رحيل الكاتب المغربي بشير القمري بعد صراع مع المرض

بشير القمري (تصوير: أحمد بن إسماعيل)
بشير القمري (تصوير: أحمد بن إسماعيل)
TT

رحيل الكاتب المغربي بشير القمري بعد صراع مع المرض

بشير القمري (تصوير: أحمد بن إسماعيل)
بشير القمري (تصوير: أحمد بن إسماعيل)

بأسى وتأثر تلقى الوسط الثقافي المغربي أول من أمس، خبر رحيل الأديب والروائي والناقد بشير القمري، بعد صراع مع المرض، وذلك عن سن يناهز 70 عاما. وقد نعت وزارة الثقافة والشباب والرياضة القمري، مشيرة إلى أنه «برحيله تفقد الساحة الثقافية واحدا ممن ساهموا في حركتها الأدبية والفنية عبر الإنتاج الروائي والقصصي والمسرحي والنقد الأدبي والسينمائي والترجمة، مع حضور تفاعلي في جهود التنمية الثقافية عبر اللقاءات والندوات والمحاضرات، وغيرها».
وبدوره، نعى اتحاد كتاب المغرب الراحل، مشيرا إلى قيمته ككاتب كبير وباحث قدير. كما أشار بيان النعي إلى أن الراحل ظل محبا للأدب منذ طفولته، بمثل ما جرب التمثيل المسرحي منذ المرحلة الإعدادية، فمثل مسرحيات من إبداع شقيقه الشاعر الحسين القمري، علاوة على أنه أحد الوجوه البارزة في المشهد الثقافي المغربي المعاصر، وكان له من حضور كبير في الساحة الثقافية والأكاديمية والنقدية والإبداعية المغربية، وبما عرف عنه من موسوعية وحضور لافت وإسهام نوعي في المحافل والمناسبات الثقافية والنقدية والأدبية والسينمائية والتشكيلية. كما أشار بيان النعي إلى أن الراحل كان قارئا كبيرا للأدب المغربي والعربي والعالمي، ويقرأ باللغات العربية والفرنسية والإسبانية.
وأجمعت ردود الفعل التي عبر عنها عدد كبير من الكتاب ومن معارف الراحل على أن وفاة القمري خسارة كبرى للمشهد الثقافي المغربي، وأن المشهد الثقافي فقد برحيله أحد علاماته المضيئة في النقد الأدبي، إلى جانب كتاباته التي توزعت بين الأدب والنقد والسينما والمسرح.
ومما كتب المخرج والناقد السينمائي عبد الإله الجوهري عن الراحل أنه «كان صوتا إبداعيا مدويا في برية الخلق. أديب يكتب بلغة لا يفهمها إلا من اكتسب ثقافة رصينة ومعرفة عميقة. رجل يبدو صارما في كلامه ونظراته لكن قلبه كان يشع بالليونة والمحبة». فيما كتب الكاتب عبد العزيز الراشدي: «رحم الله الأستاذ بشير القمري. احتفظ له بذكريات طيبة خلال لقاءاتنا التي تمت، غالبا، بين مقاهي الرباط والمسرح الوطني أو في مقر اتحاد كتاب المغرب أو في معرض الكتاب بالبيضاء. ومن حسن حظي أنني كنت أحدثه في كل مرة عن القيمة الفكرية والأدبية لما يكتب، لأن التعبير عن التقدير والاحترام ضروري ومناسب خلال