بنيت يكلف رفلين إعادة العلاقات «الحميمة» مع واشنطن

انضمام إسرائيلي إلى بيان ضد الصين تجاوباً مع طلب أميركي

رئيس أركان الجيش الإسرائيلي أفيف كوخافي يضع الزهور على قبر الجندي المجهول بفرجيينا بالولايات المتحدة (أ.ف.ب)
رئيس أركان الجيش الإسرائيلي أفيف كوخافي يضع الزهور على قبر الجندي المجهول بفرجيينا بالولايات المتحدة (أ.ف.ب)
TT

بنيت يكلف رفلين إعادة العلاقات «الحميمة» مع واشنطن

رئيس أركان الجيش الإسرائيلي أفيف كوخافي يضع الزهور على قبر الجندي المجهول بفرجيينا بالولايات المتحدة (أ.ف.ب)
رئيس أركان الجيش الإسرائيلي أفيف كوخافي يضع الزهور على قبر الجندي المجهول بفرجيينا بالولايات المتحدة (أ.ف.ب)

عشية سفره إلى واشنطن تلبية لدعوة الرئيس جو بايدن، التقى الرئيس الإسرائيلي رؤوبين رفلين مع رئيس الوزراء نفتالي بنيت، وحصل على إحاطة منه بشأن «الأضرار التي أحدثها رئيس الوزراء السابق بنيامين نتنياهو، وكيفية تحسين العلاقات وإعادتها إلى سابق عهدها من التعاون الاستراتيجي والتنسيق الدائم».
وقالت مصادر مطلعة إن رفلين أعرب عن الاستعداد لخدمة موقف حكومة بنيت بشكل تظاهري، بعد أن عانى طيلة 7 سنوات من سياسة نتنياهو، وقال إنه سعيد بأنه ينهي ولايته بصفته رئيساً بزيارة إلى الولايات المتحدة بالذات، بغرض ترميم العلاقات معها، وإعادتها إلى سابق عهدها علاقات حميمة عميقة.
وحسب بيان صادر عن الطرفين، سيطرح رفلين موقف الحكومة الإسرائيلية الرافض للاتفاق النووي الجاري التفاوض حوله في فيينا، والإصرار على إلغاء الوجود الإيراني في سوريا، وموضوع التهدئة في قطاع غزة، وغيرها من المواضيع المهمة للبلدين.
والمعروف أن رفلين سينهي ولايته في رئاسة الدولة يوم 7 يوليو (تموز) المقبل. وقد دعاه الرئيس بايدن إلى الولايات المتحدة لإجراء محادثات، والمشاركة في الاحتفالات بالاستقلال الأميركي. وعدت دعوته موقفاً تظاهرياً ضد نتنياهو، رئيس الوزراء الإسرائيلي الوحيد الذي لم يدع للقاء الرئيس الأميركي بعيد انتخابه. وتعمد بايدن تجاهل نتنياهو، وحتى المكالمة الهاتفية بينهما تمت بعد عدة أسابيع من الانتخابات الأميركية. وقد حاول نتنياهو تصحيح العلاقات، وراح يتحدث عن بايدن بصفته صديقاً له، إلا أن الإدارة الأميركية واظبت على أجواء باردة حياله. وبعد ساعتين من انتخاب بنيت لرئاسة الحكومة، سارع بايدن إلى تهنئته ودعاه إلى البيت الأبيض، واتفقا على انتهاج أسلوب جديد في العلاقات بينهما، مبني على التفاهمات وتسوية الخلافات بشكل ودود. وهو الأمر الذي أغاظ نتنياهو، فخرج في تصريحات يبين فيها استقلاليته عن الموقف الأميركي، خصوصاً بشأن إيران والاتفاق النووي. وعلى أثر ذلك، اتهمه رئيس الحكومة البديل وزير الخارجية يائير لبيد بالسعي لتخريب العلاقات بين إسرائيل والولايات المتحدة.
وأعلن مكتب لبيد، أمس (الأربعاء)، أنه هاتف رئيسة مجلس النواب الأميركي نانسي بيلوسي، ضمن جهود توثيق العلاقات الإسرائيلية - الأميركية عموماً، والعلاقات بين إسرائيل والحزب الديمقراطي الأميركي تحديداً. وقال لبيد إنه شكر بيلوسي على دعمها لإسرائيل، وأكد أهمية مساندة الحزبين الديمقراطي والجمهوري لدولة إسرائيل.
