حكومة بنيت تقر تغييراً جذرياً في أساليب عمل نتنياهو

لبيد أعلن أنه سيستأنف العلاقات مع الأردن والسلطة الفلسطينية

بنيت (الثاني من اليسار) صحبة ريفيلين وغانتس ونتنياهو في ذكرى مقتل جنود في حرب غزة 2014 أمس (أ.ف.ب)
بنيت (الثاني من اليسار) صحبة ريفيلين وغانتس ونتنياهو في ذكرى مقتل جنود في حرب غزة 2014 أمس (أ.ف.ب)
TT

حكومة بنيت تقر تغييراً جذرياً في أساليب عمل نتنياهو

بنيت (الثاني من اليسار) صحبة ريفيلين وغانتس ونتنياهو في ذكرى مقتل جنود في حرب غزة 2014 أمس (أ.ف.ب)
بنيت (الثاني من اليسار) صحبة ريفيلين وغانتس ونتنياهو في ذكرى مقتل جنود في حرب غزة 2014 أمس (أ.ف.ب)

في أول جلسة عمل فعلية لها منذ انتخابها في الأسبوع الماضي، قررت الحكومة الإسرائيلية الجديدة إحداث تغيير جوهري في أسلوب عملها ومضمون اهتماماتها، بما يخالف أسلوب عمل الحكومة السابقة برئاسة بنيامين نتنياهو.
وفي حين قصد رئيس الوزراء، نفتالي بنيت، أساليب العمل التقنية مثل العمل الجماعي والإصرار على تحقيق إنجازات ملموسة للمواطنين، قصد رئيس الحكومة البديل ووزير الخارجية، يائير لبيد، ونائب رئيس الوزراء ووزير الأمن، بيني غانتس، إحداث تغيير في المضمون أيضاً. وقال لبيد إنه خلال السنتين المقبلتين، قبل توليه رئاسة الحكومة بالتناوب، في حال لم تسقط هذه الحكومة ذلك الحين، سوف يعمل على «تحسين علاقات إسرائيل مع الحزب الديمقراطي الأميركي، والجاليات اليهودية في أنحاء العالم وخاصةً في الولايات المتحدة، ومع الأردن والسلطة الفلسطينية، رغم أنه لا يتوقع التوصل إلى اتفاق سلام مع الأخيرة».
ونقل عن لبيد، قوله خلال لقاء مع وزرائه، إن «حكومة نتنياهو كانت تفضل الموضوع الإيراني وتهمل الموضوع الفلسطيني. وقد ربطت في الماضي أي تقدم في الموضوع الفلسطيني بالتقدم في الموضوع الإيراني. لكنني أرى العكس. وأعتقد بأن التقدم في العلاقات مع الفلسطينيين سيفتح الطريق أمام اختراق في الموضوع الإيراني والتعاون الإقليمي بشأنه». وأضاف لبيد: «قبل سنتين، وخلال مؤتمر «معهد ميتافيم للسياسة الخارجية»، قلت وما زلت مقتنعا بذلك: علينا أن نعمل من أجل دفع تسوية سياسية مع الفلسطينيين كجزء من حوار إقليمي فقط. هل من دون تقدم مع الفلسطينيين سيكون بالإمكان تجنيد الكونغرس الأميركي، يهود الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي، أو أموال دول الخليج؟ نتنياهو يقول أجل، وأنا أقول لكم لا».
من جهته، استهل بنيت جلسة الحكومة، أمس الأحد، بالإشارة إلى أن إسرائيل تنطلق اليوم في مشوار جديد. كل واحد من الوزراء والوزيرات يتحلى بالدافعية والرغبة بالمضي قدماً وبإحراز تقدم. وتمت المصادقة على تعيين 36 دبلوماسياً ليتولوا مناصب محورية في السلك الدبلوماسي، بعد أن كانت هذه المسألة عالقةً على مدار فترة زمنية طويلة للغاية. وقال: «نظراً لطبيعة هذه الحكومة ومدى تنوع أعضائها الكبير، فإن مفتاح نجاحنا يكمن في الثقة، بمعنى الثقة المتبادلة، حيث تتمثل الطريقة لزيادة الثقة ببساطة في إجراء مكالمة هاتفية مع بعضنا البعض كلما وقع سوء تفاهم، في سبيل إيجاد حل هادئ لذلك، وعلى نحو لا تشوبه الأحداث الدرامية. نحن جئنا لكي نخدم الشعب. وأعتقد أننا جميعاً، أي جميع أعضاء الحكومة، نتشارك الإدراك بأننا لسنا بمثابة أرباب العمل لمواطني إسرائيل وإنما بمثابة موظفين لدى مواطني إسرائيل. وهذه هي الروح التي تسود عند جميع أعضاء الحكومة».
وأطلق بنيت تصريحات سياسية، وعلق على الانتخابات الإيرانية قائلا: «تم في إيران في نهاية الأسبوع اختيار رئيس جديد، وهو إبراهيم رئيسي. ومن بين كل الأشخاص الذين استطاع خامنئي اختيارهم، تفوق الجلاد من طهران. هذا الشخص سيئ السمعة بنظر الشعب الإيراني والعالم أجمع لدوره في لجان الموت التي قامت بإعدام معارضين للنظام. رئيسي يتحمل شخصيا المسؤولية عن قتل آلاف عديدة من المواطنين الإيرانيين الأبرياء. واختياره رئيسا، يشكل إشارة للدول العظمى، ربما الإشارة الأخيرة قبيل العودة إلى الاتفاقية النووية، بأن عليها أن تستيقظ وتفهم مع من تتعامل وأي نوع من النظم تختار تعزيزه. من الواضح لجميعنا أن هذا هو نظام من الجلادين ولا يجوز له أن يمتلك أسلحة دمار شامل. هذا هو موقف إسرائيل الواضح والثابت».
وصادقت الحكومة على اقتراح وزير الأمن، بيني غانتس ووزير المالية، أفيغدور ليبرمان، تشكيل لجنة تحقيق رسمية في ملابسات كارثة جبل ميرون (الجرمق)، التي وقعت قبل 50 يوما وقتل خلالها 45 شخصاً من اليهود المتزمتين دينيا وجرح أكثر من مائتين. وقال بنيت: «هذه الكارثة الرهيبة تلقي على عواتقنا مسؤولية استخلاص العبر والعمل على الحيلولة دون وقوع مثل هذه الكوارث مستقبلاً. ومع أن اللجنة لن تستطيع إعادة الأشخاص الذين فقدناهم إلى الحياة، لكن يمكن للحكومة بذل كل ما بوسعها في سبيل تجنب فقدان غير ضروري للأرواح مستقبلاً».



