توقعات إسرائيلية بحرب «وشيكة» مع غزة

فصائل فلسطينية تبلغ مصر بأن صبرها نفد وسترد على أي هجمات

فلسطينيون في خان يونس يرفعون أمس أعلاماً وصور بعض ضحايا القصف الإسرائيلي على غزة الشهر الماضي (أ.ف.ب)
فلسطينيون في خان يونس يرفعون أمس أعلاماً وصور بعض ضحايا القصف الإسرائيلي على غزة الشهر الماضي (أ.ف.ب)
TT

توقعات إسرائيلية بحرب «وشيكة» مع غزة

فلسطينيون في خان يونس يرفعون أمس أعلاماً وصور بعض ضحايا القصف الإسرائيلي على غزة الشهر الماضي (أ.ف.ب)
فلسطينيون في خان يونس يرفعون أمس أعلاماً وصور بعض ضحايا القصف الإسرائيلي على غزة الشهر الماضي (أ.ف.ب)

نقلت وسائل إعلام إسرائيلية عن مصادر أمنية قولها إنها تتوقع اندلاع مواجهة جديدة مع قطاع غزة خلال أسابيع قليلة، وإن المواجهة أصبحت «مسألة وقت»، وذلك في ضوء الجمود الذي يكتنف كل الملفات.
وقالت القناة الإسرائيلية «12» نقلاً عن مصدر أمني قوله إن «الحرب ستكون خلال أسابيع قليلة». وجاء في تقرير القناة التلفزيونية أن القضايا الخلافية التي ترواح مكانها لا أفق سياسياً لها في وقت قريب، ما يجعل المواجهة أقرب من الاتفاق. كما أكد موقع «واللا» أن رئيس أركان الجيش الإسرائيلي، أفيف كوخافي، أمر بالاستعداد لجولة قتال جديدة في قطاع غزة قد تستمر لأيام، وزيادة جاهزية بطاريات القبة الحديدية.
وأبرز التقرير القضايا الخلافية التي تشمل المنحة القطرية لقطاع غزة، بعد أن أوقفتها إسرائيل وأصرت على أن تدخل فقط بعد إيجاد آلية جديدة عن طريق السلطة الفلسطينية، وهو الأمر الذي ترفضه حركة «حماس». وأيضاً، نقطة انطلاق مفاوضات التوصل إلى تهدئة، إذ ترفض إسرائيل منح أي تسهيلات للقطاع بعد الحرب وتبقي المعابر مغلقة وكذلك مساحة الصيد، بينما تصر «حماس» على بدء إسرائيل بإجراءات تجاه غزة قبل أي مفاوضات أخرى، وقضية تبادل الأسرى التي تصر إسرائيل على ربطها بإعادة إعمار القطاع بينما ترفض «حماس»، إضافة إلى الرد الإسرائيلي على البالونات الحارقة من غزة بعد أن قصفت إسرائيل القطاع رداً على أي بالون ينطلق من هناك.
وقالت المصادر الأمنية إن الفصائل الفلسطينية في غزة قد تبدأ في المرحلة المقبلة بإطلاق الصواريخ إذا لم يطرأ أي تقدم في الاتصالات، وأبقت إسرائيل على سياسة القصف. وأكد موقع «واينت» العبري كذلك، أن إسرائيل قد تشن حرباً على قطاع غزة خلال شهرين.
وكشفت مصادر عسكرية إسرائيلية لموقع «واللا» العبري أن التقديرات السائدة لدى الجيش تشير إلى أن حركة «حماس» لن تتردد في المدى القريب في استئناف إطلاق الصواريخ نتيجة عدم حدوث أي تقدم في الاتصالات الرامية لتثبيت التهدئة. وأكد المراسل العسكري للموقع، أمير بخبوط، أنه لا توجد أي شكوك لدى قادة الجيش وجهاز الاستخبارات في أن «حماس» ستدرك في النهاية أن إسرائيل مصممة على تغيير المعادلة وآلية إجراء المفاوضات، وأنها ستواصل الرد على أي هجوم من البالونات الحارقة أو الصواريخ.
وفي المقابل، وفق التقديرات الإسرائيلية، فإن «حماس» لا تنوي المساومة، بل ستصر على المعايير التي وضعتها في ملف صفقة تبادل الأسرى، وكذلك في ملف تحويل الأموال. وبحسب التقديرات، فإن الفصائل الفلسطينية جاهزة لأي احتكاك، ولن تتردد في الانتقال من إطلاق البالونات والتظاهرات عند السياج الفاصل إلى إطلاق الصواريخ.
