تنديد مصري بـ«التعنت» الإثيوبي

شكري ناقش أزمة سد النهضة مع مستشار الأمن القومي الألماني

وزيرا الخارجية المصري والألماني خلال اجتماع في برلين أمس (الخارجية المصرية)
وزيرا الخارجية المصري والألماني خلال اجتماع في برلين أمس (الخارجية المصرية)
TT

تنديد مصري بـ«التعنت» الإثيوبي

وزيرا الخارجية المصري والألماني خلال اجتماع في برلين أمس (الخارجية المصرية)
وزيرا الخارجية المصري والألماني خلال اجتماع في برلين أمس (الخارجية المصرية)

بموازاة تحركات الخرطوم لمطالبة مجلس الأمن بعقد جلسة «في أقرب وقت» لبحث أثر «سد النهضة» الإثيوبي على مصر والسودان، نددت القاهرة مجدداً بـ«التعنت» الذي قالت إن أديس أبابا تنتهجه في المفاوضات.
وفي حين استعرض وزير الخارجية المصري سامح شكري مع مستشار الأمن القومي الألماني يان هاكر، أمس، تطورات القضية، نوه وزير الري محمد عبد العاطي، خلال لقائه بمسؤولين من جنوب السودان، بـ«مرونة مصر في التفاوض خلال السنوات الماضية والتي قوبلت بالتعنت الواضح من الجانب الإثيوبي».
وخلال لقاء شكري وهاكر، على هامش «مؤتمر برلين 2» المعني بالأزمة الليبية، ناقش الوزير المصري مع المسؤول الألماني «تطورات قضية سد النهضة، والجهود المصرية الهادفة إلى التوصل لاتفاق قانوني ملزم لمعالجة هذا الموضوع وما تواجهه من صعوبات». كما التقى وزير الخارجية المصري نظيره الألماني هايكو ماس وناقشا «القضايا الإقليمية التي تمثل أولوية للدولتين».
أما وزير الري المصري، فأوضح خلال زيارته لجوبا واجتماعه مع النائب الأول لرئيس جنوب السودان رياك مشار، ووزير الموارد المائية والري مناوا بيتر، أول من أمس، أن بلاده «تنفذ مشروعات على الأرض في دول حوض النيل والدول الأفريقية كافة. والمشروعات المنفذة في جنوب السودان تهدف لخدمة المواطنين، وتحقيق الاستقرار للأهالي من خلال حل مشاكل مياه الشرب وحمايتهم من أخطار الفيضانات».
وأضاف أنه «يتم العمل حالياً على تنفيذ مشروعات في 7 ولايات، ومن المتوقع زيادة المشروعات المنفذة لتغطي 10 ولايات قريباً»، منوهاً بـ«حرص مصر على استكمال المفاوضات، مع التأكيد على ثوابتها في حفظ حقوقها المائية وتحقيق المنفعة للجميع في أي اتفاق حول سد النهضة، والتأكيد على السعي للتوصل إلى اتفاق قانوني عادل وملزم للجميع يلبي طموحات جميع الدول في التنمية». وأكد أن «مصر أبدت مرونة في التفاوض خلال السنوات الماضية، قوبلت بالتعنت الواضح من الجانب الإثيوبي».
وكانت وزيرة الخارجية السودانية مريم الصادق المهدي طالبت مجلس الأمن، أول من أمس، بعقد «جلسة في أقرب وقت ممكن لبحث تطورات الخلاف حول سد النهضة الإثيوبي وأثره على سلامة وأمن الملايين من الذين يعيشون على ضفاف النيل الأزرق والنيل الرئيسي في السودان ومصر وإثيوبيا».
وطالبت المهدي، في رسالة بعثت بها إلى رئيس مجلس الأمن، بدعوة «كل الأطراف إلى الالتزام بتعهداتها بموجب القانون الدولي والامتناع عن اتخاذ أي إجراءات أحادية الجانب، ودعوة إثيوبيا بالتحديد إلى الكف عن الملء الأحادي لسد النهضة الأمر الذي يفاقم النزاع ويشكل تهديداً للأمن والسلام الإقليمي والدولي».
وأعربت عن «قلق السودان البالغ وأسفه على مضي إثيوبيا قدما في الملء الأحادي الجانب لسد النهضة للمرة الثانية معرضة حياة الملايين من السودانيين وسلامتهم وسبل عيشهم لمخاطر جسيمة».
وقال مندوب الجامعة العربية لدى الأمم المتحدة ماجد عبد الفتاح إن «الجامعة تؤيد مطالب مصر والسودان في ملف سد النهضة الإثيوبي». وأضاف في تصريحات تلفزيونية، مساء أول من أمس، أن «الجامعة تراعي منح الفرصة للاتحاد الأفريقي للقيام بالمهمة التي كلفه بها مجلس الأمن في الوساطة بشأن أزمة السد الإثيوبي، وسيتم التوجه لمجلس الأمن من قبل القاهرة والخرطوم مع كل الدعم من المجموعة العربية... نريد التوصل إلى اتفاقية ملزمة حول قواعد ملء السد الإثيوبي وتشغيله».



