تحذير فلسطيني من السباق الإسرائيلي على {تطوير المشروع الاستيطاني}

«الخارجية»: شعبنا يدفع حياته ثمناً للصمت الدولي

TT

تحذير فلسطيني من السباق الإسرائيلي على {تطوير المشروع الاستيطاني}

حذرت منظمة التحرير الفلسطينية أمس، من «السباق» الحاصل بين اليمين الحاكم واليمين المعارض في إسرائيل على تمرير قوانين وخدمات لتطوير المشروع الاستيطاني. وقال المكتب الوطني للدفاع عن الأرض ومقاومة الاستيطان التابع للمنظمة في بيان صحافي، إن المنافسة اشتدت في إسرائيل على من يؤدي «خدمات أكثر لمشروع الاستيطان والضم والاحتلال» منذ إعلان تشكيل الحكومة الجديدة الأسبوع الماضي.
ونبه المكتب إلى خطورة تقديم مقترح في الكنيست (البرلمان) الإسرائيلي لتمرير قانون شرعنة ما يسمى «الاستيطان الشاب» الذي يضم 70 بؤرة استيطانية في الضفة الغربية. وأشار إلى إعلان رئيس الوزراء الإسرائيلي نفتالي بنيت خلال جلسة نيل حكومته الثقة من الكنيست الأحد الماضي، أنه سيعمل على تعزيز الاستيطان وزيادة الحماية الأمنية في المناطق المصنفة (ج) في الضفة الغربية.
وأبرز أن الخطوط العريضة للحكومة الجديدة في إسرائيل «لا تحمل أي تغيير في سياساتها تجاه الاستيطان»، وتضمنت «وجوب ضمان المصالح الإسرائيلية في المنطقة المصنفة (ج) في الضفة الغربية»، أي منع البناء الفلسطيني ومراقبته وتحديده. وعدّ البيان أن البندين المذكورين يحددان وجهة الحكومة الجديدة التي تنطلق بحسب تصريحات أقطابها من أن ولايتها لن تشهد الآن لا عملية «ضم» ولا عملية تسوية مع الفلسطينيين، وبالتالي مواصلة نفس سياسات البناء الاستيطاني.
ورصد البيان مخططاً إسرائيلياً لتوسيع مستوطنة «شيفوت راحيل» المقامة على أراضي قرية جالود جنوب نابلس عبر إضافة 534 وحدة استيطانية جديدة إليها. وذكر أن المخطط يقوم على بناء الوحدات الاستيطانية الجديدة على مساحة 376 دونماً من أراضٍ فلسطينية، وتوسيع مساحة الأرض التي تحتلها المستوطنة. ولم تعقب مصادر إسرائيلية رسمية على المخطط المذكور.
ويقطن ما يزيد على 600 ألف مستوطن إسرائيلي في الضفة الغربية وشرق القدس. والمستوطنات أحد ملفات الحل النهائي التي يقول الفلسطينيون إنها يجب أن تزال كلها. وقالت وزارة الخارجية الفلسطينية في بيان، إن «شعبنا يدفع حياته ومستقبل أجياله نتيجة للصمت الدولي على استمرار الاحتلال الإسرائيلي ودعمه، والتخاذل عن تنفيذ قرارات الأمم المتحدة الخاصة بالقضية الفلسطينية، وسياسة الكيل بمكيالين التي يتبعها مجلس الأمن بالتعامل مع القضايا والصراعات العالمية والإقليمية على حساب حقوق شعبنا».
وأضافت الوزارة أن «شعبنا دفع ثمناً كبيراً نتيجة استمرار جرائم الاحتلال وتعميق وتوسيع الاستيطان، ويواصل دفعه بحجة إعطاء حكومة الاحتلال الجديدة الفرصة للبقاء وعدم الإزعاج، وهو ما كشفه الإعلام العبري بشأن تطمينات أميركية لقادة الحكومة الإسرائيلية». وتابعت أن «شعبنا دفع ثمناً باهظاً لوجود نتنياهو، وما زال يدفع الثمن ذاته نتيجة لغيابه، واستبدال حكومة به، تحاول إثبات يمينيتها في قمع شعبنا الفلسطيني والتنكيل به».
وأضافت الخارجية أن «الحكومات الإسرائيلية المتعاقبة هي حكومات الاحتلال ما لم ينتهِ الاحتلال والاستيطان»، مضيفة أن «المطلوب دولياً هو اتخاذ الإجراءات الكفيلة لوضع حد لهذا الظلم التاريخي الذي حل بشعبنا، والبوابة لذلك هي الإسراع في عقد مؤتمر دولي للسلام، وفق المبادرة التي أطلقها الرئيس محمود عباس، على أن يفضي الحراك السياسي إلى إنهاء الاحتلال والاستيطان في الأرض الفلسطينية المحتلة منذ عام 1967، وتمكين شعبنا من ممارسة حقوقه العادلة والمشروعة، وفي مقدمتها العودة وإقامة الدولة المستقلة وعاصمتها القدس الشرقية».
وأدانت الخارجية القمع الوحشي والتنكيل الذي ترتكبه قوات الاحتلال ضد المواطنين المدنيين المشاركين في المسيرات السلمية الرافضة للاستيطان، وسرقة الأرض الفلسطينية، واعتداءات المستوطنين المتواصلة «ضد أبناء شعبنا وقراهم وبلداتهم».



