القاهرة ترهن التطبيع مع أنقرة بـ«تغيير المنهج»

وزير الخارجية المصري ينفي تحديد موعد لاستئناف المباحثات

TT

القاهرة ترهن التطبيع مع أنقرة بـ«تغيير المنهج»

رهن وزير الخارجية المصري، سامح شكري، مضي بلاده بمسار «تطبيع العلاقات» مع تركيا بإقدامها على «تغيير المنهج» ومراعاة آراء القاهرة بشأن سياسات أنقرة المتصلة بالمصالح المصرية.
وقال شكري، في تصريحات تلفزيونية، مساء أول من أمس، إن مصر «خلال الحوار الاستكشافي الذي تم وخرج على مستوى نواب الخارجية (مطلع الشهر الماضي) أبدت كل ما لديها من آراء متصلة بالسياسات التركية، وما نتوقعه من تغيير في المنهج حتى يتم تطبيع العلاقات مرة أخرى»، موضحاً أن مصر ستستمر «مع بقية أعضاء المجتمع الدولي في التأكيد على العناصر التي أتت في اتفاق منتدى الحوار الليبي، وتم تدعيمها وإعادة إقرارها في قرار مجلس الأمن الذي صدر في إطار أزمة ليبيا».
وتوترت العلاقات بين القاهرة وأنقرة منذ عام 2013، وخفّضا علاقاتهما الدبلوماسية، على خلفية موقف الرئيس التركي رجب طيب إردوغان المناهض للإطاحة بالرئيس الراحل محمد مرسي بعد احتجاجات شعبية واسعة ضد استمراره في الحكم، لكن العلاقات التجارية ظلت قائمة رغم ذلك. واستضافت مصر في مايو (أيار) الماضي، مشاورات «استكشافية» برئاسة نائبي وزيري الخارجية في الجانبين، ووصفها البلدان بـ«الصريحة والمعمقة».
وفيما أوضح شكري، أن «هناك تمثيلاً دبلوماسياً بين الجانبين التركي والمصري على مستوى القائم بالأعمال، ويتم من خلاله الحوار السياسي الطبيعي في نقل الرسائل وإدارة العلاقة»، نفى «توجه وفد مصري إلى تركيا في الأيام القادمة لاستمرار الحوار الاستكشافي».
وتأتي تصريحات شكري بعد أيام من إفادة إعلاميين في قنوات موالية لتنظيم «الإخوان» وتعمل من أنقرة بأن «مسؤولين أتراكاً طالبوهم بـ(التوقف تماماً) عن العمل بالبرامج التي تهاجم مصر ودولاً خليجية، ليس فقط عبر شاشات الفضائيات ولكن أيضاً «عدم الظهور عبر منصات مواقع التواصل أو (يوتيوب)».
وتطرق شكري إلى وجود قوات تركية في ليبيا، وقال إنها «قوات نظامية وهي المقصودة ببيان (مؤتمر برلين 2) وغيرها من القوات التي تعمل بالأراضي الليبية»، موضحاً أن أنقرة «تحاول أن تضفي شرعية على الوجود في ليبيا، ولكن هذه الشرعية ليست لها محل لأنها تمت وفقاً لاتفاق لحكومة لم يكن لها ولاية بأن تعقد اتفاقيات مرتبطة بسيادة وفقاً لبنود اتفاق (الصخيرات) الذي أتى بهذه الحكومة وحدد نطاق عملها».
ودائماً ما ترهن القاهرة التقدم في مسار «تطبيع» العلاقات مع أنقرة بـ«الاطمئنان» إلى مراعاة مصالحها من قبل تركيا، ومنها «احترام الخصوصية، وعدم التدخل في الشؤون الداخلية، والتوقف عن رعاية أي عناصر مناهضة ومناوئة لمصر»، وقال وزير الخارجية المصري سامح شكري، الشهر الماضي، إن ترتيب اللقاء مع نظيره التركي مولود جاويش أوغلو، بشكل ثنائي مباشر، «سيأتي عندما نواصل المراحل الاستكشافية (في الحوار بين البلدين) التي تتم على المستوى دون الوزاري».
وأكد شكري، في تصريحات الأحد، أن «مؤتمر (برلين 2) تضمن حضور عدد كبير من الدول المؤثرة إقليمياً ودولياً، وكان الهدف منه تعزيز المسار السياسي لحل الأزمة في ليبيا من خلال التوافق الليبي - الليبي وحكومة الوحدة الوطنية»، مشيراً إلى أن «الاتفاق مرة أخرى على ضرورة خروج كافة القوات الأجنبية والمرتزقة من كل الأراضي الليبية، والعمل على تأكيد سيادة ووحدة كامل الأراضي الليبية والحفاظ على المقدرات الليبية».
وفي محاولة جديدة من جانب أنقرة لتأكيد مضيها في مساعي تحسين العلاقات مع مصر ودول خليجية، أيضاً، شدد المتحدث باسم وزارة الخارجية التركية تانجو بيلجيتش على رغبة بلاده في تطوير التعاون مع مصر ودول الخليج والمنطقة.
وقال بيلجيتش، في مؤتمر صحافي بمقر وزارة الخارجية في أنقرة ليل الجمعة/ السبت، إن العلاقات التركية - المصرية مهمة جداً لاستقرار وازدهار المنطقة، كما أن مصر أكبر شريك تجاري لتركيا في أفريقيا. وأضاف: «نولي أهمية لعلاقاتنا التاريخية والثقافية المشتركة والاتصالات بين شعبينا، وآخرها تأسيس مجموعة صداقة مع مصر في البرلمان التركي، وزيارة وفد دبلوماسي برئاسة نائب وزير الخارجية سادات أونال أوائل مايو (أيار) الماضي، لبحث تحسين العلاقات بين البلدين». ولفت المتحدث التركي إلى أن هدف بلاده يتمثل في زيادة نقاط الاتفاق في القضايا الثنائية والإقليمية وتطوير تفاهم مشترك مع مصر، مضيفاً أن أنقرة تسعى أيضاً إلى حل الخلاف بين دول الخليج العربي وتولي أهمية لأمن واستقرار منطقة الخليج، ودعمت الخطوة المهمة حيال حل الخلاف بين قطر والرباعي العربي (السعودية، ومصر، والإمارات والبحرين)، خلال قمة التعاون الخليجي في يناير (كانون الثاني) الماضي. وشدد بيلجيتش على أن تركيا ترغب في تطوير التعاون مع دول الخليج وباقي بلدان المنطقة، قائلاً إنه لا توجد أي «مشكلة سياسية ثنائية» مع السعودية.



