وزير الداخلية التونسي: مكافحة الإرهاب تتطلب تركيز منظومة استخبارات قوية وتفعيل منظومة المخبرين

الأوضاع في ليبيا تعزز مخاطر تمدد «داعش» إلى تونس

وزير الداخلية التونسي: مكافحة الإرهاب تتطلب تركيز منظومة استخبارات قوية  وتفعيل منظومة المخبرين
TT

وزير الداخلية التونسي: مكافحة الإرهاب تتطلب تركيز منظومة استخبارات قوية وتفعيل منظومة المخبرين

وزير الداخلية التونسي: مكافحة الإرهاب تتطلب تركيز منظومة استخبارات قوية  وتفعيل منظومة المخبرين

قال محمد ناجم الغرسلي وزير الداخلية التونسي، أمس، خلال مؤتمر حول «قوات الأمن الداخلي ورهانات مجابهة الإرهاب والتهريب»، إن معالجة هذا الملف تتطلب «تركيز منظومة استخبارات قوية مع تطوير أعمال الاسترشاد وتسخير كل الإمكانيات التكنولوجية وتفعيل منظومة المخبرين». وأشار إلى التقاطع القائم بين الإرهاب والتهريب خاصة على الشريط الحدودي مع ليبيا والجزائر، وقال إن الإرهاب يتغذى من مجموع الأنشطة التي ينتفع بها المهربون ومن بينها ترويج العملة المزيفة والجريمة المنظمة.
ولتضييق الخناق على المجموعات الإرهابية، ينتظر عرض قانون مكافحة الإرهاب وغسل الأموال اليوم (الأربعاء) على مجلس الوزراء التونسي، على أن تتولى لجنة التشريع العام في البرلمان النظر في محتواه بداية من يوم غد.
في غضون ذلك، ألقت وزارة الداخلية التونسية أمس القبض على 7 عناصر في مدينة بن قردان الحدودية مع ليبيا قالت إنهم «كانوا يخططون للسفر إلى ليبيا المجاورة عبر الطرق الصحراوية والتسلل إلى درنة والقتال مع تنظيم داعش بعد مبايعتهم هذا التنظيم».
ويؤكد توجيه تعزيزات عسكرية مكثفة خلال المدة الأخيرة إلى الحدود التونسية - الليبية، تزايد المخاطر بتمدد تنظيم داعش ووصوله إلى تونس. ويرى خبراء مختصون في المجموعات الإرهابية أن مخاطر تمدد «داعش» واردة في تونس لوجود مجموعات إرهابية أعلنت مبايعتها لهذا التنظيم.
ويؤكد المسؤولون التونسيون في أكثر من مناسبة أن تونس هي أكثر البلاد عرضة لتداعيات الأزمة الليبية، وهو ما أثر على مواقفها مما يحدث في ليبيا خلال الآونة الأخيرة. وفي هذا الشأن، قال بلحسن الوسلاتي، المتحدث باسم وزارة الدفاع التونسية، لـ«الشرق الأوسط» إن تونس ستواصل مراقبتها لما يحدث فوق الأراضي الليبية وإنها على أتم الاستعداد لحماية حدودها ومواجهة الجماعات الإرهابية في حال هجومها على التراب التونسي.
وأضاف أن بلاده ليس من مصلحتها التدخل في الشأن الليبي الداخلي، فذاك «من صميم اهتمام الإخوة في ليبيا، والاستعدادات العسكرية والأمنية التونسية حتمتها الظروف الأمنية على الحدود التونسية - الليبية».
ولم تتضح بعد معالم الموقف التونسي النهائي مما يحدث في ليبيا، ناهيك بأنها، في خطوة اعتبرت مخالفة للأعراف الدبلوماسية، أعلنت خلال الفترة الماضية عن اعتزامها تركيز قنصليتين إحداهما في بنغازي والثانية في طرابلس، وهو ما أثار حفيظة الحكومة الشرعية في ليبيا وأدى إلى ردود فعل شاجبة لهذا الموقف الذي عد «غريبا وبدعة في الحقل الدبلوماسي». ويبدو أن المساواة بين الحكومة الشرعية والمجموعات الإرهابية غير الشرعية قد أثارت حفيظة الحكومة الليبية الشرعية، وهو ما جعلها تطلب من تونس اتخاذ موقف واضح بشأن محاربة الإرهاب في ليبيا.
ونفت وزارة الخارجية التونسية من ناحيتها التصريحات المنسوبة للطيب البكوش وزير الخارجية التونسي حول «اعتراف» بلاده بوجود حكومتين في ليبيا، في وقت عبرت فيه حكومة طبرق عن امتعاضها من مساواة تونس بين «طرف شرعي وآخر غير شرعي«.
وفي ظل هذا الجدل المحتدم، قال مختار الشواشي المتحدث الرسمي باسم الخارجية التونسية، لـ«الشرق الأوسط» إن الطيب البكوش وزير الخارجية التونسي «لم يذكر في أي تصريح له كلاما حول الاعتراف بحكومتين في ليبيا، ولم يستعمل ألبتة عبارة اعتراف «.
وأكد أن البكوش تحدث عن التعامل مع حكومتين في ليبيا على أساس التمثيل القنصلي «خدمة لمصالح الجالية التونسية في ليبيا ومن أجل تعزيز علاقات الأخوة بين الشعبين الشقيقين}.

