المحكمة العليا الإسرائيلية متهمة بالخداع حول «الاعتقال الإداري»

TT

المحكمة العليا الإسرائيلية متهمة بالخداع حول «الاعتقال الإداري»

بعد أن قام بزيارة الأسير الفلسطيني، الغضنفر أبو عطوان، المضرب عن الطعام منذ 51 يوماً وباتت حياته في خطر، انتقد النائب عوفر كسيف، من القائمة المشتركة، المحكمة العليا الإسرائيلية على قرارها تجميد قرار الاعتقال الإداري واتهمها بالخداع قائلاً: «كان على المحكمة إلغاء أمر الاعتقال الإداري، وليس تعليقه، ففي هذه الحالة بالإمكان تجديد أمر الاعتقال ضده في أي وقت».
وكانت سلطات الاحتلال قد فرضت أمر الاعتقال الإداري على أبو عطوان، وقذفت به في السجن من دون توجيه تهمة إليه ومن دون تقديمه إلى المحاكمة. وقال كسيف، لدى زيارته المعتقل في المستشفى، إن إسرائيل تعتقل في سجونها نحو 5300 فلسطيني، بينهم 40 أسيرة، و250 طفلاً، وقرابة 520 معتقلاً إدارياً. والمعتقلون الإداريون هم أناس يقبعون في السجن بلا تهمة وفقاً لمواد استخباراتية سرية لا يتاح للمحامين الاطلاع عليها ولذلك فهو اعتقال ظالم يجب إلغاؤه. وقال إنه قام بزيارة الأسير الفلسطيني بدافع من موقفه المبدئي الرافض لأي ظلم. وتعهد بمواصلة العمل حتى يلغى الاعتقال الإداري عن أي أسير.
وكان نادي الأسير الفلسطيني قد هاجم هو الآخر قرار المحكمة الإسرائيلية وقال إن «تعليق الاعتقال الإداري، لا يعني الإلغاء الذي هو مطلب الأسير المضرب عن الطعام، والموجود في مستشفى «كابلان» الإسرائيلي بسبب سوء وضعه الصحي. وقال المحامي جواد بولس، الذي يتولى الدفاع عن الأسير، إن تعليق الاعتقال الإداري يعني «إخلاء مسؤولية إدارة سجون الاحتلال، والشاباك عن مصير وحياة الأسير أبو عطوان، وتحويله إلى أسير غير رسمي في المستشفى. ويبقى (الأسير) تحت حراسة أمن المستشفى بدلاً من حراسة السّجانين، وسيبقى فعلياً أسيراً لا تستطيع عائلته نقله إلى أي مكان». وأضاف بولس أن «القضاة أوضحوا في قرارهم أنه في حالة استعادة الأسير أبو عطوان صحته تحتفظ نيابة الاحتلال والمخابرات بحقّها في تجديد أمر الاعتقال الإداري، ما يعني أن القرار لا يغير جوهرياً في معاقبة الأسير بلا ذنب». وحذر بولس من أن «التقارير الطبية الصادرة عن مستشفى «كابلان» تُشير إلى وجود خطورة حقيقية على حياة الأسير».
يذكر أن الأسير أبو عطوان (28 عاماً) هو من مدينة «دورا» جنوبي الضفة الغربية، ومعتقل منذ شهر أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، وأصدرت سلطات الاحتلال بحقّه أمري اعتقال إداري، مدة كل واحد منهما 6 شهور. وكان قد اعتقل في الماضي مرتين، سنة 2014، حيث حكم عليه بالسجن 18 شهراً بتهمة قذف حجارة على جنود الاحتلال وفي 2018، حيث حكم عليه بالسجن 20 عاماً بتهمة الانتماء لتنظيم محظور.



أحياء منكوبة بلا مياه وكهرباء بسبب القصف الإسرائيلي في مدينة صور الساحلية

جانب من الدمار الذي طال المباني في مدينة صور الساحلية جنوب لبنان (رويترز)
جانب من الدمار الذي طال المباني في مدينة صور الساحلية جنوب لبنان (رويترز)
TT

أحياء منكوبة بلا مياه وكهرباء بسبب القصف الإسرائيلي في مدينة صور الساحلية

جانب من الدمار الذي طال المباني في مدينة صور الساحلية جنوب لبنان (رويترز)
جانب من الدمار الذي طال المباني في مدينة صور الساحلية جنوب لبنان (رويترز)

قرب ركام مبنى ما زال الدخان يتصاعد منه في مدينة صور، تحمل عائلة حقائب وتصعد على سلم مظلم إلى شقة خُلعت أبوابها ونوافذها، ولا يوجد فيها ماء ولا كهرباء، بعد أن استهدف القصف الإسرائيلي البنى التحتية والطرق، إضافة إلى الأبنية والمنازل.

في اليوم الثاني من سريان وقف إطلاق النار بين «حزب الله» وإسرائيل، كانت مئات العائلات صباح الخميس تتفقّد منازلها في أحياء استهدفتها الغارات الإسرائيلية، وحوّلتها إلى منطقة منكوبة.

لم تسلم سوى غرفة الجلوس في شقة عائلة نجدة. تقول ربّة المنزل دنيا نجدة (33 عاماً)، وهي أم لطفلين، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، بينما تقف على شرفتها المطلة على دمار واسع: «لم نتوقّع دماراً إلى هذا الحدّ. رأينا الصور لكن وجدنا الواقع مغايراً وصعباً».

