يسهم سجل القاضي إبراهيم رئيسي في الولاء الشديد لرجال الدين الحاكمين في إيران في تفسير احتلاله الصدارة بين المرشحين في الانتخابات الرئاسية التي تجري، اليوم (الجمعة)، في سباق قصرته السلطات حصرياً تقريباً على المرشحين المتشددين من أمثاله، وفقاً لوكالة «رويترز» للأنباء.
ويقول محللون، إنه إذا فاز رئيسي (60 عاماً)، المعارض العنيد للغرب والذي يحظى بدعم سياسي من المرشد علي خامنئي، فسيعزز ذلك الفوز فرصه في خلافة خامنئي في يوم من الأيام على أعلى مقعد في هرم السلطة بإيران.
ويتهم المنتقدون رئيسي بارتكاب انتهاكات لحقوق الإنسان ترجع إلى عشرات السنين، لكن أنصاره ينفون هذه الاتهامات.
وكان خامنئي قد عيّن رئيسي في منصب رئيس القضاء الرفيع في 2019، وفي وقت لاحق من ذلك العام كان رئيسي على رأس النظام القضائي عندما استخدمت السلطات المحاكم في قمع أسوأ اضطرابات سياسية منذ قيام الثورة في 1979 وتقول إيران، إن السلطة القضائية مستقلة ولا تأثير لأصحاب المصالح السياسية عليها.
وقال هادي قائمي، المدير التنفيذي لمركز حقوق الإنسان في إيران، الذي يتخذ من نيويورك مقراً له في بيان «رئيسي أحد أعمدة نظام يسجن من يجرؤون على انتقاد سياسات الدولة ويعذبهم ويقتلهم»، وتنفي إيران أنها تعذب السجناء.
ورئيسي من الشخصيات متوسطة الرتبة في ترتيب رجال الدين في إيران وهو من كبار المسؤولين في السلك القضائي خلال معظم حياته المهنية فقد خدم نائباً لرئيس القضاء لمدة عشر سنوات قبل تعيينه مدعياً عاماً في 2014.
واكتسب رئيسي سمعة باعتباره من الصقور المُهابين في المسائل الأمنية وتقول جماعات حقوقية إنه كان واحداً من أربعة قضاة أشرفوا على إعدام آلاف من المسجونين السياسيين عام 1988.
وقدرت منظمة العفو الدولية عدد من تم إعدامهم بنحو خمسة آلاف، وقالت في تقرير عام 2018، إن «العدد الحقيقي ربما يكون أعلى».
وقال مركز حقوق الإنسان في إيران، إن أولئك الذين تم إعدامهم «دُفنوا في مقابر جماعية وفردية لم توضع عليها علامات وذلك بناءً على تقييم لجنة لمدى (ولائهم) للجمهورية حديثة العهد، وكان أولئك السجناء قد حوكموا ويقضون أحكاماً بالسجن صدرت عليهم».
ولم تعترف إيران قط بالإعدامات الجماعية، غير أن بعض رجال الدين قالوا إن محاكمات السجناء كانت عادلة، وإنه يجب مكافأة هؤلاء القضاة الذين شاركوا فيها لقضائهم على المعارضة المسلحة في سنوات الثورة الأولى ولم يتطرق رئيسي نفسه قط علانية إلى ما تردد عن دوره فيها.
وفي 2020، دعا خبراء حقوق الإنسان التابعون للأمم المتحدة إلى محاسبة المسؤولين عن إعدامات 1988، وحذروا من أن «الوضع ربما يصل إلى مستوى الجرائم ضد الإنسانية» إذا واصلت الحكومة الإيرانية رفض محاسبة المسؤولين عنها.
وفي عام 2019، فرضت الولايات المتحدة عقوبات على رئيسي بسبب انتهاكات لحقوق الإنسان، من بينها إعدامات الثمانينيات ودوره في قمع الاضطرابات التي شهدتها البلاد في 2009.
ولم يطرح رئيسي، الذي خسر أمام الرئيس البراغماتي حسن روحاني في انتخابات 2017، برنامجاً سياسياً أو اقتصادياً مفصلاً خلال حملة الدعاية الانتخابية، وسعى لاستمالة الإيرانيين من ذوي الدخل المنخفض بإطلاق الوعود بالتخفيف من مشكلة البطالة.
غير أن وعوده بعدم «تضييع لحظة واحدة» من أجل رفع العقوبات الأميركية أشارت إلى دعمه للمحادثات مع القوى العالمية والتي ترمي إلى إحياء الاتفاق النووي المبرم عام 2015.
ومن شأن فوز رئيسي بالرئاسة أن يعزز سلطة خامنئي في الداخل ويخشى ناشطون حقوقيون أن يكون بداية لمزيد من القمع.
وقال كسرى أعرابي، المحلل الكبير المتخصص في الشأن الإيراني وفي التطرف الشيعي بمعهد توني بلير للتغيير العالمي «لم يكن ليسجل نفسه مرشحاً إذا لم تكن فرصه في حكم المؤكدة. ومن المؤكد تقريباً أن قرار رئيسي بالترشح جاء بتوجيه من خامنئي نفسه».
وفي ضوء ما اتخذه مجلس من المحافظين يختص بالبت في أهلية المتقدمين بطلبات الترشيح من قرارات برفض مرشحين بارزين من المعتدلين والمحافظين لن يكون أمام الناخبين سوى الاختيار من بين مرشحين متشددين وعدد من المعتدلين المغمورين في الانتخابات.
ومن المتوقع أن يسجل الإقبال على التصويت مستوى قياسياً متدنياً وسط الغضب المتنامي على المصاعب الاقتصادية والقيود المفروضة على الحريات الشخصية.
وقال علي واعظ، المستشار بمجموعة الأزمات الدولية «بعد أن بلغت استراتيجياته الإقصائية ذروة جديدة، لم يترك مجلس صيانة الدستور مجالاً للدهشة».
ويقول المحللون، إن فوز رئيسي في الانتخابات قد يعزز فرصه في خلافة خامنئي الذي شغل هو نفسه منصب الرئيس مرتين قبل أن يصبح زعيما أعلى عند وفاة مؤسس الثورة روح الله الخميني في 1989.
وقالت صنم وكيل نائبة مدير برنامج الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في تشاتام هاوس «رئيسي شخص يثق فيه خامنئي... ورئيسي يمكنه حماية إرث الزعيم الأعلى».
وُلد رئيسي لعائلة متدينة في 1960 في مدينة مشهد، ونشط في الثورة وظل يعلن إخلاصه «للقيم الجوهرية» التي يمثلها خامنئي.
وقال واعظ «الدولة العميقة مستعدة للذهاب إلى حد تقويض أحد أعمدة شرعيتها لضمان بقاء رؤية خامنئي لمستقبل الثورة عندما يرتدي رئيسي عباءة الزعيم الأعلى».
وكان واعظ يشير إلى النظام الثنائي المعمول به في إيران متمثلاً في الحكم الجمهوري وحكم رجال الدين.
ويقول منتقدون، إن رفض المجلس المسؤول عن البت في طلبات الترشيح لمرشحين بارزين من المعتدلين والمحافظين فتح المجال أمام الاستبداد، وهو اتهام تنفيه السلطات الإيرانية.
متشدد خاضع لعقوبات أميركية... إبراهيم رئيسي المرشح الأبرز لرئاسة إيران
متشدد خاضع لعقوبات أميركية... إبراهيم رئيسي المرشح الأبرز لرئاسة إيران
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة