التقارب مع موسكو يثير انقسامات في صفوف القادة الأوروبيين

باريس وبرلين تدعوان لمعاودة اجتماعات القمة مع الرئيس بوتين

الرئيس الفرنسي أكد الحاجة للحوار مع بوتين بوصفه «ضرورياً من أجل استقرار القارة الأوروبية» (إ.ب.أ)
الرئيس الفرنسي أكد الحاجة للحوار مع بوتين بوصفه «ضرورياً من أجل استقرار القارة الأوروبية» (إ.ب.أ)
TT

التقارب مع موسكو يثير انقسامات في صفوف القادة الأوروبيين

الرئيس الفرنسي أكد الحاجة للحوار مع بوتين بوصفه «ضرورياً من أجل استقرار القارة الأوروبية» (إ.ب.أ)
الرئيس الفرنسي أكد الحاجة للحوار مع بوتين بوصفه «ضرورياً من أجل استقرار القارة الأوروبية» (إ.ب.أ)

منذ عام 2014 وضم روسيا شبه جزيرة القرم في سياق الحرب التي اندلعت في أوكرانيا، تدهورت العلاقات بينها وبين دول الاتحاد الأوروبي، وتوقفت الاتصالات المباشرة على مستوى القمة بين الطرفين اللذين تبادلا فرض عقوبات اقتصادية وتجارية متنوعة. وعوقبت موسكو بأن أُخرجت من قمم «مجموعة الثماني» للدول الأكثر تصنيعاً، لتعود مجدداً «مجموعة السبع». وباستثناء اللقاءات القليلة التي عقدت في إطار «مجموعة نورماندي» (المشكّلة من فرنسا وألمانيا وروسيا وأوكرانيا) لإيجاد الوسائل والسبل لتفعيل اتفاقات مينسك الخاصة بوضع حد للحرب الداخلية الأوكرانية التي تتهم فيها موسكو بتغذية النزاع وتوفير الدعم لانفصاليي شرق البلاد، فإن لقاءات القمة بين القادة الأوروبيين والرئيس فلاديمير بوتين اختفت عن الساحة الدبلوماسية؛ خصوصاً بسبب وجود انقسامات داخل صفوف الاتحاد.
وزادت صورة روسيا سوءاً لدى الغربيين بسبب الدور الذي لعبته في الحرب السورية ودعمها المطلق نظام الرئيس بشار الأسد. كذلك زاد التوتر بسبب اتهام المخابرات الروسية بتسميم العميل المزدوج سيرغي سكريبال في بريطانيا بمادة كيميائية تستخدم لأغراض عسكرية، ثم تسميم المعارض أليكسي نافالني العام الماضي بطريقة مشابهة والزج به لاحقاً في السجن، وقمع الحريات، والهجمات السيبرانية، والاستمرار في تهديد أوكرانيا، وإرسال مرتزقة مجموعة «فاغنر» إلى ليبيا... كل ذلك ساهم في دفع العلاقات بين الطرفين إلى مزيد من التوتير. لكنه لم يمنع الرئيس الفرنسي من أن يزور روسيا وأن يستقبل بوتين في منتجعه الصيفي في عام 2019، وأن يدافع دوماً عن ضرورة ربط روسيا بالعربة الأوروبية وإعادة الحوار معها. كذلك؛ فإن ألمانيا استمرت في مشروعها المشترك مع روسيا لمد خط أنابيب بحرية «ستريم2» لضخ الغاز الروسي بالالتفاف على أوكرانيا، ودعوة المستشارة أنجيلا ميركل من جانبها إلى الحوار مع سيد الكرملين.
ليس سراً أن الأوروبيين منقسمون إزاء التعاطي مع موسكو بين من يدعو إلى الحوار؛ ومن يدعو إلى مزيد من التشدد معها ما دامت المسائل الخلافية ما زالت قائمة. وهذا الانقسام بدا بوضوح قبل انطلاق قمة القادة الأوروبيين الملتئمة حالياً في بروكسل ليومين. وليل أمس، بحث القادة الأوروبيون خلال عشاء العمل ملفين رئيسيين؛ هما: العلاقة مع تركيا، والعلاقة مع روسيا. ومثلما كان منتظراً، عادت الخلافات بينهم لتطفو على السطح. فمن جانب؛ سارع الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، لدى وصوله إلى مقر رئاسة الاتحاد إلى التأكيد على الحاجة للحوار مع بوتين بوصفه «ضرورياً من أجل استقرار القارة الأوروبية». لكن ماكرون أردف بالقول إن حواراً كهذا «يجب أن يكون متشدداً؛ لأننا لن نتخلى عن قيمنا ولا عن الدفاع عن مصالحنا». وأضاف