الحوثيون يعتقلون 150 شخصاً من أتباع «الدعوة والتبليغ»

TT

الحوثيون يعتقلون 150 شخصاً من أتباع «الدعوة والتبليغ»

أفادت مصادر يمنية في صنعاء بأن المييليشيات الحوثية، ذراع إيران في اليمن، وسَّعت مؤخرا من حجم انتهاكاتها للحريات الدينية والمذهبية لتشمل من يطلق عليهم بجماعة «الدعوة والتبليغ» والمعروف عن أتباعها عدم تدخلهم في السياسة أو الصراعات الاجتماعية.
وكشفت المصادر لـ«الشرق الأوسط»، عن شن الميليشيات على مدى الأسبوعين الفائتين، بناء على توجيهات صادرة من قيادات حوثية، حملة اعتقالات واسعة طالت العشرات من المنتمين لتلك الجماعة في ثماني مدن، سعيا لوقف تحركات أتباعها التي تقتصر على الأعمال الدعوية في المساجد.
وذكرت المصادر أن تلك الحملة الحوثية، التي وصفتها بـ«الشعواء» أسفر عنها اعتقال 150 شخصا على الأقل والزج بهم بسجون سرية في كل من العاصمة صنعاء وريفها ومدن ذمار وإب وتعز وعمران والمحويت والحديدة.
وقالت المصادر إن رفض غالبية المنتمين لتلك الجماعة الدعوية الرضوخ لضغوط ومطالب الميليشيات، أجبر الأخيرة على إصدار تعميمات تحض فيها على تعقبهم ووقف كل تحركاتهم في جميع القرى والمدن والمناطق الخاضعة للسيطرة الانقلابية.
وعلى صعيد مواصلة منع المييليشيات لأي جهة من إقامة نشاطات دينية أو اجتماعية بمدن ومناطق سيطرتها من أجل تفردها في نشر فكرها المستورد من إيران، تحدثت المصادر عن توجيه الانقلابيين فور اعتقالهم المنتمين لتلك الشريحة اتهامات عدة لهم للضغط عليهم بترك الخوض في الأمور الدينية والاكتفاء بمساندتها في عملية التحشيد والتعبئة العامة بكل القرى والمناطق التي يزورونها من أجل رفد جبهاتها القتالية بضحايا جدد.
وفي ريف صنعاء، تحدث سكان محليون عن شن مسلحي الجماعة قبل أيام حملة استهداف واسعة اعتقلت خلالها نحو 32 منتميا لتلك الشريحة في قرى ومناطق خولان وسنحان وبني بهلول وبلاد الروس الواقعة جنوب العاصمة.
وعبر السكان عن استنكارهم لجميع الممارسات والتعسفات الحوثية المرتكبة بحق مختلف الشرائح اليمنية. وأشاروا إلى أن تلك الحملة تكشف حقيقة الميليشيات وزيف ما تدعيه بانتمائها لما تسميه «المسيرة القرآنية».
وقالوا إن «تلك الحملات التي استهدفت جماعة الدعوة والتبليغ ليس لها أي مبرر، لكونها جماعة دينية لا علاقة لها بالأمور السياسية، وأغلب ما تتحدث عنه يتعلق بالجوانب الدينية التنويرية، بعكس ما تنتهجه الميليشيات الحوثية من ممارسات تحريض على العنف والتفرقة الطائفية والقتل والموت في سبيل نشر فكرها السلالي وتمجيد زعيمها الإرهابي».
ولم تكن هذه المرة الأولى التي تطال فيها حملات الاستهداف الحوثية المنتمين لتلك الشريحة اليمنية، حيث شهد العام الماضي ، وفق تقارير محلية عدة شن حملات مماثلة.
وفي مطلع يونيو (حزيران) من العام الماضي، اختطفت الميليشيات العشرات من جماعة الدعوة والتبليغ من مركز تابع لهم بمحافظة ذمار جنوب صنعاء.
وكشف حينها مصدر محلي عن اقتحام حملة عسكرية للمليشيات بقيادة المدعو أبو عبد الملك مطهر، مركز الجماعة الدعوية بمنطقة الجرشة العليا بمديرية عنس حيث اعتقلت العشرات منهم ومعهم سكان ممن يرتادون المركز والمسجد.
وفي منتصف الشهر نفسه، منعت الميليشيات في محافظة الحديدة أهل الدعوة والتبليغ من دخول مساجد عدة في المحافظة، والتى اعتادوا أن يقيموا فيها عدة أنشطة دعوية ودينية.
وكشفت حينها وثيقة حوثية عن صدور تعميمات من قيادات بارزة في العاصمة المختطفة صنعاء تحض عموم مكاتب الأوقاف وخطباء وأئمة المساجد بمناطق سيطرتها على منع تلك الشريحة من دخول المساجد أو المبيت فيها أو إقامة خواطر وندوات ومحاضرات دينية.
وبموجب تلك التعميمات تكررت الممارسات والانتهاكات الحوثية القمعية على مدى الفترات القليلة الماضية بحق أبناء هذه الجماعة في عدة قرى ومناطق ومدن قابعة تحت سيطرة الميليشيات.


