بريطانيا تعيد صياغة خريطة صادراتها الغذائية

تراجع الألبان المتجهة إلى أوروبا 90 %

تغيرت معادلة وجهات الصادرات الغذائية البريطانية بعد «بريكست» بشكل كبير (رويترز)
تغيرت معادلة وجهات الصادرات الغذائية البريطانية بعد «بريكست» بشكل كبير (رويترز)
TT

بريطانيا تعيد صياغة خريطة صادراتها الغذائية

تغيرت معادلة وجهات الصادرات الغذائية البريطانية بعد «بريكست» بشكل كبير (رويترز)
تغيرت معادلة وجهات الصادرات الغذائية البريطانية بعد «بريكست» بشكل كبير (رويترز)

صدرت بريطانيا كميات من المواد الغذائية والمشروبات إلى الدول من خارج الاتحاد الأوروبي أكثر من تلك التي صدرتها لدول التكتل خلال الشهور القلائل بعد خروجها من عضوية الاتحاد، في الوقت الذي تراجعت فيه الصادرات البريطانية إلى الاتحاد الأوروبي بشكل عام.
وذكرت وكالة الأنباء البريطانية (بي إيه ميديا) أن الصادرات إلى الدول من خارج الاتحاد الأوروبي شكلت 55 في المائة من إجمالي صادرات بريطانيا من المواد الغذائية والمشروبات خلال الأشهر الثلاثة الأولى من عام 2021، مقارنة بأقل من أربعين في المائة خلال نفس الفترة من العام السابق، حسب بيانات اتحاد الأغذية والمشروبات في بريطانيا.
وأظهرت البيانات ارتفاع صادرات الأغذية والمشروبات البريطانية إلى الصين بنسبة 28 في المائة وإلى كوريا الجنوبية بنسبة 19 في المائة وإلى اليابان بنسبة 6.2 في المائة. وأوضح الاتحاد أن هذه الزيادة لا ترجع إلى طفرة في الصادرات إلى الدول غير الأوروبية، حيث إن نسبة زيادة الصادرات لتلك الدول بلغت 0.3 في المائة فقط، ولكنها تعني أن إجمالي صادرات الأغذية والمشروبات البريطانية تراجعت إلى 3.7 مليار جنيه إسترليني (خمسة مليارات دولار)، مقابل 5.1 مليار جنيه إسترليني قبل عام.
وأفادت وكالة بلومبرغ بأن صادرات بريطانيا من الأغذية والمشروبات إلى الاتحاد الأوروبي تراجعت بنسبة 47 في المائة خلال الربع الأول من العام، مقارنة بنفس الفترة من العام الماضي. وأرجعت هذا التراجع إلى زيادة تكاليف التبادل التجاري مع الاتحاد الأوروبي في بريطانيا، كما أسهمت التأخيرات الناجمة عن الإجراءات الجمركية منذ خروج بريطانيا من عضوية الاتحاد (بريكست) في زيادة الاتجاه النزولي للصادرات البريطانية إلى التكتل.
وكشفت بيانات هيئة الإيرادات والجمارك في المملكة المتحدة أن صادرات منتجات الألبان تراجعت بأكثر من تسعين في المائة خلال الأشهر الثلاثة الأولى من العام، مقارنة بنفس الفترة من عام 2019، كما تراجعت صادرات الأسماك بأكثر من النصف وصادرات بعض الخمور بقرابة الثلث.
وصرح دومينيك جودي، مسؤول التجارة الدولية في اتحاد الأغذية والمشروبات البريطاني، بأن «خسارة ملياري دولار من الصادرات إلى الاتحاد الأوروبي هي كارثة بالنسبة لصناعتنا، وهي مؤشر قوي إلى حجم الخسائر التي يواجهها المصنعون البريطانيون على المدى الأطول بسبب القيود التجارية الجديدة مع الاتحاد الأوروبي».
وفي سياق منفصل، تراجعت مبيعات التجزئة في بريطانيا بشكل غير متوقع الشهر الماضي، في الوقت الذي سمحت فيه الحكومة للمطاعم والحانات بإعادة فتح أبوابها، مما دفع المستهلكين إلى الحد من الإنفاق على المواد الغذائية في الأسواق التجارية.
وكشفت بيانات المكتب الوطني للإحصاء في بريطانيا أن حجم السلع المبيعة من خلال المتاجر ومواقع الإنترنت تراجع بنسبة 1.4 في المائة، في أعقاب قفزة غير مسبوقة في أبريل (نيسان) بلغت نسبتها 9.2 في المائة عندما عادت متاجر السلع غير الأساسية لفتح أبوابها أمام المستهلكين بعد أشهر من الإغلاق للسيطرة على جائحة كورونا.
ونقلت بلومبرغ عن دارين مورغان، مدير الإحصاءات الاقتصادية بالمكتب الوطني للإحصاء قوله: «في أعقاب الزيادة الحادة الشهر الماضي، بالتزامن مع إعادة فتح المتاجر، تراجعت مبيعات التجزئة بنسبة طفيفة في مايو (أيار)»، غير أنه أضاف أن «المبيعات ظلت أعلى من مستويات ما قبل الجائحة، وكذلك من مستويات مارس (آذار) الماضي قبل إعادة فتح المتاجر».
وتراجعت مبيعات السلع الغذائية بنسبة قياسية بلغت 5.7 في المائة، كما انخفضت مبيعات السلع المنزلية ومعدات العناية بالحدائق كذلك. وتراجعت المبيعات عبر الإنترنت للشهر الثالث على التوالي، بالتزامن مع إعادة فتح المتاجر، ولكنها ظلت أعلى بنسبة 60 في المائة من مستويات فبراير (شباط) 2020 قبل حدوث الجائحة في بريطانيا.



