السودان: الإعدام لمدان بقتل متظاهر

حملة اعتقالات واسعة لمنسوبي نظام البشير

البشير خلال جلسة محاكمة العام الماضي (رويترز)
البشير خلال جلسة محاكمة العام الماضي (رويترز)
TT

السودان: الإعدام لمدان بقتل متظاهر

البشير خلال جلسة محاكمة العام الماضي (رويترز)
البشير خلال جلسة محاكمة العام الماضي (رويترز)

أصدرت محكمة سودانية، أمس، حكماً بالإعدام شنقاً على فرد من جهاز الأمن السوداني (المنحل) لقتله عمداً بالرصاص أحد المتظاهرين في احتجاجات ديسمبر (كانون الأول) 2018. فيما تشن الأجهزة الأمنية حملة اعتقالات واسعة لمنسوبي النظام المعزول.
وأدانت المحكمة، برئاسة القاضي الصادق أبكر، المتهم أشرف الطيب عبد المطلب، الملقب «أبجيقة»، بالقتل العمد والجرائم ضد الإنسانية بقتل المتظاهر حسن محمد عمر بطلق ناري في العنق.
إلى ذلك، ألقت أجهزة الأمن السودانية أمس القبض على ضابط برتبة رفيعة في جهاز أمن النظام المعزول، وعدد من القيادات الوسيطة لحزب «المؤتمر الوطني» المنحل، بينهم مشتبه به في محاولة اغتيال رئيس الوزراء، عبد الله حمدوك، العام الماضي.
وكانت السلطات حصلت على معلومات من الهواتف التي ضبطت مع قادة النظام المعزول بسجن كوبر، وكانوا يستخدمونها لتحريك أتباعهم. وقالت لجنة تفكيك النظام المعزول إنها ألقت القبض على اللواء أمن محمد حامد تبيدي الذي كان مديراً للإعلام بجهاز الأمن المنحل حتى سقوط نظام الرئيس المعزول عمر البشير في أبريل (نيسان) 2019. وله سجل حافل بمضايقة الصحافيين، إبان تلك الفترة التي شهدت انتهاكات واسعة للحريات الصحافية وحقوق الإنسان.
وذكرت اللجنة أن سبب القبض على المذكور «نشاطه في تنظيم حراك لعناصر الحزب المحلول والحركة الإسلامية، واستغلال دعوات قوى الثورة السلمية للاحتفال بذكرى 30 يونيو (حزيران) الحالي، للإطاحة بالحكومة الانتقالية».
وقالت مصادر لــ«الشرق الأوسط» إن «المعلومات التي حصلت عليها الأجهزة الأمنية أفادت أن خلايا النظام المعزول ترتب لمخطط كبير لجرّ المظاهرات السلمية نحو العنف والتخريب بتنسيق عالٍ بين القيادات والكوادر الفاعلة، والكوادر السرية في التنظيم».
وأضافت أن «عناصر الحزب المنحل تم القبض عليها عبر نيابة لجنة التفكيك والأجهزة الأمنية بعد حصولها على بيانات ومعلومات مؤكدة عن تحركات مكثفة وأنشطة واستعدادات كبيرة للخروج والاندساس وسط المتظاهرين السلميين في 30 يونيو».
وكانت لجنة التفكيك ضبطت هواتف محمولة مع البشير و7 من رموز نظامه في سجن كوبر المركزي بالخرطوم بحري، تستخدم في إجراء اتصالات مع كوادرهم السرية بالداخل، وقيادات بارزة استطاعت الهرب من البلاد بعد سقوط حكم البشير.
ورصدت السلطات اجتماعات لعناصر النظام المعزول في الخرطوم وعدد من الولايات، تخطط لتنظيم أعمال معادية في 30 يونيو، «تساعدها مراكز بالخارج تعمل على صناعة وبث الشائعات لإحداث حالة من الفوضى الأمنية في البلاد». وأكدت المصادر أن «حملة الاعتقالات مستمرة لتوقيف كل المجموعات التي يجري رصدها ومتابعة نشاطها وتحركاتها من قبل الأجهزة الأمنية».