الرئيس الفرنسي: «لا يمكننا أن نبقى في إطار ردود الفعل وأن ننظر إلى كل حالة على حدة، بينما قام حوار مشروع بين الرئيسين (الأميركي جو) بايدن وبوتين». ورسالة ماكرون في واقعها، انتقادات مبطنة لمعارضي الانفتاح على موسكو الذين صمتوا عن اللقاء بين الرئيسين الروسي والأميركي في جنيف قبل أسبوع فيما لا يترددون عن انتقاد أي مشروع قمة أوروبية - روسية. وفي السياق عينه، قالت المستشارة الألمانية إنه «لا يكفي أن يتحدث الرئيس الأميركي إلى الرئيس الروسي، ويجب أيضاً أن يتباحث الاتحاد الأوروبي مع موسكو على المستويات كافة»، مضيفة أن النزاعات «تجد طريقها إلى الحلول عن طريق الحوار؛ الأمر الذي بينه حوارنا مع الرئيس الأميركي».
ورأت ميركل أنه على الاتحاد الأوروبي إقامة «تواصل مباشر» مع روسيا ورئيسها فلاديمير بوتين و«وضع آليات» للرد «معاً» على «استفزازات» موسكو.
حقيقة الأمر أن باريس وبرلين، رغم عودة واشنطن إلى اعتماد مقاربة جماعية أميركية - أوروبية - أطلسية قبل قمة بايدن - بوتين، لا تريدان أن تتركا أمورهما بيدي الرئيس الأميركي؛ لا بل إن باريس تطالب بأن تكون أوروبا حاضرة عندما يتم تناول ملفات أساسية تخص أمن أوروبا ومصالحها، مثل اتفاقية الصواريخ النووية متوسطة المدى التي خرجت منها إدارة الرئيس الأميركي السابق دونالد ترمب من غير التشاور مع حلفائها الأوروبيين. كذلك؛ فإن الأوروبيين يريدون تعزيز الاستقلالية الاستراتيجية وإدارة النزاعات القائمة بجوارهم المباشر. بيد أن مشكلتهم الرئيسية تكمن في الانقسامات التي يعرفها الاتحاد في ملفي العلاقة مع روسيا من جهة؛ ومع الولايات المتحدة من جهة أخرى. ففي الملف الروسي، ثمة معارضة شديدة داخلية لعودة القمم الأوروبية - الروسية، وتضم صفوف المعارضة بلدان البلطيق الثلاثة وبولندا والسويد وهولندا وغيرها التي ترى أن سياسة التقارب مع روسيا رغم الخلافات الأساسية تعبر عن ضعف وليست منتجة. وقال رئيس ليتوانيا، أمس، إنه «يتعين التزام الحذر عند الحوار مع روسيا»، عادّاً أن ذلك يشبه «الطلب من دب أن يحرس وعاءً من العسل». بيد أن المعارضة الأقوى للانفتاح على بوتين جاءت من أوكرانيا التي تعدّ روسيا تهديداً استراتيجياً بالنسبة إليها باعتبارها تغذي الانفصاليين. وقال ديميترو كوليبا، وزير خارجيتها، أمس، بعد لقاءات عقدها في بروكسل، إن «المبادرات الداعية لمعاودة لقاءات القمم بين الاتحاد وروسيا من غير الحصول على أي تنازل من موسكو، من شأنها أن تطيح نظام العقوبات المفروض عليها أوروبياً».
وتلقى الرغبة الأوروبية تجاوباً روسياً عبر عنه، أمس، الناطق باسم الكرملين، ووزير الخارجية الروسي. فالأول أعلن باسم الكرملين، الخميس، أن الرئيس فلاديمير بوتين يؤيد الاقتراح الفرنسي - الألماني الهادف إلى استئناف الاتصالات المباشرة على المستوى الأوروبي مع روسيا والرئيس الروسي. وقال ديمتري بيسكوف للصحافيين: «ننظر إلى هذه المبادرة بشكل إيجابي. إن (فلاديمير) بوتين يؤيد وضع آلية للحوار والاتصالات بين بروكسل وموسكو». وأضاف أن «بروكسل وموسكو تحتاجان إلى هذا الحوار».
لكن سيرغي لافروف بدا متحفظاً بمعنى ما؛ إذ رأى أن «كثيراً من الأمور ليست واضحة»، وتساءل خلال مؤتمر صحافي في غواتيمالا التي يزورها، عن مضمون القمة وعن أجندتها، ودعا الأوروبيين إلى «الإفصاح عما يريدونه»، مذكراً بأن هؤلاء هم من دمروا «كل بناء العلاقات الروسية – الأوروبية؛ بدءاً بالقمم، وذلك منذ عام 2014».



