«باب العزيزية»... من مقر القذافي إلى ملجأ لعائلات تبحث عن مساكن

مسلح أمام «مجمع باب العزيزية» مقر حكم القذافي سابقاً في 27 أغسطس 2011 (أرشيفية)
مسلح أمام «مجمع باب العزيزية» مقر حكم القذافي سابقاً في 27 أغسطس 2011 (أرشيفية)
TT

«باب العزيزية»... من مقر القذافي إلى ملجأ لعائلات تبحث عن مساكن

مسلح أمام «مجمع باب العزيزية» مقر حكم القذافي سابقاً في 27 أغسطس 2011 (أرشيفية)
مسلح أمام «مجمع باب العزيزية» مقر حكم القذافي سابقاً في 27 أغسطس 2011 (أرشيفية)

تقطن عشرات الأسر مجمع «باب العزيزية»؛ مقر حكم الزعيم الليبي الراحل معمر القذافي، الذي دُمّر بشكل شبه كامل غداة سقوط نظام القذافي عام 2011، لكنه تحوّل اليوم إلى رمز لأزمة السكن في طرابلس.
وتعلو خزانات المياه واللاقطات الهوائية المجمّع المحاط بسياج معدني سميك. أمام الباب الأمامي، حركة سيارات، بينما يلعب في الداخل شبان ليبيون كرة القدم. وبعد أن سوّت الضربات الجوية لـ«حلف شمال الأطلسي» أجزاءً من المجمع بالأرض عام 2011، تعرّض المكان للنهب، وصار قسم كبير منه خراباً. لكن محيطه تحوّل إلى حي سكني حقيقي تقطنه عائلات من دون مساكن. تعيش هذه العائلات في عشرات المنازل الصغيرة التي كانت تؤوي عسكريين، وفي بيوت أوسع كان يقطنها ضباط كبار، أضيف لبعضها مرائب وملحقات أخرى شُيّدت بشكل بدائي.
ويقول «بشير» (68 عاماً) إن «مئات» الليبيين جاءوا بعد سقوط نظام القذافي للإقامة في المنطقة التي كانت مخصصة للعسكريين. ويعيش هو نفسه منذ 2012 في منزل مساحته 400 متر مربع قام بتجديده. ويضيف الرجل بينما يدخن سيجارة: «لا يمكنني أن أشكو، (لكنه) كلفني كثيراً. كان المنزل محروقاً، واستغرق الأمر مني عاماً لتجديده»، حسبما نقلت عنه وكالة الصحافة الفرنسية في تقرير لها أمس.
شُيّد المجمع في بداية الثمانينات على امتداد 6 كيلومترات، وجرى تحسينه إثر القصف الأميركي عام 1986. وكان مخصصاً لإقامة القذافي، كما كان المقر العام لنظامه. ويقع «باب العزيزية» في الضاحية الجنوبية الغربية للعاصمة طرابلس، وهو يحوي أيضاً حديقة حيوانات ومسبحاً وثكنة، وحتى خياماً؛ إذ كان القذافي يتبع أسلوب حياة بدويّاً. وبعد سقوط النظام؛ فكرت السلطات الانتقالية في تحويله إلى منطقة خضراء تحوي متنزهاً ترفيهياً ونصباً يخلد ذكرى الشهداء، لكن الفوضى السياسية كبحت المشروع.
والعائلات المقيمة في المكان مهددة بالإخلاء، في وقت تعمل فيه الجرافات في طرابلس على هدم أبنية فوضوية تكاثرت على امتداد السنين. ووفق معلومات حصلت عليها وكالة الصحافة الفرنسية، تعتزم السلطات تحويل المجمع إلى متنزه. ويقول «حسن» غاضباً: «لن أغادر»، مشيراً إلى إنفاقه ما يعادل 27 ألف يورو لتجديد المنزل الذي يقطنه.
بعد عقد على مقتل القذافي في مسقط رأسه بمدينة سرت (شمالي وسط) في أكتوبر (تشرين الأول) 2011، لا يزال الوضع السياسي في البلاد غير مستقر إثر أعوام من العنف والمواجهات. ولا تزال الحياة اليومية لليبيين مطبوعة بنقص السيولة النقدية وضعف إمدادات الوقود والكهرباء. بينما أزمة السكن على رأس قائمة الأزمات الطويلة. وفي ظل حد أدنى لأجور موظفي الدولة يتراوح بين 450 ديناراً و600 دينار (75 و100 يورو) ونظام مصرفي قديم، يصعب الحصول على قرض سكنيّ.
ويقول «بشير»: «المساكن نادرة، والأشغال متوقفة، والأسعار ملتهبة». ويتابع: «قبل الثورة، كان السكن متاحاً في ظل عدد سكان أقل (في طرابلس). أما اليوم، فصارت شقة صغيرة تكلف في حدود 400 ألف دينار (75 ألف يورو). من أين نأتي بالمال؟».
بدوره؛ يرى الخبير الاقتصادي كمال المنصوري أن «الأوضاع الأمنية المضطربة تسببت في مغادرة جل الشركات الأجنبية التي كانت تنفذ أكثر من 200 ألف وحدة سكنية قبل عام 2011». ويضيف أنه في ظل «نمو مطرد للسكان إلى جانب الضغط على المدن الكبرى بسبب موجات النزوح المتكررة جراء المعارك، أصبح من الصعب الحصول على سكن لائق».
وشهدت طرابلس ضغطاً سكانياً بسبب المعارك في محيطها والعنف الدامي في شرق البلاد، التي دفعت بعشرات آلاف العائلات للنزوح. ويقول علي قلفاط، وهو صاحب وكالة عقارية في طرابلس، إن تكلفة بناء منزل تضاعفت خلال 10 أعوام. ويضيف أنه فيما «كان متوسط الإيجار بين 500 وألف دينار في مناطق تحظى بالخدمات الجيدة، اليوم استئجار منزل أو شقة في مكان يحظى بالخدمات في العاصمة يكلف أكثر من ألفي دولار». وتعهدت السلطة التنفيذية الجديدة التي تقود مرحلة انتقالية إلى حين إجراء انتخابات مرتقبة في نهاية 2020 بأن يكون تحسين المعيشة اليومية لليبيين وإعادة إعمار البلاد في طليعة أولوياتها.



