انتقاد أميركي ـ روسي لمشروع أوروبي حول المساعدات إلى سوريا

واشنطن تطالب بفتح 3 معابر... وموسكو تتهم «تحرير الشام» بعرقلة الإغاثة

أطفال نازحون يتلقون التعليم في مخيم شمال شرقي سوريا (رويترز)
أطفال نازحون يتلقون التعليم في مخيم شمال شرقي سوريا (رويترز)
TT

انتقاد أميركي ـ روسي لمشروع أوروبي حول المساعدات إلى سوريا

أطفال نازحون يتلقون التعليم في مخيم شمال شرقي سوريا (رويترز)
أطفال نازحون يتلقون التعليم في مخيم شمال شرقي سوريا (رويترز)

انتقدت روسيا وأميركا مشروع قرار قدمته النرويج وآيرلندا إلى مجلس الأمن يمدد آلية تقديم المساعدات الإنسانية إلى سوريا «عبر الحدود»، في وقت انضم فيه مبعوث الأمم المتحدة إلى سوريا غير بيدرسون إلى الداعين للحفاظ على التفويض لإيصال المساعدات من دون المرور بدمشق، وهو أمر ترفضه موسكو، ويُعد اختباراً لعلاقتها مع الإدارة الأميركية الجديدة.
وقال بيدرسون أمام مجلس الأمن إن «المدنيين في أنحاء البلاد في حاجة ماسة إلى مساعدات حيوية، وتعزيز قدرتهم على الصمود. ومن بالغ الأهمية الحفاظ على الوصول وتوسيعه، بما في ذلك من خلال العمليات عبر الحدود والخطوط الأمامية». وشدد المبعوث على أن «الاستجابة الواسعة النطاق عبر الحدود ضرورية لمدة 12 شهراً إضافية لإنقاذ الأرواح».
ويسري التفويض عبر الحدود منذ عام 2014، لكنه قُلص بشكل كبير العام الماضي، عبر الإبقاء على نقطة دخول حدودية واحدة، هي معبر باب الهوى (شمال غربي البلاد) مع تركيا. وتنتهي صلاحية التفويض في 10 يوليو (تموز) المقبل.
والجمعة، سلمت آيرلندا والنرويج، المسؤولتان عن الملف في الأمم المتحدة، وهما عضوان غير دائمين في مجلس الأمن، مشروع قرار لبقية الأعضاء الثلاثة عشرة في المجلس. وقد حصلت وكالة الصحافة الفرنسية على نسخة من المشروع.
وأخذاً في الاعتبار أن ثمة زيادة في الاحتياجات الإنسانية في شمال غربي سوريا وشمال شرقها، يُطالب مشروع القرار بالتمديد لعام واحد في تفويض إيصال المساعدات عبر معبر باب الهوى لمنطقة إدلب التي تسيطر عليها فصائل معارضة، وكذلك إعادة تفويض معبر اليعربية لإيصال المساعدات إلى شمال شرقي سوريا عبر العراق.
وانتقدت الولايات المتحدة سريعاً هذا المشروع، في موقف نادر الحدوث لواشنطن حيال حليفين أوروبيين لها، لأنه لا يسعى إلى اعتماد معابر حدودية جديدة.
وقالت سفيرة الولايات المتحدة لدى الأمم المتحدة ليندا توماس غرينفيلد، في بيان لاذع: «أستمر بالدعوة إلى إعادة تفويض معبر باب الهوى، واعتماد معبري باب السلام (شمال غربي سوريا) واليعربية مجدداً للمساعدات الإنسانية». وأسفت لفحوى المشروع الأوروبي الذي وافقت عليه الدول العشر غير دائمة العضوية في المجلس، على ما أفاد به دبلوماسيون.
وأضافت السفيرة الأميركية: «يجب أن يوفر مجلس الأمن راهناً إمكان وصول المساعدات الإنسانية التي يحتاج إليها السكان أمس الحاجة؛ إن تخلفنا عن ذلك يعني تجاهل مسؤولياتنا حيال الشعب السوري والأسرة الدولية ومُثلنا الخاصة».
وبعد مفاوضات بين دول المجلس الخمسة عشرة، يتوقع التصويت على المشروع بحلول العاشر من يوليو (تموز) المقبل.
ونُوقش موضوع التفويض عبر الحدود في القمة الأخيرة في جنيف بين الرئيسين الأميركي جو بايدن والروسي فلاديمير بوتين، لكنهما لم يكشفا عن موقف محدد حول الملف. وفي حال إقرار تمديد التفويض، يمكن أن يكون الملف نقطة بداية جديدة في العلاقة الروسية - الأميركية، على ما ذكرته وسائل إعلام أميركية.
وتصر موسكو، الحليف الرئيسي لدمشق الذي يؤيد بسط سيادة حكومة الرئيس بشار الأسد على كامل البلاد منذ بداية العام، على إنهاء تفويض الأمم المتحدة. كذلك تعد موسكو أن مرور المساعدة الدولية عبر دمشق يمكن أن يعوض المساعدات عبر الحدود، وهو أمر ترفضه الدول الغربية والأمم المتحدة. ومنذ بدء الحرب في سوريا عام 2011، استخدمت موسكو التي تُرجع تدهور الوضع الإنساني إلى العقوبات الغربية حق النقض (الفيتو) في مجلس الأمن 16 مرة في مواضيع تتعلق بالملف السوري، فيما استخدمت الصين الفيتو 10 مرات.
وفي بيان الجمعة، شددت ديانا سمعان، من منظمة العفو الدولية، على أن وقف المساعدات عبر الحدود ستكون له «عواقب إنسانية وخيمة». وأضافت: «ندعو مجلس الأمن إلى تجديد التفويض لوصول المساعدات الإنسانية عبر باب الهوى، وإعادة فتح معبري باب السلامة واليعربية».
كذلك دعا لويس شاربونو، من منظمة هيومن رايتس ووتش، إلى استمرار التفويض عبر الحدود، وتوسيعه إلى المعبرين المغلقين منذ عام 2020. وقال في بيان: «أي شيء بخلاف تجديد التفويض قد يؤدي إلى الحكم على الملايين من السوريين في شمال البلاد بالفقر المدقع أو الموت نتيجة سوء التغذية أو (كوفيد - 19)».
وقالت المندوبة الأميركية: «الرسالة التي نتلقاها باستمرار من العاملين في الخطوط الأمامية للأمم المتحدة والمنظمات غير الحكومية هي أنه يجب تفويض عمل 3 معابر حدودية من أجل وصول المساعدات الإنسانية إلى ملايين السوريين الذين هم في أمس الحاجة إليها».
وزادت: «كان هناك في وقت من الأوقات 4 معابر حدودية تقدم المساعدات الإنسانية الحيوية للسوريين، بمن فيهم اللاجئون والنازحون داخلياً، ولا يوجد الآن سوى معبر واحد. وعندما تم إغلاق المعابر الأخرى، عانى السوريين. وكمثال واحد على ذلك، ارتفعت الاحتياجات بنسبة 38 في المائة في شمال شرقي سوريا منذ إغلاق معبر اليعربية، وفقاً للأمم المتحدة. وكان هذا التدهور في البيئة الإنسانية متوقعاً، ويمكن تفاديه».
وأضافت: «أطالب بإعادة تفويض عمل معبر باب الهوى، وإرجاع عمل معبري باب السلام واليعربية، لتقديم المساعدة الإنسانية. كما أخبرني أحد مسؤولي الأمم المتحدة على الحدود التركية - السورية في وقت سابق من هذا الشهر أن هذا هو الوقت المناسب لتوسيع نطاق استجابتنا الإنسانية، وليس تقليصها».
وأكدت وكالة «أسوشيتد برس» أن مجلس الأمن الدولي ينظر في مشروع قرار يقضي بفتح ممرٍ ثانٍ لتقديم المساعدات عبر الحدود إلى سوريا.
وأفادت وكالة «أسوشيتد برس» بأن مشروع القرار الذي وزعته على المجلس (الجمعة) النرويج وآيرلندا يقضي بتمديد عمل ممر باب الهوى عند حدود تركيا وسوريا (وهو الممر الإنساني الوحيد العامل حالياً بموجب الآلية الأممية لتقديم المساعدات)، وإعادة فتح ممر اليعربية بين العراق وسوريا الذي تم إغلاقه في يناير (كانون الثاني) 2020.
وينص مشروع القرار كذلك على استئناف التفويض لمدة عام في هذه المسألة، بدلاً عن التفويض لمدة 6 أشهر الذي أصرت عليه روسيا.
ومن المتوقع أن يناقش الخبراء في مجلس الأمن مشروع القرار الجديد مطلع الأسبوع المقبل.
ونقلت «أسوشيتد برس» عن وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف، في رسالة شفهية إلى الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش الثلاثاء الماضي، اتهامه تنظيم «هيئة تحرير الشام» الذي تشكل «جبهة النصرة» السابقة عموده الفقري بمنع القوافل الإنسانية من عبور الحدود إلى سوريا، مع تغاضي أنقرة عن هذا الأمر.
وحمل لافروف أيضاً المانحين الغربيين المسؤولية عن الابتزاز، من خلال التهديد بقطع التمويل الإنساني عن سوريا في حال عدم تمديد تفويض ممر باب الهوى، مشدداً على ضرورة التصدي لمثل هذا السلوك.
وجدد مندوب روسيا الدائم لدى الأمم المتحدة فاسيلي نيبينزيا، الأربعاء الماضي، موقف موسكو القاضي بأن الظروف في سوريا تغيرت، ما يتيح التخلي عن أسلوب تقديم المساعدات عبر الحدود، والانتقال إلى توزيعها عبر خطوط القتال داخل البلاد.
ولفت نيبينزيا إلى أن الغرب لم يبذل أي جهد في هذه المسألة، قائلاً إنه لا يمكن الحديث عن تمديد تفويض معبر باب الهوى، ما لم يؤكد الغرب بالأقوال والأفعال التزامه بتحقيق هذا الهدف.