نزيف بشري للجماعة الحوثية رغم توقف المعارك

مقبرة أنشأتها الجماعة الحوثية لقتلاها في صنعاء (أ.ف.ب)
مقبرة أنشأتها الجماعة الحوثية لقتلاها في صنعاء (أ.ف.ب)
TT

نزيف بشري للجماعة الحوثية رغم توقف المعارك

مقبرة أنشأتها الجماعة الحوثية لقتلاها في صنعاء (أ.ف.ب)
مقبرة أنشأتها الجماعة الحوثية لقتلاها في صنعاء (أ.ف.ب)

شيّعت الجماعة الحوثية خلال الأسبوع الماضي أكثر من 15 قتيلاً من قيادييها العسكريين والأمنيين من دون إعلان ملابسات سقوطهم. ورغم توقف المعارك العسكرية مع القوات الحكومية اليمنية في مختلف الجبهات؛ فإن النزيف البشري المستمر لقياداتها وعناصرها يثير التساؤلات عن أسبابه، بالتزامن مع مقتل العديد من القادة في خلافات شخصية واعتداءات على السكان.

ولقي قيادي بارز في صفوف الجماعة مصرعه، الأحد، في محافظة الجوف شمال شرقي العاصمة صنعاء في كمين نصبه مسلحون محليون انتقاماً لمقتل أحد أقاربهم، وذلك بعد أيام من مقتل قيادي آخر في صنعاء الخاضعة لسيطرة الجماعة، في خلاف قضائي.

وذكرت مصادر قبلية في محافظة الجوف أن القيادي الحوثي البارز المُكنى أبو كمال الجبلي لقي مصرعه على يد أحد المسلحين القبليين، ثأراً لمقتل أحد أقاربه الذي قُتل في عملية مداهمة على أحد أحياء قبيلة آل نوف، التي ينتمي إليها المسلح، نفذها القيادي الحوثي منذ أشهر، بغرض إجبار الأهالي على دفع إتاوات.

من فعالية تشييع أحد قتلى الجماعة الحوثية في محافظة حجة دون الإعلان عن سبب مقتله (إعلام حوثي)

ويتهم سكان الجوف القيادي القتيل بممارسات خطيرة نتج عنها مقتل عدد من أهالي المحافظة والمسافرين وسائقي الشاحنات في طرقاتها الصحراوية واختطاف وتعذيب العديد منهم، حيث يتهمونه بأنه كان «يقود مسلحين تابعين للجماعة لمزاولة أعمال فرض الجبايات على المركبات المقبلة من المحافظات التي تسيطر عليها الحكومة، وتضمنت ممارساته الاختطاف والتعذيب والابتزاز وطلب الفدية من أقارب المختطفين أو جهات أعمالهم».

وتقول المصادر إن الجبلي كان يعدّ مطلوباً من القوات الحكومية اليمنية نتيجة ممارساته، في حين كانت عدة قبائل تتوعد بالانتقام منه لما تسبب فيه من تضييق عليها.

وشهدت محافظة الجوف مطلع هذا الشهر اغتيال قيادي في الجماعة، يُكنى أبو علي، مع أحد مرافقيه، في سوق شعبي بعد هجوم مسلحين قبليين عليه، انتقاماً لأحد أقاربهم الذي قُتِل قبل ذلك في حادثة يُتهم أبو علي بالوقوف خلفها.

في الآونة الأخيرة تتجنب الجماعة الحوثية نشر صور فعاليات تشييع قتلاها في العاصمة صنعاء (إعلام حوثي)

وتلفت مصادر محلية في المحافظة إلى أن المسلحين الذين اغتالوا أبو علي يوالون الجماعة الحوثية التي لم تتخذ إجراءات بحقهم، مرجحة أن تكون عملية الاغتيال جزءاً من أعمال تصفية الحسابات داخلياً.

قتل داخل السجن

وفي العاصمة صنعاء التي تسيطر عليها الجماعة الحوثية منذ أكثر من 10 سنوات، كشفت مصادر محلية مطلعة عن مقتل القيادي الحوثي البارز عبد الله الحسني، داخل أحد السجون التابعة للجماعة على يد أحد السكان المسلحين الذي اقتحم السجن الذي يديره الحسني بعد خلاف معه.

وتشير المصادر إلى أن الحسني استغل نفوذه للإفراج عن سجين كان محتجزاً على ذمة خلاف ينظره قضاة حوثيون، مع المتهم بقتل الحسني بعد مشادة بينهما إثر الإفراج عن السجين.