«. ولتجاوز سوء الفهم مع الحكومة الليبية الشرعية دافعت الخارجية التونسية عن مبدأ الحل السلمي للأزمة الليبية وعارضت موقف الجانب الإيطالي الداعي إلى تدخل عسكري لوقف تمدد التنظيمات الإرهابية.
واختطفت مجموعات إرهابية ليبية منذ شهر سبتمبر (أيلول) الماضي، الإعلاميين التونسيين سفيان الشورابي ونذير القطاري، ووليد السيكسي الموظف بالسفارة التونسية لدى ليبيا، وتخشى تونس من ردود فعل غير محسوبة تجاههم من قبل تلك التنظيمات الإرهابية. لكن الموقف الرسمي التونسي اعتبر أن «ليبيا هي خاصرة تونس وأمننا من أمنها»، واعتبر الباجي قائد السبسي رئيس الجمهورية التونسية منتصف الشهر الماضي، أن مجريات الأمور في ليبيا وضرورة استعادة استقرارها من صميم أولويات الدبلوماسية التونسية خلال الفترة المقبلة. كما أشار قائد السبسي إلى دعم تونس كل الجهود الرامية إلى إيجاد مخرج سياسي للأزمة الليبية عبر الحوار والتوافق بين كل الأطراف وفق ثوابت ومرجعيات أهمها وحدة ليبيا وسلامة ترابها ورفض التدخل الأجنبي.
وتابع الباجي قائد السبسي أن تونس وبهدف تكريس الحوار بين الفرقاء الليبيين ورفض التدخل الأجنبي في الأزمة الليبية «ستسعى إلى دفع التنسيق مع الدول المكونة لآلية الجوار، وكذلك مع مبعوث الأمم المتحدة إلى ليبيا»، على حد تعبيره.
ولكن السبسي عبر عن تضامن تونس الكامل مع مصر في معركتها ضد الإرهاب الذي ضرب مواطنيها في ليبيا، في موقف بقي في حاجة للتفسير.
وتنظر تونس بحذر شديد إلى الأحداث التي تدور على الأراضي الليبية خاصة بعد ذبح 21 مصريا على يد تنظيم داعش. وزاد الوضع تعقدا بعد التحرك المصري وقصف معاقل التنظيم شرقي ليبيا.
وفي هذا الشأن، قال اعلية العلاني، الخبير التونسي المختص في الجماعات الإسلامية، لـ«الشرق الأوسط»، إن موقف تونس مما يحدث في ليبيا تفسره عدة معطيات من أهمها أن الكثير من عناصر «داعش» وعلى رأسهم التونسي «أبو عياض» زعيم تنظيم «أنصار الشريعة» المحظور، ينشطون في معسكرات التدريب الليبية. وأضاف أن المئات من التونسيين ينشطون في تلك المجموعات الإرهابية وتخشى تونس أن تتداخل الأوراق وأن يضعها التنظيم المتشدد ضمن مخططات تمدده لذلك سعت إلى مسك العصا من الوسط في انتظار ما ستؤول إليه الأمور، على حد قوله.
وأشار العلاني إلى عدة معطيات قدمتها قيادات نقابية أمنية تؤكد أن نحو 300 خلية إرهابية نائمة في تونس قد تستيقظ في أي لحظة، كما تواجه تونس عودة 500 متطرف من جبهات القتال في سوريا والعراق وليبيا، بالإضافة إلى أكثر من مليوني ليبي يعيشون فوق التراب التونسي قد يكونون طرفا في الأزمة، وهو ما خلق ظرفا سياسيا وأمنيا يصعب التعامل معه ويجعل اتخاذ موقف مما يحدث في ليبيا مسألة معقدة للغاية.



مصر لتعزيز الشراكة مع أوروبا في مجال المياه

وزير الري المصري خلال استقباله سفيرة الاتحاد الأوروبي بالقاهرة (الري المصرية)
وزير الري المصري خلال استقباله سفيرة الاتحاد الأوروبي بالقاهرة (الري المصرية)
TT

مصر لتعزيز الشراكة مع أوروبا في مجال المياه

وزير الري المصري خلال استقباله سفيرة الاتحاد الأوروبي بالقاهرة (الري المصرية)
وزير الري المصري خلال استقباله سفيرة الاتحاد الأوروبي بالقاهرة (الري المصرية)

تسعى الحكومة المصرية، لتعزيز الشراكة مع الاتحاد الأوروبي، في مجال إدارة الموارد المائية، في ظل تحديات كبيرة تواجهها تتعلق بـ«محدودية مواردها». وخلال لقائه سفيرة الاتحاد الأوروبي في القاهرة أنجلينا إيخورست، الاثنين، ناقش وزير الموارد المائية والري المصري هاني سويلم، التعاون بين الجانبين، في «إعادة استخدام المياه، وتقنيات معالجتها».

