العبادي يوجه الوزارات ببدء العمل في المناطق المحررة

الصدر يجدد دعوته إلى عزل «الميليشيات الوقحة»

العبادي يوجه الوزارات  ببدء العمل في المناطق المحررة
TT

العبادي يوجه الوزارات ببدء العمل في المناطق المحررة

العبادي يوجه الوزارات  ببدء العمل في المناطق المحررة

في وقت أعلن رئيس الوزراء العراقي والقائد العام للقوات المسلحة حيدر العبادي بدء العمل في المناطق المحررة في محافظة صلاح الدين بعد نحو سنة على احتلالها من قبل تنظيم داعش، جدد زعيم التيار الصدري، مقتدى الصدر، دعوته إلى إبعاد «الميليشيات الوقحة» عن الحشد الشعبي.
ووجه العبادي مختلف الوزارات العراقية باستئناف العمل في المناطق المحررة بما في ذلك إعادة النازحين والمهجرين وتطبيع الأوضاع فيها والمباشرة بعملية الإعمار وتقديم الخدمات الضرورية.
وقال المكتب الإعلامي لرئيس الوزراء في بيان له أمس إن العبادي قدم في مستهل جلسة مجلس الوزراء أمس «إيجازا عن عملية تحرير محافظة صلاح الدين، ومناقشة الأوضاع فيها وتقديم الدعم المطلوب لأهالي المحافظة أثناء العمليات وبعدها، إلى جانب تقديم الخدمات في المناطق المحررة». وأوضح البيان أن «رئيس الوزراء وجه الوزارات المعنية بالاستعداد لاستئناف العمل في هذه المناطق».
في سياق متصل، شدد رئيس البرلمان العراقي سليم الجبوري على أهمية معالجة النزاعات وحل جميع المشكلات، خصوصا في فترة ما بعد تحرير المناطق من سيطرة «داعش». كما أكد الجبوري في بيان صدر عقب لقائه بوفد منظمة تسوية النزاعات الفنلندية «سي إم آي» برئاسة السفير السابق للاتحاد الأوروبي في بغداد إلكا إنتيرو على «أهمية دعم مشروع المصالحة الوطنية بالشكل الذي يحفظ حقوق كل مكونات الشعب العراقي ويحقق العدالة الاجتماعية لكل فرد».
من ناحية ثانية، وبينما لقيت قوات الحشد الشعبي المزيد من التأييد بسبب مشاركتها الفاعلة في معركة تحرير تكريت، جدد زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر دعوته إلى عزل «الميليشيات الوقحة» المنضوية في الحشد. وقال الصدر، الذي سبق أن جمد «سرايا السلام» و«لواء اليوم الموعود» التابعين لتياره والعاملين ضمن قوات الحشد الشعبي، في بيان جوابا على سؤال من أتباعه «حي الله الحشد الشعبي البطل الذي لا يزال يسطر أروع معاني التضحية والفداء وأسال الله أن يديم انتصاراته كما كانت سرايا السلام تسطر الانتصارات». وأضاف الصدر أن «في طبيعة الحال فإن الحشد الشعبي يجب أن يكون ضمن الجهات الحكومية الرسمية في سلكي الجيش والشرطة العراقية». وأشار الصدر إلى أن «الميليشيات الوقحة تتعامل مع الوضع الأمني بأسلوب قذر بالذبح والاعتداء على غير الدواعش الإرهابيين بغير حق وتريد أخذ زمام الأمور بيدها لبسط نفوذها بالذبح والاغتيالات وتشويه سمعة المذهب بل الإسلام»، مؤكداً أن «هذه الأعمال ستفشل التقدم والنصر اللذين حققهما الحشد الشعبي المطيع للمرجعية والمحب للوطن»، مطالبا بضرورة «عزل تلك الميليشيات الوقحة لكي لا تكون نقطة سوداء في جبين الجهاد والوطنية»، داعيا الجميع إلى «البقاء على أهبة الاستعداد بمن فيهم سرايا السلام للدفاع عن الوطن ولتحرير المناطق المغتصبة ولا سيما محافظتي الأنبار والموصل المغتصبتين».
في سياق ذلك، أكد جواد البهادلي، عضو البرلمان عن كتلة الأحرار التابعة للتيار الصدري، في تصريح لـ«الشرق الأوسط» أن «السيد الصدر يريد للدولة العراقية أن تبنى بناء مؤسساتيا قويا وحتى يحصل ذلك فلا بد للحكومة أن تكون هي المسيطرة وأول مستلزمات ذلك هو أن يكون السلاح بيدها لا بيد الخارجين عن القانون تحت تبريرات غير مقبولة». وأضاف البهادلي أن «المشكلة التي نواجهها هي أن الحكومة السابقة منحت قوة ودورا لبعض الميليشيات التي أخذت تتصرف بطريقة غير مقبولة في الشارع العراقي ولم تعترف لا بالقانون ولا بالنظام». وأوضح أن «الممارسات الإجرامية واحدة بحق المواطن العراقي وبالتالي فإن ما يفعله (داعش) من جرائم بحق العراقيين تمارس مثله الجهات والجماعات الخارجة عن القانون والتي لا يتوانى السيد الصدر في أن يسميها الميليشيات الوقحة».