3 مقترحات يمنية أمام مجلس الشيوخ الأميركي لإسناد الشرعية

رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني يلتقي في الرياض الأحد مسؤولين أميركيين (سبأ)
رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني يلتقي في الرياض الأحد مسؤولين أميركيين (سبأ)
TT

3 مقترحات يمنية أمام مجلس الشيوخ الأميركي لإسناد الشرعية

رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني يلتقي في الرياض الأحد مسؤولين أميركيين (سبأ)
رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني يلتقي في الرياض الأحد مسؤولين أميركيين (سبأ)

قدمت الحكومة اليمنية عبر سفارتها في واشنطن 3 مقترحات أمام مجلس الشيوخ الأميركي لإسناد الشرعية في مواجهة الجماعة الحوثية المدعومة من إيران، في حين تحدثت الجماعة، الأحد، عن غارة ضربت موقعاً لها في جنوب محافظة الحديدة.

ووصف الإعلام الحوثي الغارة بـ«الأميركية - البريطانية»، وقال إنها استهدفت موقعاً في مديرية التحيتا الخاضعة للجماعة في جنوب محافظة الحديدة الساحلية على البحر الأحمر، دون إيراد تفاصيل عن آثار الضربة.

مقاتلات أميركية من طراز «إف 35» شاركت في ضرب الحوثيين باليمن (أ.ب)

وفي حين لم يتبنَّ الجيش الأميركي على الفور هذه الغارة، تراجعت خلال الشهر الأخير الضربات على مواقع الحوثيين، إذ لم تسجل سوى 3 غارات منذ 12 نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي.

وكانت واشنطن أنشأت تحالفاً بقيادتها سمّته «حارس الازدهار» وبدأت - ومعها بريطانيا في عدد من المرات - في شن ضربات على مواقع الجماعة الحوثية ابتداء من 12 يناير (كانون الثاني) 2024، في مسعى لإضعاف قدرة الجماعة على مهاجمة السفن.

وإذ بلغت الغارات أكثر من 800 غارة غربية استأثرت محافظة الحديدة الساحلية بأغلبها، كانت الجماعة تبنت مهاجمة نحو 215 سفينة منذ نوفمبر 2023، وأدت الهجمات إلى غرق سفينتين وإصابة أكثر من 35 سفينة ومقتل 3 بحارة.

وتزعم الجماعة الموالية لإيران أنها تشن هجماتها ضد السفن إلى جانب عشرات الهجمات باتجاه إسرائيل مساندة منها للفلسطينيين في غزة، في حين تقول الحكومة اليمنية إن الجماعة تنفذ أجندة طهران واستغلت الأحداث للهروب من استحقاقات السلام.

تصنيف ودعم وتفكيك

في وقت يعول فيه اليمنيون على تبدل السياسة الأميركية في عهد الرئيس المنتخب دونالد ترمب، لتصبح أكثر صرامة في مواجهة الحوثيين الذين باتوا الذراع الإيرانية الأقوى في المنطقة بعد انهيار «حزب الله» وسقوط نظام بشار الأسد، قدم السفير اليمني لدى واشنطن محمد الحضرمي 3 مقترحات أمام مجلس الشيوخ لدعم بلاده.

وتتضمن المقترحات الثلاثة إعادة تصنيف الحوثيين منظمة إرهابية أجنبية، ودعم الحكومة اليمنية لتحرير الحديدة وموانئها، واستهداف قيادات الجماعة لتفكيك هيكلهم القيادي.