وكان الحسني يشغل منصب مساعد قائد ما يسمى بـ«الأمن المركزي» التابع للجماعة الحوثية التي ألقت القبض على قاتله، ويرجح أن تجري معاقبته قريباً.

وأعلنت الجماعة، السبت الماضي، تشييع سبعة من قياداتها دفعة واحدة، إلى جانب ثمانية آخرين جرى تشييعهم في أيام متفرقة خلال أسبوع، وقالت إنهم جميعاً قتلوا خلال اشتباكات مسلحة مع القوات الحكومية، دون الإشارة إلى أماكن مقتلهم، وتجنبت نشر صور لفعاليات التشييع الجماعية.

جانب من سور أكبر المستشفيات في العاصمة صنعاء وقد حولته الجماعة الحوثية معرضاً لصور قتلاها (الشرق الأوسط)

ويزيد عدد القادة الذين أعلنت الجماعة الحوثية عن تشييعهم خلال الشهر الجاري عن 25 قيادياً، في الوقت الذي تشهد مختلف جبهات المواجهة بينها وبين القوات الحكومية هدوءاً مستمراً منذ أكثر من عامين ونصف.

ورعت الأمم المتحدة هدنة بين الطرفين في أبريل (نيسان) من العام قبل الماضي، ورغم أنها انتهت بعد ستة أشهر بسبب رفض الجماعة الحوثية تمديدها؛ فإن الهدوء استمر في مختلف مناطق التماس طوال الأشهر الماضية، سوى بعض الاشتباكات المحدودة على فترات متقطعة دون حدوث أي تقدم لطرف على حساب الآخر.

قتلى بلا حرب

وأقدمت الجماعة الحوثية، أخيراً، على تحويل جدران سور مستشفى الثورة العام بصنعاء، وهو أكبر مستشفيات البلاد، إلى معرض لصور قتلاها في الحرب، ومنعت المرور من جوار السور للحفاظ على الصور من الطمس، في إجراء أثار حفيظة وتذمر السكان.

وتسبب المعرض في التضييق على مرور المشاة والسيارات، وحدوث زحام غير معتاد بجوار المستشفى، ويشكو المرضى من صعوبة وصولهم إلى المستشفى منذ افتتاح المعرض.

ويتوقع مراقبون لأحوال الجماعة الحوثية أن يكون هذا العدد الكبير من القيادات التي يجري تشييعها راجعاً إلى عدة عوامل، منها مقتل عدد منهم في أعمال الجباية وفرض النفوذ داخل مناطق سيطرة الجماعة، حيث يضطر العديد من السكان إلى مواجهة تلك الأعمال بالسلاح، ولا يكاد يمرّ أسبوع دون حدوث مثل هذه المواجهات.

ترجيحات سقوط عدد كبير من القادة الحوثيين بغارات الطيران الأميركي والبريطاني (رويترز)

ويرجح أن يكون عدد من هؤلاء القادة سقطوا بقصف الطيران الحربي للولايات المتحدة الأميركية وبريطانيا اللتين شكلتا منذ قرابة عام تحالفاً عسكرياً للرد على استهداف الجماعة الحوثية للسفن التجارية وطرق الملاحة في البحر الأحمر، وتنفذان منذ ذلك الحين غارات جوية متقطعة على مواقع الجماعة.

كما تذهب بعض الترجيحات إلى تصاعد أعمال تصفية الحسابات ضمن صراع وتنافس الأجنحة الحوثية على النفوذ والثروات المنهوبة والفساد، خصوصاً مع توقف المعارك العسكرية، ما يغري عدداً كبيراً من القيادات العسكرية الميدانية بالالتفات إلى ممارسات نظيرتها داخل مناطق السيطرة والمكاسب الشخصية التي تحققها من خلال سيطرتها على أجهزة ومؤسسات الدولة.

وبدأت الجماعة الحوثية خلال الأسابيع الماضية إجراءات دمج وتقليص عدد من مؤسسات وأجهزة الدولة الخاضعة لسيطرتها، في مساعِ لمزيد من النفوذ والسيطرة عليها، والتخفيف من التزاماتها تجاه السكان بحسب المراقبين.