مصر تنشد إنتاج 40 مليون جرعة من «سينوفاك» خلال عام

مدبولي يتحدث خلال مشاركته في اجتماع هيئة مكتب الاتحاد الأفريقي (صفحة مجلس الوزراء المصري على «فيسبوك»)
مدبولي يتحدث خلال مشاركته في اجتماع هيئة مكتب الاتحاد الأفريقي (صفحة مجلس الوزراء المصري على «فيسبوك»)
TT

مصر تنشد إنتاج 40 مليون جرعة من «سينوفاك» خلال عام

مدبولي يتحدث خلال مشاركته في اجتماع هيئة مكتب الاتحاد الأفريقي (صفحة مجلس الوزراء المصري على «فيسبوك»)
مدبولي يتحدث خلال مشاركته في اجتماع هيئة مكتب الاتحاد الأفريقي (صفحة مجلس الوزراء المصري على «فيسبوك»)

أكّدت مصر أنها «تنشد إنتاج 40 مليون جرعة من لقاح (سينوفاك) خلال عام»، وقالت إنها «استطاعت أن تخطو خطوات ثابتة أثمرت إبرام اتفاق لتصنيع اللقاحات محلياً، وتسعى إلى مشاركة دول القارة الأفريقية ثمار جهودها في تصنيع اللقاح». من جهتها، فرضت وزارة الأوقاف «عقوبات» على أئمة «بسبب عدم الالتزام بالاحتراز في المساجد».
وأعلنت وزيرة الصحة المصرية هالة زايد، أمس، تحديث الإجراءات الصحية التي يتم تطبيقها بالحجر الصحي بمنافذ دخول البلاد (الجوية والبرية والبحرية)، تزامناً مع مستجدات فيروس «كورونا». ووفق متحدث الصحة المصرية، خالد مجاهد، أمس، فإنه «يتم السماح بدخول البلاد لحاملي شهادات التطعيم بلقاحات الفيروس المعتمدة من منظمة الصحة العالمية وهيئة الدواء المصرية، بشرط أن يكون قد مضى 14 يوماً على تلقي الجرعة الثانية من اللقاحات التي تعطى على جرعتين وهي (سينوفارم)، و(سينوفاك)، و(سبوتنك)، و(فايزر)، و(أسترازينيكا)، و(موديرنا)، أو مرور 14 يوماً من الحصول على الجرعة الأولى من لقاح (جونسون أند جونسون)». وأضاف مجاهد أنه «يتم قبول الشهادات بعد مراجعتها والتحقق من اعتمادها من الدولة جهة الإصدار، وبالنسبة لحاملي شهادات التطعيم القادمين من الدول المتأثرة بالتحورات الجديدة للفيروس، فإنه يتم اتخاذ إجراءات احترازية إضافية تتضمن إجراء تحليل (الحمض النووي السريع) لهم».
وتؤكد «الصحة» استمرار تطبيق قرار رئيس مجلس الوزراء المصري بشأن ‏الضوابط والإجراءات والاشتراطات الصحية للقادمين إلى مصر، وهو عدم دخول البلاد إلا بعد الحصول على شهادة (بي سي آر) تفيد الخلو من (كورونا) وذلك لغير حاملي شهادات التطعيم.