«الحُمّيات» تفتك باليمنيين... والفقر يقلل من فرص النجاة

الفقر والنزوح يساهمان في انتشار الأوبئة باليمن ويعقّدان من وسائل مواجهتها (الأمم المتحدة)
الفقر والنزوح يساهمان في انتشار الأوبئة باليمن ويعقّدان من وسائل مواجهتها (الأمم المتحدة)
TT

«الحُمّيات» تفتك باليمنيين... والفقر يقلل من فرص النجاة

الفقر والنزوح يساهمان في انتشار الأوبئة باليمن ويعقّدان من وسائل مواجهتها (الأمم المتحدة)
الفقر والنزوح يساهمان في انتشار الأوبئة باليمن ويعقّدان من وسائل مواجهتها (الأمم المتحدة)

اتسعت رقعة انتشار أمراض الحُمّيات، خصوصاً الملاريا وحمى الضنك، في مختلف المحافظات اليمنية، وتعدّ المناطق الساحلية والسهلية الأشد تضرراً خلال فصل الشتاء، فيما يتسبب الفقر وضعف القطاع الصحي في معاناة السكان وعدم قدرتهم على مواجهة الأوبئة، في ظل انحسار كبير للمساعدات الدولية.

ورغم أن البلاد تشهد حالياً طقساً بارداً يُفترض أن يقلل من مسببات هذه الأوبئة؛ فإن عوامل الرطوبة واستمرار هطول الأمطار في المحافظات السهلية والساحلية ساهمت في تكاثر البعوض الناقل لها بالتزامن مع ضعف وسائل مكافحته ومنع انتشاره.

واضطرت السلطات الطبية في محافظة مأرب (173 كيلومتراً شرق صنعاء)، إلى إعادة فتح مراكز الحجر الطبي بسبب الانتشار الواسع لعدد من الأوبئة؛ منها الملاريا وحمى الضنك والحصبة والكوليرا والدفتيريا. وكشفت «وحدة التَّرَصُّد الوبائي» في المحافظة عن تسجيل 892 إصابة بحمى الضنك و150 بالدفتيريا خلال العام الماضي، ولم تحدد أعداد الإصابات المسجلة بالملاريا.

وبينما انسحبت غالبية المنظمات الدولية والأممية التي كانت تعمل على تقديم الرعاية الطبية في مخيمات النزوح، فقد ساهمت «المنظمة الدولية للهجرة» في دعم مكتب الصحة العامة والسكان لتوزيع 53 ألف ناموسية مُشَبَّعَة بالمبيد على أكثر من 107 آلاف شخص في عدد من المديريات.