وكانت صحيفة «معاريف» الإسرائيلية أكدت أيضاً أن احتمال التصعيد مع حركة «حماس» في قطاع غزة هو أعلى بكثير من احتمال التوصل إلى تفاهم، محذرة القيادتين الأمنية والسياسية من اللعب بالنار. وقالت الصحيفة: «يعلنون في القيادة الأمنية والسياسية في إسرائيل أن سياسة الرد تجاه قطاع غزة تغيّرت... لكن التقديرات هي أنه من المتوقع أن تتحدى (حماس) هذه السياسة في المدى القريب. ومن هنا نفهم أن احتمال التصعيد مرتفع جداً الآن».
وتأتي هذه التقديرات في وقت ما زالت تبذل فيه مصر جهوداً مكثفة من أجل دفع اتفاق تهدئة طويل. وأكدت مصادر فلسطينية لـ«الشرق الأوسط» أن الخلاف يطال كل الملفات، وأنه لا يوجد اختراق في أي ملف حتى الآن بسبب أن إسرائيل غير جاهزة ولا تنوي الدفع قدماً باتفاقات. وأرسلت الفصائل الفلسطينية إلى مصر رسالة مفادها أنها فعلاً سترد على السياسة الإسرائيلية، وعلى أي قصف آخر جديد. وقالت الفصائل الفلسطينية في الرسالة إن صبرها نفد من استمرار الهجمات الإسرائيلية.
وللمرة الثانية منذ انتهاء الحرب بين إسرائيل والفصائل الفلسطينية في قطاع غزة الشهر الماضي، شنت إسرائيل يوم الجمعة الماضي، غارات جوية على مواقع لحركة «حماس» في قطاع غزة رداً على بالونات حارقة أطلقت منه باتجاه إسرائيل. وقال القيادي في حركة «الجهاد الإسلامي»، خضر حبيب، إن الفصائل أبلغت مصر بأنها لن تسمح بأن تفرض حكومة الاحتلال شروطها على المقاومة أو عزل غزة. وأضاف في حديث مع صحيفة «الأيام» المحلية أن «غرفة العمليات المشتركة لفصائل المقاومة بلورت موقفاً نهائياً وموحداً للتعامل مع تكرار السلوك الإسرائيلي في مقبل الأيام، ولن تتردد في التصدي له مهما كانت النتائج».
وبحسب القيادي في حركة «الجهاد الإسلامي»، فإن الفصائل الفلسطينية «لم تعد تصبر على استمرار الهجمات الإسرائيلية» التي تكررت ليل الثلاثاء/ الأربعاء وليل الخميس/ الجمعة. وأكد حبيب أن «استمرار الاعتداءات والهجمات الإسرائيلية سيؤدي لا محالة إلى تجدد المواجهة العسكرية على طول الحدود وفي وقت قريب»، مشدداً على أن «الضغوط الهائلة التي تمارسها جهات عدة على المقاومة لضبط النفس وعدم الرد، لن يكون لها معنى إذا تكرر القصف».
وأشار إلى أن «إطلاق البالونات الحارقة والمتفجرة من القطاع باتجاه المواقع والبلدات الإسرائيلية مرتبط باستمرار فرض الحصار على قطاع غزة وإغلاق المعابر لأكثر من شهر ونصف الشهر على التوالي»، ولفت إلى أن «وقف إطلاق البالونات الحارقة غير وارد في المرحلة الحالية باعتبارها أداة من أدوات النضال الشعبي المشروع ضد جرائم الاحتلال».



الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
TT

الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)

ضمن مخاوف الجماعة الحوثية من ارتدادات تطورات الأوضاع في سوريا على قوتها وتراجع نفوذ محور إيران في منطقة الشرق الأوسط؛ صعّدت الجماعة من ممارساتها بغرض تطييف المجتمع واستقطاب أتباع جدد ومنع اليمنيين من الاحتفال بسقوط نظام بشار الأسد.

واستهدفت الجماعة، حديثاً، موظفي مؤسسات عمومية وأخرى خاصة وأولياء أمور الطلاب بالأنشطة والفعاليات ضمن حملات التعبئة التي تنفذها لاستقطاب أتباع جدد، واختبار ولاء منتسبي مختلف القطاعات الخاضعة لها، كما أجبرت أعياناً قبليين على الالتزام برفد جبهاتها بالمقاتلين، ولجأت إلى تصعيد عسكري في محافظة تعز.