​«هدنة غزة»: هل تسرّع نتائج الانتخابات الأميركية جهود الوسطاء؟

امرأة فلسطينية تبكي على أقاربها الذين قُتلوا في غارة إسرائيلية على خيام النزوح بدير البلح وسط قطاع غزة (أ.ف.ب)
امرأة فلسطينية تبكي على أقاربها الذين قُتلوا في غارة إسرائيلية على خيام النزوح بدير البلح وسط قطاع غزة (أ.ف.ب)
TT

​«هدنة غزة»: هل تسرّع نتائج الانتخابات الأميركية جهود الوسطاء؟

امرأة فلسطينية تبكي على أقاربها الذين قُتلوا في غارة إسرائيلية على خيام النزوح بدير البلح وسط قطاع غزة (أ.ف.ب)
امرأة فلسطينية تبكي على أقاربها الذين قُتلوا في غارة إسرائيلية على خيام النزوح بدير البلح وسط قطاع غزة (أ.ف.ب)

يعول كثيرون على نتائج الانتخابات الأميركية، التي ستقود المرشح الجمهوري دونالد ترمب أو نظيرته الديمقراطية كامالا هاريس للبيت الأبيض، في إنجاز صفقة الرهائن، وإنهاء الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة بعد نحو عام راوحت المفاوضات مكانها، وسط مطالبات لنحو 50 دولة بوقف تسليح إسرائيل.

تلك النتائج التي يترقبها، لا سيما دولتا الوساطة مصر وقطر، وطرفا الحرب «حماس»، ورئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، وفق خبراء تحدثوا لـ«الشرق الأوسط»، قد تؤثر بشكل كبير على مسار المفاوضات بغزة، وتسرع من وتيرة إبرام الوسطاء صفقة تنهي أطول حرب بين الجانبين، لافتين إلى وجود حراك دولي وعربي نحو إتمام حل دائم للأزمة في القطاع، يظهر مع القمة العربية الإسلامية الوشيكة في 11 نوفمبر (تشرين الثاني)، والجهود الدولية لوقف تسليح إسرائيل.

وفتحت مراكز الاقتراع، الثلاثاء، أبوابها أمام الناخبين الأميركيين بالانتخابات التي تُجرى لاختيار الرئيس الـ47 للولايات المتحدة، بعد أيام كانت قضية غزة هي مثار حديث كلا المرشحين في حملاتهما الانتخابية في محاولة لخطب ود الأميركيين العرب الذين يقدر عددهم بنحو 3.7 مليون من أصل 337 مليون نسمة يعيشون في الولايات المتحدة، ويعد اللبنانيون أكبر جالية عربية بينهم، وفق تقديرات المعهد العربي الأميركي (غير حكومي).

وأكدت هاريس، الأحد، في خطاب «الحاجة لإنهاء الحرب وإطلاق سراح الرهائن»، وتعهدت بـ«بذل كل ما في وسعها من أجل حلّ الدولتين، ومنح الفلسطينيين حقّهم في تقرير المصير والأمن والاستقرار».

وتعهد ترمب، في تغريدة أواخر أكتوبر (تشرين الأول) الماضي بأنه سيحل السلام بالشرق الأوسط، وسيوقف المعاناة والدمار في لبنان إذا عاد إلى البيت الأبيض، في حين نقلت صحيفة «تايمز أوف إسرائيل» عن مصدرين مطلعين قولهما إن الرئيس الأميركي السابق أخبر نتنياهو أنه يريد أن تضع إسرائيل حداً لحربها في غزة بحلول موعد تسلمه للسلطة إذا فاز في الانتخابات.

وعشية الانتخابات الأميركية، طالب أكثر من 50 دولة مجلس الأمن الدولي والجمعية العامة للأمم المتحدة باتخاذ خطوات فورية لوقف بيع أو نقل الأسلحة إلى إسرائيل، وفق رسالة موجهة إلى الهيئتين التابعتين للأمم المتحدة والأمين العام أنطونيو غوتيريش: «اتهمت إسرائيل بانتهاك القوانين الدولية بشكل مستمر في غزة وبقية الأراضي الفلسطينية، وكذلك في لبنان وبقية الشرق الأوسط».

أطفال فلسطينيون يجمعون الدقيق من الأرض بعد سقوط كيس من شاحنة مساعدات كانت تسير على طريق صلاح الدين في دير البلح وسط قطاع غزة (أ.ف.ب)

وبالمقابل، ندّد مندوب إسرائيل لدى الأمم المتحدة داني دانون، بطلب الحظر، ووصف على منصة «إكس» ذلك الطلب بأنه «تحرك آخر من محور الشر ضد إسرائيل على الساحة الدولية».