«الصحة العالمية» سجلت أكثر من مليون اشتباه إصابة بالملاريا وما يتجاوز 13 ألفاً بحمى الضنك العام الماضي (الأمم المتحدة)

ورغم انخفاض أعداد الإصابات بالملاريا المسجلة في محافظة تعز (جنوبي غرب) بنحو 50 في المائة خلال العام الماضي مقارنة بالأعوام السابقة، فإن انتشار الوباء لا يزال يوصف بالكارثي في المحافظة الأكثر سكاناً بالبلاد.

وأفاد تيسير السامعي، مدير الإعلام الصحي في محافظة تعز، «الشرق الأوسط» بتسجيل إصابة 4338 حالة بالملاريا في المنشآت الطبية منذ بداية العام الماضي وحتى نهاية أكتوبر (تشرين الأول) الماضي مع عدم تسجيل أي حالة وفاة.

وتعدُّ مديرية موزع، وهي مديرية قريبة من الساحل الغربي للبلاد، الأعلى من حيث أعداد الإصابات بالملاريا؛ إذ سجل القطاع الطبي 1157 حالة، تليها مديرية المخا المجاورة والساحلية بـ867 حالة، ثم مديرية مقبنة بـ689 حالة، وفقاً للإحصائية التي أوردها السامعي.

تدهور القطاع الصحي اليمني ساهم في انتشار الأوبئة وقلل من فرص مكافحتها (الأمم المتحدة)

وبين السامعي أن «قدرات القطاع الصحي في تعز شحيحة جداً، ولا تكفي لمواجهة الانتشار الكبير للأوبئة وأمراض الحُمِّيات، في حين لا يتوفر دعم كافٍ من الجهات الدولية المانحة، وتفتقر المراكز الصحية للأدوات والوسائل العلاجية والوقائية من الملاريا، ولا تتوفر لدى (البرنامج الوطني لمكافحة الملاريا) الإمكانات اللازمة للقيام بمهامه على أكمل وجه».

وأبدى حسرته لحدوث «كثير من الوفيات بسبب الملاريا، التي يصعب الحصول على بياناتها من قبل القطاع الصحي، ودون أن تتمكن العائلات من إنقاذ أرواح ذويها الذين تفاقمت إصاباتهم بالوباء بسبب الفقر وعدم القدرة على الحصول على الرعاية الطبية الكافية».

استيطان شبوة

منذ بداية العام الماضي، أبلغ اليمن عن أكثر من مليون و50 ألف حالة يشتبه في إصابتها بالملاريا، و13 ألفاً و739 حالة يشتبه في إصابتها بحمى الضنك، كما أوردت منظمة الصحة العالمية في بيان لها منذ أكثر من شهر.

واستوطنت حمى الضنك في محافظة شبوة (جنوب) منذ عام 2002 وفقاً لحديث علي الذيب، مدير مكتب الصحة، الذي أكد أنه لا يمر عام دون أن تسجل هناك حالات تقدر بالآلاف أحياناً، وبلغ العدد المسجل في العام الماضي 1806 حالات على مستوى جميع المديريات، بينما كانت هناك 463 حالة يشتبه في أنها ملاريا.

تعاون أممي ورسمي في حملات رش لليَرَقات لحماية 4 ملايين يمني من الأمراض المنقولة بالبعوض (البرنامج الوطني لمكافحة الملاريا)

وأوضح الذيب لـ«الشرق الأوسط» أن أهم الصعوبات التي تواجه أنشطة القطاع الصحي في المحافظة لمواجهة الحميات «نقص الوعي الصحي في أوساط المجتمع بكيفية الحد من انتشار البعوض الناقل للأمراض، وزيادة الأعباء الاقتصادية على السكان نتيجة الحرب التى تمر بها البلاد، وهو ما نتجت عنه زيادة في استهلاك المياه غير النظيفة وتصريفها بشكل غير صحي».

وإضافة إلى تلك الصعوبات، فهناك «ضعف الميزانية المخصصة لمكافحة الأوبئة، والهجرة غير الشرعية من القرن الأفريقي التي ساهمت في نقل العدوى واستنزاف المخزون الدوائي»، طبقاً للمسؤول الصحي اليمني.