وكانت قوات الحكومة اليمنية أكدت، الخميس، إحباطها ثلاث محاولات تسلل لمقاتلي الجماعة الحوثية في جبهات محافظة تعز (جنوب غربي)، قتل خلالها اثنان من مسلحي الجماعة، وتزامنت مع قصف مواقع للجيش ومناطق سكنية بالطيران المسير، ورد الجيش على تلك الهجمات باستهداف مواقع مدفعية الجماعة في مختلف الجبهات، وفق ما نقله الإعلام الرسمي.

الجيش اليمني في تعز يتصدى لأعمال تصعيد حوثية متكررة خلال الأسابيع الماضية (الجيش اليمني)

وخلال الأيام الماضية اختطفت الجماعة الحوثية في عدد من المحافظات الخاضعة لسيطرتها ناشطين وشباناً على خلفية احتفالهم بسقوط نظام الأسد في سوريا، وبلغ عدد المختطفين في صنعاء 17 شخصاً، قالت شبكة حقوقية يمنية إنهم اقتيدوا إلى سجون سرية، في حين تم اختطاف آخرين في محافظتي إب وتعز للأسباب نفسها.

وأدانت الشبكة اليمنية للحقوق والحريات حملة الاختطافات التي رصدتها في العاصمة المختطفة صنعاء، مشيرة إلى أنها تعكس قلق الجماعة الحوثية من انعكاسات الوضع في سوريا على سيطرتها في صنعاء، وخوفها من اندلاع انتفاضة شعبية مماثلة تنهي وجودها، ما اضطرها إلى تكثيف انتشار عناصرها الأمنية والعسكرية في شوارع وأحياء المدينة خلال الأيام الماضية.

وطالبت الشبكة في بيان لها المجتمع الدولي والأمم المتحدة والمنظمات الحقوقية بإدانة هذه الممارسات بشكل واضح، بوصفها خطوة أساسية نحو محاسبة مرتكبيها، والضغط على الجماعة الحوثية للإفراج عن جميع المختطفين والمخفيين قسراً في معتقلاتها، والتحرك الفوري لتصنيفها منظمة إرهابية بسبب تهديدها للأمن والسلم الإقليميين والدوليين.

تطييف القطاع الطبي

في محافظة تعز، كشفت مصادر محلية لـ«الشرق الأوسط» عن أن الجماعة الحوثية اختطفت عدداً من الشبان في منطقة الحوبان على خلفية إبداء آرائهم بسقوط نظام الأسد، ولم يعرف عدد من جرى اختطافهم.

تكدس في نقطة تفتيش حوثية في تعز حيث اختطفت الجماعة ناشطين بتهمة الاحتفال بسقوط الأسد (إكس)

وأوقفت الجماعة، بحسب المصادر، عدداً كبيراً من الشبان والناشطين القادمين من مناطق سيطرة الحكومة اليمنية، وأخضعتهم للاستجواب وتفتيش متعلقاتهم الشخصية وجوالاتهم بحثاً عمّا يدل على احتفالهم بتطورات الأحداث في سوريا، أو ربط ما يجري هناك بالوضع في اليمن.

وشهدت محافظة إب (193 كيلومتراً جنوب صنعاء) اختطاف عدد من السكان للأسباب نفسها في عدد من المديريات، مترافقاً مع إجراءات أمنية مشددة في مركز المحافظة ومدنها الأخرى، وتكثيف أعمال التحري في الطرقات ونقاط التفتيش.

إلى ذلك، أجبرت الجماعة عاملين في القطاع الطبي، بشقيه العام والخاص، على حضور فعاليات تعبوية تتضمن محاضرات واستماع لخطابات زعيمها عبد الملك الحوثي، وشروحات لملازم المؤسس حسين الحوثي، وأتبعت ذلك بإجبارهم على المشاركة في تدريبات عسكرية على استخدام مختلف الأسلحة الخفيفة والمتوسطة والقنابل اليدوية وزراعة الألغام والتعامل مع المتفجرات.

