الممثلة الأممية تزور منزل والدة الوزني بكربلاء

غداة إطلاقها حملة للكشف عن قتلة ابنها

بلاسخارت (وسط) بمنزل سميرة الوزني (يمين) في كربلاء (تويتر)
بلاسخارت (وسط) بمنزل سميرة الوزني (يمين) في كربلاء (تويتر)
TT
20

الممثلة الأممية تزور منزل والدة الوزني بكربلاء

بلاسخارت (وسط) بمنزل سميرة الوزني (يمين) في كربلاء (تويتر)
بلاسخارت (وسط) بمنزل سميرة الوزني (يمين) في كربلاء (تويتر)

استقبلت العراقية سميرة الوزني، أمس (الخميس)، بمنزلها في محافظة كربلاء، رئيسة «بعثة الأمم المتحدة لدى العراق (يونامي)» جينين بلاسخارت.
وأطلقت الوزني، وهي والدة الناشط البارز إيهاب الوزني الذي اغتيل على يد مجهولين بمسدس كاتم للصوت في مطلع مايو (أيار) الماضي، حملة للمطالبة بالكشف عن قتلة ولدها، وأرادت نصب خيمة للاعتصام، الأحد الماضي، أمام مبنى المحكمة في كربلاء، لكن قوات الأمن منعتها. ثم عادت في اليوم التالي ونصبت خيمة «سفاري» صغيرة، لكنها هوجمت من قبل عناصر أمن ملثمين ومزقوا خيمتها، مما أثار غضب واستياء كثيرين.
ويبدو أن الممثلة الأممية أرادت بزيارتها منزل السيدة الوزني، تقديم نوع من الاعتذار لما بدر من فريق تابع للأمم المتحدة كان يمر من أمامها أثناء وقفتها الاحتجاجية، الأحد الماضي، فأرادت الوزني التحدث معهم، لكنهم تجاهلوا طلبها وغادروا بعجلاتهم (مركباتهم) المكان، مما عرض البعثة الأممية لانتقادات شديدة ومطالبات بتبديل رئيستها.
بدورها؛ وعدت بلاسخارت، الممثلة الخاصة للأمين العام للأمم المتحدة لدى العراق، خلال زيارتها منزل الوزني واستماعها مطالبها، بتقديم الدعم الكامل للعائلة، مؤكدة أن بعثتها «لن تسكت عن الذي جرى للمغدورين»، في إشارة للناشطين الذي اغتيلوا على يد عناصر مجهولة.
ونقلت «وكالة الأنباء العراقية (واع)» عن بلاسخارت قولها إن ذهابها «إلى كربلاء هو لتقديم التعازي والدعم الكامل لأسرة الشهيد ومواساتها». وأضافت: «لن نسكت، ونحن نبحث عن الحقيقة. إن المساءلة والعدالة أمران مهمان للعراقيين حتى لا تهتز ثقتهم بأجهزة الدولة».
من جانبها؛ طالبت عائلة الوزني بلاسخارت بإيصال صوتها للمجتمع الدولي وضرورة الإسراع بالكشف عن الجناة لينالوا جزاءهم العادل.
وذكرت السيدة الوزني أنها أخبرت الممثلة الأممية «بعدم وجود أمان في البلاد، ودولة عصابات، تغتال المتظاهرين». وقالت إن «بلاسخارت أخبرتها بأنها قد التقت سابقاً إيهاب الوزني وزودته برقم بعثة الأمم المتحدة».
وأضافت أنها أبلغت بلاسخارت «بعدم إحراز تقدم في ملف التحقيق بقضايا الاغتيال، لا سيما حادثة اغتيال ابنها إيهاب الوزني قبل أكثر من 45 يوماً»، وأنها «أخبرت ممثلة الأمين العام بتفاصيل منعها من نصب خيمة اعتصام وتعرضها للضرب».
ورغم الحملات التي أطلقتها جماعات الحراك ومواصلة السيدة الوزني، منذ اليوم الأول لاغتيال ولدها، انتقاداتها الشديدة ومطالباتها الملحة للسلطات بمحاسبة المتورطين باغتيال ولدها، فإنها لم تحصل على إجابات أو إجراءات مقنعة من السلطات المحلية أو الاتحادية.
وسبق أن اتهمت السيدة الوزني علناً القيادي في «الحشد الشعبي» قاسم مصلح وشقيقه بالتخطيط والتورط في عملية اغتيال ابنها، كما اتهمت القيادات الأمنية والإدارة المحلية في المحافظة بمعرفة الجناة وغض الطرف عنهم.
وكانت السلطات العراقية ألقت القبض على قاسم مصلح نهاية مايو الماضي، بتهمة الإرهاب، ثم قام القضاء بعد أيام قليلة بالإفراج عنه لـ«عدم كفاية الأدلة».
وتعتزم جماعات الحراك الاحتجاجي الخروج اليوم (الجمعة) بمظاهرة ووقفة احتجاجية في «شارع المتنبي (شارع الكتب)» ببغداد للتضامن مع عائلة الوزني ودعم مطالبها ومطالب بقية العوائل بتقديم المتورطين في سفك دماء الناشطين إلى القضاء.
ويعد ملف قتل واغتيال الناشطين من بين أبرز التحديات التي تواجهها السلطات العراقية وتعرضها لانتقادات واسعة محلياً ودولياً، ورغم لجان التحقيق العديدة التي شكلتها السلطات في هذا الاتجاه، فإنها لم تنجح حتى الآن في الكشف عن نتائج تلك التحقيقات.
وعبّر «مجلس حقوق الإنسان» التابع للأمم المتحدة، أمس (الخميس)، عن قلقه بشأن التقارير المتعلقة بملاحقة وترهيب الناشطين. وقال في بيان: «تصاعدت احتجاجات 2019 للأسف إلى أعمال عنف أدت إلى مقتل ما لا يقل عن 487 متظاهراً».
وحث المجلس الحكومة العراقية على «تجديد التزامها وزيادة تكثيف جهودها الحالية للمساءلة، بما يتماشى مع المعايير الدولية للمحاكمة العادلة والإجراءات القانونية الواجبة». وأضاف: «نشعر بقلق بالغ إزاء التقارير الأخيرة عن زيادة الترهيب والهجمات المستهدفة؛ بما في ذلك ضد المتظاهرين والمدافعين عن حقوق الإنسان والصحافيين والعاملين في مجال الإعلام والمرشحين الانتخابيين». وذكر أن «الحكومة العراقية تحتاج إلى تعزيز جهودها لخلق بيئة عامة آمنة لجميع العراقيين».



