أمين عام «الاشتراكي» لـ {الشرق الأوسط}: اليمن تحول إلى ساحة لتصفية حسابات بين قوى خارجية

انتقد بطء الحوار السياسي الذي ترعاه الأمم المتحدة ومبعوثها الخاص إلى اليمن

عبد الرحمن السقاف
عبد الرحمن السقاف
TT

أمين عام «الاشتراكي» لـ {الشرق الأوسط}: اليمن تحول إلى ساحة لتصفية حسابات بين قوى خارجية

عبد الرحمن السقاف
عبد الرحمن السقاف

لا يزال الجدل محتدما في اليمن حول مكان انعقاد الحوار بين القوى السياسية، بعد المطالبات بنقله من صنعاء، في الوقت الذي تعرب كثير من الأوساط عن مخاوفها من اندلاع حرب أهلية في البلاد، بين السلطتين في صنعاء وعدن وتشارك فيها أطراف أخرى، بعضها متطرفة، وقال الدكتور عبد الرحمن السقاف، أمين عام الحزب الاشتراكي اليمني، أحد أكبر الأحزاب اليمنية إن توقف الحوار بين فرقاء العمل السياسي في اليمن يزيد من احتمالات اندلاع صراع مسلح، وأكد عدم تحفظ حزبه على أي مكان ينعقد فيه الحوار، في ظل الجدل والمطالبات المتواصلة بنقله إلى خارج العاصمة صنعاء، ثم المطالبة الجديدة بنقله إلى إحدى دول الجوار الخليجي، وأشار إلى أن «مكان الحوار لا يجب أن يتحول إلى وسيلة لإضاعة الوقت، فالحقائق على الأرض تفيد بتسلح في مناطق مختلفة ويقال إن هناك دعما إقليما وقد يؤدي هذا إلى حرب أهلية»، وإلى أن «الاشتراكي يقبل بأي مكان للحوار في الداخل أو مكان محايد في الخارج، شرط عدم تحول العملية إلى إطالة للحوار، ليس إلا».
وأضاف السقاف، في تصريحات خاصة لـ«الشرق الأوسط»: إن «توقف الحوار يعني توقف السياسة، والسياسة في واحد من تعبيراتها تعكس حضور الدولة، فإذا غاب الحوار وغابت السياسة، هناك احتمال كبير لنشوب صراع مسلح وخطير جدا على كيان الدولة في اليمن»، وانتقد السقاف بطء الحوار السياسي الذي ترعاه الأمم المتحدة ومبعوثها الخاص إلى اليمن، جمال بنعمر، وقال إنه «بطيء ومتغير لأسباب غير جوهرية، إذا نظر إليها من زاوية ميزان القوة وتبدل مواقع المعنيين في تراتبية هذا الميزان، وبالتالي فإن مقاربة الأمور وكأن شيئا لم يحدث أو بصيغة العودة إلى الوراء إلى ما قبل، وعدم الاعتراف بالواقع الذي تفرض معطياته ضرورات تحول سياسي متزن يجب علينا أن نحرص على أن يكون متوازنا ومتسقا مع الحقائق السياسية، هو إضاعة للوقت والسماح للتدهور السياسي بأن يتفاقم، وحتما سيؤدي بالبلاد نحو صراع مسلح عنيف ودموي، ومن المهم التأكيد هنا بأنه يمكن تجاوز هذه الطريقة، إلا إذا كان هذا ممنهجا في سياق خطة لطرق ما للسير نحو الاقتتال».
ويرى أمين عام الحزب الاشتراكي اليمني أن هناك 3 سيناريوهات محتملة في اليمن «منذ ظهور دور رئيس الجمهورية، في عدن من بعد أن تمكن من التخلص من الإقامة الجبرية التي كانت مفروضة عليه ومغادرته للعاصمة صنعاء، الأول، وهو الأخطر بينها، يقوم على حقائق مرئية ولا يمكن تجاهلها وهي أن البلاد، في هذه اللحظات، تحكم من مركزين أحدهما في الشمال في العاصمة صنعاء والثاني في الجنوب من مدينة