حياة الإنسان قبل أن يتوفاه الله. كان الراحل يجسد تجربة خاصةً في التعامل مع المناهج والمتون، وكانت محاضراته ومداخلاته، وحتى نقاشاته العابرة مغرية وعميقة وصالحة للنشر دون تنقيح. في مرآة الوقت أراه واقفا بجسده الرياضي المستقيم قبل سنوات طويلة في المسرح الملكي بمراكش، ثم أقلب الصفحة فأراه بعدها وهو يتكئ على عكازه فيبتسم ويعانق. وفي مسيرة الحياة التي أنهكته، وستنهكنا جميعا، لم يشخ فكره الذي بقي وفيا لعهود الكتابة وأسئلة الثقافة المغربية التي تحرق الأصابع».
ويعد الراحل من أهم كتاب المغرب، المشهود لهم بالقيمة الأكاديمية. وسبق للناقد نجيب العوفي، أن رسم له ما يشبه «البروفايل»، متحدثا عن «ناقد أدبي من عيار ثقيل، وناقد سينمائي من مؤسسي وبناة النقد السينمائي المغربي، وكاتب قصة قصيرة مجدد وعلى بينة من قواعد الصنعة القصصية، وكاتب رواية حاذق، متى استطاع إليها سبيلا، في زحمة انشغالاته وأنشطته الثقافية المتعددة»، مشيرا إلى أنه ينتمي إلى جيل الثمانينيات، ويصنف مع سعيد يقطين وحسن بحراوي ومحمد أقوضاض وعبد الله شريق وأسماء أخرى، كمجددين وداعمين للخطاب النقدي المغربي – الحداثي، بعد جيل السبعينيات، حيث جاء القمري وصحبه، يضيف العوفي، في غمرة الحماس للنقد البنيوي – الشكلاني والانبهار بنصوصه وعلاماته. كما تحدث العوفي عن القمري «كمثقف مغربي – عربي مسكون بكوابيس عصره، ومشحون غيظا وحنقا على عصره وأناس عصره».
ويتوزع إنتاج القمري بين كتابة المقالة والنقد الأدبي والنقد السينمائي والكتابة القصصية والمسرحية والروائية والترجمة. ومن مؤلفاته، كتابه النقدي المرجعي المهم «شعرية النص الروائي»، وكتاب «دراسات في الإبداع العربي المعاصر»، وكتاب «مجازات: دراسات في الإبداع العربي المعاصر»، ومجموعته القصصية «المحارب والأسلحة»، وروايته «سر البهلوان»، فضلا عن بعض مسرحياته من قبيل (رجعة ليلى العامرية)، إلى جانب عدد من نصوصه المفتوحة، من قبيل «حفريات المدن».
وقد ولد القمري في 1951 بالناظور (شمال المغرب) وهو حاصل على الباكالوريا (الثانوية العامة) في الآداب العربية عام 1968، والإجازة في الأدب العربي عام 1975، وشهادة الدروس الجامعية العليا عام 1982، ودكتوراه السلك الثالث عام 1987، ليشتغل أستاذا جامعيا بكلية الآداب بكل من القنيطرة والرباط.
وانضم الراحل إلى اتحاد كتاب المغرب في 1976، وأصبح عضوا للمكتب المركزي لهذه المؤسسة لعدة فترات، حيث عـــرف بحيويته المعهودة وتفانيه المشهود له به في خدمة هذه المنظمة، وغيرها من المنظمات والجمعيات الثقافية والفنية بالمغرب.



