طهران تتهم واشنطن بالتدخل في شؤونها بعد انتقادات لانتخابات الرئاسة

عمال إيرانيون ينقلون البضائع في سوق مولافي في جنوب طهران الاثنين (أ.ف.ب)
عمال إيرانيون ينقلون البضائع في سوق مولافي في جنوب طهران الاثنين (أ.ف.ب)
TT

طهران تتهم واشنطن بالتدخل في شؤونها بعد انتقادات لانتخابات الرئاسة

عمال إيرانيون ينقلون البضائع في سوق مولافي في جنوب طهران الاثنين (أ.ف.ب)
عمال إيرانيون ينقلون البضائع في سوق مولافي في جنوب طهران الاثنين (أ.ف.ب)

اتهمت طهران الولايات المتحدة بالتدخل في شؤونها بعد قولها إن الانتخابات الرئاسية التي أجريت يوم الجمعة، لم تكن حرة ولا نزيهة، بينما تبادلت الأطراف السياسية الاتهام بالمسؤولية عن تراجع إقبال الناخبين إلى مستويات قياسية وارتفاع عدد الأصوات الباطلة.
وحقق رئيسي، وهو قاض متشدد يخضع لعقوبات أميركية لاتهامه بارتكاب انتهاكات لحقوق الإنسان، الفوز كما كان متوقعا، بعد سباق اتسم بعزوف الناخبين عن المشاركة بسبب الصعوبات الاقتصادية والقيود السياسية.
وسجلت الانتخابات الرئاسة أدنى مشاركة يشهدها استحقاق رئاسي، بـ48.8 في المائة من الناخبين في عموم البلاد بينما بلغت النسبة 26 في المائة بالعاصمة طهران، حسب الإحصائية الرسمية. وحصل رئيسي على أصوات 62 في المائة من المشاركين، في حين سجلت نسبة أوراق الاقتراع الباطلة 3.7 مليون بطاقة وهو أعلى عدد مسجل على الإطلاق. ويعتقد أنها كانت بطاقات فارغة دون اختيار أي مرشح في الأغلب أو لجأ أصحابها إلى التصويت الاحتجاجي.
وقال متحدث باسم وزارة الخارجية الأميركية، ند برايس الاثنين إن الولايات المتحدة ترى العملية التي أصبح رئيسي من خلالها رئيسا منتخبا لإيران «مصطنعة للغاية»، وأكد أن واشنطن لا ترى هذه الانتخابات حرة أو نزيهة.
ورفضت طهران هذه الانتقادات. ونقلت وسائل إعلام رسمية عن المتحدث باسم الحكومة الإيرانية علي ربيعي قوله: «نعتبر هذا البيان تدخلا في الشأن الداخلي للبلاد وانتهاكا للقوانين الدولية، ومن هنا ندين ونستنكر هذه التصريحات»، مضيفا أن الحكومة الأميركية «ليست في وضع يؤهلها لإبداء الرأي في نتائج الانتخابات في إيران أو أي بلد آخر»، حسب «رويترز».
والاثنين، دعا نحو 150 من المسؤولين السابقين في الأمم المتحدة إضافة لخبراء دوليين في مجال حقوق الإنسان والقانون في رسالة إلى تشكيل لجنة تحقيق دولية في مقتل آلاف المعتقلين السياسيين الإيرانيين خارج نطاق القضاء في 1988 وهو ما يواجه رئيسي اتهامات بالضلوع فيه.
وردا على سؤال بشأن اتهامه بالضلوع في عمليات القتل المذكورة قال رئيسي للصحافيين: «إذا دافع القاضي أو ممثل الادعاء عن أمن الناس فينبغي الإشادة به... أنا فخور بأنني دافعت عن حقوق الإنسان في كل منصب توليته حتى الآن».
كان أكثر من نصف الناخبين المؤهلين في حالة استياء شديد حالت دون مشاركتهم في التصويت، أو امتثلوا على ما يبدو لدعوات من معارضين في الداخل والخارج إلى مقاطعة الانتخابات.
وقالت صحيفة «كيهان» المقربة من مكتب المرشد علي خامنئي إن نسبة المشاركة في الانتخابات الرئاسية هي الأدنى منذ أربعة عقود، وإن السبب في ذلك يرجع إلى الأزمات الاقتصادية التي تُتهم حكومة الرئيس المحافظ نسبيا حسن روحاني بالمسؤولية عن معظمها.
وذكرت الصحيفة في تعليق «يمكن القول من دون شك إن المشكلات والمعيشية الكثيرة والضغوط القاسية التي فرضتها الحكومة على الشعب على مدى الأعوام الثمانية الماضية كانت من الأسباب الرئيسية لانخفاض معدل المشاركة».
وذكرت صحيفة «جمهوري الإسلامي» المحافظة أن أحد الأسباب الرئيسية لعزوف الناس عن التصويت هو منع مجلس صيانة الدستور مرشحين بارزين من المعتدلين والمحافظين من خوض الانتخابات. وأضافت «رغم أنه لا يمكن تجاهل الصعوبات الاقتصادية فإن محدودية الخيارات أمام الشعب كانت أكثر أهمية، الدعم الشعبي للنظام يواجه خطر الانحسار... (من خلال) عدم مشاركة الناس والأصوات الباطلة».
في برلين، قال المتحدث باسم الحكومة الألمانية، ستيفن سايبرت، مساء الاثنين، إن الحكومة على اطلاع بدور رئيسي في عمليات الإعدام، لكنه رفض التعليق على رسالة التهنئة التي وجهتها المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل وقال: «ليس هناك لديه ما يقوله في هذا الصدد».
وقال المتحدث إن اختيار المرشحين للانتخابات الرئاسية الإيرانية «لم يتوافق بأي حال من الأحوال مع تصورنا عن الانتخابات الحرة والنزيهة»، مشيرا إلى أن الغالبية تركز حاليا على مباحثات الاتفاق النووي.
وجاء الموقف الألماني في سياق الموقف الفرنسي الذي ورد على لسان المتحدثة باسم الخارجية الفرنسية، أنيس فون دير مول، إذ أعربت مساء الاثنين عن «قلقها» حيال واقع حقوق الإنسان في إيران، وأكدت حشد كل جهودها الدبلوماسية لإنقاذ الاتفاق المبرم حول النووي الإيراني، بعد انتخاب رئيسي.
قبل ذلك بيوم، كتبت مسؤولة شؤون حقوق الإنسان في الحكومة الألمانية بيربل كوفلر عبر حسابها على «تويتر»، «يجب سماع صوت الشعب الإيراني، من يطالبون بالحرية وحقوق الإنسان» وأضافت «نسبة المشاركة المنخفضة تشير إلى أن أجزاء كبيرة من السكان لا ترى انعكاسا لنفسها في المرشحين».
وأعربت كولر عن قلقها أن الرئيس المنتخب «ينأى بنفسه بوضوح عن انتهاكات حقوق الإنسان» ولفت إلى أن حقوق الإنسان «غير قابلة للتفاوض وأن إيران التزمت دوليا بالالتزام بها».



