مصادر دبلوماسية فرنسية: دلائل على ضلوع عسكري إيراني مباشر في اليمن

الأوروبيون متخوفون من انعكاسات نقل سفاراتهم إلى عدن على وحدة اليمن

طالب بجامعة صنعاء يحمل صورة محمد الصبري وهو ناشط اعتقله الحوثيون  في احتجاجات طلابية ضد تنظيم الحوثي في صنعاء أمس (رويترز)
طالب بجامعة صنعاء يحمل صورة محمد الصبري وهو ناشط اعتقله الحوثيون في احتجاجات طلابية ضد تنظيم الحوثي في صنعاء أمس (رويترز)
TT

مصادر دبلوماسية فرنسية: دلائل على ضلوع عسكري إيراني مباشر في اليمن

طالب بجامعة صنعاء يحمل صورة محمد الصبري وهو ناشط اعتقله الحوثيون  في احتجاجات طلابية ضد تنظيم الحوثي في صنعاء أمس (رويترز)
طالب بجامعة صنعاء يحمل صورة محمد الصبري وهو ناشط اعتقله الحوثيون في احتجاجات طلابية ضد تنظيم الحوثي في صنعاء أمس (رويترز)

روت مصادر دبلوماسية فرنسية عن الرئيس اليمني عبد ربه منصور هادي متحدثا عن دور إيران في بلاده، خلال اجتماع في صنعاء، أن الأخير أكد أن طهران «تريد السيطرة على باب المندب من خلال الحوثيين» وأنها لتحقيق هذا الهدف الاستراتيجي الهام حيث تمر ثلث التجارة العالمية «لا تحتاج لحيازة القنبلة النووية».
وإذا تحقق لطهران هذا الهدف، فإنها بذلك تكون قادرة على تهديد أهم منفذين بحريين في العالم وهما مضيق هرمز الذي يفتح الباب على مياه الخليج وباب المندب الذي يفضي إلى البحر الأحمر ومنها إلى قناة السويس فالبحر المتوسط. وبعكس ما تدعيه إيران من أنه لا علاقة لها بما يجري في اليمن ونفيها أن تكون تمد الحوثيين بالمدربين والخبراء والسلاح، تشير هذه المصادر إلى وجود دلائل على «انغماس عسكري إيراني مباشر» فيما يجري في اليمن كما أنها تنبه من تنامي ظاهرة «جديدة» على المجتمع اليمني وهي أن الزيديين أخذوا يحتفلون بالأعياد الشيعية وهي ترى بالتالي أنه إذا استمر تصاعد هذه الظاهرة فإنها ستكون «مصدر قلق عميق للمستقبل» وستكون «رافدا» لـ«القاعدة في شبه الجزيرة العربية» التي تستفيد من تصاعد النزاعات المذهبية.
حتى الآن، تركز الاهتمام بالملف اليمني على جوانبه الداخلية: تنحي الرئيس السابق علي عبد الله صالح مع الضمانات الدستورية التي حصل عليها ومباشرة مرحلة انتقالية عبر انتخاب رئيس جديد للجمهورية وإقامة حوار الوطني واتفاق السلم والشراكة وإعادة رسم صورة اليمين الفيدرالي وكتابة مسودة للدستور بالاستناد للمبادرة الخليجية ودعم «مجموعة العشرة» وبوساطة أممية متمثلة بالمبعوث الدولي جمال بنعمر. ورغم اليد الواضحة لإيران، بقيت المسائل الجيواستراتيجية والجيوسياسية في المرتبة الخلفية فيما قفزت العمليات العسكرية التي ينفذها الحوثيون والمطالب الاجتماعية والسياسية التي يطرحونها وما واكبها إلى الواجهة. ولكن المصادر الفرنسية ترى أن وراء ذلك كله، ثمة تحديات تتخطى اليمن وليس أقلها أمن البحر الأحمر والتجارة الدولية وتهديدات «القاعدة» والتمدد الإيراني وتنافس نفوذ طهران مع النفوذ الخليجي التقليدي في اليمن ومستقبل هذا البلد ومسألة بقائه بلدا موحدا أم تقسيمه الفعلي إن لم يكن الرسمي بين شمال وجنوب وتنافس شرعيتين: الأولى شرعية دستورية ممثلة بالرئيس هادي في عدن وشرعية ثورية في صنعاء. ويضاف إلى ذلك كله الطابع التنافسي المذهبي بين الحوثيين الزيديين