوية القانونية والوثائق المدنية بين المهمشين» في اليمن، بما يمكنهم من الحصول على أوراق الهوية، والحد من مخاطر الحماية، والمطالبة بفرص حياة مهمة في البلاد.

أكبر تمويل

طلبت الأمم المتحدة أعلى تمويل لعملياتها الإنسانية للعام المقبل لتغطية الاحتياجات الإنسانية لأكثر من 17 مليون شخص في اليمن يواجهون انعدام الأمن الغذائي الحاد، بمبلغ قدره مليار ونصف المليار دولار.

وأفاد برنامج الأغذية العالمي في أحدث تقرير له بأن التمويل المطلوب لليمن هو الأعلى على الإطلاق من بين 86 بلداً حول العالم، كما يُعادل نحو 31 في المائة من إجمالي المبلغ المطلوب لعمليات برنامج الغذاء العالمي في 15 بلداً ضمن منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا وشرق أوروبا، والبالغ 4.9 مليار دولار، خلال العام المقبل.

الحوثيون تسببوا في نزوح 4.5 مليون يمني (إعلام محلي)

وأكد البرنامج أنه سيخصص هذا التمويل لتقديم المساعدات الإنسانية المنقذة للحياة في اليمن، حيث خلّف الصراع المستمر والأزمات المتعددة والمتداخلة الناشئة عنه، إضافة إلى الصدمات المناخية، 17.1 مليون شخص يعانون من انعدام الأمن الغذائي الحاد.

وأشار البرنامج إلى وجود 343 مليون شخص حول العالم يعانون من انعدام الأمن الغذائي الحاد، بزيادة قدرها 10 في المائة عن العام الماضي، وأقل بقليل من الرقم القياسي الذي سجل أثناء وباء «كورونا»، ومن بين هؤلاء «نحو 1.9 مليون شخص على شفا المجاعة، خصوصاً في غزة والسودان، وبعض الجيوب في جنوب السودان وهايتي ومالي».

أزمة مستمرة

أكدت مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين أن اليمن لا يزال واحداً من أسوأ البلاد التي تواجه الأزمات الإنسانية على مستوى العالم، حيث خلقت عشر سنوات من الصراع تقريباً نقاط ضعف، وزادت من تفاقمها، وتآكلت القدرة على الصمود والتكيف مع ذلك.

وذكرت المفوضية الأممية في تقرير حديث أن اليمن موطن لنحو 4.5 مليون نازح داخلياً، وأكثر من 60 ألف لاجئ وطالب لجوء. وهؤلاء الأفراد والأسر المتضررة من النزوح معرضون للخطر بشكل خاص، مع انخفاض القدرة على الوصول إلى الخدمات الأساسية وسبل العيش، ويواجهون كثيراً من مخاطر الحماية، غالباً يومياً.

التغيرات المناخية في اليمن ضاعفت من أزمة انعدام الأمن الغذائي (إعلام محلي)

ونبّه التقرير الأممي إلى أن كثيرين يلجأون إلى آليات التكيف الضارة للعيش، بما في ذلك تخطي الوجبات، والانقطاع عن الدراسة، وعمل الأطفال، والحصول على القروض، والانتقال إلى مأوى أقل جودة، والزواج المبكر.

وبيّنت المفوضية أن المساعدات النقدية هي من أكثر الطرق سرعة وكفاءة وفاعلية لدعم الأشخاص الضعفاء الذين أجبروا على الفرار من ديارهم وفي ظروف صعبة، لأنها تحترم استقلال الشخص وكرامته من خلال توفير شعور بالطبيعية والملكية، مما يسمح للأفراد والأسر المتضررة بتحديد ما يحتاجون إليه أكثر في ظروفهم.

وذكر التقرير أن أكثر من 90 في المائة من المستفيدين أكدوا أنهم يفضلون الدعم بالكامل أو جزئياً من خلال النقد، لأنه ومن خلال ذلك تستطيع الأسر شراء السلع والخدمات من الشركات المحلية، مما يعزز الاقتصاد المحلي.