عدن وهذا يضع السلطة في حالة جديدة إضافية من الازدواجية على ما كانت علية في السابق والذي نتج عنه عدم اكتمال نقل السلطة والتي لا يمكن أن تزول إلا بإخضاع طرف للطرف الأخر، خصوصا وأن الأمر قد تجاوز تعبيرات الصراع على أساس خلافات سياسية إلى الصراع على أساس إرادات سياسية وفي هذا صورة من صور تعطل قواعد اللعب السياسي التي كان يقوم عليها النظام السياسي منذ ما بعد المبادرة الخليجية وهو التوافق السياسي»، ويشير إلى أنه وفي حال استمر الوضع على ما هو عليه وتأكدت حالة الانشطار، فإن «الحوار السياسي القائم، حتى اللحظة، لن ينتج حلولا وسيزداد الأمر سوءا عندما تكون كل من الإرادتين السياستين مدعومتين من قوى خارجية مختلفة، جعلت من اليمن ساحة لتصفية حسابات فيما بينها»، ويؤكد السقاف أن الأوضاع بصفة عامة تتصف بالهشاشة، الأمر الذي يعطي قوى مثل تنظيم (القاعدة) فرصة لعملياته وفق أجندات سياسية قد تكون مرسومة نحو تفجير حرب أهلية في البلاد، وفي المقابل كذلك ثمة مؤشرات لدعم إيراني لـ«أنصار الله» في الشمال، والإرادتان السياسيتان من الواضح أنهما تتقاصران ولا تستطيعان الوجود في جغرافية اليمن بكامله».
ويقول أمين عام الاشتراكي اليمني لـ«الشرق الأوسط»: «إن السيناريو الثاني للوضع في اليمن هو سيطرة الحوثيين على كامل البلاد وإن هذا السيناريو مرهون بطبيعة ميزان القوى، وفي هذا الصدد ليس هناك اليوم في اليمن ما يضاهي (أنصار الله) من هذه الناحية العسكرية، وبالتأكيد فإن الفرصة أمام فرض الحقائق عن طريق الغلبة مفتوحة وهنا من المحتمل جدا أن يتمكن (أنصار الله) من حسم الأمور عسكريا وأمنيا والسيطرة على البلاد والاستقرار الذي سينتج عن ذلك سيكون استقرارا قلقا باستمرار وسيتحول النظام السياسي نحو طبيعة ثانية على نقيض ما هو قائم اليوم على ديمقراطية هشة وهامشية لكنها كانت واعدة لو استمر السلم السياسي والمجتمعي»، أما السيناريو الثالث، من وجهة نظر السياسي اليمني، هو «السيناريو الأمني»، والذي سيجنب اليمن الحرب الأهلية أو الاستبداد السياسي وهو الحرص على إعادة إنتاج العوامل المساعدة على استئناف العملية السياسية واستحقاقاتها والقائمة على اتفاق المبادرة الخليجية وآليتها التنفيذية ومخرجات الحوار الوطني الشامل والمؤسسات النظامية المنبثقة عنه مع الأخذ في الاعتبار بالمستجدات التي طرأت على ميزان القوى منذ 21 سبتمبر (أيلول) 2014، ويمكن استشفاف هذه المستجدات والمتغيرات في المضامين السياسية والعسكرية والأمنية الواردة في اتفاق السلم والشراكة والعمل بناء وعلى ملء فراغ السلطة والتخلص من وضعها المزدوج الحالي».
ويؤكد السقاف أن الحزب الاشتراكي اليمني من خلال مشاركته في الحوار السياسي باليمن، يعمل بـ«إخلاص على أن يترسخ هذا السيناريو الآمن انطلاقا من حرصنا على استمرار الحوار وعدم توقفه حتى إنجاز مهامه، وسوف نبذل جهودا كبيرة من أجل أن يكون ذلك في أقرب وقت ممكن وسوف نعمل مع الجميع لهذا الهدف».



غروندبرغ في صنعاء لحض الحوثيين على السلام وإطلاق المعتقلين

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
TT

غروندبرغ في صنعاء لحض الحوثيين على السلام وإطلاق المعتقلين

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)

بعد غياب عن صنعاء دام أكثر من 18 شهراً وصل المبعوث الأممي هانس غروندبرغ إلى العاصمة اليمنية المختطفة، الاثنين، في سياق جهوده لحض الحوثيين على السلام وإطلاق سراح الموظفين الأمميين والعاملين الإنسانيين في المنظمات الدولية والمحلية.

وجاءت الزيارة بعد أن اختتم المبعوث الأممي نقاشات في مسقط، مع مسؤولين عمانيين، وشملت محمد عبد السلام المتحدث الرسمي باسم الجماعة الحوثية وكبير مفاوضيها، أملاً في إحداث اختراق في جدار الأزمة اليمنية التي تجمدت المساعي لحلها عقب انخراط الجماعة في التصعيد الإقليمي المرتبط بالحرب في غزة ومهاجمة السفن في البحر الأحمر وخليج عدن.

وفي بيان صادر عن مكتب غروندبرغ، أفاد بأنه وصل إلى صنعاء عقب اجتماعاته في مسقط، في إطار جهوده المستمرة لحث الحوثيين على اتخاذ إجراءات ملموسة وجوهرية لدفع عملية السلام إلى الأمام.

وأضاف البيان أن الزيارة جزء من جهود المبعوث لدعم إطلاق سراح المعتقلين تعسفياً من موظفي الأمم المتحدة والمنظمات غير الحكومية والمجتمع المدني والبعثات الدبلوماسية.

صورة خلال زيارة غروندبرغ إلى صنعاء قبل أكثر من 18 شهراً (الأمم المتحدة)

وأوضح غروندبرغ أنه يخطط «لعقد سلسلة من الاجتماعات الوطنية والإقليمية في الأيام المقبلة في إطار جهود الوساطة التي يبذلها».

وكان المبعوث الأممي اختتم زيارة إلى مسقط، التقى خلالها بوكيل وزارة الخارجية وعدد من كبار المسؤولين العمانيين، وناقش معهم «الجهود المتضافرة لتعزيز السلام في اليمن».

كما التقى المتحدث باسم الحوثيين، وحضه (بحسب ما صدر عن مكتبه) على «اتخاذ إجراءات ملموسة لتمهيد الطريق لعملية سياسية»، مع تشديده على أهمية «خفض التصعيد، بما في ذلك الإفراج الفوري وغير المشروط عن المعتقلين من موظفي الأمم المتحدة والمجتمع المدني والبعثات الدبلوماسية باعتباره أمراً ضرورياً لإظهار الالتزام بجهود السلام».

قناعة أممية

وعلى الرغم من التحديات العديدة التي يواجهها المبعوث الأممي هانس غروندبرغ، فإنه لا يزال متمسكاً بقناعته بأن تحقيق السلام الدائم في اليمن لا يمكن أن يتم إلا من خلال المشاركة المستمرة والمركزة في القضايا الجوهرية مثل الاقتصاد، ووقف إطلاق النار على مستوى البلاد، وعملية سياسية شاملة.

وكانت أحدث إحاطة للمبعوث أمام مجلس الأمن ركزت على اعتقالات الحوثيين للموظفين الأمميين والإغاثيين، وتسليح الاقتصاد في اليمن، مع التأكيد على أن الحلّ السلمي وتنفيذ خريطة طريق تحقق السلام ليس أمراً مستحيلاً، على الرغم من التصعيد الحوثي البحري والبري والردود العسكرية الغربية.

وأشار غروندبرغ في إحاطته إلى مرور 6 أشهر على بدء الحوثيين اعتقالات تعسفية استهدفت موظفين من المنظمات الدولية والوطنية، والبعثات الدبلوماسية، ومنظمات المجتمع المدني، وقطاعات الأعمال الخاصة.

الحوثيون اعتقلوا عشرات الموظفين الأمميين والعاملين في المنظمات الدولية والمحلية بتهم التجسس (إ.ب.أ)

وقال إن العشرات بمن فيهم أحد أعضاء مكتبه لا يزالون رهن الاحتجاز التعسفي، «بل إن البعض يُحرم من أبسط الحقوق الإنسانية، مثل إجراء مكالمة هاتفية مع عائلاتهم». وفق تعبيره.

ووصف المبعوث الأممي هذه الاعتقالات التعسفية بأنها «تشكل انتهاكاً صارخاً للحقوق الإنسانية الأساسية»، وشدّد على الإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع المعتقلين، مع تعويله على دعم مجلس الأمن لتوصيل هذه الرسالة.

يشار إلى أن اليمنيين كانوا يتطلعون في آخر 2023 إلى حدوث انفراجة في مسار السلام بعد موافقة الحوثيين والحكومة الشرعية على خريطة طريق توسطت فيها السعودية وعمان، إلا أن هذه الآمال تبددت مع تصعيد الحوثيين وشن هجماتهم ضد السفن في البحر الأحمر وخليج عدن.

ويحّمل مجلس القيادة الرئاسي اليمني، الجماعة المدعومة من إيران مسؤولية تعطيل مسار السلام ويقول رئيس المجلس رشاد العليمي إنه ليس لدى الجماعة سوى «الحرب والدمار بوصفهما خياراً صفرياً».