نزيف بشري للجماعة الحوثية رغم توقف المعارك

مقبرة أنشأتها الجماعة الحوثية لقتلاها في صنعاء (أ.ف.ب)
مقبرة أنشأتها الجماعة الحوثية لقتلاها في صنعاء (أ.ف.ب)
TT

نزيف بشري للجماعة الحوثية رغم توقف المعارك

مقبرة أنشأتها الجماعة الحوثية لقتلاها في صنعاء (أ.ف.ب)
مقبرة أنشأتها الجماعة الحوثية لقتلاها في صنعاء (أ.ف.ب)

شيّعت الجماعة الحوثية خلال الأسبوع الماضي أكثر من 15 قتيلاً من قيادييها العسكريين والأمنيين من دون إعلان ملابسات سقوطهم. ورغم توقف المعارك العسكرية مع القوات الحكومية اليمنية في مختلف الجبهات؛ فإن النزيف البشري المستمر لقياداتها وعناصرها يثير التساؤلات عن أسبابه، بالتزامن مع مقتل العديد من القادة في خلافات شخصية واعتداءات على السكان.

ولقي قيادي بارز في صفوف الجماعة مصرعه، الأحد، في محافظة الجوف شمال شرقي العاصمة صنعاء في كمين نصبه مسلحون محليون انتقاماً لمقتل أحد أقاربهم، وذلك بعد أيام من مقتل قيادي آخر في صنعاء الخاضعة لسيطرة الجماعة، في خلاف قضائي.

وذكرت مصادر قبلية في محافظة الجوف أن القيادي الحوثي البارز المُكنى أبو كمال الجبلي لقي مصرعه على يد أحد المسلحين القبليين، ثأراً لمقتل أحد أقاربه الذي قُتل في عملية مداهمة على أحد أحياء قبيلة آل نوف، التي ينتمي إليها المسلح، نفذها القيادي الحوثي منذ أشهر، بغرض إجبار الأهالي على دفع إتاوات.

من فعالية تشييع أحد قتلى الجماعة الحوثية في محافظة حجة دون الإعلان عن سبب مقتله (إعلام حوثي)

ويتهم سكان الجوف القيادي القتيل بممارسات خطيرة نتج عنها مقتل عدد من أهالي المحافظة والمسافرين وسائقي الشاحنات في طرقاتها الصحراوية واختطاف وتعذيب العديد منهم، حيث يتهمونه بأنه كان «يقود مسلحين تابعين للجماعة لمزاولة أعمال فرض الجبايات على المركبات المقبلة من المحافظات التي تسيطر عليها الحكومة، وتضمنت ممارساته الاختطاف والتعذيب والابتزاز وطلب الفدية من أقارب المختطفين أو جهات أعمالهم».

وتقول المصادر إن الجبلي كان يعدّ مطلوباً من القوات الحكومية اليمنية نتيجة ممارساته، في حين كانت عدة قبائل تتوعد بالانتقام منه لما تسبب فيه من تضييق عليها.

وشهدت محافظة الجوف مطلع هذا الشهر اغتيال قيادي في الجماعة، يُكنى أبو علي، مع أحد مرافقيه، في سوق شعبي بعد هجوم مسلحين قبليين عليه، انتقاماً لأحد أقاربهم الذي قُتِل قبل ذلك في حادثة يُتهم أبو علي بالوقوف خلفها.

في الآونة الأخيرة تتجنب الجماعة الحوثية نشر صور فعاليات تشييع قتلاها في العاصمة صنعاء (إعلام حوثي)

وتلفت مصادر محلية في المحافظة إلى أن المسلحين الذين اغتالوا أبو علي يوالون الجماعة الحوثية التي لم تتخذ إجراءات بحقهم، مرجحة أن تكون عملية الاغتيال جزءاً من أعمال تصفية الحسابات داخلياً.

قتل داخل السجن

وفي العاصمة صنعاء التي تسيطر عليها الجماعة الحوثية منذ أكثر من 10 سنوات، كشفت مصادر محلية مطلعة عن مقتل القيادي الحوثي البارز عبد الله الحسني، داخل أحد السجون التابعة للجماعة على يد أحد السكان المسلحين الذي اقتحم السجن الذي يديره الحسني بعد خلاف معه.