ويبذل القطاع الصحي في محافظة شبوة جهوداً كبيرة رغم شح الإمكانات؛ إذ «يسعى إلى إيجاد آليةِ ترصّد وبائي فعالة في جميع المواقع. وافتُتحت مراكز للحميات في المحافظة لاستقبال الحالات الحرجة، مع تأهيل كادر طبي للتعامل مع حالات حمى الضنك، وتدريب العاملين في جميع المرافق الصحية، وتوفير الأدوية والفحوصات السريعة للحميات».

هشاشة صحية في لحج

وفي اليمن مناطق ذات معدلات انتقال عالية للملاريا، كما ورد في تقرير من «منظمة الصحة العالمية»، التي قدرت أن 21 مليون شخص معرضون لخطر الإصابة بهذا الوباء الذي يشكل، مع حمى الضنك، مشكلة صحة عامة رئيسية.

توزيع الناموسيات المشبعة بالمبيد في عدد من المحافظات اليمنية الموبوءة (البرنامج الوطني لمكافحة الملاريا)

ورغم انخفاض الكثافة السكانية في محافظة لحج (جنوب) وتباعد التجمعات السكانية، فإنها تشهد انتشاراً واسعاً لأمراض الحميات التي تفاقمت خلال الأسابيع الأخيرة، في ظل نقص شديد بالخدمات الطبية.

وذكرت مصادر طبية بمحافظة لحج لـ«الشرق الأوسط» أن فصل الشتاء الحالي شهد انتشاراً واسعاً للملاريا وحمى الضنك وأمراض أخرى؛ نتيجة هطول الأمطار التي تسببت في نشوء المستنقعات التي تعدّ بيئة تكاثر للبعوض، في عدد من المديريات، مشيرة إلى أن تشابه أعراض الحميات وضعف القطاع الصحي يقللان من إمكانية الحصول على إحصاءات وبيانات بشأن هذه الأوبئة.

وبينت المصادر أن المراكز الصحية والمستوصفات في مديريات الحوطة وتُبَن والمضاربة ورأس العارة والمقاطرة والقبيطة، تستقبل يومياً حالات كثيرة من الحميات متشابهة الأعراض، بالتزامن مع انتشار واسع للبعوض هناك، في حين لا تسجَّل الوفيات الناجمة عن هذه الحميات ضمن بيانات القطاع الصحي؛ إلا بعض الحالات التي تستقبلها المنشآت الطبية.

فعالية رسمية بمحافظة شبوة ضمن برنامج حكومي للوقاية من الملاريا (البرنامج الوطني لمكافحة الملاريا)

القصور في جمع البيانات والمعلومات بشأن أعداد الإصابات والوفيات أرجعته المصادر إلى «ضعف القطاع الصحي، وعدم إمكانية الحصول على تشخيص حقيقي للحالات، بالإضافة إلى أن كثيراً من المصابين يعالجون في المنازل إما باستشارة هاتفية مع الأطباء، وإما بوصفات شعبية تعتمد على الأعشاب والمشروبات الساخنة».

ويطالب الأهالي السلطات المحلية بسرعة اتخاذ إجراءات فعالة لمكافحة انتشار البعوض، عبر أعمال الرش الضبابي في مناطق تجمعاته، وردم المستنقعات، وتغطية خزانات المياه، وإيجاد حلول لتصريف مياه الحمامات، والتخلص من النفايات بعيداً عن المساكن، إلى جانب نشر التوعية بكيفية مواجهة الحميات والوقاية منها.

ويعمل «البرنامج الوطني لمكافحة الملاريا»، رغم محدودية الموارد والإمكانات، على حملات موسعة في المحافظات الموبوءة لتوزيع الناموسيات المُشَبَّعة بمبيدات البعوض الناقل للأمراض، وتنفيذ أنشطة توعوية للسكان والفرق الصحية.