اعتقالات الحوثيين وتسليح الاقتصاد يهيمنان على إحاطة غروندبرغ

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
TT

اعتقالات الحوثيين وتسليح الاقتصاد يهيمنان على إحاطة غروندبرغ

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)

تصدرت اعتقالات الحوثيين للموظفين الأمميين والإغاثيين، وتسليح الاقتصاد في اليمن، الإحاطة الشهرية للمبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ، أمام مجلس الأمن، الأربعاء، مع تأكيد المبعوث أن الحلّ السلمي وتنفيذ خريطة طريق تحقق السلام أمر ليس مستحيلاً، على الرغم من التصعيد الحوثي البحري والبري والردود العسكرية الغربية.

وقال المبعوث الأممي إنه من الضروري أن تقتنص الأطراف المعنية، والمنطقة، والمجتمع الدولي «اللحظات المحورية»، وألا تفوّت الفرصة لتحويلها إلى خطوات واضحة نحو تحقيق السلام المنشود في اليمن.

آثار مسيرة حوثية انفجرت في مبنى سكني في تل أبيب (أ.ف.ب)

ومع انهيار الاقتصاد وتدهور مستويات المعيشة، رأى غروندبرغ أنه لا يوجد أي مبرر لهذه المعاناة، وأن إنهاء الحرب في اليمن هو خيار حقيقي ومتاح، ويبقى ضمن متناول الأطراف، داعياً جميع الأطراف للانخراط بجدية مع الجهود التي يقودها لتنفيذ خريطة الطريق، والتي تهدف إلى تحقيق وقف إطلاق النار، وتنفيذ تدابير اقتصادية، تشمل دفع الرواتب بشكل مستدام، والتمهيد لعملية سياسية شاملة.

وحضّ غروندبرغ على اتخاذ الإجراءات اللازمة، وتقديم التنازلات، والتركيز الصادق على اليمن، باعتبار ذلك أمراً ضرورياً «إذا كانت الأطراف تسعى لتخفيف معاناة اليمنيين وإعادة الأمل في مستقبل يسوده السلام».

اعتقالات تعسفية

أشار المبعوث الأممي إلى اليمن في إحاطته إلى مرور 6 أشهر على بدء الحوثيين اعتقالات تعسفية استهدفت موظفين من المنظمات الدولية والوطنية، والبعثات الدبلوماسية، ومنظمات المجتمع المدني، وقطاعات الأعمال الخاصة.

وقال، رغم الإفراج عن 3 محتجزين، إن عشرات آخرين، بمن فيهم أحد أعضاء مكتبه لا يزالون رهن الاحتجاز التعسفي، «بل إن البعض يُحرم من أبسط الحقوق الإنسانية، مثل إجراء مكالمة هاتفية مع عائلاتهم». وفق تعبيره.

الحوثيون انخرطوا في ما يمسى محور المقاومة بقيادة إيران (إ.ب.أ)

ووصف المبعوث الأممي هذه الاعتقالات التعسفية بأنها «تشكل انتهاكاً صارخاً للحقوق الإنسانية الأساسية، وتسبب معاناة عميقة لأسرهم التي تعيش في حالة مستمرة من القلق والخوف على سلامة أحبائهم»، وشدّد على الإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع المعتقلين، مع تعويله على دعم مجلس الأمن لتوصيل هذه الرسالة.

