بعد فترة ركود... التذكارات السياحية اليدوية تنتظر أياماً أفضل في مصر

رجل يمشي أمام متجر يبيع نسخاً من التماثيل الفرعونية في منطقة خان الخليلي بالقاهرة (أ.ف.ب)
رجل يمشي أمام متجر يبيع نسخاً من التماثيل الفرعونية في منطقة خان الخليلي بالقاهرة (أ.ف.ب)
TT

بعد فترة ركود... التذكارات السياحية اليدوية تنتظر أياماً أفضل في مصر

رجل يمشي أمام متجر يبيع نسخاً من التماثيل الفرعونية في منطقة خان الخليلي بالقاهرة (أ.ف.ب)
رجل يمشي أمام متجر يبيع نسخاً من التماثيل الفرعونية في منطقة خان الخليلي بالقاهرة (أ.ف.ب)

من مجسمات الأهرامات إلى قناع توت عنخ آمون مروراً بتمثال نفرتيتي النصفي، يسعى الحرفيون المنتجون للتذكارات السياحية المصرية إلى تجديد الزخم في القطاع بانتظار أيام أفضل بعد فترة ركود بفعل تراجع السياحة جراء تفشي فيروس كورونا.
في منطقة أهرامات الجيزة غرب القاهرة، الموقع الفرعوني الشهير، يواصل بعض الزائرين التوافد لكن عددهم غير كافٍ بالنسبة لعيد يسري، وهو صاحب ورشة صغيرة لتصنيع نماذج صغيرة للتماثيل الفرعونية من البوليستر.

ويقول يسري لوكالة الصحافة الفرنسية: «كان لدينا 15 عاملاً لكن عددهم تراجع إلى خمسة فقط ولا يعملون كل يوم». وأقام يسري ورشته على سطح منزل أسرته، وهو عبارة عن كوخ من الخشب.
وكثيرون من صغار الحرفيين مثل يسري فقدوا منذ بدء جائحة «كوفيد - 19» إيرادات كانت تعينهم على سد احتياجاتهم.
وانخفضت عائدات قطاع السياحة بشدة العام الماضي، بعد أن كان يمثل 12 في المائة من إجمالي الناتج المحلي قبل الجائحة.

وبعد فترة قفز دخل السياحة مرة أخرى ليصل إلى 13 مليار دولار في عام 2019. ولكن في عام 2020 عاد للتراجع إلى 4 مليارات دولار بعدما كان متوقعاً أن يصل إلى 16 مليار دولار.
وفي الممرات الصغيرة المتعرجة في خان الخليلي، السوق السياحية الكبرى في القاهرة، كانت كارولين بوشيه، وهي في بداية الثلاثينات من العمر، تتجول بحثاً عن شيء تشتريه.

وأكدت بوشيه، التي أتت من جمهورية الدومينيكان، لوكالة الصحافة الفرنسية أنها «تبحث عن منتجات يدوية الصنع بنوعية جيدة وتعكس الثقافة المحلية لتكون تذكاراً من هذه الرحلة».
وإزاء ندرة السائحين وإصرارهم على شراء تذكارات عالية الجودة، يعد يسري بتحسين نوعية الإنتاج وتخفيض الأسعار لموزعي منتجاته الذين يشترون القطعة الواحدة بسعر يراوح بين 20 جنيهاً (1.28 دولار) و200 جنيه (نحو 13 دولاراً). وهو يعول على مجيء مجموعات من السياح في سبتمبر (أيلول) وأكتوبر (تشرين الأول) المقبلين، بينهم «أميركيون».

وفي مقابلة مع وكالة الصحافة الفرنسية أخيراً، قال وزير السياحة المصري خالد العناني إن هناك ازدياداً طفيفاً في عدد السائحين الذين بلغوا في أبريل (نيسان) 500 ألف، مقابل 200 ألف شهرياً في المتوسط خلال عام 2020.
وشكلت هذه الأرقام حافزاً للتحضير لمرحلة ما بعد الجائحة للحكومة التي أنشأت مصنعاً جديداً لإنتاج مستنسخات من الآثار لتسويقها لحسابها الخاص.
ومنذ مارس (آذار)، ينتج مصنع «كنوز» في إحدى ضواحي القاهرة نماذج للأثاث والتماثيل واللوحات الفنية التي ميزت العصور الأربعة الرئيسية من تاريخ مصر: الفرعوني والروماني والقبطي والإسلامي.
ويحظى كل منتج في هذا المصنع بشهادة منشأ.
في هذا المصنع الذي تبلغ مساحته 10 آلاف متر مربع، يشرف اللواء المتقاعد هشام شعراوي على قرابة 150 عاملاً ورساماً ونحاتاً.

ويقول اللواء شعراوي: «افتتحنا متجراً صغيراً في المتحف القومي للحضارة المصرية في أبريل. وسنفتتح متاجر في المتاحف الأخرى وفي بعض المزارات الأثرية».
ويُصب معظم المنتجات في قوالب باستخدام البوليستر والجبس والمعدن. وفي بعض الأحيان تُستخدم آلات لضبط الشكل قبل طلائها يدوياً أو تغطيتها بأوراق الذهب.
وإذا كانت السلطات تقول إنها لا تسعى إلى منافسة صغار الحرفيين، فإن بعض منتجات هذا المصنع يمكن أن تؤثر بالسلب على هؤلاء.