وتعاني مصر عجزاً مائياً، حيث يبلغ إجمالي الموارد المائية، نحو 60 مليار متر مكعب سنوياً، في مقابل احتياجات تصل إلى 114 مليار متر مكعب سنوياً، وبنسبة عجز تقدر 54 مليار متر مكعب، وفق «الري المصرية».

وتعتمد مصر على حصتها من مياه نهر النيل بنسبة 98 في المائة، والبالغة 55.5 مليار متر مكعب سنوياً.

وحسب بيان لـ«الري المصرية»، ناقش سويلم، مع سفيرة الاتحاد الأوروبي، مقترحات تطوير خطة العمل الاستراتيجية (2024-2027)، طبقاً للأولويات المصرية، مشيراً إلى الدعم الأوروبي لبلاده في مجالات «رفع كفاءة الري، وإعادة استخدام المياه، وتقنيات معالجة المياه، والتكيف مع تغير المناخ».

ووقَّعت الحكومة المصرية، والاتحاد الأوروبي، إعلاناً للشراكة المائية، خلال فعاليات مؤتمر الأمم المتحدة للمناخ، COP28، الذي عُقد في دبي عام 2023، بهدف تحقيق الإدارة المستدامة للموارد المائية، وتعزيز الحوار، وتبادل الخبرات.

وأوضح وزير الري المصري أن «الإجراءات التي تتبعها بلاده لرفع كفاءة استخدام المياه، تندرج تحت مظلة الجيل الثاني لمنظومة الري»، منوهاً بقيام الوزارة حالياً «بتأهيل المنشآت المائية، ودراسة التحكم الآلي في تشغيلها لتحسين إدارة وتوزيع المياه، والتوسع في مشروعات الري الحديث»، إلى جانب «مشروعات معالجة وإعادة استخدام المياه، ودراسة تقنيات تحلية المياه من أجل الإنتاج الكثيف للغذاء».

ومن بين المشروعات المائية التي تنفذها الحكومة المصرية، بالتعاون مع عدد من دول الاتحاد الأوروبي، «البرنامج القومي الثالث للصرف، وتحسين نوعية المياه في مصرف (كيتشنر)، وتحديث تقنيات الري لتحسين سبل عيش صغار المزارعين في صعيد مصر، ومراقبة إنتاجية الأراضي والمياه عن طريق الاستشعار عن بعد».

وتعوِّل الحكومة المصرية على الخبرات الأوروبية في مواجهة ندرة المياه، وفق أستاذ الموارد المائية، في جامعة القاهرة، نادر نور الدين، الذي أشار إلى أن «القاهرة سبق أن استعانت بخبراء أوروبيين لصياغة حلول للتحديات المائية التي تواجهها مصر»، وقال إن «كثيراً من المقترحات التي قدمها الخبراء تنفذها الحكومة المصرية في سياستها المائية، ومن بينها التوسع في مشروعات معالجة المياه، وتحلية مياه البحر، واعتماد نظم الري الحديث».

وللتغلب على العجز المائي شرعت الحكومة المصرية في تطبيق استراتيجية لإدارة وتلبية الطلب على المياه حتى عام 2037 باستثمارات تقارب 50 مليون دولار، تشمل بناء محطات لتحلية مياه البحر، ومحطات لإعادة تدوير مياه الصرف بمعالجة ثلاثية، إضافة إلى تطبيق مشروع تحول للري الزراعي الحديث.

ويعتقد نور الدين، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، أن «الخبرة الأوروبية في مجال تطوير إدارة المياه والتغيرات المناخية هي الأفضل في هذا المجال»، مشيراً إلى أن «القاهرة تسعى إلى الاستفادة من المنح الأوروبية المقدَّمة في تلك المجالات، وخصوصاً، التكيف مع التغيرات المناخية»، معتبراً أن «التعامل مع العجز المائي في مصر من أولويات السياسة المائية المصرية».

ويُعد الاتحاد الأوروبي من أهم الشركاء في المجال التنموي بالنسبة لمصر، وفق أستاذ الموارد المائية بجامعة القاهرة، عباس شراقي، الذي أشار إلى أن «التعاون المائي بين الجانبين يأتي ضمن الشراكة الاستراتيجية الشاملة التي جرى توقيعها بين الحكومة المصرية والاتحاد الأوروبي، لتطوير التعاون بمختلف المجالات».

ويرى شراقي، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، أن «الاتحاد الأوروبي يمتلك التكنولوجيا والخبرات الحديثة بشأن تطوير استخدام المياه، خصوصاً في الدول التي تعاني من شح مائي».