السودان: قوة مشتركة جديدة لتوطيد الأمن

الفريق أول محمد حمدان دقلو نائب رئيس مجلس السيادة الحاكم في السودان (أرشيفية - أ.ف.ب)
الفريق أول محمد حمدان دقلو نائب رئيس مجلس السيادة الحاكم في السودان (أرشيفية - أ.ف.ب)
TT

السودان: قوة مشتركة جديدة لتوطيد الأمن

الفريق أول محمد حمدان دقلو نائب رئيس مجلس السيادة الحاكم في السودان (أرشيفية - أ.ف.ب)
الفريق أول محمد حمدان دقلو نائب رئيس مجلس السيادة الحاكم في السودان (أرشيفية - أ.ف.ب)

أعلن الجيش السوداني خططاً لتشكيل قوة مشتركة «لحسم التفلتات الأمنية» وفرض هيبة الدولة في العاصمة وعلى مستوى البلاد، في الوقت الذي تخيم فيه أشباح الأزمة الاقتصادية والتوترات الإقليمية على فترة انتقالية هشة، بحسب وكالة «رويترز» للأنباء.
وصدر الإعلان بأمر من الفريق أول محمد حمدان دقلو نائب رئيس مجلس السيادة الحاكم في السودان، ونُشر في ساعة متأخرة من مساء أمس (الخميس).
ودقلو، الملقب باسم «حميدتي»، هو قائد قوات الدعم السريع التي ستكون جزءاً من القوة الجديدة مع الشرطة والقوات المسلحة وجهاز المخابرات العامة و«ممثلين» من الجماعات المتمردة وممثل النائب العام، بحسب نص القرار.
وفي كلمة ألقاها هذا الأسبوع للدفاع عن إصلاحات تهدف إلى معالجة أزمة اقتصادية عميقة الجذور وتوطيد الاستقرار في مرحلة انتقال سياسي تمهد لإجراء الانتخابات، حذر رئيس الوزراء عبد الله حمدوك من مخاطر حدوث فوضى أو اندلاع حرب أهلية يغذيها موالون للقيادة السابقة.
وتمثلت آخر الإصلاحات في إلغاء دعم الوقود، الأسبوع الماضي، في وقت قفز فيه معدل التضخم السنوي إلى 379 في المائة، مما أشعل نيران غضب شعبي عارم.
وتحذر السلطات السودانية من «عصابات وجماعات إجرامية» تنحي عليها بالمسؤولية في الاضطرابات بالعاصمة الخرطوم في الأيام الأخيرة.
وشهد إقليم دارفور تصاعداً في أعمال العنف الدموية، وكذلك الإقليم الشرقي منذ تولي حكومة تقاسم سلطة بين المدنيين والعسكريين الحكم في منتصف 2019.
ودعا اتفاق سلام وُقع أواخر العام الماضي إلى دمج الجماعات المتمردة في جيش وطني موحد، لكن ذلك لم يبدأ بعد. وقال مبعوث الأمم المتحدة الخاص فولكر بيرثيز خلال مؤتمر صحافي إنه يشعر بالقلق من التأخير، مضيفاً أنه يعتبر أن الشرطة هي أفضل الأجهزة لحماية المدنيين.
وينظر كثيرون في البلاد بارتياب لقوة الدعم السريع التي يقودها دقلو، والتي خرجت من عباءة ميليشيا الجنجويد في صراع دارفور خلال أوائل الألفينات.
ووفقاً للأمر، فإن القوة التي أُعلن عنها أمس ستتشكل على الفور تحت قيادة الفريق الركن ياسر العطا عضو مجلس السيادة، كما أمر دقلو الجماعات المتمردة الموقعة على اتفاق السلام «بضبط وحسم منسوبيهم وتحديد أماكن تجمعهم»، وانتقل كثير من الجنود المتمردين إلى الخرطوم مع انضمام قادتهم للحكومة بعد توقيع الاتفاق.



ما فرص الوساطة الكينية - الأوغندية في إنهاء توترات «القرن الأفريقي»؟

اجتماعات مجموعة شرق أفريقيا في تنزانيا (وكالة أنباء الصومال)
اجتماعات مجموعة شرق أفريقيا في تنزانيا (وكالة أنباء الصومال)
TT

ما فرص الوساطة الكينية - الأوغندية في إنهاء توترات «القرن الأفريقي»؟

اجتماعات مجموعة شرق أفريقيا في تنزانيا (وكالة أنباء الصومال)
اجتماعات مجموعة شرق أفريقيا في تنزانيا (وكالة أنباء الصومال)

دخلت مبادرة وساطة كينية - أوغندية على خط محاولات دولية وإقليمية لتهدئة التوترات بين الصومال وإثيوبيا التي نشبت بعد مساعي الأخيرة للحصول على منفذ بحري في إقليم «أرض الصومال» الانفصالي، وسط رفض حكومة مقديشو.

وتدهورت العلاقات بين الصومال وإثيوبيا، إثر توقيع أديس أبابا مذكرة تفاهم مع إقليم «أرض الصومال» الانفصالي بداية العام الحالي، تسمح لها باستخدام سواحل المنطقة على البحر الأحمر لأغراض تجارية وعسكرية، مقابل الاعتراف باستقلال الإقليم، وهو ما رفضته الحكومة الصومالية بشدة.