تجدد القتال في «سول»... هل يفاقم الصراع بين «أرض الصومال» و«بونتلاند»؟

رئيس أرض الصومال المُنتخب عبد الرحمن محمد عبد الله عرو (وكالة الأنباء الصومالية)
رئيس أرض الصومال المُنتخب عبد الرحمن محمد عبد الله عرو (وكالة الأنباء الصومالية)
TT
20

تجدد القتال في «سول»... هل يفاقم الصراع بين «أرض الصومال» و«بونتلاند»؟

رئيس أرض الصومال المُنتخب عبد الرحمن محمد عبد الله عرو (وكالة الأنباء الصومالية)
رئيس أرض الصومال المُنتخب عبد الرحمن محمد عبد الله عرو (وكالة الأنباء الصومالية)

تجدد القتال في «إقليم سول» يُحيي نزاعاً يعود عمره لأكثر من عقدين بين إقليمي «أرض الصومال» الانفصالي و«بونتلاند»، وسط مخاوف من تفاقم الصراع بين الجانبين؛ ما يزيد من تعقيدات منطقة القرن الأفريقي.

وبادر رئيس أرض الصومال، عبد الرحمن عرو، بالتعهد بـ«الدفاع عن الإقليم بيد ويد أخرى تحمل السلام»، وهو ما يراه خبراء في الشأن الأفريقي، لن يحمل فرصاً قريبة لإنهاء الأزمة، وسط توقعات بتفاقم النزاع، خصوصاً مع عدم وجود «نية حسنة»، وتشكك الأطراف في بعضها، وإصرار كل طرف على أحقيته بالسيطرة على الإقليم.

وأدان «عرو» القتال الذي اندلع، يوم الجمعة الماضي، بين قوات إدارتي أرض الصومال وإدارة خاتمة في منطقة بوقداركاين بإقليم سول، قائلاً: «نأسف للهجوم العدواني على منطقة سلمية، وسنعمل على الدفاع عن أرض الصومال بيد، بينما نسعى لتحقيق السلام بيد أخرى»، حسبما أورده موقع الصومال الجديد الإخباري، الأحد.

وجاءت تصريحات «عرو» بعد «معارك عنيفة تجددت بين الجانبين اللذين لهما تاريخ طويل من الصراع في المنطقة، حيث تبادلا الاتهامات حول الجهة التي بدأت القتال»، وفق المصدر نفسه.