تقارير حقوقية توثّق انتهاكات الحوثيين في 3 محافظات يمنية

تجمع لمسلحين حوثيين في صنعاء (إ.ب.أ)
تجمع لمسلحين حوثيين في صنعاء (إ.ب.أ)
TT

تقارير حقوقية توثّق انتهاكات الحوثيين في 3 محافظات يمنية

تجمع لمسلحين حوثيين في صنعاء (إ.ب.أ)
تجمع لمسلحين حوثيين في صنعاء (إ.ب.أ)

سلطت أحدث التقارير الحقوقية في اليمن الضوءَ على آلاف الانتهاكات التي ارتكبتها الجماعة الحوثية ضد المدنيين في 3 محافظات، هي العاصمة المختطفة صنعاء، والجوف، والحديدة، بما شملته تلك الانتهاكات من أعمال القمع والقتل والخطف والتجنيد والإخضاع القسري للتعبئة.

وفي هذا السياق، رصد مكتب حقوق الإنسان في صنعاء (حكومي) ارتكاب جماعة الحوثيين نحو 2500 انتهاك ضد المدنيين في صنعاء، خلال عامين.

بقايا منازل فجرها الحوثيون في اليمن انتقاماً من ملاكها (إكس)

وتنوّعت الانتهاكات التي طالت المدنيين في صنعاء بين القتل والاعتداء الجسدي والاختطافات والإخفاء القسري والتعذيب ونهب الممتلكات العامة والخاصة وتجنيد الأطفال والانتهاكات ضد المرأة والتهجير القسري وممارسات التطييف والتعسف الوظيفي والاعتداء على المؤسسات القضائية وانتهاك الحريات العامة والخاصة ونهب الرواتب والتضييق على الناس في سُبل العيش.

وناشد التقرير كل الهيئات والمنظمات الفاعلة المعنية بحقوق الإنسان باتخاذ مواقف حازمة، والضغط على الجماعة الحوثية لإيقاف انتهاكاتها ضد اليمنيين في صنعاء وكل المناطق تحت سيطرتها، والإفراج الفوري عن المخفيين قسراً.