وغطّى الزجاج أسرّة أطفالها وألعابهم، في حين تناثرت قطع من إطارات النوافذ الحديدية في كل مكان. وتضيف دنيا نجدة: «عندما وصلنا، وجدنا الدخان يتصاعد من المكان، وبالكاد استطعنا معاينة المنزل».

على الشرفة ذاتها، يقف والد زوجها سليمان نجدة (60 عاماً)، ويقول: «نشكو من انقطاع المياه والكهرباء... حتى المولدات الخاصة لا تعمل بعد انقطاع خطوط الشبكات».

ويقول الرجل، الذي يملك استراحة على شاطئ صور، الوجهة السياحية التي تجذب السكان والأجانب: «صور ولبنان لا يستحقان ما حصل... لكن الله سيعوضنا، وستعود المدينة أفضل مما كانت عليه».

وتعرّضت صور خلال الشهرين الماضيين لضربات عدّة؛ دمّرت أو ألحقت أضراراً بمئات الوحدات السكنية والبنى التحتية، وقطعت أوصال المدينة.

وأنذرت إسرائيل، خلال الأسابيع القليلة الماضية، مراراً سكان أحياء بأكملها بإخلائها، ما أثار الرعب وجعل المدينة تفرغ من قاطنيها، الذين كان عددهم يتجاوز 120 ألفاً.

لن يحصل بنقرة

خلال جولة في المدينة؛ حيث تعمل آليات على رفع الردم من الطرق الرئيسة، يحصي رئيس بلدية صور واتحاد بلدياتها، حسن دبوق لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «أكثر من 50 مبنى، مؤلفة من 3 إلى 12 طابقاً دُمّرت كلياً جراء الغارات الإسرائيلية»، غير تضرّر عشرات الأبنية في محيطها، بنسبة تصل إلى 60 في المائة. ويضيف: «يمكن القول إنه يكاد لم يبقَ أي منزل بمنأى عن الضرر».

وشهدت شوارع المدينة زحمة سير مع عودة المئات من السكان إلى أحيائهم، في حين أبقت المؤسسات والمحال التجارية والمطاعم أبوابها موصدة.

ويوضح دبوق: «يتفقّد السكان منازلهم خلال النهار، ثم يغادرون ليلاً بسبب انقطاع الماء عن أنحاء المدينة والكهرباء عن الأحياء التي تعرّضت لضربات إسرائيلية قاسية».

ويقول إن الأولوية اليوم «للإسراع في إعادة الخدمات إلى المدينة، وتأمين سُبل الحياة للمواطنين»، مقرّاً بأن ذلك «لن يحصل بنقرة، ويحتاج إلى تعاون» بين المؤسسات المعنية.

ويضيف: «من المهم أيضاً إزالة الردم لفتح الشوارع حتى يتمكّن الناس من العودة».

واستهدفت غارة إسرائيلية في 18 نوفمبر (تشرين الثاني) شركة مياه صور، ما أسفر عن تدميرها، ومقتل موظفيْن، وانقطاع المياه عن 30 ألف مشترك في المدينة ومحيطها، وفق ما قال رئيس مصلحة مياه صور وليد بركات.

ودمّرت الغارة مضخّات المياه وشبكة الأنابيب المتفرّعة منها، وفق ما شاهد مراسلو «وكالة الصحافة الفرنسية»، الخميس، في إطار جولة نظمها «حزب الله» للصحافيين في عدد من أحياء المدينة.

وتحتاج إعادة بنائها إلى فترة تتراوح بين 3 و6 أشهر، وفق بركات، الذي قال إن العمل جارٍ لتوفير خيار مؤقت يزوّد السكان العائدين بالمياه.

ويقول بركات: «لا صواريخ هنا، ولا منصات لإطلاقها، إنها منشأة عامة حيوية استهدفها العدوان الإسرائيلي».

قهر ومسكّنات

بحزن شديد، يعاين أنس مدللي (40 عاماً)، الخيّاط السوري المُقيم في صور منذ 10 سنوات، الأضرار التي لحقت بمنزله جراء استهداف مبنى مجاور قبل ساعة من بدء سريان وقف إطلاق النار. كانت أكوام من الركام تقفل مدخل المبنى الذي تقع فيه الشقة.

ويقول بأسى: «بكيت من القهر... منذ يوم أمس، وأنا أتناول المسكنات جراء الصدمة. أنظر إلى ألعاب أولادي والدمار وأبكي».

وغابت الزحمة، الخميس، عن سوق السمك في ميناء المدينة القديمة، الذي كان يعجّ بالزبائن قبل الحرب، بينما المراكب راسية في المكان منذ أكثر من شهرين، وينتظر الصيادون معجزة تعيدهم إلى البحر لتوفير قوتهم.

بين هؤلاء مهدي إسطنبولي (37 عاماً)، الذي يروي أنه ورفاقه لم يبحروا للصيد منذ أن حظر الجيش اللبناني في السابع من أكتوبر (تشرين الأول) حركة القوارب في المنطقة البحرية جنوب لبنان.

ويقول: «لم يسمح الجيش لنا بعد بالخروج إلى البحر حفاظاً على سلامتنا» باعتبار المنطقة «حدودية» مع إسرائيل.

ويقول إسطنبولي: «نراقب الوضع... وننتظر»، مضيفاً: «نحن خرجنا من أزمة، لكن الناس سيعانون الآن من أزمات نفسية» بعد توقف الحرب.

ويقول أب لأربعة أطفال: «أحياناً وأنا أجلس عند البحر، أسمع صوت الموج وأجفل... يتهيّأ لي أن الطيران يقصف. نعاني من الصدمة».