هشام خرما لـ«الشرق الأوسط»: أستلهمُ مؤلفاتي الموسيقية من التفاصيل

من حفل افتتاح بطولة العالم للجمباز
من حفل افتتاح بطولة العالم للجمباز
TT

هشام خرما لـ«الشرق الأوسط»: أستلهمُ مؤلفاتي الموسيقية من التفاصيل

من حفل افتتاح بطولة العالم للجمباز
من حفل افتتاح بطولة العالم للجمباز

يعتمد الموسيقار المصري هشام خرما طريقة موحّدة لتأليف موسيقاه، تقتضي البحث في تفاصيل الموضوعات للخروج بـ«ثيمات» موسيقية مميزة. وهو يعتزّ بكونه أول موسيقار عربي يضع موسيقى خاصة لبطولة العالم للجمباز، حيث عُزفت مقطوعاته في حفل الافتتاح في القاهرة أخيراً.
يكشف خرما تفاصيل تأليف مقطوعاته الموسيقية التي عُزفت في البطولة، إلى جانب الموسيقى التصويرية لفيلم «يوم 13» المعروض حالياً في الصالات المصرية، فيعبّر عن فخره لاختياره تمثيل مصر بتقديم موسيقى حفلِ بطولة تشارك فيها 40 دولة من العالم، ويوضح: «أمر ممتع أن تقدّم موسيقى بشكل إبداعي في مجالات أخرى غير المتعارف عليها، وشعور جديد حين تجد متلقين جدداً يستمعون لموسيقاك».
ويشير الموسيقار المصري إلى أنه وضع «ثيمة» خاصة تتماشى مع روح لعبة الجمباز: «أردتها ممزوجة بموسيقى حماسية تُظهر بصمتنا المصرية. عُزفت هذه الموسيقى في بداية العرض ونهايته، مع تغييرات في توزيعها».
ويؤكد أنّ «العمل على تأليف موسيقى خاصة للعبة الجمباز كان مثيراً، إذ تعرّفتُ على تفاصيل اللعبة لأستلهم المقطوعات المناسبة، على غرار ما يحدث في الدراما، حيث أشاهد مشهداً درامياً لتأليف موسيقاه».
ويتابع أنّ هناك فارقاً بين وضع موسيقى تصويرية لعمل درامي وموسيقى للعبة رياضية، إذ لا بدّ أن تتضمن الأخيرة، «مقطوعات موسيقية حماسية، وهنا أيضاً تجب مشاهدة الألعاب وتأليف الموسيقى في أثناء مشاهدتها».
وفي إطار الدراما، يعرب عن اعتزازه بالمشاركة في وضع موسيقى أول فيلم رعب مجسم في السينما المصرية، فيقول: «خلال العمل على الفيلم، أيقنتُ أنّ الموسيقى لا بد أن تكون مجسمة مثل الصورة، لذلك قدّمناها بتقنية (Dolby Atmos) لمنح المُشاهد تجربة محيطية مجسمة داخل الصالات تجعله يشعر بأنه يعيش مع الأبطال داخل القصر، حيث جرى التصوير. استعنتُ بالآلات الوترية، خصوصاً الكمان والتشيللو، وأضفتُ البيانو، مع مؤثرات صوتية لجعل الموسيقى تواكب الأحداث وتخلق التوتر المطلوب في كل مشهد».
يشرح خرما طريقته في التأليف الموسيقي الخاص بالأعمال الدرامية: «أعقدُ جلسة مبدئية مع المخرج قبل بدء العمل على أي مشروع درامي؛ لأفهم رؤيته الإخراجية والخطوط العريضة لاتجاهات الموسيقى داخل عمله، فأوازن بين الأشكال التي سيمر بها العمل من أكشن ورومانسي وكوميدي. عقب ذلك أضع استراتيجية خاصة بي من خلال اختيار الأصوات والآلات الموسيقية والتوزيعات. مع الانتهاء المبدئي من (الثيمة) الموسيقية، أعقد جلسة عمل أخرى مع المخرج نناقش فيها ما توصلت إليه».
ويرى أنّ الجمهور المصري والعربي أصبح متعطشاً للاستمتاع وحضور حفلات موسيقية: «قبل بدء تقديمي الحفلات الموسيقية، كنت أخشى ضعف الحضور الجماهيري، لكنني لمستُ التعطّش لها، خصوصاً أن هناك فئة عريضة من الجمهور تحب الموسيقى الحية وتعيشها. وبما أننا في عصر سريع ومزدحم، باتت الساعات التي يقضيها الجمهور في حفلات الموسيقى بمثابة راحة يبتعد فيها عن الصخب».
وأبدى خرما إعجابه بالموسيقى التصويرية لمسلسلَي «الهرشة السابعة» لخالد الكمار، و«جعفر العمدة» لخالد حماد، اللذين عُرضا أخيراً في رمضان.