اليمن... 219 ألف إصابة بالكوليرا أغلبها في مناطق سيطرة الحوثيين

59 ألف حالة اشتباه بالإصابة بالكوليرا في محافظتَي حجة والحديدة وحدهما (الأمم المتحدة)
59 ألف حالة اشتباه بالإصابة بالكوليرا في محافظتَي حجة والحديدة وحدهما (الأمم المتحدة)
TT

اليمن... 219 ألف إصابة بالكوليرا أغلبها في مناطق سيطرة الحوثيين

59 ألف حالة اشتباه بالإصابة بالكوليرا في محافظتَي حجة والحديدة وحدهما (الأمم المتحدة)
59 ألف حالة اشتباه بالإصابة بالكوليرا في محافظتَي حجة والحديدة وحدهما (الأمم المتحدة)

كشف تقرير أممي حديث عن أن حالات الكوليرا في اليمن ارتفعت إلى نحو 219 ألف حالة منذ مطلع العام الحالي، أغلب هذه الحالات تم تسجيلها في المناطق الخاضعة لسيطرة الحوثيين، في حين استفاد أكثر من مليون شخص من خدمات توفير مياه الشرب النظيفة وخدمات الصرف الصحي المقدمة من الأمم المتحدة.

وأظهر تقرير مشترك صادر عن منظمة الأمم المتحدة للطفولة وكتلة المياه والصرف الصحي في اليمن، أنه تم الإبلاغ عن أكثر من 219 ألف حالة اشتباه بالإسهال المائي الحاد والكوليرا في معظم أنحاء البلاد خلال الفترة من 1 يناير (كانون الثاني) وحتى 20 أكتوبر (تشرين الأول)، وكانت أغلب هذه الحالات في المحافظات الخاضعة لسيطرة الحوثيين، وتشكل ما نسبته أكثر من 80 في المائة من إجمالي الحالات المُبلَّغ عنها.

الحوثيون يواصلون التكتم على أعداد المصابين بالكوليرا (إعلام محلي)

وطبقاً لهذه البيانات، احتلت محافظة حجة قائمة المحافظات اليمنية في معدل حالات الإصابة بالوباء، حيث سُجل فيها نحو 35 ألف حالة، تلتها محافظة الحديدة بنحو 24 ألف حالة، ثم محافظة عمران التي سجلت 19 ألف حالة إصابة، ومن بعدها محافظتا إب وذمار بنحو 16 ألف حالة في كل واحدة منهما.