وعلى هامش اجتماعات قمة رؤساء دول شرق أفريقيا بتنزانيا، أعلن الرئيس الكيني ويليام روتو، السبت، «اعتزامه التوسط بمشاركة نظيره الأوغندي يوري موسيفيني، لحل الخلافات بين الصومال وإثيوبيا». وقال في مؤتمر صحافي، إنه «سيبحث عقد قمة إقليمية تضم زعماء الدول الأربعة (كينيا وأوغندا والصومال وإثيوبيا)، لمعالجة التوترات في منطقة القرن الأفريقي».

وأشار روتو إلى أن «أمن الصومال يُسهم بشكل كبير في استقرار المنطقة». لكن خبراء تحدّثوا لـ«الشرق الأوسط» يرون أن «التدخل الكيني الأوغندي لا يمكن التعويل عليه كثيراً، في ظل عدم استجابة أطراف الخلاف لهذا المسار حتى الآن، بالإضافة إلى عدم وجود دعم إقليمي ودولي».

ومنذ توقيع مذكرة التفاهم، حشد الصومال دعماً دولياً لموقفه ضد إثيوبيا؛ حيث وقّع في فبراير (شباط) الماضي اتفاقية تعاون دفاعي مع تركيا، ووقّع مع مصر بروتوكول تعاون عسكري في أغسطس (آب) الماضي، أرسلت بموجبه القاهرة مساعدات عسكرية إلى مقديشو. كما تعتزم إرسال قوات عسكرية بداية العام المقبل بوصفه جزءاً من قوات حفظ السلام التابعة للاتحاد الأفريقي، وهو ما أثار غضب إثيوبيا، التي اتهمت مقديشو «بالتواطؤ مع جهات خارجية لزعزعة استقرار الإقليم».

والتقى الرئيس الصومالي حسن شيخ محمود، مع نظيريه الكيني والأوغندي، على هامش اجتماعات مجموعة شرق أفريقيا. وعلى الرغم من أنه لم يتحدث عن وساطة محتملة، نقلت «رويترز» عن وزير الخارجية الصومالي أحمد معلم فقي، أن «القرارات السابقة التي اتخذها زعماء إقليميون لم تلق آذاناً مصغية في أديس أبابا»، مشيراً إلى أنه «يثق بأن جهود الوساطة الجارية من جانب تركيا ستكون مثمرة».

وكانت العاصمة التركية أنقرة قد استضافت جولات من الوساطة بين الصومال وإثيوبيا، لإنهاء الخلاف بين البلدين، كان آخرها في سبتمبر (أيلول) الماضي، غير أن المحادثات دون التوصل لاتفاق.

وبينما تنظر مديرة البرنامج الأفريقي في مركز الأهرام للدراسات الاستراتيجية، أماني الطويل، إلى التدخل الكيني - الأوغندي بـ«إيجابية»، ترى أن «نجاح تلك الوساطة مرهون بأبعاد أخرى تتعلّق بأجندة تحرك الوسطاء ومواقفهم تجاه الخلاف القائم بين مقديشو وأديس أبابا».

وقالت إن «القضية مرتبطة بموقفَي كينيا وأوغندا من السلوك الإثيوبي تجاه الصومال، ومن وحدة الأراضي الصومالية، وإلى أي مدى تؤيّد أو تعارض الاعتراف الإثيوبي بإقليم (أرض الصومال)».

وتعتقد أماني الطويل أن «التحرك الكيني - الأوغندي لا يمكن التعويل عليه كثيراً في حلحلة الخلاف بين الصومال وإثيوبيا، لأن الخلاف بين الطرفين معقد»، مشيرة إلى أن «الإشكالية في نهج الدبلوماسية الإثيوبية التي تركز على أهدافها دون الوضع في الاعتبار الأمن والتعاون الإقليميين».

ورفض الصومال مشاركة إثيوبيا في البعثة الأفريقية الجديدة لحفظ السلام، وأمهل أديس أبابا حتى نهاية العام الحالي، لانسحاب قواتها من البعثة الحالية التي ستنتهي مهامها بنهاية العام الحالي، وقال وزير الخارجية الصومالي، إن «بلاده ستعد وجود قوات إثيوبيا بعد نهاية العام، احتلالاً لأراضيها».

وترى أماني الطويل أن «الوساطة التركية قد تكون أكثر تأثيراً في النزاع بين الصومال وإثيوبيا». وقالت إن «أنقرة لديها تفهم أكثر للخلاف. كما أنها ليست دولة جوار مباشر للطرفين، وبالتالي ليست لديها إشكاليات سابقة مع أي طرف».

وباعتقاد الباحث والمحلل السياسي الصومالي، نعمان حسن، أن التدخل الكيني - الأوغندي «لن يحقّق نتائج إيجابية في الخلاف الصومالي - الإثيوبي»، وقال إن «مبادرة الوساطة يمكن أن تقلّل من حدة الصراع القائم، لكن لن تصل إلى اتفاق بين الطرفين».

وأوضح حسن أن «أديس أبابا لديها إصرار على الوصول إلى ساحل البحر الأحمر، عبر الصومال، وهذا ما تعارضه مقديشو بشدة»، مشيراً إلى أن «العلاقات الكينية - الصومالية ليست في أفضل حالاتها حالياً، على عكس علاقاتها مع إثيوبيا»، ولافتاً إلى أن ذلك «سيؤثر في مسار التفاوض». واختتم قائلاً: إن «نيروبي تستهدف أن يكون لها دور إقليمي على حساب الدور الإثيوبي بمنطقة القرن الأفريقي».