استقالة الحكومة الجزائرية... و3 أسماء مرشحة لقيادة الطاقم الوزاري الجديد

أطلق الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون، أمس، ترتيبات لتشكيل حكومة جديدة، بعد أن كلف الوزير الأول عبد العزيز جراد بتصريف أعمال طاقمه الوزاري، الذي قدم استقالته في اليوم نفسه. وفي غضون ذلك، أعلن الحزب الإسلامي «حركة مجتمع السلم» أنه سيرشح أحد نوابه الفائزين في الانتخابات لرئاسة «المجلس الشعبي الوطني»، فيما ترجح أوساط سياسية ثلاثة أسماء مرشحة لقيادة حكومة ما بعد الانتخابات.
وبث التلفزيون العمومي صور تبون وهو يستقبل جراد، ويستلم منه استقالة الطاقم الحكومي، وعلى رأسه هو شخصيا، طبقا للمادة 113 من الدستور، التي تقول إنه «يمكن للوزير الأول أن يقدم استقالة حكومته». وجرت العادة أن يتم هذا الإجراء بعد صدور نتائج انتخابات البرلمان، وحينها إما يوافق رئيس الجمهورية على الاستقالة، أو يطلب من الوزير الأول مواصلة عمله مع طاقمه، كما قد يحتفظ به، ويطلب منه اقتراح وزراء آخرين.
وذكر تبون لجراد، حسبما جاء في وكالة الأنباء الحكومية، «ستواصل مهامك حتى تعيين حكومة جديدة»، وفهم من ذلك أن الرئيس قرر اختيار وزير أول وطاقم حكومي جديدين. ونقل عن تبون قوله لجراد: «أشكرك على المهام التي قمت بها في ظروف كانت صعبة، وأولها الجائحة، وقد قبلت استقالة الحكومة، وأبلغهم تحياتي».
من جهته، ذكر جراد للرئيس، حسبما نشرته وكالة الأنباء، «أقدم لكم اليوم سيدي رئيس الجمهورية استقالتي من منصبي كوزير أول، واستقالة أعضاء الحكومة. وأود أن أغتنم هذه المناسبة لأقدم لكم الشكر على الثقة التي وضعتموها في كل واحد منا. كما لا يفوتني أن أؤكد لكم تمام مساعدتي ودعمي للمسعى، الذي تقومون به من أجل تجسيد برنامجكم الطموح، والواعد لبناء الجزائر الجديدة».
وورد في الدستور بعد تعديله العام الماضي عن طريق استفتاء أن الحكومة يقودها وزير أول، في حال أسفرت الانتخابات التشريعية أغلبية رئاسية، أو يقودها رئيس حكومة في حال أفرز الصندوق أغلبية برلمانية (المادة 103). ولم يفز أي حزب بالأغلبية في انتخابات 12 يونيو (حزيران) الحالي. لكن الريادة عادت إلى أحزاب أعلنت دعمها للرئيس في وقت سابق، كما أن غالبية المستقلين (98 مقعدا) أكدوا أنهم «يساندون برنامج رئيس الجمهورية». وهؤلاء يشكلون «أغلبية رئاسية»، برأي قطاع من الملاحظين.
ويبقى رئيس الدولة هو رئيس مجلس الوزراء في جميع الحالات، مع إمكانية تفويض بعض صلاحياته للحكومة.
ويجري في الأوساط القريبة من الرئاسة تداول عدة أسماء لخلافة جراد، الذي قضى عاما ونصف العام على رأس الحكومة، أبرزهم وزير الخارجية السابق رمضان لعمامرة، وهو دبلوماسي قديم. كما تم طرح اسم وزير الخارجية الحالي، صبري بوقادوم، وأيضا وزير الداخلية الحالي كمال بلجود لتولي المنصب. ورجح متتبعون إحداث تغيير كبير في الطاقم الوزاري الجديد المنتظر، بعد تنصيب «المجلس الشعبي الوطني» الجديد، المقرر في الثامن من يوليو (تموز) المقبل.
وسبق للرئيس أن انتقد أداء حكومته بشكل مباشر، بحضور جراد ورئيس أركان الجيش سعيد شنقريحة. كما أجرى تعديلين وزاريين منذ تعيين الحكومة الحالية مطلع 2020، بعد أيام من انتخابه رئيسا للجمهورية.
وتأتي استقالة جراد في ظل أزمة اقتصادية خانقة، تسبب فيها شح الموارد المالية. ويتوقع خبراء نفاد مخزون العملة الصعبة بنهاية 2022، وهو في ذوبان مستمر منذ 2014، بسبب ارتباط الاقتصاد بأسعار النفط.
وكان المجلس الدستوري قد أعلن ليل الأبعاء النتائج النهائية لانتخابات البرلمان، بعد دراسة مئات الطعون التي تقدم بها الأحزاب والمستقلون. وتراجع نصيب «جبهة التحرير الوطني» من 105 مقاعد إلى 98 مقعدا، في حين ارتفعت حصيلة «حركة مجتمع السلم» بمقعد واحد (من 64 إلى 65). وتم خصم حساب «حركة البناء الوطني» بمقعد واحد (من 40 إلى 39). فيما رفع «التجمع الوطني الديمقراطي» نصيبه من 57 إلى 58 مقعدا. وحسّن المستقلون رصيدهم ليصبح 84 مقعدا، بعدما كان في النتائج الأولية 78 فقط، علما أن البرلمان يضم 407 مقعدا. كما يشار إلى أن نسبة التصويت في الانتخابات بلغت 23 بالمائة، وهي الأضعف في تاريخ الاقتراعات التشريعية.
في سياق متصل، أعلن عبد الرزاق مقري، رئيس «مجتمع السلم»، في بيان أمس عزم الحزب على تقديم مرشح لرئاسة البرلمان، ليصبح بذلك أول حزب يخوض في هذا الموضوع، في ظل غموض كبير حول من يرأس هيئة التشريع.
ودرج رئيس الجمهورية على ترشيح شخص موال له لهذا المنصب، لكن بشكل غير رسمي، وقد جرى ذلك في تناقض تام مع مبدأ الفصل بين السلطات الذي ينص عليه الدستور.
وذكر مقري في بيانه أنه اختار نائب محافظة الشلف (غرب)، أحمد صدوق، رئيسا لكتلة الحزب في البرلمان، وأكد أنه «سيشرع في مشاورات مع مكونات الطبقة السياسية المشاركة في العملية الانتخابية وغير المشاركة. كما وجهت الحركة الدعوة للأحزاب الفائزة في الانتخابات لبدء حوار شفاف، قصد التشاور في ما هو أصلح للبلد بعد الانتخابات».
وأعلن مقري أن حزبه «قدم دعوة الى السلطات من أجل حوار استراتيجي، بخصوص حاضر ومستقبل البلد، والسعي الجاد لتسهيل تحقيق مطلب التوافق الوطني، وتشكيل حكومة وحدة وطنية، يتوفر لها حزام سياسي واجتماعي واسع، يمكنها من تحقيق الاستحقاق الأهم للمواطنين، والأخطر على مستقبل البلد المتعلق بالتنمية الوطنية».