غير أن هذا التحرك، وفق المحلل السياسي الأميركي، مايكل مورغان، يأتي ضمن «حراك عربي ودولي يريد وقف الحرب فوراً بغزة ولبنان، وقد تساعد تلك المطالبات وغيرها في إنهاء ذلك، لا سيما بعد الانتخابات الأميركية التي يعول على نتائجها في حسم استقرار المنطقة».

ويتوقع الأكاديمي المصري المتخصص في الشؤون الإسرائيلية، الدكتور أحمد فؤاد أنور، تسريع جهود الوسطاء في إنهاء الحرب بغزة بعد إعلان الفائز بالسباق الرئاسي، مرجعاً ذلك إلى «رغبة الإدارة الأميركية الجديدة أياً كانت في تحقيق استقرار في المنطقة تحقيقاً للوعود، ويعلم الجانبان؛ الإسرائيلي ومعسكر المقاومة ذلك وربما يستعدان».

وتحرك الـ50 دولة لحظر تسليح إسرائيل، ينضم لحراك مصري باستضافة القاهرة على مدار الأيام الماضية اجتماعات «حماس» و«فتح» للتحضير لليوم التالي للحرب، وإنشاء لجنة لإدارة قطاع غزة، بجانب قمة عربية إسلامية مرتقبة بالرياض ستحمل فرصاً أخرى لتسريع حل أزمة غزة، وفق أنور الذي أكد أنها مؤشرات تقول إن ثمة انفراجة محتملة، واستعدادات عربية ودولية لإنهاء الأزمة بالمنطقة.

بالمقابل، يعتقد المحلل السياسي الأردني، صلاح العبادي، أن موقف الدول الخمسين «لن يكون مؤثراً على الدول المزودة لإسرائيل بالأسلحة؛ على اعتبار أن إسرائيل تحظى بدعم أميركي ودعم غربي واضح في الاتجاهات كافة»، غير أنه «قد يشكل ضغطاً على الجانب الإسرائيلي يسهم في تسريع إنهاء الحرب».

وتزامناً مع الانتخابات الأميركية نشرت صحيفة «واشنطن تايمز» مقالاً لوزير الخارجية المصري بدر عبد العاطي بعنوان «حل الدولتين ممكن بين الفلسطينيين وإسرائيل»، في إطار المساعي المصرية لحشد المجتمع الدولي لإقامة دولة فلسطينية مستقلة، وفق إفادة الخارجية المصرية، الثلاثاء.

وشدّد وزير الخارجية المصري على أنه «يجب التعامل مع الأسباب الجذرية للصراع وليس أعراضه، من خلال إنهاء احتلال إسرائيل للأراضي الفلسطينية، وممارسة الفلسطينيين حقهم في تقرير المصير»، مؤكداً أن «مصر تواصل العمل لتحقيق هذه الغاية».

وكان الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، أكد في لقاء بالقاهرة الاثنين مع نظيره الفلسطيني، محمود عباس: «استمرار الجهود المصرية المكثفة والهادفة للتهدئة ووقف إطلاق النار، وإنفاذ المساعدات الإنسانية، ودعم مصر للسلطة الفلسطينية، وبذل جهود كبيرة لمساعدة الأشقاء في الوصول لتفاهمات وتوافق في الرؤى بين جميع أطياف الشعب الفلسطيني، لضمان مواجهة التحديات الجسيمة والتهديدات التي تواجهها القضية الفلسطينية».

وباعتقاد مورغان، فإن الموقف المصري ثابت في دعم القضية الفلسطينية وإقامة دولة مستقلة، مؤكداً أن المطالبة المستمرة بحل الدولتين يشكل نوعاً من الضغط على ترمب وهاريس، لكنه سيواجه بتعنت إسرائيلي، وربما يقود لصفقة وقف إطلاق نار على الأقل لتفادي تلك المطالبة.

ويرى الأكاديمي المصري فؤاد أنور، أن «مطلب حل الدولتين بات يلاقي جدية في الطرح أكثر مما سبق خلال السنوات الماضية»، متوقعاً أن «تكون هناك مساع لإعلان قيام دولة فلسطينية من جانب واحد، وذلك في سياق طبيعي بعد التضحيات الكبيرة التي قدمتها فلسطين بالحرب الحالية».

ووفق المحلل السياسي الأردني، صلاح العبادي، فإن «ما ذهب إليه وزير الخارجية المصري في مقاله هو عين الصواب، وهو يشدّد على تمسك الدبلوماسية المصرية برؤيتها الواضحة والثاقبة تجاه الصراع الفلسطيني الإسرائيلي، المتمثل في إقامة الدولة الفلسطينية».

ويؤكد أن «مصر تلعب دوراً دبلوماسياً كبيراً في التأثير على المجتمع الدولي تجاه القضية الفلسطينية وإنهاء الحرب على غزة، خصوصاً أن الدبلوماسية المصرية تتوافق مع الدبلوماسية الأردنية، وهناك تنسيق مشترك بينهما على صعيد تحشيد الدعم الدولي للقضية الفلسطينية»، وأن «حل الدولتين أمر ممكن لكنه مرهون بحزمة من الإجراءات التوافقية لإنهاء القضايا الخلافية، والتوصل إلى قرار ملزم للجانبين».