وأوضح غروندبرغ أن مكتبه ملتزم بشكل كبير بإطلاق سراح جميع المحتجزين على خلفية النزاع في اليمن، وقال إن هناك من قضى 10 سنوات رهن الاعتقال، داعياً الجميع إلى الوفاء بالتزاماتهم بموجب اتفاق استوكهولم، ومواصلة العمل بروح من التعاون الصادق للوفاء بهذا الملف الإنساني البالغ الأهمية، وأن تسترشد المفاوضات بالمبدأ المتفق عليه، وهو «الكل مقابل الكل».

عواقب وخيمة

وفي ما يخص الوضع الاقتصادي في اليمن، قال المبعوث الأممي إن الأزمة تتفاقم مجدداً، مع التنبيه إلى «العواقب الوخيمة» التي تترتب على الانكماش الاقتصادي، وتجزئته، واستخدامه كأداة في الصراع.

وأكد غروندبرغ أن الفشل في دفع رواتب ومعاشات القطاع العام أدّى إلى زيادة الفقر بشكل واسع، بينما أسهم التضخم المتزايد في جعل كثير من الأسر عاجزة عن تلبية احتياجاتها الأساسية، بما في ذلك الغذاء.

تدهور الاقتصاد وانقطاع الرواتب في اليمن تسببا في جوع ملايين السكان (أ.ف.ب)

وفي شأن مساعيه، أفاد المبعوث الأممي بأن مكتبه من خلال زيارات صنعاء وعدن أوضح مفترق الطرق الحاسم الذي تواجهه الأطراف، وهو إما الاستمرار في «المسار الكارثي من النزاع غير المحسوم وتسليح الاقتصاد الذي سيؤدي بلا شك إلى خسارة الجميع، أو التعاون لحلّ القضايا الاقتصادية لتمهيد الطريق نحو النمو وتحقيق مكاسب السلام الممكنة».

وأشار إلى أن العمل جارٍ على استكشاف حلول عملية وملموسة تهدف إلى استعادة الاستقرار وتعزيز الحوار بشأن الاقتصاد اليمني، بما يشمل دفع الرواتب واستئناف صادرات النفط والغاز، بما يخدم مصلحة الشعب اليمني وترجمة الالتزامات التي تعهدت بها الأطراف في يوليو (تموز) الماضي إلى خطوات ملموسة تعود بالفائدة على جميع اليمنيين.

التصعيد العسكري

في شأن التصعيد العسكري، قال غروندبرغ إن انعدام الأمن في البحر الأحمر لا يزال يتفاقم نتيجة أعمال الحوثيين، إلى جانب الهجمات على إسرائيل، والغارات الجوية التي شنّتها الولايات المتحدة والمملكة المتحدة رداً على تلك التطورات.

وأشار إلى أن هذه الأحداث التي استمرت طوال العام، قلّصت الحيز المتاح لجهود الوساطة التي يقودها. وحضّ جميع الأطراف المعنية على اتخاذ خطوات جادة لتهيئة بيئة مناسبة، تمهد الطريق لحل النزاع في اليمن، وحذّر من أن الفشل في تحقيق ذلك لن يؤدي إلا إلى تعزيز دعوات العودة إلى الحرب.

طائرة حوثية من دون طيار في معرض أقامه الحوثيون في صنعاء بمناسبة الأسبوع السنوي لذكرى قتلاهم (رويترز)

وأوضح أن الأوضاع الهشّة في اليمن لا تزال مستمرة على عدة جبهات، مع تصاعد الاشتباكات بشكل متكرر في مناطق، مثل الضالع، الحديدة، لحج، مأرب، صعدة، شبوة، تعز. ما يؤدي مراراً إلى خسائر مأساوية في الأرواح.

وتصاعدت الأعمال العدائية في المناطق الشرقية من تعز - وفق المبعوث الأممي - مع ورود تقارير عن وقوع انفجارات وقصف بالقرب من الأحياء السكنية.

وفي الأسبوع الماضي فقط، أورد المبعوث في إحاطته أن طائرة من دون طيار استهدفت سوقاً مزدحمة في مقبنة بمحافظة تعز، ما أسفر عن مقتل 6 أشخاص على الأقل، وإصابة آخرين بجروح خطرة.

ودعا غروندبرغ أطراف النزاع اليمني إلى التقيد الجاد بالتزاماتهم، بموجب القانون الإنساني الدولي، لضمان حماية المدنيين والبنية التحتية المدنية. وقال إن هذه الحوادث تسلط الضوء على الحاجة الملحة للتوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار.

ولدعم جهود التهدئة، أفاد المبعوث بأن مكتبه يتواصل مع المسؤولين العسكريين والأمنيين من الطرفين، لتسهيل الحوار حول الديناميكيات الحالية، واستكشاف سبل تعزيز بناء الثقة.