الذين يمثلون نحو ثلث السكان في اليمن وبين بقية السكان. إزاء الوضع المعقد في اليمن، يبدو الأوروبيون في موقع «انتظر وراقب». ورغم تعدد الاجتماعات على المستوى الأوروبي في الأيام والأسابيع الأخيرة، لم يحزم الفرنسيون ومعهم الأوروبيون رأيهم لجهة نقل سفاراتهم إلى عدن أم الاستمرار في الوضع الحالي «السفارات المغلقة في صنعاء» والانتظار. وتقول المصادر الدبلوماسية الفرنسية إن الرحيل من العاصمة اليمنية سببه بالدرجة الأولى أمني وأن الانتقال إلى صنعاء مربوط بثلاثة معايير على الأقل أولها توفر العنصر الأمني في ثاني المدن اليمنية التي كانت في زمن الانفصال عاصمة جمهورية جنوب اليمن وثاني المعايير أن يكون للانتقال إلى عدن «معنى ما» أي بكلام آخر أن تكون السفارات قادرة على العمل والتواصل مع المسؤولين الرسميين ومع الأطراف السياسية المختلفة وإمكانية الوصول والخروج السهل جويا. أما المعيار الثالث وهو الأهم فيتمثل في «الرسالة السياسية» التي يمكن أن يحملها قرار من هذا العيار إذ إنه من الواضح أن باريس والعواصم الأوروبية لا تريد أن يفهم قرارها على أنه تحبيذ لتقسيم اليمن أو تشجيع لبقاء الأمور على ما هي في الوقت الحاضر.
ترسم المصادر الفرنسية صورة سوداوية للوضع في اليمن وهي تبدو «يائسة» من الوساطة التي يقوم بها جمال بنعمر رغم الدعم الرسمي الذي تقدمه فرنسا لدور الأمم المتحدة. وكمحصلة لهذا التقويم، تعتبر باريس أنه يتعين تغيير القواعد التي قامت عليها الوساطة الدولية لجهة «المرجعية» أي أهداف الحوار والمبتغى منه وتغيير المتفاوضين بحيث يوجد حول الطاولة أشخاص لهم حيثية جديدة لجهة الأطراف التي يمثلونها فضلا عن تغيير مكان الحوار. وترجح المصادر الفرنسية أن ينقل الحوار إلى إثيوبيا باعتبار أن كل طرف له تحفظات على طرح الطرف الآخر فلا الحوثيون قابلون بنقل الحوار إلى الرياض التي هي مقر مجلس التعاون الخليجي ولا الأطراف الأخرى قابلة بالبقاء في صنعاء تحت رحمة الحوثيين... ولذا، فإن اختيار جهة «محايدة» يمكن أن يكون الحل في الظروف الراهنة.
بيد أن المشكلة ليست «إجرائية» بل تمس جوهر الحوار أي تناول الأوراق المطروحة للخروج من المأزق السياسي. ولذا تعتبر باريس أن خروج هادي من صنعاء أعاد «خلط الأوراق» وجعل الطروحات الحوثية إن الواردة في الإعلان الدستوري أو في المقترحات الرديفة تتراجع حيث إن مقترح إنشاء المجلس الرئاسي طوي لصالح تعيين نائب لرئيس الجمهورية أو أكثر من نائب أو إحداث تعديلات حكومية وما شابه.
وفي أي حال، تعتبر المصادر الفرنسية أن الحوثيين «غير قادرين بمفردهم على إدارة شؤون البلاد» رغم تفوقهم العسكري وهيمنتهم على مناطق واسعة في الشمال والوسط ومحاولتهم التمدد جنوبا. ولذا، يتعين على الحوثيين أن يجدوا حلفاء سياسيين لهم. وحتى الآن، استفاد الحوثيون بحسب باريس من التحالف مع حزب الرئيس السابق علي عبد الله صالح ومن تعاون الموالين له في الألوية والقطاعات العسكرية. بيد أنها ترى أن هذا التحالف يمكن أن يتغير عندما تتغير المصالح. وتعبر باريس أن ثمة «تباينا» داخل الحوثيين بين الجناح السياسي الذي يفهم هذا الوضع وتعقيداته وبين الجناح العسكري الذي يفضل لغة الفرض والقوة، الأمر الذي يجعل التفاهم مع الأطراف الأخرى أكثر صعوبة.