ومن جهة ثانية، لفت النظر إلى أن حكومة بنيت - لبيد قد استجابت إلى رغبة البيت الأبيض، وانضمت إلى بيان أعدته كندا، بدعم من واشنطن، لإدانة الصين في مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة، وذلك في تغيير للسياسة التي اتبعتها الدبلوماسية الإسرائيلية في علاقتها مع الصين. فالمعروف أن الحكومة الإسرائيلية السابقة، برئاسة نتنياهو، عملت على تعزيز العلاقات مع الصين، وتجنبت فرض قيود على الاستثمارات الصينية في الاقتصاد الإسرائيلي، على الرغم من طلبات ملحة من إدارة الرئيس الأميركي السابق دونالد ترمب بهذا الشأن.
وكشف مسؤولون إسرائيليون وأميركيون عن أنه خلال الأيام القليلة الماضية، قدمت سفارة الولايات المتحدة لدى إسرائيل طلباً رسمياً إلى وزارة الخارجية الإسرائيلية، تدعوها من خلاله إلى الانضمام إلى بيان إدانة الصين. ووجه دبلوماسيون أميركيون طلباً مماثلاً لأعضاء البعثات الإسرائيلية في مؤسسات الأمم المتحدة في جنيف، شددوا من خلاله على ضرورة دعم إسرائيل لإعلان التنديد ضد الصين. وبعد مباحثات داخلية مكثفة في وزارة الخارجة الإسرائيلية، قرر لبيد الموافقة على الطلب الأميركي، والانضمام إلى قرار إدانة الصين. ومع ذلك، قررت وزارة الخارجية إبقاء الخطوة بعيدة عن الأضواء، وعدم الإعلان عن الموقف الإسرائيلي في هذا الخصوص.
يذكر أن رئيس أركان الجيش الإسرائيلي أفيف كوخافي أنهى أمس زيارة للولايات الأميركية، تخللها عدد من اللقاءات مع المسؤولين الأميركيين، في مقدمتهم وزير الدفاع لويد أوستين، ورئيس أركان القوات المشتركة مارك ميلي، وقائد القيادة المركزية للولايات المتحدة كينث ماكنزي، وقائد العمليات الخاصة في الولايات المتحدة ريتشارد كلارك، وشخصيات أخرى رفيعة المستوى.
وأوضح بيان للجيش الإسرائيلي أن كوخافي ناقش خلال اللقاءات استنتاجات النشاطات العسكرية للجيش الإسرائيلي في الشرق الأوسط التي تمت في الأشهر الأخيرة على الجبهتين الشمالية والفلسطينية، والتعاون العسكري والاستخباراتي بين الجيشين، والخطط الجديدة لتوسيع التعاون العسكري.
ونقل المتحدث باسم الجيش عن كوخافي قوله إن «التعاون العسكري للجيش الإسرائيلي مع الجيش الأميركي استثنائي في نطاقه، وهناك كثير من التحديات المشتركة للبلدين، بينها مجابهة النووي الإيراني، ومحاربة التموضع في سوريا». كما عبر كوخافي عن أن التحالف العسكري والاستراتيجي بين إسرائيل والولايات المتحدة يشكل أهم مدماك في بنيان الأمن القومي للدولة العبرية. وقال إن «التعاون بين جيشينا تضاعف في السنوات الأخيرة، والمصالح المشتركة تزداد قوة وحيوية، وسنواصل معاً العمل على مواجهة التحديات المشتركة في منطقتنا».



دعوات حكومية ودولية لتكثيف الاستجابة الإنسانية في اليمن

زيادة كبيرة في حجم احتياجات الاستجابة الإنسانية في اليمن يقابلها نقص في التمويل (الأمم المتحدة)
زيادة كبيرة في حجم احتياجات الاستجابة الإنسانية في اليمن يقابلها نقص في التمويل (الأمم المتحدة)
TT

دعوات حكومية ودولية لتكثيف الاستجابة الإنسانية في اليمن

زيادة كبيرة في حجم احتياجات الاستجابة الإنسانية في اليمن يقابلها نقص في التمويل (الأمم المتحدة)
زيادة كبيرة في حجم احتياجات الاستجابة الإنسانية في اليمن يقابلها نقص في التمويل (الأمم المتحدة)

مع توجّه الحكومة اليمنية بطلب إلى الأمم المتحدة لعقد مؤتمر للمانحين لجهة دعم خطة الاستجابة الإنسانية في البلاد، بعد تزايد الاحتياجات الإنسانية الملحَّة، جددت منظمات دولية وأممية الدعوة إلى زيادة التمويل والتعاون الأكبر بين الجهات الفاعلة الوطنية والدولية لتقديم المساعدات الأساسية.