مقالات ذات صلة

الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

العالم العربي مقاتلون حوثيون جدد جرى تدريبهم وإعدادهم أخيراً بمزاعم مناصرة قطاع غزة (إعلام حوثي)

الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

لجأت الجماعة الحوثية إلى مواجهة مخاوفها من مصير نظام الأسد في سوريا بأعمال اختطاف وتصعيد لعمليات استقطاب وتطييف واسعة وحشد مقاتلين

وضاح الجليل (عدن)
المشرق العربي عضو مجلس القيادة الرئاسي اليمني طارق صالح خلال الاجتماع (سبأ)

طارق صالح يدعو إلى تجاوز الخلافات والاستعداد ليوم الخلاص الوطني

دعا عضو مجلس القيادة الرئاسي اليمني طارق صالح إلى ما أسماه «وحدة المعركة»، والجاهزية الكاملة والاستعداد لتحرير العاصمة اليمنية صنعاء من قبضة الميليشيات الحوثية.

عبد الهادي حبتور (الرياض)
المشرق العربي جانب من اجتماع سابق في عمّان بين ممثلي الحكومة اليمنية والحوثيين خاص بملف الأسرى والمحتجزين (مكتب المبعوث الأممي)

واشنطن تفرض عقوبات على عبد القادر المرتضى واللجنة الحوثية لشؤون السجناء

تعهَّدت واشنطن بمواصلة تعزيز جهود مساءلة مرتكبي الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان في اليمن، بمَن فيهم «مسؤولو الحوثيين».

عبد الهادي حبتور (الرياض)
العالم العربي من عرض عسكري ألزم الحوثيون طلبة جامعيين على المشاركة فيه (إعلام حوثي)

حملة حوثية لتطييف التعليم في الجامعات الخاصة

بدأت الجماعة الحوثية فرض نفوذها العقائدي على التعليم الجامعي الخاص بإلزامه بمقررات طائفية، وإجبار أكاديمييه على المشاركة في فعاليات مذهبية، وتجنيد طلابه للتجسس.

وضاح الجليل (عدن)
المشرق العربي وزير الإعلام والثقافة والسياحة اليمني معمر الإرياني (سبأ)

​وزير الإعلام اليمني: الأيام المقبلة مليئة بالمفاجآت

عقب التطورات السورية يرى وزير الإعلام والثقافة والسياحة اليمني معمر الإرياني أن المنطقة مقبلة على مرحلة جديدة تحمل الأمل والحرية

عبد الهادي حبتور (الرياض)

اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
TT

اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)

كان مخيم اليرموك للاجئين في سوريا، الذي يقع خارج دمشق، يُعدّ عاصمة الشتات الفلسطيني قبل أن تؤدي الحرب إلى تقليصه لمجموعة من المباني المدمرة.

سيطر على المخيم، وفقاً لوكالة «أسوشييتد برس»، مجموعة من الجماعات المسلحة ثم تعرض للقصف من الجو، وأصبح خالياً تقريباً منذ عام 2018، والمباني التي لم تدمرها القنابل هدمت أو نهبها اللصوص.

رويداً رويداً، بدأ سكان المخيم في العودة إليه، وبعد سقوط الرئيس السوري السابق بشار الأسد في 8 ديسمبر (كانون الأول)، يأمل الكثيرون في أن يتمكنوا من العودة.

في الوقت نفسه، لا يزال اللاجئون الفلسطينيون في سوريا، الذين يبلغ عددهم نحو 450 ألف شخص، غير متأكدين من وضعهم في النظام الجديد.

أطفال يلعبون أمام منازل مدمرة بمخيم اليرموك للاجئين في سوريا (أ.ف.ب)

وتساءل السفير الفلسطيني لدى سوريا، سمير الرفاعي: «كيف ستتعامل القيادة السورية الجديدة مع القضية الفلسطينية؟»، وتابع: «ليس لدينا أي فكرة لأننا لم نتواصل مع بعضنا بعضاً حتى الآن».

بعد أيام من انهيار حكومة الأسد، مشت النساء في مجموعات عبر شوارع اليرموك، بينما كان الأطفال يلعبون بين الأنقاض. مرت الدراجات النارية والدراجات الهوائية والسيارات أحياناً بين المباني المدمرة. في إحدى المناطق الأقل تضرراً، كان سوق الفواكه والخضراوات يعمل بكثافة.

عاد بعض الأشخاص لأول مرة منذ سنوات للتحقق من منازلهم. آخرون كانوا قد عادوا سابقاً ولكنهم يفكرون الآن فقط في إعادة البناء والعودة بشكل دائم.

غادر أحمد الحسين المخيم في عام 2011، بعد فترة وجيزة من بداية الانتفاضة ضد الحكومة التي تحولت إلى حرب أهلية، وقبل بضعة أشهر، عاد للإقامة مع أقاربه في جزء غير مدمر من المخيم بسبب ارتفاع الإيجارات في أماكن أخرى، والآن يأمل في إعادة بناء منزله.