في السياق نفسه، أشار رئيس الوزراء المصري، مصطفي مدبولي، أمس، إلى «ما توليه مصر من أهمية كبيرة لدعم مساعي القارة الأفريقية للنفاذ للقاحات الفيروس، وزيادة الحصص المخصصة لها بما يمكنها من التعافي من هذه الأزمة»، منوهاً إلى «الأهمية البالغة للحصول على شحنات آمنة وكافية من تلك اللقاحات». وأكد مدبولي خلال مشاركته في اجتماع هيئة مكتب الاتحاد الأفريقي، نيابة عن الرئيس عبد الفتاح السيسي، «أهمية تعزيز جهود القارة الأفريقية في مجال الإنتاج المحلي للقاحات المضادة للفيروس»، مشيداً برعاية الرئيس فيليكس تشيسيكيدي، رئيس الكونغو الديمقراطية، رئيس الاتحاد الأفريقي، لمبادرة الشراكة من أجل تصنيع اللقاح في القارة، مؤكداً «استعداد مصر تسخير جميع إمكانياتها من بُنى تحتية وقدرات طبية وخبرات تعاقدية مع الشركاء الدوليين لمساندة المبادرة».
وقال مدبولي إنه «على المستوى الوطني، استطاعت مصر أن تخطو خطوات ثابتة أثمرت إبرام اتفاق لتصنيع اللقاحات محلياً، ونسعى في هذا الصدد إلى مشاركة أشقائنا في القارة الأفريقية ثمار هذه الجهود الوطنية»، لافتاً إلى «أهمية المساندة الدولية لجهود القارة الأفريقية في مجال التعافي من التداعيات الاقتصادية للجائحة على دولنا».
فيما أكدت مستشارة وزيرة الصحة المصرية لشؤون الأبحاث، نهى عاصم، أن «وزارة الصحة اقتربت من طرح أول لقاح (سينوفاك) المصري في مراكز التطعيم، بعد الانتهاء من إجراء اختبارات للقاح والمواد الخام بالهيئة العامة للدواء، وسيكون متاحا خلال أسبوع أو 10 أيام»، مضيفة أن «أول مرحلة إنتاجية للقاح ستكون مليوني جرعة، وخلال عام سيتم إنتاج 40 مليون جرعة من لقاح الفيروس»، لافتة في تصريحات متلفزة مساء أول من أمس، إلى أن «لقاح (أسترازينيكا) من خلال الاختبارات التي أجريت عليه تبين أنه قادر على التعامل مع محتورات (كورونا) بما فيها سلالة (دلتا) من خلال الاختبارات التي أجريتها بريطانيا على اللقاح»، موضحة أن «عدد حالات الإصابة في مصر تقل»، داعية إلى «ضرورة الالتزام بإجراءات الاحتراز بجانب الإقبال على التطعيم بشكل أكبر».
وفي إطار جهودها لمتابعة تطبيق الإجراءات الاحترازية في المساجد بربوع البلاد، أعلنت وزارة الأوقاف المصرية «إيقاف إمامين عن العمل لحين انتهاء التحقيقات، كما قررت إلغاء تصريح الخطابة لأحد الأئمة ومنعه من صعود المنبر، نظراً لمخالفتهم تعليمات الوزارة بشأن الإجراءات الاحترازية داخل المساجد للوقاية من (كورونا)».