 «موديز» ترفع التصنيف الائتماني للسعودية بفضل جهود تنويع الاقتصاد

مشهد من العاصمة السعودية وتظهر فيه ناطحات السحاب في مركز الملك عبد الله المالي (كافد) (رويترز)
مشهد من العاصمة السعودية وتظهر فيه ناطحات السحاب في مركز الملك عبد الله المالي (كافد) (رويترز)
TT

 «موديز» ترفع التصنيف الائتماني للسعودية بفضل جهود تنويع الاقتصاد

مشهد من العاصمة السعودية وتظهر فيه ناطحات السحاب في مركز الملك عبد الله المالي (كافد) (رويترز)
مشهد من العاصمة السعودية وتظهر فيه ناطحات السحاب في مركز الملك عبد الله المالي (كافد) (رويترز)

رفعت وكالة التصنيفات الائتمانية «موديز» تصنيفها للسعودية بالعملتين المحلية والأجنبية عند «إيه إيه 3» (Aa3) من «إيه 1» مع نظرة مستقبلية «مستقرة»، وذلك نظراً لتقدم المملكة المستمر في التنويع الاقتصادي والنمو المتصاعد لقطاعها غير النفطي.

هذا التصنيف الذي يعني أن الدولة ذات جودة عالية ومخاطر ائتمانية منخفضة للغاية، هو رابع أعلى تصنيف لـ«موديز»، ويتجاوز تصنيفات وكالتي «فيتش» و«ستاندرد آند بورز».

وقالت «موديز» في تقريرها إن رفعها لتصنيف المملكة الائتماني، مع نظرة مستقبلية «مستقرة»، يأتي نتيجة لتقدمها المستمر في التنوع الاقتصادي، والنمو المتصاعد للقطاع غير النفطي في المملكة، والذي، مع مرور الوقت، سيقلل ارتباط تطورات سوق النفط باقتصادها وماليتها العامة.

ترتيب أولويات الإنفاق ورفع كفاءته

وأشادت «موديز» بالتخطيط المالي الذي اتخذته الحكومة السعودية في إطار الحيّز المالي، والتزامها بترتيب أولويات الإنفاق ورفع كفاءته، بالإضافة إلى الجهود المستمرة التي تبذلها ومواصلتها استثمار المـوارد الماليـة المتاحـة لتنويـع القاعـدة الاقتصاديـة عـن طريـق الإنفـاق التحولي؛ مما يدعم التنمية المستدامة للاقتصاد غير النفطي في المملكة، والحفاظ على مركز مالي قوي.

وقالت «موديز» إن عملية «إعادة معايرة وإعادة ترتيب أولويات مشاريع التنويع -التي ستتم مراجعتها بشكل دوري- ستوفر بيئة أكثر ملاءمة للتنمية المستدامة للاقتصاد غير الهيدروكربوني في المملكة، وتساعد في الحفاظ على القوة النسبية لموازنة الدولة»، مشيرة إلى أن الاستثمارات والاستهلاك الخاص يدعمان النمو في القطاع الخاص غير النفطي، ومتوقعةً أن تبقى النفقات الاستثمارية والاستثمارات المحلية لـ«صندوق الاستثمارات العامة» مرتفعة نسبياً خلال السنوات المقبلة.

شعار «موديز» خارج المقر الرئيسي للشركة في مانهاتن الولايات المتحدة (رويترز)

وقد وضّحت الوكالة في تقريرها استنادها على هذا التخطيط والالتزام في توقعها لعجز مالي مستقر نسبياً والذي من الممكن أن يصل إلى ما يقرب من 2 - 3 في المائة من الناتج الإجمالي المحلي.

وسجل الناتج المحلي الإجمالي للمملكة نمواً بمعدل 2.8 في المائة على أساس سنوي في الربع الثالث من العام الحالي، مدعوماً بنمو القطاع غير النفطي الذي نما بواقع 4.2 في المائة، وفقاً لبيانات الهيئة العامة للإحصاء السعودية الصادرة الشهر الماضي.