«الجبهة الوطنية»... حزب مصري جديد يثير تساؤلات وانتقادات

مصريون بمحافظة القاهرة يشاركون في حملة جمع توكيلات لحزب «الجبهة الوطنية» الجديد (صفحة الحزب - فيسبوك)
مصريون بمحافظة القاهرة يشاركون في حملة جمع توكيلات لحزب «الجبهة الوطنية» الجديد (صفحة الحزب - فيسبوك)
TT

«الجبهة الوطنية»... حزب مصري جديد يثير تساؤلات وانتقادات

مصريون بمحافظة القاهرة يشاركون في حملة جمع توكيلات لحزب «الجبهة الوطنية» الجديد (صفحة الحزب - فيسبوك)
مصريون بمحافظة القاهرة يشاركون في حملة جمع توكيلات لحزب «الجبهة الوطنية» الجديد (صفحة الحزب - فيسبوك)

ما زال حزب «الجبهة الوطنية» المصري الجديد يثير انتقادات وتساؤلات بشأن برنامجه وأهدافه وطبيعة دوره السياسي في المرحلة المقبلة، خاصة مع تأكيد مؤسسيه أنهم «لن يكونوا في معسكر الموالاة أو في جانب المعارضة».

وكان حزب «الجبهة الوطنية» مثار جدل وتساؤلات في مصر، منذ الكشف عن اجتماعات تحضيرية بشأنه منتصف الشهر الماضي، انتهت بإعلان تدشينه في 30 ديسمبر (كانون الأول) الماضي.

وتمحورت التساؤلات حول أسباب ظهوره في هذه المرحلة، وهل سيكون بديلاً لحزب الأغلبية في البرلمان المصري (مستقبل وطن)، لا سيما أن مصر مقبلة على انتخابات برلمانية نهاية العام الجاري.

هذه التساؤلات حاول اثنان من مؤسسي الحزب الإجابة عنها في أول ظهور إعلامي مساء السبت، ضمن برنامج «الحكاية» المذاع على قناة «إم بي سي»، وقال وكيل مؤسسي حزب «الجبهة الوطنية» ووزير الإسكان المصري السابق عاصم الجزار، إن «الحزب هو بيت خبرة هدفه إثراء الفكر وإعادة بناء الوعي المصري المعاصر»، مؤكداً أن الحزب «لا يسعى للأغلبية أو المغالبة، بل يستهدف التأثير النوعي وليس الكمي».

وأضاف: «هدفنا تشكيل تحالف من الأحزاب الوطنية القائمة، إذ لن نعمل وحدنا»، معلناً استعداد الحزب الجديد، الذي لا يزال يستكمل إجراءات تأسيسه رسمياً، للتحالف مع «أحزاب الأغلبية مستقبل وطن وحماة وطن والمعارضة والمستقلين أيضاً بهدف خدمة المصلحة الوطنية»، مستطرداً: «لن نكون أداة لتمرير قرارات، بل أداة للإقناع بها».

وشدد الجزار على أن «الحزب لا ينتمي لمعسكر الموالاة أو للمعارضة»، وإنما «نعمل لمصلحة الوطن».

وهو ما أكده رئيس «الهيئة العامة للاستعلامات» بمصر وعضو الهيئة التأسيسية لحزب «الجبهة الوطنية»، ضياء رشوان، الذي قال: «سنشكر الحكومة عندما تصيب ونعارضها عندما تخطئ»، مشيراً إلى أن «مصر ليس لها حزب حاكم حتى يكون هناك حديث عن موالاة ومعارضة».

الانتقادات الموجهة للحزب ارتبطت بتساؤلات حول دوره في ظل وجود نحو 87 حزباً سياسياً، وفق «الهيئة العامة للاستعلامات»، منها 14 حزباً ممثلاً في البرلمان الحالي، يتصدرها حزب «مستقبل وطن» بأغلبية 320 مقعداً، يليه حزب «الشعب الجمهور» بـ50 مقعداً، ثم حزب «الوفد» بـ39 مقعداً، وحزب «حماة الوطن» بـ27 مقعداً، وحزب «النور» الإسلامي بـ11 مقعداً، وحزب «المؤتمر» بـ8 مقاعد.

ورداً على سؤال للإعلامي عمرو أديب، خلال برنامج «الحكاية»، بشأن ما إذا كان الحزب «طامحاً للحكم ويأتي بوصفه بديلاً لحزب الأغلبية»، قال رشوان: «أي حزب سياسي يسعى للحكم، لكن من السذاجة أن نقول إن حزباً يعمل على إجراءات تأسيسه اليوم سيحصد الأغلبية بعد 8 أو 10 أشهر»، مشيراً إلى أن «الحزب لن يعيد تجارب (الهابطين من السماء)». واستطرد: «لن نسعى للأغلبية غداً، لكن قد يكون بعد غد».