«دواء مر»... مخاوف عميقة وشراكة قلقة تجمع مصريين بـ«النقد الدولي»

السيسي ومديرة صندوق النقد الدولي الأحد في القاهرة (الرئاسة المصرية)
السيسي ومديرة صندوق النقد الدولي الأحد في القاهرة (الرئاسة المصرية)
TT

«دواء مر»... مخاوف عميقة وشراكة قلقة تجمع مصريين بـ«النقد الدولي»

السيسي ومديرة صندوق النقد الدولي الأحد في القاهرة (الرئاسة المصرية)
السيسي ومديرة صندوق النقد الدولي الأحد في القاهرة (الرئاسة المصرية)

رغم قناعتهم بأنه الملجأ وقت الأزمات، وأنه الطريق الذي «لا بديل عنه» عندما تعصف التحديات الاقتصادية بالدولة، تجمع شراكة «قلقة» مصريين بـ«صندوق النقد الدولي»، وسط مخاوف عميقة من تبعات الالتزام بشروطه وتأثيرها في قدرتهم على تلبية احتياجاتهم اليومية، حتى باتت صورة الصندوق لدى كثيرين أشبه بـ«الدواء المر»، يحتاجون إليه للشفاء لكنهم يعانون تجرعه.

على قارعة الطريق جلست سيدة محمود، امرأة خمسينية، تبيع بعض الخضراوات في أحد شوارع حي العجوزة، لا تعلم كثيراً عن صندوق النقد وشروطه لكنها تدرك أن القروض عادةً ما ترتبط بارتفاع في الأسعار، وقالت لـ«الشرق الأوسط» ببساطة: «ديون يعني مزيداً من الغلاء، المواصلات ستزيد والخضار الذي أبيعه سيرتفع سعره».

وتنخرط مصر حالياً في تنفيذ برنامج إصلاح اقتصادي مع صندوق النقد الدولي تم الاتفاق عليه في نهاية 2022، بقيمة ثلاثة مليارات دولار، قبل أن تزيد قيمته في مارس (آذار) الماضي إلى ثمانية مليارات دولار، عقب تحرير القاهرة لسعر الصرف ليقترب الدولار من حاجز الـ50 جنيهاً. وتلتزم مصر في إطار البرنامج بخفض دعم الوقود والكهرباء وسلع أولية أخرى، مما دفع إلى موجة غلاء يشكو منها مصريون.

«دواء مر»، هكذا وصف الخبير الاقتصادي الدكتور مصطفى بدرة، قروض صندوق النقد الدولي، مشيراً إلى ما يثيره «الصندوق»، في نفوس المصريين من «قلق»، ارتباطاً بما تولِّده «الديون والقروض» في نفوسهم من «أعباء ومخاوف».

يقول بدرة لـ«الشرق الأوسط» إن «المصريين دائماً ما يتحفزون ضد الصندوق نظراً لمتطلباته التي عادةً ما تؤثر في حياتهم وتزيد من أعبائهم المالية». وفي الوقت نفسه يؤكد بدرة أنه «لم يكن هناك باب آخر أمام الدولة المصرية إلا الصندوق في ظل أزمة اقتصادية بدأت عام 2011، وتفاقمت حدتها تباعاً».

كان الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، قد أكد خلال لقائه ومديرة صندوق النقد الدولي كريستالينا غورغييفا، الأحد، في القاهرة أن «أولوية الدولة هي تخفيف الضغوط والأعباء عن كاهل المواطنين».

وتأتي زيارة غورغييفا للقاهرة عقب دعوة السيسي، نهاية الشهر الماضي، لمراجعة قرض صندوق النقد مع مصر «حتى لا يشكل عبئاً على المواطن» في ظل التحديات الجيوسياسية التي تعاني منها البلاد، وأعلن رئيس الوزراء المصري مصطفى مدبولي أن «المراجعة الرابعة للقرض ستبدأ الثلاثاء»، وهي واحدة من أصل ثماني مراجعات في البرنامج.

الوصفة الاقتصادية القياسية التي يقدمها صندوق النقد عادةً ما ترتبط بالسياسة النقدية والمالية، لكنها «لا تشكل سوى ثلث المطلوب لتحقيق الإصلاح الاقتصادي والهيكلي»، حسب الخبير الاقتصادي هاني توفيق الذي أشار إلى أنه «لا ينبغي ربط كل الأعباء والتداعيات الاقتصادية بقرض صندوق النقد».

وقال لـ«الشرق الأوسط»: «اشتراطات صندوق النقد أو متطلباته أمور منطقية لكن لا بد أن تمتزج بخطوات إصلاح هيكلي اقتصادي لتحفيز الاستثمار والنظر في الأولويات».

بدوره، قال الخبير الاقتصادي المصري، مدحت نافع لـ«الشرق الأوسط» إن «صندوق النقد كأي مؤسسة مالية أخرى هو جهة مقرضة، لديها شروط مرتبطة بحجم مخاطر الدين وبأجندتها التي قد لا تتوافق دائماً مع أجندة الدولة وأولوياتها الوطنية».

ولفت نافع إلى أن «دراسات عدة أشارت إلى أن برامج صندوق النقد عادةً ما تحقق أهدافاً جيدة على المدى القصير من حيث كبح جماح التضخم وتحرير سعر الصرف، لكنها على المدى الطويل قد تؤدي إلى تداعيات سلبية على مستويات النمو الاقتصادي ونسب عجز الموازنة والبطالة».