زخم نمو الاقتصاد غير النفطي

وتوقعت «موديز» أن ينمو الناتج المحلي الإجمالي غير النفطي للقطاع الخاص بالسعودية بنسبة تتراوح بين 4 - 5 في المائة في السنوات المقبلة، والتي تعتبر من بين أعلى المعدلات في منطقة دول مجلس التعاون الخليجي، معتبرةً أنه دلالة على استمرار التقدم في التنوع الاقتصادي الذي سيقلل ارتباط اقتصاد المملكة بتطورات أسواق النفط.

وكان وزير المالية، محمد الجدعان، قال في منتدى «مبادرة مستقبل الاستثمار» الشهر الماضي إن القطاع غير النفطي بات يشكل 52 في المائة من الاقتصاد بفضل «رؤية 2030».

وقال وزير الاقتصاد فيصل الإبراهيم إنه «منذ إطلاق رؤية المملكة 2030 نما اقتصادنا غير النفطي بنسبة 20 في المائة، وشهدنا زيادة بنسبة 70 في المائة في الاستثمار الخاص في القطاعات غير النفطية، ومهد ذلك للانفتاح والمشاركات الكثيرة مع الأعمال والشركات والمستثمرين».

وأشارت «موديز» إلى أن التقدم في التنويع الاقتصادي إلى جانب الإصلاحات المالية السابقة كل ذلك أدى إلى وصول «الاقتصاد والمالية الحكومية في السعودية إلى وضع أقوى يسمح لهما بتحمل صدمة كبيرة في أسعار النفط مقارنة بعام 2015».

وتوقعت «موديز» أن يكون نمو الاستهلاك الخاص «قوياً»، حيث يتضمن تصميم العديد من المشاريع الجارية، بما في ذلك تلك الضخمة «مراحل تسويق من شأنها تعزيز القدرة على جانب العرض في قطاع الخدمات، وخاصة في مجالات الضيافة والترفيه والتسلية وتجارة التجزئة والمطاعم».

وبحسب تقرير «موديز»، تشير النظرة المستقبلية «المستقرة» إلى توازن المخاطر المتعلقة بالتصنيف على المستوى العالي، مشيرة إلى أن «المزيد من التقدم في مشاريع التنويع الكبيرة قد يستقطب القطاع الخاص ويُحفّز تطوير القطاعات غير الهيدروكربونية بوتيرة أسرع مما نفترضه حالياً».

النفط

تفترض «موديز» بلوغ متوسط ​​سعر النفط 75 دولاراً للبرميل في 2025، و70 دولاراً في الفترة 2026 - 2027، بانخفاض عن متوسط ​​يبلغ نحو 82 - 83 دولاراً للبرميل في 2023 - 2024.

وترجح وكالة التصنيف تمكّن السعودية من العودة لزيادة إنتاج النفط تدريجياً بدءاً من 2025، بما يتماشى مع الإعلان الأخير لمنظمة البلدان المصدرة للنفط وحلفائها «أوبك بلس».

وترى «موديز» أن «التوترات الجيوسياسية المتصاعدة في المنطقة، والتي لها تأثير محدود على السعودية حتى الآن، لن تتصاعد إلى صراع عسكري واسع النطاق بين إسرائيل وإيران مع آثار جانبية قد تؤثر على قدرة المملكة على تصدير النفط أو إعاقة استثمارات القطاع الخاص التي تدعم زخم التنويع». وأشارت في الوقت نفسه إلى أن الصراع الجيوسياسي المستمر في المنطقة يمثل «خطراً على التطورات الاقتصادية على المدى القريب».

تصنيفات سابقة

تجدر الإشارة إلى أن المملكة حصلت خلال العامين الحالي والماضي على عدد من الترقيات في تصنيفها الائتماني من الوكالات العالمية، والتي تأتي انعكاساً لاستمرار جهـود المملكـة نحـو التحـول الاقتصـادي فـي ظـل الإصلاحـات الهيكليـة المتبعـة، وتبنـّي سياسـات ماليـة تسـاهم فـي المحافظـة علـى الاستدامة الماليـة وتعزز كفـاءة التخطيـط المالي وقوة ومتانة المركز المالي للمملكة. ​

ففي سبتمبر (أيلول)، عدلت «ستاندرد آند بورز» توقعاتها للمملكة العربية السعودية من «مستقرة» إلى «إيجابية» على خلفية توقعات النمو القوي غير النفطي والمرونة الاقتصادية. وقالت إن هذه الخطوة تعكس التوقعات بأن تؤدي الإصلاحات والاستثمارات واسعة النطاق التي تنفذها الحكومة السعودية إلى تعزيز تنمية الاقتصاد غير النفطي مع الحفاظ على استدامة المالية العامة.

وفي فبراير (شباط) الماضي، أكدت وكالة «فيتش» تصنيفها الائتماني للمملكة عند «إيه +» مع نظرة مستقبلية «مستقرة».