وأضاف رشوان أن «الحزب يستهدف في الأساس إعادة بناء الحياة السياسية في مصر بعد فشل تجربة نظام الحزب الواحد في مصر منذ عام 1952»، مشيراً إلى أن «الحزب يستهدف إحياء تحالف 30 يونيو (حزيران)»، لافتاً إلى أن «التفكير فيه هو ثمرة للحوار الوطني الذي أثار زخماً سياسياً».

طوال ما يزيد على ساعة ونصف الساعة حاول الجزار ورشوان الإجابة عن التساؤلات المختلفة التي أثارها إعلان تدشين الحزب، والتأكيد على أنه «ليس سُلمة للوصول إلى البرلمان أو الوزارة»، وليس «بوابة للصعود»، كما شددا على أن «حزب الجبهة يضم أطيافاً متعددة وليس مقصوراً على لون سياسي واحد، وأنه يضم بين جنباته المعارضة».

وعقد حزب «الجبهة الوطنية» نحو 8 اجتماعات تحضيرية على مدار الأسابيع الماضي، وتعمل هيئته التأسيسية، التي تضم وزراء ونواباً ومسؤولين سابقين، حالياً على جمع التوكيلات الشعبية اللازمة لإطلاقه رسمياً.

ويستهدف الحزب، بحسب إفادة رسمية «تدشين أكبر تحالف سياسي لخوض الانتخابات البرلمانية المقبلة، عبر صياغة تفاهمات سياسية واسعة مع الأحزاب الموجودة»، إضافة إلى «لمّ الشمل السياسي في فترة لا تحتمل التشتت».

ومنذ إطلاق الحزب تم ربطه بـ«اتحاد القبائل والعائلات المصرية» ورئيسه رجل الأعمال إبراهيم العرجاني، حتى إن البعض قال إن «الحزب هو الأداة السياسية لاتحاد القبائل». وعزز هذه الأحاديث إعلان الهيئة التأسيسية التي ضمت رجل الأعمال عصام إبراهيم العرجاني.

وأرجع الجزار الربط بين الحزب والعرجاني إلى أن «الاجتماعات التحضيرية الأولى للحزب كانت تجري في مكتبه بمقر اتحاد القبائل؛ كونه أميناً عاماً للاتحاد»، مؤكداً أن «الحزب لا علاقة له باتحاد القبائل». وقال: «العرجاني واحد من عشرة رجال أعمال ساهموا في تمويل اللقاءات التحضيرية للحزب». وأضاف: «الحزب لا ينتمي لشخص أو لجهة بل لفكرة».

وحول انضمام عصام العرجاني للهيئة التأسيسية، قال رشوان إنه «موجود بصفته ممثلاً لسيناء، ووجوده جاء بترشيح من أهل سيناء أنفسهم».

وأكد رشوان أن «البعض قد يرى في الحزب اختراعاً لكتالوج جديد في الحياة السياسية، وهو كذلك»، مشيراً إلى أن «الحزب يستهدف إعادة بناء الحياة السياسية في مصر التي يقول الجميع إنها ليست على المستوى المأمول».

بينما قال الجزار: «نحن بيت خبرة يسعى لتقديم أفكار وحلول وكوادر للدولة، ونحتاج لكل من لديه القدرة على طرح حلول ولو جزئية لمشاكل المجتمع».

وأثارت تصريحات الجزار ورشوان ردود فعل متباينة، وسط تساؤلات مستمرة عن رؤية الحزب السياسية، التي أشار البعض إلى أنها «غير واضحة»، وهي تساؤلات يرى مراقبون أن حسمها مرتبط بالانتخابات البرلمانية المقبلة.

كما رأى آخرون أن الحزب لم يكن مستعداً بعد للظهور الإعلامي.

بينما أشار البعض إلى أن «الحزب ولد بمشاكل تتعلق بشعبية داعميه»، وأنه «لم يفلح في إقناع الناس بأنه ليس حزب موالاة».

وقال مستشار مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية الدكتور عمرو الشوبكي لـ«الشرق الأوسط» إن «الحزب قدم حتى الآن كلاماً عاماً دون تصور أو رؤية واضحة للإصلاح التدريجي»، موضحاً أنه «من حيث المبدأ من حق أي جماعة تأسيس حزب جديد».

وبينما أكد الشوبكي أن ما عرضه المسؤولون عن الحزب الجديد بشأن «عدم طموحه للحكم لا يختلف عن واقع الحياة السياسية في مصر الذي يترك للدولة تشكيل الحكومة»، مطالباً «بتفعيل دور الأحزاب في الحياة السياسية»، فالمشكلة على حد تعبيره «ليست في إنشاء حزب جديد، بل في المساحة المتاحة للأحزاب».