وفي حين تواصل الجماعة الحوثية إعاقة جهود الإغاثة في البلاد، ذكر الإعلام الرسمي أن سفير اليمن لدى الأمم المتحدة، عبد الله السعدي، أكد على ضرورة أن تظل الأزمة الإنسانية في اليمن على رأس أولويات الأمم المتحدة والمجتمع الدولي للحد من المعاناة المتزايدة، داعياً إلى تكثيف الجهود للإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع المختطَفين والمعتقَلين، ومحاسبة المسؤولين عن مختلف الانتهاكات، في إشارة إلى الجماعة الحوثية.

وفي بيان اليمن أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة، خلال الجلسة الخاصة بتعزيز تنسيق المساعدات الإنسانية والإغاثية، حذَّر السعدي المجتمع الدولي من خطورة تجاهل الانتهاكات التي ترتكبها الجماعة الحوثية لخدمة أجندتها السياسية، بما في ذلك استخدام المساعدات الإنسانية لخدمة أهدافها العسكرية وتحويل المناطق الخاضعة لسيطرتها إلى سجون لمن يعارضونها.

أكثر من 19 مليون يمني بحاجة إلى المساعدات خلال العام المقبل حسب تقديرات أممية (الأمم المتحدة)

وأعاد البيان اليمني التذكير بأهمية نقل مقرات الوكالات الأممية والمنظمات الدولية إلى العاصمة المؤقتة عدن لضمان سلامة العاملين في المجال الإنساني، وتوفير بيئة آمنة للعمل بعيداً عن التدخلات؛ ما يساهم في تحسين القدرة على إيصال المساعدات إلى الفئات المحتاجة في مختلف المناطق. وتتهم الحكومة اليمنية وأوساط إغاثية وحقوقية محلية وأممية ودولية الجماعة الحوثية بالاستمرار في اختطاف العاملين بالمجال الإغاثي، وتبني حملات إعلامية مسيئة للعمل الإنساني، ورفض الاستجابة لطلبات عائلات المختطفين بالسماح بزيارتهم والاطمئنان على صحتهم الجسدية والنفسية، وتقديم الرعاية لهم.

سوء التنظيم والتخطيط

وجدَّدت الحكومة اليمنية التذكير بالأضرار الكبيرة التي تسببت بها الفيضانات والسيول التي ضربت عدة مناطق يمنية هذا العام، إلى جانب مختلف التطرفات المناخية التي ضاعفت من الآثار الناجمة عن الحرب في مفاقمة الأوضاع الإنسانية والاقتصادية؛ ما زاد من أهمية وضرورة تكثيف دعم المجتمع الدولي لليمن في مواجهة هذه التحديات.

جهات دولية تتهم الجماعة الحوثية بإعاقة أعمال الإغاثة بعد اختطاف موظفي المنظمات (رويترز)

ولا يتوقع جمال بلفقيه رئيس اللجنة العليا للإغاثة في الحكومة اليمنية أن يكون الدعم كبيراً أو كافياً لمواجهة مختلف المتطلبات والاحتياجات، مشيراً إلى أن عملية حشد الأموال لا بد أن تقترن بكيفية تنظيم إدارة العمل الإنساني والإغاثي، وخلق شراكة حقيقية بين الحكومة اليمنية والقطاع الخاص، والمنظمات المحلية والجهات الإغاثية الحالية، لإيصال المساعدات.

وفي حديثه لـ«الشرق الأوسط»، يصف بلفقيه الأزمة الإنسانية في بلاده بالأشد قسوة؛ ما يجعل من غير الممكن على اليمنيين الصمود أمام متطلبات معيشتهم، في ظل استمرارها وتصاعدها، منوهاً بأن حجم الأموال التي يمكن الحصول عليها ليس مهماً إذا لم يتم تنظيم عمليات الإغاثة للوصول بكفاءة إلى كل المستحقين.

وانتقد بلفقيه، وهو أيضاً مستشار وزير الإدارة المحلية، التوجهات الأممية الموسمية لزيادة التمويل، عند نهاية عام وبداية عام جديد، مع غياب التخطيط والتنظيم الفاعلين، وعدم مراعاة الاحتياجات المحلية للمتضررين من الأزمة الإنسانية في كل محافظة.