كما سجلت محافظة تعز 15 ألف حالة إصابة مشتبه بها، والعاصمة المختطفة صنعاء ومحافظتا الضالع والبيضاء بواقع 14 ألف إصابة في كل واحدة منها، في حين سجلت محافظة ريف صنعاء أكثر من 12 ألف إصابة، وسجلت محافظة صعدة المعقل الرئيسي للحوثيين 11 ألف إصابة، ومثل هذا العدد سُجل في محافظة المحويت الواقعة إلى الغرب من صنعاء، في حين سجلت بقية المحافظات 5 آلاف حالة.

وأظهر التقرير المشترك أن شركاء العمل الإنساني، وضمن جهود الاستجابة المشتركة لمواجهة تفشي وباء الكوليرا، تمكّنوا من الوصول إلى أكثر من مليون شخص بخدمات توفير المياه النظيفة والصرف الصحي ومستلزمات النظافة في 141 منطقة و128 موقعاً للنزوح الداخلي، منذ بداية العام.

شريان حياة

في تقرير آخر، أكد مكتب الأمم المتحدة لخدمات المشاريع أن الأحداث المناخية المتطرفة في اليمن خلقت عواقب مدمرة على المجتمعات الحضرية والريفية على حد سواء، وأن الطرق المقاومة للمناخ أصبحت شريان حياة للسكان، الذين يعانون بالفعل أزمة إنسانية مدمرة، حيث أدى مناخ البلاد شبه الجاف، إلى جانب الأحداث المناخية المتطرفة، إلى تفاقم نقاط الضعف القائمة.

وبيَّن المكتب أن تطوير البنية الأساسية المستدامة والمقاومة للمناخ والتي يمكنها تحمل الصدمات والضغوط المستقبلية بات أمراً ضرورياً لمعالجة الاحتياجات الهائلة للمجتمعات في جميع أنحاء البلاد.

الفيضانات ضاعفت معاناة سكان الريف في اليمن ودمَّرت طرقات وممتلكات (الأمم المتحدة)

وأوضح التقرير أنه من خلال مشروعين ممولين من قِبل مؤسسة التنمية الدولية التابعة للبنك الدولي، استجاب للتحديات الملحة المتمثلة في الأحداث المناخية المتطرفة المتزايدة الناجمة عن تغير المناخ في كل من المناطق الريفية والحضرية.

وذكر أن كثيراً من اليمنيين الذين يعتمدون على الزراعة في معيشتهم ومصدر غذائهم، أصبحوا أكثر عرضة لتأثيرات تغير المناخ، بما في ذلك ندرة المياه وأنماط هطول الأمطار غير المتوقعة وتآكل التربة، كما أن الفيضانات يمكن أن تقطع المجتمعات الريفية عن الخدمات الأساسية وتجعل من الصعب على المزارعين نقل منتجاتهم إلى الأسواق.

ولأن هذا المزيج، بحسب مكتب مشاريع الأمم المتحدة، أدى إلى انعدام الأمن الغذائي الشديد؛ فإن مكونات المشروع تستهدف إعادة تأهيل وتطوير 150 كيلومتراً من طرق الوصول الريفية، وبناء جسرين نموذجيين في مواقع استراتيجية ودعم صيانة 60 كيلومتراً من طرق الوصول إلى القرى و150 كيلومتراً من طرق الوصول الريفية من أجل ضمان الوصول الآمن والموثوق به إلى الأسواق والخدمات الاجتماعية والخدمات الأساسية للمجتمعات الريفية.

مشاريع الطرقات وفَّرت فرص عمل لعشرات الآلاف من اليمنيين (الأمم المتحدة)

ويركز المشروع على ترقية أسطح الطرق وتحسين الصرف واستخدام المواد الصديقة للمناخ، وإنشاء شبكة طرق يمكنها تحمُّل آثار تغير المناخ. بالإضافة إلى ذلك، يتم استخدام تقنيات تثبيت المنحدرات لمنع التآكل وحماية الطرق من الانهيارات الأرضية؛ مما يعزز مرونة البنية الأساسية الريفية.

ولتعزيز الاستدامة بشكل أكبر؛ يؤكد المكتب الأممي أنه يتم تنفيذ الأعمال من قِبل أكثر من 40 شركة محلية، وأن التدريب في بناء القدرات ونقل المعرفة ساعد حتى الآن في إيجاد نحو 400 ألف فرصة عمل، بما في ذلك 39 ألف فرصة للنساء.