لكن رغم ذلك يؤكد نافع أن «مصر كانت بحاجة إلى قرض صندوق النقد»، فهو على حد وصفه «شهادة دولية تتيح لمصر الحصول على تمويلات أخرى كانت في أمسّ الحاجة إليها في ظل أزمة اقتصادية طاحنة».

علاقة مصر مع صندوق النقد تاريخية ومعقدة، ويرتبط في مخيلة كثيرين بوصفات صعبة، تدفع نحو اضطرابات سياسية وأزمات اقتصادية، وربما كان ذلك ما حفَّزهم أخيراً لتداول مقاطع فيديو للرئيس الراحل حسني مبارك يتحدث فيها عن رفضه الانصياع لشروط الصندوق، حتى لا تزيد أعباء المواطنين، احتفى بها رواد مواقع التواصل الاجتماعي.

وهنا يرى بدرة أن «الظروف السياسية والاقتصادية في عهد مبارك كانت مغايرة، والأوضاع كانت مستقرة»، مشيراً إلى أن «مبارك استجاب لمتطلبات الصندوق وحرَّك سعر الصرف لتصل قيمة الدولار إلى 3.8 جنيه بدلاً من 2.8 جنيه».

واتفق معه توفيق، مؤكداً أن «الوضع الاقتصادي في عهد مبارك كان مختلفاً، ولم تكن البلاد في حالة القلق والأزمة الحالية».

ووفقاً لموقع صندوق النقد الدولي، نفّذت مصر في الثمانينات والتسعينات من القرن الماضي أربعة برامج اقتصادية بدعم مالي من الصندوق، بقيمة 1.850 مليار دولار، لكنها لم تصرف سوى خمس المبلغ فقط، ما يعادل 421.3 مليون دولار. حيث تم إلغاء وعدم استكمال بعضها، بعد أن مكَّن الاتفاق مع الصندوق مصر من إلغاء 50 في المائة من دينها الرسمي في «نادي باريس».

ولتلافي التداعيات السلبية لقرض «صندوق النقد» أو على الأقل الحد منها، شدد نافع على «ضرورة الموازنة بين متطلبات (صندوق النقد) وبين أجندة الدولة الإصلاحية».

وقال: «تعديل شروط الصندوق أو تأجيل تنفيذ بعضها ليس صعباً في ظل أن الهدف الأساسي من الخطة، وهو كبح التضخم، لم يتحقق»، مشيراً في السياق نفسه إلى أن «الصندوق أيضاً متورط ويرى أن عدم نجاح برنامجه مع مصر قد يؤثر سلباً في سمعته، مما يتيح إمكانية للتفاوض والتوافق من أجل تحقيق أهداف مشتركة».

وانضمت مصر لعضوية صندوق النقد الدولي في ديسمبر (كانون الأول) 1945، وتبلغ حصتها فيه نحو 1.5 مليار دولار، وفقاً لموقع الهيئة العامة للاستعلامات، الذي يذكر أن «تاريخ مصر مع الاقتراض الخارجي ليس طويلاً، وأن أول تعاملاتها مع الصندوق كان في عهد الرئيس الراحل أنور السادات عامَي 1977 و1978 بهدف حل مشكلة المدفوعات الخارجية وزيادة التضخم».

وعقب أحداث 2011 طالبت مصر بالحصول على قرض من الصندوق مرة في عهد «المجلس العسكري» ومرتين في عهد الرئيس السابق محمد مرسي، لكنها لم تحصل عليه. وعام 2016 وقَّعت مصر اتفاقاً مع الصندوق مدته ثلاث سنوات بقيمة 12 مليار دولار. وعام 2020 حصلت مصر على 2.77 مليار دولار مساعدات عاجلة للمساهمة في مواجهة تداعيات الجائحة، وفقاً لهيئة الاستعلامات.