وتشير المصادر إلى أن الحسني استغل نفوذه للإفراج عن سجين كان محتجزاً على ذمة خلاف ينظره قضاة حوثيون، مع المتهم بقتل الحسني بعد مشادة بينهما إثر الإفراج عن السجين.

وكان الحسني يشغل منصب مساعد قائد ما يسمى بـ«الأمن المركزي» التابع للجماعة الحوثية التي ألقت القبض على قاتله، ويرجح أن تجري معاقبته قريباً.

وأعلنت الجماعة، السبت الماضي، تشييع سبعة من قياداتها دفعة واحدة، إلى جانب ثمانية آخرين جرى تشييعهم في أيام متفرقة خلال أسبوع، وقالت إنهم جميعاً قتلوا خلال اشتباكات مسلحة مع القوات الحكومية، دون الإشارة إلى أماكن مقتلهم، وتجنبت نشر صور لفعاليات التشييع الجماعية.

جانب من سور أكبر المستشفيات في العاصمة صنعاء وقد حولته الجماعة الحوثية معرضاً لصور قتلاها (الشرق الأوسط)

ويزيد عدد القادة الذين أعلنت الجماعة الحوثية عن تشييعهم خلال الشهر الجاري عن 25 قيادياً، في الوقت الذي تشهد مختلف جبهات المواجهة بينها وبين القوات الحكومية هدوءاً مستمراً منذ أكثر من عامين ونصف.

ورعت الأمم المتحدة هدنة بين الطرفين في أبريل (نيسان) من العام قبل الماضي، ورغم أنها انتهت بعد ستة أشهر بسبب رفض الجماعة الحوثية تمديدها؛ فإن الهدوء استمر في مختلف مناطق التماس طوال الأشهر الماضية، سوى بعض الاشتباكات المحدودة على فترات متقطعة دون حدوث أي تقدم لطرف على حساب الآخر.

قتلى بلا حرب

وأقدمت الجماعة الحوثية، أخيراً، على تحويل جدران سور مستشفى الثورة العام بصنعاء، وهو أكبر مستشفيات البلاد، إلى معرض لصور قتلاها في الحرب، ومنعت المرور من جوار السور للحفاظ على الصور من الطمس، في إجراء أثار حفيظة وتذمر السكان.

وتسبب المعرض في التضييق على مرور المشاة والسيارات، وحدوث زحام غير معتاد بجوار المستشفى، ويشكو المرضى من صعوبة وصولهم إلى المستشفى منذ افتتاح المعرض.

ويتوقع مراقبون لأحوال الجماعة الحوثية أن يكون هذا العدد الكبير من القيادات التي يجري تشييعها راجعاً إلى عدة عوامل، منها مقتل عدد منهم في أعمال الجباية وفرض النفوذ داخل مناطق سيطرة الجماعة، حيث يضطر العديد من السكان إلى مواجهة تلك الأعمال بالسلاح، ولا يكاد يمرّ أسبوع دون حدوث مثل هذه المواجهات.

ترجيحات سقوط عدد كبير من القادة الحوثيين بغارات الطيران الأميركي والبريطاني (رويترز)

ويرجح أن يكون عدد من هؤلاء القادة سقطوا بقصف الطيران الحربي للولايات المتحدة الأميركية وبريطانيا اللتين شكلتا منذ قرابة عام تحالفاً عسكرياً للرد على استهداف الجماعة الحوثية للسفن التجارية وطرق الملاحة في البحر الأحمر، وتنفذان منذ ذلك الحين غارات جوية متقطعة على مواقع الجماعة.

كما تذهب بعض الترجيحات إلى تصاعد أعمال تصفية الحسابات ضمن صراع وتنافس الأجنحة الحوثية على النفوذ والثروات المنهوبة والفساد، خصوصاً مع توقف المعارك العسكرية، ما يغري عدداً كبيراً من القيادات العسكرية الميدانية بالالتفات إلى ممارسات نظيرتها داخل مناطق السيطرة والمكاسب الشخصية التي تحققها من خلال سيطرتها على أجهزة ومؤسسات الدولة.

وبدأت الجماعة الحوثية خلال الأسابيع الماضية إجراءات دمج وتقليص عدد من مؤسسات وأجهزة الدولة الخاضعة لسيطرتها، في مساعِ لمزيد من النفوذ والسيطرة عليها، والتخفيف من التزاماتها تجاه السكان بحسب المراقبين.