تحركات أممية لتقريب المواقف بين الحكومة السودانية وفصيل الحلو

مصادر تكشف عن توقيع اتفاق على القضايا المتفق عليها

البرهان خلال لقائه رئيس بعثة الأمم المتحدة {يونيتامس} فولكر بيرتس أمس (سونا)
البرهان خلال لقائه رئيس بعثة الأمم المتحدة {يونيتامس} فولكر بيرتس أمس (سونا)
TT

تحركات أممية لتقريب المواقف بين الحكومة السودانية وفصيل الحلو

البرهان خلال لقائه رئيس بعثة الأمم المتحدة {يونيتامس} فولكر بيرتس أمس (سونا)
البرهان خلال لقائه رئيس بعثة الأمم المتحدة {يونيتامس} فولكر بيرتس أمس (سونا)

بحث رئيس مجلس السيادة الانتقالي في السودان، عبد الفتاح البرهان، ورئيس بعثة الأمم المتحدة المتكاملة لدعم المرحلة الانتقالية في السودان (يونيتامس) فولكر بيرتس، بالقصر الجمهوري بالخرطوم، أمس، مسار المفاوضات مع الحركة الشعبية، فصيل عبد العزيز الحلو، والدور الذي يمكن أن تقوم به الأمم المتحدة في حشد المساندة الدولية للسودان لتحقيق السلام الشامل، في حين كشفت مصادر عن توقيع وثيقة سرية بين الحكومة والشعبية على النقاط التي جرى التوافق عليها.
وذكر بيان المجلس، أن اللقاء تطرق إلى مجالات التنسيق بين الحكومة والأمم المتحدة في قضايا الانتقالي السياسي وتنفيذ عملية السلام في البلاد. وأشاد البرهان بجهود الأمم المتحدة في دعم حكومة الفترة الانتقالية الانتقال السياسي وتحقيق السلام الشامل والاستقرار بالبلاد.
وبدوره، قال فولكر، إن اللقاء بحث جملة من القضايا التي تتطلب التعاون والتنسيق بين البعثة وحكومة الفترة الانتقالية، لا سيما عملية السلام مع الحركة الشعبية - شمال - بقيادة عبد العزيز آدم الحلو، إضافة إلى عدد من القضايا المطروحة على الساحة الداخلية والدولية.
وأضاف، أن الأمم المتحدة تعمل على حشد الدعم والمساندة لتحقيق سلام شامل. وأشار فولكر إلى أن اللقاء استعرض بالتفصيل ملف الترتيبات الأمنية الخاص باتفاقية جوبا لسلام السودان، والدور الأممي لدعم آليات تنفيذ الاتفاقية.
وقال عضو وفد الحكومة السودانية للتفاوض، جعفر حسن لـ«الشرق الأوسط»، توافقنا على كثير من القضايا الكبيرة المهمة في طاولة، ودلل على ذلك بتصريح كبير مفاوضي الشعبية، عمار أموم الذي أدلى به لوسائل الإعلام بأن 80 في المائة من المحاور تم حسمها.
وأكد حسن، أن جولة التفاوض لم تنهار بدليل التوقيع على ما تم الاتفاق عليه، وعزا رفع جلسات التفاوض إلى إجراء المزيد من النقاش والمشاورات لتجاوز القضايا الخلافية في مسودة الاتفاق الإطاري. وقال، إن الوفد الحكومي على استعداد للعودة للمفاوضات متى ما حددت الوساطة جدول زمني لاستئناف عملية التفاوض.
ومن جهة ثانية، كشفت مصادر عليمة لـ«الشرق الأوسط»، عن أن الوساطة ألزمت وفدَي الحكومة السودانية والحركة الشعبية التوقيع في سرية تامة على وثيقة تحوي القضايا التي تم فيها توافق كبير بين الطرفين.
وقالت المصادر، إن الحكومة السودانية وافقت مبدئياً على مقترح الحركة الشعبية في مسودة الاتفاق الإطاري، بمنحها فترة أشهر تسبق الفترة الانتقالية.
وتشمل القضايا التي جرى توافق عليها بين الطرفين، إقرار نظام حكم لامركزي فيدرالي في البلاد، كما قطع النقاش في ملف الترتيبات الأمنية شوطاً مقدراً يمضي في اتجاه الحسم، بجانب التوافق التام على النظام القضائي.
وكانت وساطة جنوب السودان لمحادثات السلام السودانية علقت (الثلاثاء) الماضي جلسات التفاوض بين الحكومة السودانية والحركة إلى أجل غير مسمى؛ بغرض إتاحة الفرصة لتدخل الشركاء الدوليين والوساطة لتقريب المواقف التفاوضية للتوقيع على الاتفاق الإطاري النهائي.
وجاء في البيان الختامي، أن طرفي التفاوض استطاعا التوصل إلى اتفاقات وتفاهمات على معظم المحاور والقضايا، ولم يتمكنا من الوصول إلى قرارات نهائية حول عدد من القضايا التي جرى التفاوض حولها.
وكانت الوساطة أعلنت عن تحركات للشركاء الدوليين خلال الأسابيع المقبلة للضغط على الحكومة والشعبية بهدف تقريب المواقف التفاوضية للوصول إلى اتفاق حول القضايا الخلافية في أقرب وقت ممكن.
وكان نائب رئيس مجلس السيادة، محمد حمدان دقلو (حميدتي)، بحث أول من أمس مع المبعوث الأممي، فلوكر بيرتس، أول من أمس، سير تنفيذ اتفاق جوبا لسلام السودان، وفي مقدمتها ملف الترتيبات الأمنية وتشكيل القوات المشتركة لحماية المدنيين في دارفور.
ومن المنتظر أن تبدأ اللجنة الوطنية العليا لمتابعة تنفيذ اتفاق «جوبا» للسلام، وتضم رئيس الوزراء، عبد الله حمدوك، وأعضاء من مجلس السيادة الانتقالي، وهم ياسر العطا، مالك عقار، الهادي إدريس، وحاكم إقليم دارفور مني اركو مناوي، في الأيام المقبلة الاتفاق على آليات تشكيل القوة والإسراع في تنفيذ بند الترتيبات الأمنية.



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».