مؤتمر دولي جديد حول ليبيا لضمان انتخابات رئاسية وتشريعية

عبد الحميد الدبيبة رئيس الحكومة الانتقالية الليبية (يمين) خلال لقاء مع الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون (أ.ب)
عبد الحميد الدبيبة رئيس الحكومة الانتقالية الليبية (يمين) خلال لقاء مع الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون (أ.ب)
TT

مؤتمر دولي جديد حول ليبيا لضمان انتخابات رئاسية وتشريعية

عبد الحميد الدبيبة رئيس الحكومة الانتقالية الليبية (يمين) خلال لقاء مع الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون (أ.ب)
عبد الحميد الدبيبة رئيس الحكومة الانتقالية الليبية (يمين) خلال لقاء مع الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون (أ.ب)

تلتقي الدول الرئيسية المعنية بالنزاع الليبي الأربعاء مجدداً في برلين، في إطار مؤتمر جديد الهدف منه ضمان إجراء انتخابات في ليبيا نهاية السنة الحالية. وللمرة الأولى تشارك الحكومة الانتقالية الليبية في المؤتمر الذي يعقد على مستوى وزراء الخارجية.
في 19 يناير (كانون الثاني) 2020 جمع مؤتمر أول في العاصمة الألمانية برعاية الأمم المتحدة قادة الدول المعنية بالنزاع التي توصلت إلى اتفاق هش لوقف الحرب.
وتحاول ليبيا تجاوز عقد من الفوضى منذ سقوط نظام معمر القذافي عام 2011.
وسيبحث المجتمعون في برلين في العملية الانتقالية الليبية منذ المؤتمر الأخير و«المراحل المقبلة لفرض استقرار دائم» للوضع على ما أوضحت وزارة الخارجية الألمانية المضيفة للمؤتمر. ومن المقرر أن يقوم الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش بمداخلة عبر الفيديو. وستمثل الولايات المتحدة بوزير الخارجية أنتوني بلينكن الذي يقوم بجولة أوروبية.
وسيكون الرهان الأساسي ضمان أن تنظم في 24 ديسمبر (كانون الأول) المقبل انتخابات رئاسية وتشريعية وعدت الحكومة الانتقالية برئاسة عبد الحميد الدبيبة بإجرائها.
وكان وزير الداخلية الليبي السابق فتحي باشاغا الذي يرجح أن يكون مرشحاً في الانتخابات الرئاسية المقبلة التي تقام للمرة الأولى بالاقتراع العام المباشر، نبه في الثاني من يونيو (حزيران) الحكومة من مغبة تأجيل الانتخابات. وأوضح لوكالة الصحافة الفرنسية: «بطبيعة الحال فإن الحكومة تتمنى ألا تتحقق هذه الانتخابات ولكن هي ملزمة بأن تدعم هذه الانتخابات».
وقال جلال حرشاوي الخبير بالشؤون الليبية في مؤسسة «غلوبال إنيشاتيف» البحثية لوكالة الصحافة الفرنسية إن مؤتمر برلين قد «يكتفي بإعلان نوايا بسيطة»، لكنه قد يسمح كذلك بإحراز «تقدم» باتجاه تنظيم انتخابات ديسمبر (كانون الأول) مع اتفاق محتمل في يوليو (تموز) على الأسس القانونية للاقتراع.
وبعد فشل متكرر لإخراج ليبيا من الفوضى استمر عقداً من الزمن، أفضى حوار ليبي رعته الأمم المتحدة في جنيف في الخامس من فبراير (شباط) الماضي إلى تشكيل مجلس رئاسي وحكومة موحدة يرأسها عبد الحميد الدبيبة صادق عليها البرلمان في مارس (آذار). وأعاد ذلك الأمل المفقود باحتمال تحسن الوضع.
ويعول الاتحاد الأوروبي على السلطة كذلك لحل مشكلة المهاجرين الذين يبحرون من السواحل الليبية في زوارق غير آمنة تحمل أكثر من طاقتها في غالب الأحيان، في محاولة للوصول إلى أوروبا.
لكن الانقسامات عادت لتظهر بين الحكومة في طرابلس والمشير خليفة حفتر في شرق البلاد.
ورغم الهدنة الرسمية القائمة منذ في أكتوبر (تشرين الأول) حذر الموفد الدولي الخاص إلى ليبيا يان كوبيتش من أن عملية سحب القوات الأجنبية وتوحيد المؤسسات، تشهد جموداً.
وتشكل مسألة سحب القوات الأجنبية نقطة مركزية، إذ تغذي قوى خارجية بشكل واسع النزاع في ليبيا.
وقال وزير الخارجية الألماني هايكو ماس في مقابلة اليوم (الاثنين) مع صحيفة «دي فيلت» إن «الأطراف الذين تعهدوا خلال اجتماع برلين الأخير (خلال المؤتمر السابق) سحب قواتهم لم يفوا بوعدهم». وأضاف: «إذا أردنا أن يتمتع الليبيون بحق تقرير المصير يجب أن ترحل القوات الأجنبية».
في ديسمبر (كانون الأول) قدرت الأمم المتحدة بنحو 20 ألفاً عدد المرتزقة والمقاتلين الأجانب في ليبيا من روس في مجموعة فاغنر الخاصة وتشاديين وسودانيين وسوريين وغيرهم.
وينتشر مئات من العسكريين الأتراك بموجب اتفاق ثنائي مبرم مع حكومة طرابلس السابقة.
في نهاية أبريل (نيسان) طالبت جامعة الدول العربية والأمم المتحدة والاتحاد الأوروبي والاتحاد الأفريقي معاً بانسحاب القوات الأجنبية من ليبيا. إلا أن دبلوماسيين في الأمم المتحدة أعربوا عن خشيتهم من التهديد الذي يشكله هؤلاء الرجال المدججون بالسلاح على المنطقة عند انسحابهم.



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».