محمد الحضرمي سفير اليمن لدى الولايات المتحدة ووزير الخارجية الأسبق (سبأ)

وقال السفير الحضرمي إن تصنيف الحوثيين منظمة إرهابية أجنبية على غرار تصنيف «حزب الله» و«الحرس الثوري» الإيراني، من شأنه أن يبعث برسالة قوية مفادها أن أفعال الحوثيين (ترويع المدنيين، واستهداف الأمن البحري، وزعزعة استقرار المنطقة) غير مقبولة.

وبخصوص دعم الحكومة اليمنية لتحرير ميناء الحديدة، أوضح الحضرمي في مداخلته أمام مجلس الشيوخ الأميركي أن تأمين هذا الميناء الحيوي على البحر الأحمر، من شأنه أن يمكن الحكومة من حماية البحر الأحمر وإجبار الحوثيين على الانخراط في السلام، وكذلك منع وصول الدعم الإيراني إليهم.

وأكد الحضرمي أن تحرير الحديدة لن يكلف الحكومة اليمنية الكثير، وقال: «كنا على مسافة قليلة جداً من تحرير الحديدة في 2018، وتم إيقافنا من قبل المجتمع الدولي. وأعتقد أنه حان الأوان لتحرير هذا الميناء».

وفيما يتعلق باستهداف قيادات الحوثيين لتفكيك هيكلهم القيادي، شدد السفير اليمني في واشنطن على أهمية هذه الخطوة، وقال إن «محاسبة قادة الميليشيات الحوثية على جرائمهم ستؤدي إلى إضعاف عملياتهم وتعطيل قدرتهم على الإفلات من العقاب».

وأضاف: «ستعمل هذه التدابير على تعزيز أمن البحر الأحمر، وحفظ دافعي الضرائب وهذا البلد (الولايات المتحدة) للكثير من المال، ومحاسبة الحوثيين على أفعالهم، وتوفير الضغط اللازم لإجبار الجماعة على الانخراط في المفاوضات، مما يمهد الطريق لسلام دائم في اليمن».

ورأى السفير اليمني أن الدبلوماسية وحدها لا تجدي نفعاً مع النظام الإيراني ووكلائه، وقال: «حاولنا ذلك معهم لسنوات عديدة. (السلام من خلال القوة) هو المجدي! وأنا واثق بأن الشعب اليمني والإيراني سيتمكنون يوماً ما من تحرير أنفسهم من طغيان النظام الإيراني ووكلائه».

اتهام إيران

أشار السفير الحضرمي في مداخلته إلى أن معاناة بلاده كانت النتيجة المتعمدة لدعم إيران للفوضى وعدم الاستقرار في المنطق، وقال: «منذ أكثر من 10 سنوات، قامت إيران بتمويل وتسليح جماعة الحوثي الإرهابية، وتزويدها بالأسلحة الفتاكة لزعزعة استقرار اليمن وتهديد خطوط الملاحة الدولية في البحر الأحمر».

وأوضح أنه من المأساوي أن الدعم الإيراني مكّن الحوثيين من أن يصبحوا خطراً ليس فقط على اليمن، بل على المنطقة والعالم، إذ يعدّ البحر الأحمر ممراً مهماً للشحن التجاري، حيث يمر منه أكثر من 10 في المائة من التجارة العالمية و30 في المائة من شحن البضائع السنوي، لافتاً إلى أن الولايات المتحدة وحدها تنفق مليارات الدولارات للتصدي لهجمات لا تكلف إيران إلا القليل.

صاروخ وهمي من صنع الحوثيين خلال تجمع في صنعاء دعا له زعيم الجماعة (إ.ب.أ)

وخاطب الحضرمي أعضاء مجلس الشيوخ الأميركي بالقول: «يجب إيقاف الحوثيين، ويمكن لليمنيين إيقافهم! فنحن نمتلك العزيمة والقوة البشرية لمواجهة الحوثيين والتهديد الإيراني في اليمن والبحر الأحمر. ولكننا لا نستطيع أن نفعل ذلك بمفردنا؛ نحن بحاجة لدعمكم».

وأشار السفير اليمني إلى أن الحوثيين يحصلون على النفط والغاز مجاناً من إيران، وباستخدام الأسلحة الإيرانية يمنعون اليمن من تصدير موارده الطبيعية، مما أعاق قدرة الحكومة على دفع الرواتب، أو تقديم الخدمات، أو شن هجوم مضاد فعال ضد الجماعة. وقال: «يمكن أن يتغير ذلك بدعم الولايات المتحدة».

وأكد الحضرمي أن اليمنيين لديهم العزيمة والقدرة على هزيمة الحوثيين واستعادة مؤسسات الدولة وإحلال السلام، واستدرك بالقول إن «وجود استراتيجية أميركية جديدة حول اليمن يعدّ أمراً بالغ الأهمية لمساعدتنا في تحقيق هذا الهدف».

ومع تشديد السفير اليمني على وجود «حاجة ماسة إلى نهج جديد لمعالجة التهديد الحوثي»، أكد أن الحوثيين «ليسوا أقوياء بطبيعتهم، وأن قوتهم تأتي فقط من إيران وحرسها الثوري، وأنه بوجود الاستراتيجية الصحيحة، يمكن تحييد هذا الدعم».