«الجمعية العامة» تطالب بأغلبية ساحقة بوقف فوري لإطلاق النار في غزة

من عملية تصويت للجمعية العامة للأمم المتحدة (أرشيفية - إ.ب.أ)
من عملية تصويت للجمعية العامة للأمم المتحدة (أرشيفية - إ.ب.أ)
TT

«الجمعية العامة» تطالب بأغلبية ساحقة بوقف فوري لإطلاق النار في غزة

من عملية تصويت للجمعية العامة للأمم المتحدة (أرشيفية - إ.ب.أ)
من عملية تصويت للجمعية العامة للأمم المتحدة (أرشيفية - إ.ب.أ)

دعت الجمعية العامة للأمم المتحدة في قرار غير ملزم صدر بغالبية ساحقة وصوّتت ضدّه خصوصا الولايات المتحدة وإسرائيل إلى وقف فوري وغير مشروط لإطلاق النار في قطاع غزة.

والقرار الذي صدر بغالبية 158 دولة مؤيدة في مقابل 9 دول صوّتت ضدّه و13 دولة امتنعت عن التصويت، يدعو إلى "وقف لإطلاق النار فوري وغير مشروط ودائم" وكذلك أيضا إلى "الإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع الرهائن"، وهي صيغة مشابهة لتلك التي وردت في مشروع قرار استخدمت ضدّه واشنطن في نهاية نوفمبر (تشرين الثاني) الفيتو في مجلس الأمن الدولي.

واستخدمت الولايات المتحدة يومها حق النقض لحماية إسرائيل التي تشن منذ أكثر من سنة هجوما عسكريا في قطاع غزة ردا على هجوم غير مسبوق نفذته حركة حماس على جنوب الدولة العبرية. وعطّل الأميركيون في حينها صدور قرار في مجلس الأمن يطالب بوقف إطلاق نار "فوري وغير مشروط ودائم" في غزة، مشترطين من أجل إقرار أي هدنة إطلاق سراح الرهائن المحتجزين في القطاع منذ هجوم حماس.

وقبيل التصويت على النصّ، قال نائب السفيرة الأميركية في الأمم المتّحدة روبرت وود إنّه سيكون من "المخزي" تبنّي مشروع القرار لأنّه "قد يوجّه إلى حماس رسالة خطرة مفادها أنّ لا حاجة للتفاوض أو لإطلاق سراح الرهائن"، في وقت تحدّثت فيه وزارة الدفاع الإسرائيلية عن "فرصة" لإبرام اتفاق لاستعادة الرهائن.

بدوره قال السفير الإسرائيلي في الأمم المتحدة داني دانون إنّ "تصويت اليوم ليس تصويت رحمة، بل هو تصويت تواطؤ" و"خيانة" و"تخلّ" عن الرهائن المحتجزين في القطاع الفلسطيني.