الفيروس وأقنعته... في الثقافة والسياسة

يضع الروائي الليبي أحمد الفيتوري كارثة «كوفيد - 19» المستجد على طاولة الثقافة في كتاب جديد له بعنوان «كورونا 2020... في السياسة والثقافة». الكتاب صدر قبل أيام عن مطبوعات «ميادين» الليبية، وهو مجموعة من المقالات تشكل ما يشبه المدونة اليومية في متابعة الوباء وتطوراته، وما أحدثه من مخاوف جمة ضربت البشرية في مقتل نفسياً واجتماعياً، وكذلك صراعات التوصل للقاحات، التي أثارت الشكوك في الكثير من البلدان حول مدى فعاليتها. كما يكشف الكتاب أقنعة «كورونا» في الحرب والسلام، وكيف تم استثمارها في المعارك السياسية، وهو ما بدا جلياً في الانتخابات الرئاسية الأميركية بين جون بايدن، ودونالد ترمب.
يقع الكتاب في 472 من القطع المتوسط، ويتناول الكثير من القضايا التي أثارتها الجائحة، وبعضها لم يخلُ من مفارقة ساخرة مثل «جدل النقاب والكمامة»، التي أثيرت بقوة في تركيا، وكذلك «جنون العلماء، وحمى ليلة كورونا، وكأن شيئاً لا يحدث، لعبة الأمم وكورونا الكتب، السياسة بنكهة كورونا».
ويرصد أيضاً مدى مساهمة «كورونا» في تدوير لعبة التوازن بين الدول الكبرى، خصوصاً أميركا وروسيا والصين، بإيقاع جديد، كاشفاً أن هناك قاطع طريق فتاكاً ومجهول الهوية، ينبغي التكتل من أجل مقاومته؛ وهو ما يشير إليه الفيتوري في مقدمته للكتاب قائلاً: «قاطع طريق غير مرئي»، هكذا وصف الجائحة، بوريس جونسون رئيس وزراء الإمبراطورية المحتضرة! وإذا كان السيد بوريس، قد تمكن من مشاهدة قاطع الطريق، حيث كاد أن يموت جراء إصابته بالفيروس، فإن من لم يلتق هذا القاتل قد شاهد حصاده، خلال الأشهر الأولى من عام 2020، ما راهنت البشرية عليه، باعتباره رقماً مميزاً، فخاب رهانها».
وتأخذ المدونات اليومية طابع المحاكمة الإنسانية، التي لم تعد تبحث فقط عن العدل الضائع، إنما عن السلامة والأمان المفقودين والمهددين في مقتل.
يتابع المؤلف: «في زمن الكورونا كنا جميعاً الشاهد، على أن المساواة بين البشر حقيقة، فالكورونا كشفت المكشوف، ما تعمى القلوب والعقول وترغب ألا تراه. فالخطر اجتاح الجمع البشري، وتبين أن الخطل هو ما تسلك عند الكارثة، بغض النظر عن الفروق بين ما تملك من ثروات. بل إن الضربة القاصمة تغرق من يجيد العوم، حيث يغلبه ظن المقدرة، فتكون المكابرة الغالب، وهو ما تساوي بين بوريس جونسون وترمب وبوتن وإردوغان، وهذا ما جعل من بلدانهم الضحية الأكبر. لقد كشفت المساواة عن عطب رئيس هو الفوضى، التي ظهرت في المجتمع الرأسمالي وهو ما يعم الأرض، فأصحاب العجل الذهبي، اجتاحهم الرعب من فقدان العجل، فغفلوا عن أن قاطع الطريق، يقطع الرقاب قبل أن يقطع الأرزاق، إذن أول الحصاد المساواة وثانيها الفوضى».
ومن غبار الجائحة، يطل الفيتوري على المسألة الليبية، متتبعاً أبعادها وتشابكاتها المعقدة، على شتى المستويات الدولية والمحلية والإقليمية، مؤكداً أن المصل الذي تحتاجه هو إرادة الشعب الليبي الحرة أولاً وأخيراً.