فيضانات الصيف الماضي في اليمن فاقمت من الأزمة الإنسانية وزادت من احتياجات الإغاثة (الأمم المتحدة)

من جهتها، أكدت منظمة «هيومن رايتس ووتش» أن اليمن أصبح يعيش «واحدة من أكبر الأزمات الإنسانية في العالم»، وفقاً لبيانات الأمم المتحدة؛ ما يزيد من احتياجات التمويل والتعاون الأكبر بين الجهات الفاعلة الوطنية والدولية لتقديم المساعدات الأساسية، بما فيها الغذاء والمياه والإمدادات الطبية.

واتهمت المنظمة، في بيان حديث لها، الجماعة الحوثية، باحتجاز وإخفاء 17 شخصاً على الأقل من موظفي الأمم المتحدة، بالإضافة إلى عشرات الموظفين من المنظمات غير الحكومية ومنظمات المجتمع المدني والشركات الخاصة، ومواصلة احتجازهم دون تهم.

إيقاف التمويل

نقلت «هيومن رايتس ووتش» عن الأمم المتحدة، أن 24.1 مليون يمني، أي ما يساوي 80 في المائة من السكان، بحاجة إلى المساعدات الإنسانية والحماية».

ونبهت المنظمة الدولية إلى أن الحكومة السويدية أقرَّت، أواخر الشهر الماضي، «الإنهاء التدريجي» لمساعداتها الإنمائية لليمن، على خلفية الإجراءات التدميرية المتزايدة للجماعة الحوثية في الأجزاء الشمالية من اليمن، ومنها اختطاف موظفي الأمم المتحدة.

كما دعت الأمم المتحدة والمجتمع الدولي تصعيد مطالبة الحوثيين بالإفراج عن المعتقلين، وتنسيق جهودهما بشكل أفضل في هذا الهدف المشترك. وقالت: «يجب أن تضاعف وكالات الأمم المتحدة الجهود لحماية ودعم موظفيها المتبقين في اليمن».

رغم تراجع تمويل الإغاثة في اليمن لا تزال وكالات أممية تقدم مساعدات للنازحين والمحتاجين (الأمم المتحدة)

ويتفق الباحث الاقتصادي، عادل السامعي، مع مسؤول الإغاثة اليمني، بلفقيه، حول سوء إدارة أموال الإغاثة في اليمن، وتسبب ذلك في حلول جزئية ومؤقتة للأزمة الإنسانية في البلاد. ويوضح السامعي لـ«الشرق الأوسط» أن هناك تراجعاً ملحوظاً في تمويل خطة الاستجابة الإنسانية في اليمن بسبب «الفساد» الذي أضر بالعملية الإغاثية وتجيير كثير من أوجه الدعم والمساعدات لصالح الجماعة الحوثية.

ويلفت إلى أن هناك تراكماً للفجوات بين الاحتياجات التي تفرضها الأزمة الإنسانية في اليمن والتمويل الموجَّه لها؛ فبعد أن كانت متطلبات الاستجابة الإنسانية خلال الـ12 عاماً الماضية تزيد على 33 مليار دولار، جرى تحصيل أقل من 20 مليار دولار فقط.

وخلال الأسبوع الماضي، كشفت الأمم المتحدة عن حاجتها إلى 2.5 مليار دولار لدعم خطة الاستجابة الإنسانية في اليمن خلال العام المقبل (2025).

بسبب اختطاف الجماعة الحوثية موظفي الإغاثة في اليمن تراجعت عدد من الدول عن تمويل الاستجابة الإنسانية (أ.ف.ب)

وحذَّر «مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية (أوتشا)»، في بيان له، من أن الظروف المعيشية لمعظم اليمنيين ستظل مزرية في عام 2025. ومن المتوقَّع أن تؤدي فرص كسب العيش المحدودة وانخفاض القدرة الشرائية إلى تعميق عدم الاستقرار الاجتماعي والاقتصادي.

ووفقاً للمكتب الأممي، فإن 19.54 مليون شخص في اليمن بحاجة إلى المساعدة خلال العام المقبل، من بينهم 17 مليون شخص (49 في المائة من السكان) سيواجهون انعدام الأمن الغذائي الشديد، مع معاناة 5 ملايين شخص من ظروف «الطوارئ». بينما يؤثر سوء التغذية الحاد على نحو 3.5 مليون شخص، بمن في ذلك أكثر من 500 ألف شخص يعانون من سوء التغذية الحاد الشديد.