هيكل إحدى ألعاب الملاهي في مخيم اليرموك بسوريا (أ.ف.ب)

قال الحسين: «تحت حكم الأسد، لم يكن من السهل الحصول على إذن من الأجهزة الأمنية لدخول المخيم. كان عليك الجلوس على طاولة والإجابة عن أسئلة مثل: مَن هي والدتك؟ مَن هو والدك؟ مَن في عائلتك تم اعتقاله؟ عشرون ألف سؤال للحصول على الموافقة».

وأشار إلى إن الناس الذين كانوا مترددين يرغبون في العودة الآن، ومن بينهم ابنه الذي هرب إلى ألمانيا.

جاءت تغريد حلاوي مع امرأتين أخريين، يوم الخميس، للتحقق من منازلهن. وتحدثن بحسرة عن الأيام التي كانت فيها شوارع المخيم تعج بالحياة حتى الساعة الثالثة أو الرابعة صباحاً.

قالت تغريد: «أشعر بأن فلسطين هنا، حتى لو كنت بعيدة عنها»، مضيفة: «حتى مع كل هذا الدمار، أشعر وكأنها الجنة. آمل أن يعود الجميع، جميع الذين غادروا البلاد أو يعيشون في مناطق أخرى».

بني مخيم اليرموك في عام 1957 للاجئين الفلسطينيين، لكنه تطور ليصبح ضاحية نابضة بالحياة حيث استقر العديد من السوريين من الطبقة العاملة به. قبل الحرب، كان يعيش فيه نحو 1.2 مليون شخص، بما في ذلك 160 ألف فلسطيني، وفقاً لوكالة الأمم المتحدة للاجئين الفلسطينيين (الأونروا). اليوم، يضم المخيم نحو 8 آلاف لاجئ فلسطيني ممن بقوا أو عادوا.

لا يحصل اللاجئون الفلسطينيون في سوريا على الجنسية، للحفاظ على حقهم في العودة إلى مدنهم وقراهم التي أُجبروا على مغادرتها في فلسطين عام 1948.

لكن، على عكس لبنان المجاورة، حيث يُمنع الفلسطينيون من التملك أو العمل في العديد من المهن، كان للفلسطينيين في سوريا تاريخياً جميع حقوق المواطنين باستثناء حق التصويت والترشح للمناصب.

في الوقت نفسه، كانت للفصائل الفلسطينية علاقة معقدة مع السلطات السورية. كان الرئيس السوري الأسبق حافظ الأسد وزعيم «منظمة التحرير الفلسطينية»، ياسر عرفات، خصمين. وسُجن العديد من الفلسطينيين بسبب انتمائهم لحركة «فتح» التابعة لعرفات.

قال محمود دخنوس، معلم متقاعد عاد إلى «اليرموك» للتحقق من منزله، إنه كان يُستدعى كثيراً للاستجواب من قبل أجهزة الاستخبارات السورية.

وأضاف متحدثاً عن عائلة الأسد: «على الرغم من ادعاءاتهم بأنهم مع (المقاومة) الفلسطينية، في الإعلام كانوا كذلك، لكن على الأرض كانت الحقيقة شيئاً آخر».

وبالنسبة لحكام البلاد الجدد، قال: «نحتاج إلى مزيد من الوقت للحكم على موقفهم تجاه الفلسطينيين في سوريا. لكن العلامات حتى الآن خلال هذا الأسبوع، المواقف والمقترحات التي يتم طرحها من قبل الحكومة الجديدة جيدة للشعب والمواطنين».

حاولت الفصائل الفلسطينية في اليرموك البقاء محايدة عندما اندلع الصراع في سوريا، ولكن بحلول أواخر 2012، انجر المخيم إلى الصراع ووقفت فصائل مختلفة على جوانب متعارضة.

عرفات في حديث مع حافظ الأسد خلال احتفالات ذكرى الثورة الليبية في طرابلس عام 1989 (أ.ف.ب)

منذ سقوط الأسد، كانت الفصائل تسعى لتوطيد علاقتها مع الحكومة الجديدة. قالت مجموعة من الفصائل الفلسطينية، في بيان يوم الأربعاء، إنها شكلت هيئة برئاسة السفير الفلسطيني لإدارة العلاقات مع السلطات الجديدة في سوريا.

ولم تعلق القيادة الجديدة، التي ترأسها «هيئة تحرير الشام»، رسمياً على وضع اللاجئين الفلسطينيين.

قدمت الحكومة السورية المؤقتة، الجمعة، شكوى إلى مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة تدين دخول القوات الإسرائيلية للأراضي السورية في مرتفعات الجولان وقصفها لعدة مناطق في سوريا.

لكن زعيم «هيئة تحرير الشام»، أحمد الشرع، المعروف سابقاً باسم «أبو محمد الجولاني»، قال إن الإدارة الجديدة لا تسعى إلى صراع مع إسرائيل.

وقال الرفاعي إن قوات الأمن الحكومية الجديدة دخلت مكاتب ثلاث فصائل فلسطينية وأزالت الأسلحة الموجودة هناك، لكن لم يتضح ما إذا كان هناك قرار رسمي لنزع سلاح الجماعات الفلسطينية.