وذكرت مصادر طبية في صنعاء أن هذه الإجراءات استهدفت العاملين في المستشفيات الخاصعة لسيطرة الجماعة بشكل مباشر، سواء العمومية منها، أو المستشفيات الخاصة التي استولت عليها الجماعة بواسطة ما يعرف بالحارس القضائي المكلف بالاستحواذ على أموال وممتلكات معارضيها ومناهضي نفوذها من الأحزاب والأفراد.

زيارات إجبارية للموظفين العموميين إلى معارض صور قتلى الجماعة الحوثية ومقابرهم (إعلام حوثي)

وتتزامن هذه الأنشطة مع أنشطة أخرى شبيهة تستهدف منتسبي الجامعات الخاصة من المدرسين والأكاديميين والموظفين، يضاف إليها إجبارهم على زيارة مقابر قتلى الجماعة في الحرب، وأضرحة عدد من قادتها، بما فيها ضريح حسين الحوثي في محافظة صعدة (233 كيلومتراً شمال صنعاء)، وفق ما كانت أوردته «الشرق الأوسط» في وقت سابق.

وكانت الجماعة أخضعت أكثر من 250 من العاملين في الهيئة العليا للأدوية خلال سبتمبر (أيلول) الماضي، وأخضعت قبلهم مدرسي وأكاديميي جامعة صنعاء (أغلبهم تجاوزوا الستين من العمر) في مايو (أيار) الماضي، لتدريبات عسكرية مكثفة، ضمن ما تعلن الجماعة أنه استعداد لمواجهة الغرب وإسرائيل.

استهداف أولياء الأمور

في ضوء المخاوف الحوثية، ألزمت الجماعة المدعومة من إيران أعياناً قبليين في محافظة الضالع (243 كيلومتراً جنوب صنعاء) بتوقيع اتفاقية لجمع الأموال وحشد المقاتلين إلى الجبهات.

موظفون في القطاع الطبي يخضعون لدورات قتالية إجبارية في صنعاء (إعلام حوثي)

وبينما أعلنت الجماعة ما وصفته بالنفير العام في المناطق الخاضعة لسيطرتها من المحافظة، برعاية أسماء «السلطة المحلية» و«جهاز التعبئة العامة» و«مكتب هيئة شؤون القبائل» التابعة لها، أبدت أوساط اجتماعية استياءها من إجبار الأعيان والمشايخ في تلك المناطق على التوقيع على وثيقة لإلزام السكان بدفع إتاوات مالية لصالح المجهود الحربي وتجنيد أبنائهم للقتال خلال الأشهر المقبلة.

في السياق نفسه، أقدمت الجماعة الانقلابية على خصم 10 درجات من طلاب المرحلة الأساسية في عدد من مدارس صنعاء، بحة عدم حضور أولياء الأمور محاضرات زعيمها المسجلة داخل المدارس.

ونقلت المصادر عن عدد من الطلاب وأولياء أمورهم أن المشرفين الحوثيين على تلك المدارس هددوا الطلاب بعواقب مضاعفة في حال استمرار تغيب آبائهم عن حضور تلك المحاضرات، ومن ذلك طردهم من المدارس أو إسقاطهم في عدد من المواد الدراسية.

وأوضح مصدر تربوي في صنعاء لـ«الشرق الأوسط» أن تعميماً صدر من قيادات عليا في الجماعة إلى القادة الحوثيين المشرفين على قطاع التربية والتعليم باتباع جميع الوسائل للتعبئة العامة في أوساط أولياء الأمور.

مقاتلون حوثيون جدد جرى تدريبهم وإعدادهم أخيراً بمزاعم مناصرة قطاع غزة (إعلام حوثي)

ونبه المصدر إلى أن طلب أولياء الأمور للحضور إلى المدارس بشكل أسبوعي للاستماع إلى محاضرات مسجلة لزعيم الجماعة هو أول إجراء لتنفيذ هذه التعبئة، متوقعاً إجراءات أخرى قد تصل إلى إلزامهم بحضور فعاليات تعبوية أخرى تستمر لأيام، وزيارة المقابر والأضرحة والمشاركة في تدريبات قتالية.

وبحسب المصدر؛ فإن الجماعة لا تقبل أي أعذار لتغيب أولياء الأمور، كالسفر أو الانشغال بالعمل، بل إنها تأمر كل طالب يتحجج بعدم قدرة والده على حضور المحاضرات بإقناع أي فرد آخر في العائلة بالحضور نيابة عن ولي الأمر المتغيب.