ويعيد القتال الحالي سنوات طويلة من النزاع، آخرها في فبراير (شباط) 2023، عقب اندلاع قتال عنيف بين قوات إدارتي أرض الصومال وخاتمة في منطقة «بسيق»، وفي سبتمبر (أيلول) من العام نفسه، نشرت إدارة أرض الصومال مزيداً من قواتها على خط المواجهة الشرقي لإقليم سول، بعد توتر بين قوات ولايتي بونتلاند وأرض الصومال في «سول» في أغسطس (آب) 2022.

كما أودت اشتباكات في عام 2018 في الإقليم نفسه، بحياة عشرات الضحايا والمصابين والمشردين، قبل أن يتوصل المتنازعان لاتفاق أواخر العام لوقف إطلاق النار، وسط تأكيد ولاية بونتلاند على عزمها استعادة أراضيها التي تحتلها أرض الصومال بالإقليم.

ويوضح المحلل السياسي الصومالي، عبد الولي جامع بري، أن «النزاع في إقليم سول بين أرض الصومال وبونتلاند يعود إلى عام 2002، مع تصاعد الاشتباكات في 2007 عندما سيطرت أرض الصومال على لاسعانود (عاصمة الإقليم)»، لافتاً إلى أنه «في فبراير (شباط) 2023، تفاقم القتال بعد رفض زعماء العشائر المحلية حكم أرض الصومال، وسعيهم للانضمام إلى الحكومة الفيدرالية الصومالية؛ ما أدى إلى مئات القتلى، ونزوح أكثر من 185 ألف شخص».

ويرى الأكاديمي المختص في منطقة القرن الأفريقي، الدكتور علي محمود كلني، أن «الحرب المتجددة في منطقة سول والمناطق المحيطة بها هي جزء من الصراعات الصومالية، خصوصاً الصراع بين شعب إدارة خاتمة الجديدة، وإدارة أرض الصومال، ولا يوجد حتى الآن حل لسبب الصراع في المقام الأول»، لافتاً إلى أن «الكثير من الدماء والعنف السيئ الذي مارسه أهل خاتمة ضد إدارة هرجيسا وجميع الأشخاص الذين ينحدرون منها لا يزال عائقاً أمام الحل».

ولم تكن دعوة «عرو» للسلام هي الأولى؛ إذ كانت خياراً له منذ ترشحه قبل شهور للرئاسة، وقال في تصريحات نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي إن «سكان أرض الصومال وإقليم سول إخوة، ويجب حل الخلافات القائمة على مائدة المفاوضات».

وسبق أن دعا شركاء الصومال الدوليون عقب تصعيد 2023، جميع الأطراف لاتفاق لوقف فوري وغير مشروط لإطلاق النار، ووقتها أكد رئيس أرض الصومال الأسبق، موسى بيحي عبدي، أن جيشه لن يغادر إقليم سول، مؤكداً أن إدارته مستعدة للتعامل مع أي موقف بطريقة أخوية لاستعادة السلام في المنطقة.

كما أطلقت إدارة خاتمة التي تشكلت في عام 2012، دعوة في 2016، إلى تسوية الخلافات القائمة في إقليم سول، وسط اتهامات متواصلة من بونتلاند لأرض الصومال بتأجيج الصراعات في إقليم سول.

ويرى بري أن «التصعيد الحالي يزيد من التوترات في المنطقة رغم جهود الوساطة من إثيوبيا وقطر وتركيا ودول غربية»، لافتاً إلى أن «زعماء العشائر يتعهدون عادة بالدفاع عن الإقليم مع التمسك بالسلام، لكن نجاح المفاوضات يعتمد على استعداد الأطراف للحوار، والتوصل إلى حلول توافقية».

وباعتقاد كلني، فإنه «إذا اشتدت هذه المواجهات ولم يتم التوصل إلى حل فوري، فمن الممكن أن يؤدي ذلك إلى حدوث اشتباك بين قوات إدارتي أرض الصومال وبونتلاند، الذين يشككون بالفعل في بعضهم البعض، ولديهم العديد من الاتهامات المتبادلة، وسيشتد الصراع بين الجانبين في منطقة سناغ التي تحكمها الإدارتان، حيث يوجد العديد من القبائل المنحدرين من كلا الجانبين».

ويستدرك: «لكن قد يكون من الممكن الذهاب إلى جانب السلام والمحادثات المفتوحة، مع تقديم رئيس أرض الصومال عدداً من المناشدات من أجل إنهاء الأزمة»، لافتاً إلى أن تلك الدعوة تواجَه بتشكيك حالياً من الجانب الآخر، ولكن لا بديل عنها.