أزمة «تجنيد الحريديم» تحتدم في ساحات القضاء الإسرائيلي

جنود إسرائيليون يقفون حراساً في مرتفعات الجولان على الحدود مع سوريا ولبنان (وكالة الصحافة الفرنسية)
جنود إسرائيليون يقفون حراساً في مرتفعات الجولان على الحدود مع سوريا ولبنان (وكالة الصحافة الفرنسية)
TT

أزمة «تجنيد الحريديم» تحتدم في ساحات القضاء الإسرائيلي

جنود إسرائيليون يقفون حراساً في مرتفعات الجولان على الحدود مع سوريا ولبنان (وكالة الصحافة الفرنسية)
جنود إسرائيليون يقفون حراساً في مرتفعات الجولان على الحدود مع سوريا ولبنان (وكالة الصحافة الفرنسية)

شهدت جلسة للمحكمة العليا الإسرائيلية، عقدت الأربعاء، لمناقشة التماسات ضد امتناع «الحريديم» (اليهود المتشددين دينياً) عن الخدمة في الجيش، مشادات وشغباً، وسط اتهامات للحكومة بتعمد تقديم «رد متأخر» حول موقفهم، وغضب من أهالي الجنود الذين يقاتلون في قطاع غزة.

ونقلت وسائل إعلام عبرية، أنه خلال مناقشة التماس قدمته منظمات وروابط محلية ضد الحكومة ووزير الدفاع يسرائيل كاتس لأنهم «لا يطبقون واجب التجنيد ضد الحريديم»، اندلعت أعمال شغب بعد أن اقتحمت تمار ليفي، من حركة «أمهات على الجبهة» القاعة، وصرخت قائلة: «إن العلمانيين (في إشارة إلى من يتم تجنيدهم) ليسوا حمير المتشددين».

ونقلت «القناة 12» الإسرائيلية أن ليفي وقفت فوق كرسي وصرخت في قاعة المحكمة «إنكم تفتتون النسيج الاجتماعي لهذا البلد. لا يمكن أن نرسل أولادنا بعمر 18 عاماً إلى غزة ولبنان ولا يتم إرسال آخرين»، ثم يتمكن حارس المحكمة من إخراجها من الجلسة.

80 ألفاً

وناقشت الجلسة رد الحكومة المتأخر، وقال قضاة المحكمة إنهم صدموا عندما عرفوا أن عدد أعضاء المتشددين الذين لم يتم تجنيدهم، بحسب رد الدولة، هو 80 ألفاً.

ووبخ القضاةُ ممثلي الحكومة لأنهم ردوا متأخراً في الصباح الباكر قبل ساعات من الجلسة.

وكان كاتس معنياً، كما نشر، بتأخير الرد الرسمي، الذي أكد أن الجيش الإسرائيلي سيكون قادراً ابتداء من عام 2026 على استيعاب جميع اليهود المتشددين.

«الحريديم» في مظاهرة بالقدس ضد قرار تجنيدهم بالجيش الإسرائيلي 30 يونيو 2024 (أ.ب)

ونقل المستشار القانوني للحكومة، غالي بهراف ميارا، موقف الدولة بشأن تجنيد المتشددين، إلى المحكمة، وأشار إلى أن الجيش سيكون قادراً على استيعاب أرقام محددة من الحريديم هذا العام، وفي عام 2026 لن يكون هناك حد على الإطلاق.

وقالت الحكومة إن «الجيش أرسل أوامر التعبئة إلى نحو 7000 من اليهود المتشددين في سن الخدمة العسكرية».

وكان الجيش الإسرائيلي أعلن الثلاثاء، عن زيادة كبيرة في التجنيد من الطائفة اليهودية المتشددة لفترة التجنيد الثانية لعام 2024.

وفقاً للمتحدث باسم الجيش الإسرائيلي، «انضم 338 مجنداً جديداً من اليهود المتشددين إلى وحدات مختلفة: 211 بوصفهم مقاتلين و127 في مهام دعم».

ويؤكد الجيش الإسرائيلي أن «هذا الدمج يتم مع احترام الظروف وأسلوب الحياة الديني للمجندين، مع تكييف البرامج القائمة».

لكن بحسب وسائل إعلام إسرائيلية، فإن إرسال الجيش الإسرائيلي 7000 أمر تجنيد إضافي لأعضاء المجتمع الحريدي جاء بعد أن فشلت المرحلة الأولى من خطة تجنيد الجنود الحريديم إلى حد كبير.

نزاع شائك

ومن بين 3000 أمر تجنيد صدرت للمتدينين الحريديم خلال الصيف الماضي، استجاب 300 شخص منهم وحضروا إلى مراكز التجنيد.

وجاءت أوامر الجيش بعد حكم تاريخي للمحكمة العليا في يونيو (حزيران) الماضي، وفيه أنه «لم يعد هناك أي إطار قانوني يسمح للدولة بالامتناع عن تجنيد طلاب المدارس الدينية الحريدية في الخدمة العسكرية».

والنزاع حول خدمة المجتمع الحريدي في الجيش هو أحد أبرز النزاعات الشائكة في إسرائيل، حيث لم تنجح محاولات الحكومة والقضاء على مدار عقود من الزمان في التوصل إلى حل مستقر لهذه القضية.

وتقاوم الزعامات الدينية والسياسية الحريدية بشدة أي جهد لتجنيد الشباب الحريديم.

يعارض «الحريديم» الخدمة في الجيش (أرشيفية - أ.ف.ب)

ويقول العديد من اليهود الحريديم إن «الخدمة العسكرية تتعارض مع أسلوب حياتهم، ويخشون أن يصبح المجندون علمانيين».

ولكن الإسرائيليين الذين يخدمون في الجيش يقولون إن هذه «الإعفاءات الجماعية القائمة منذ عقود تثقل كاهلهم بشكل غير عادل، وهذا الشعور تفاقم منذ هجوم السابع من أكتوبر (تشرين الأول) والحرب التالية، التي قتل فيها أكثر من 780 جندياً واستدعي نحو 300 ألف مواطن للخدمة الاحتياطية».

وفي العام الماضي، تم إدراج 63 ألف رجل من الحريديم على أنهم مؤهلون للخدمة العسكرية، وارتفع الرقم إلى 80 ألفاً هذا العام.

وتعمل أحزاب الائتلاف الحريدية على تشريع قانون معروف باسم «قانون التجنيد» من شأنه أن يتضمن زيادة في التجنيد، لكن مع الحفاظ على نطاق واسع من الإعفاء للرجال الحريديم، وهو ما خلف مزيداً من الجدل الصاخب والنقاش في إسرائيل.

وبداية العام الحالي، أعلن وزير الدفاع السابق، عضو الكنيست يوآف غالانت، استقالته من الكنيست، وتطرق إلى موضوع قانون التجنيد الذي كان سبباً في إقالته من منصبه، قائلاً: «في الشهرين الأخيرين منذ إقالتي من منصب وزير الدفاع، سقط أمر ما. الحكومة الإسرائيلية، بقيادة رئيس الوزراء ووزير الدفاع تقوم بتسريع قانون التجنيد (الإعفاء) الذي يتعارض مع احتياجات الجيش الإسرائيلي وأمن دولة إسرائيل. لا أستطيع قبول ذلك ولا أستطيع أن أكون شريكاً في ذلك».