11500 انتهاك

على صعيد الانتهاكات الحوثية المتكررة ضد السكان في محافظة الجوف اليمنية، وثق مكتب حقوق الإنسان في المحافظة (حكومي) ارتكاب الجماعة 11500 حالة انتهاك سُجلت خلال عام ضد سكان المحافظة، شمل بعضها 16 حالة قتل، و12 إصابة.

ورصد التقرير 7 حالات نهب حوثي لممتلكات خاصة وتجارية، و17 حالة اعتقال، و20 حالة اعتداء على أراضٍ ومنازل، و80 حالة تجنيد للقاصرين، أعمار بعضهم أقل من 15 عاماً.

عناصر حوثيون يستقلون سيارة عسكرية في صنعاء (أ.ف.ب)

وتطرق المكتب الحقوقي إلى وجود انتهاكات حوثية أخرى، تشمل حرمان الطلبة من التعليم، وتعطيل المراكز الصحية وحرمان الموظفين من حقوقهم وسرقة المساعدات الإغاثية والتلاعب بالاحتياجات الأساسية للمواطنين، وحالات تهجير ونزوح قسري، إلى جانب ارتكاب الجماعة اعتداءات متكررة ضد المناوئين لها، وأبناء القبائل بمناطق عدة في الجوف.

ودعا التقرير جميع الهيئات والمنظمات المحلية والدولية المعنية بحقوق الإنسان إلى إدانة هذه الممارسات بحق المدنيين.

وطالب المكتب الحقوقي في تقريره بضرورة تحمُّل تلك الجهات مسؤولياتها في مناصرة مثل هذه القضايا لدى المحافل الدولية، مثل مجلس حقوق الإنسان العالمي، وهيئات حقوق الإنسان المختلفة، وحشد الجهود الكفيلة باتخاذ موقف حاسم تجاه جماعة الحوثي التي تواصل انتهاكاتها بمختلف المناطق الخاضعة لسيطرتها.

انتهاكات في الحديدة

ولم يكن المدنيون في مديرية الدريهمي بمحافظة الحديدة الساحلية بمنأى عن الاستهداف الحوثي، فقد كشف مكتب حقوق الإنسان التابع للحكومة الشرعية عن تكثيف الجماعة ارتكاب مئات الانتهاكات ضد المدنيين، شمل بعضها التجنيد القسري وزراعة الألغام، والتعبئة الطائفية، والخطف، والتعذيب.

ووثق المكتب الحقوقي 609 حالات تجنيد لمراهقين دون سن 18 عاماً في الدريهمي خلال عام، مضافاً إليها عملية تجنيد آخرين من مختلف الأعمار، قبل أن تقوم الجماعة بإخضاعهم على دفعات لدورات عسكرية وتعبئة طائفية، بغية زرع أفكار تخدم أجنداتها، مستغلة بذلك ظروفهم المادية والمعيشية المتدهورة.

الجماعة الحوثية تتعمد إرهاب السكان لإخضاعهم بالقوة (إ.ب.أ)

وأشار المكتب الحكومي إلى قيام الجماعة بزراعة ألغام فردية وبحرية وعبوات خداعية على امتداد الشريط الساحلي بالمديرية، وفي مزارع المواطنين، ومراعي الأغنام، وحتى داخل البحر. لافتاً إلى تسبب الألغام العشوائية في إنهاء حياة كثير من المدنيين وممتلكاتهم، مع تداعيات طويلة الأمد ستظل تؤثر على اليمن لعقود.

وكشف التقرير عن خطف الجماعة الحوثية عدداً من السكان، وانتزاعها اعترافات منهم تحت التعذيب، بهدف نشر الخوف والرعب في أوساطهم.

ودعا مكتب حقوق الإنسان في مديرية الدريهمي المجتمع الدولي إلى التدخل العاجل لإيقاف الانتهاكات التي أنهكت المديرية وسكانها، مؤكداً استمراره في متابعة وتوثيق جميع الجرائم التي تواصل ارتكابها الجماعة.