وتراوح منتجات المصنع بين النسخة المصغرة جداً من الآثار التي تباع مقابل 50 جنيهاً (قرابة 3 دولارات) والتماثيل التي يصل طولها إلى 3 أمتار وتباع بآلاف الجنيهات.
ويرى الخبير السياحي إلهامي الزيات أن المبادرة الحكومية «عملية تسويق ذكية». لكنه يعتبر أنه «لا ينبغي أن يكون الإنتاج كبيراً حتى لا يفقد قيمته».

وبالنسبة لحرفيي القطاع غير الرسمي كما بالنسبة لمصنع الدولة، تبدو فرص انتعاش السوق قوية، إذ اتخذت مصر منذ بضع سنوات إجراءات حمائية تجاه المنافسين وخصوصاً من الصين.
منذ عام 2015، أصدرت وزارة الصناعة قراراً بحظر استيراد «السلع والمنتجات ذات الطابع الفني الشعبي» ومن بينها «مستنسخات الآثار المصرية».

واختفت تدريجياً التذكارات المستوردة من الصين. كما أدى تحرير سعر صرف الدولار في عام 2016 إلى تشجيع المنتجات المصنوعة في مصر.



مصر: الكشف عن صرح معبد بطلمي في سوهاج

المعبد البطلمي تضمّن نقوشاً ورسوماً متنوّعة (وزارة السياحة والآثار)
المعبد البطلمي تضمّن نقوشاً ورسوماً متنوّعة (وزارة السياحة والآثار)
TT

مصر: الكشف عن صرح معبد بطلمي في سوهاج

المعبد البطلمي تضمّن نقوشاً ورسوماً متنوّعة (وزارة السياحة والآثار)
المعبد البطلمي تضمّن نقوشاً ورسوماً متنوّعة (وزارة السياحة والآثار)

أعلنت وزارة السياحة والآثار المصرية، السبت، عن اكتشاف صرح لمعبد بطلمي في محافظة سوهاج (جنوب مصر). وذكرت البعثة الأثرية المشتركة بين «المجلس الأعلى للآثار» في مصر وجامعة «توبنغن» الألمانية أنه جرى اكتشاف الصرح خلال العمل في الناحية الغربية لمعبد أتريبس الكبير.

وعدّ الأمين العام للمجلس الأعلى للآثار، الدكتور محمد إسماعيل خالد، هذا الكشف «النواة الأولى لإزاحة الستار عن باقي عناصر المعبد الجديد بالموقع»، وأوضح أنّ واجهة الصرح التي كُشف عنها بالكامل يصل اتساعها إلى 51 متراً، مقسمة إلى برجين؛ كل برج باتّساع 24 متراً، تفصل بينهما بوابة المدخل.

ولفت إسماعيل إلى أنّ الارتفاع الأصلي للصرح بلغ نحو 18 متراً، وفق زاوية ميل الأبراج، ما يضاهي أبعاد صرح معبد الأقصر، مؤكداً على استكمال أعمال البعثة في الموقع للكشف عن باقي المعبد بالكامل خلال مواسم الحفائر المقبلة، وفق بيان للوزارة.

جانب من صرح المعبد المُكتشف (وزارة السياحة والآثار)

بدوره، قال رئيس «الإدارة المركزية لآثار مصر العليا»، ورئيس البعثة من الجانب المصري، محمد عبد البديع، إنه كُشف عن النصوص الهيروغليفية التي تزيّن الواجهة الداخلية والجدران، خلال أعمال تنظيف البوابة الرئيسية التي تتوسَّط الصرح، كما وجدت البعثة نقوشاً لمناظر تصوّر الملك وهو يستقبل «ربيت» ربة أتريبس، التي تتمثّل برأس أنثى الأسد، وكذلك ابنها المعبود الطفل «كولنتس».

وأوضح أنّ هذه البوابة تعود إلى عصر الملك بطليموس الثامن الذي قد يكون هو نفسه مؤسّس المعبد، ومن المرجح أيضاً وجود خرطوش باسم زوجته الملكة كليوباترا الثالثة بين النصوص، وفق دراسة الخراطيش المكتشفة في المدخل وعلى أحد الجوانب الداخلية.

وقال رئيس البعثة من الجانب الألماني، الدكتور كريستيان ليتز، إنّ البعثة استكملت الكشف عن الغرفة الجنوبية التي كان قد كُشف عن جزء منها خلال أعمال البعثة الأثرية الإنجليزية في الموقع بين عامَي 1907 و1908، والتي زُيّن جانبا مدخلها بنصوص هيروغليفية ومناظر تمثّل المعبودة «ربيت» ورب الخصوبة «مين» وهو محوط بهيئات لمعبودات ثانوية فلكية، بمثابة نجوم سماوية لقياس ساعات الليل.

رسوم ونجوم تشير إلى ساعات الليل في المعبد البطلمي (وزارة السياحة والآثار)

وأضاف مدير موقع الحفائر من الجانب الألماني، الدكتور ماركوس مولر، أنّ البعثة كشفت عن غرفة في سلّم لم تكن معروفة سابقاً، ويمكن الوصول إليها من خلال مدخل صغير يقع في الواجهة الخارجية للصرح، وتشير درجات السلالم الأربع إلى أنها كانت تقود إلى طابق علوي تعرّض للتدمير عام 752.

يُذكر أنّ البعثة المصرية الألمانية المشتركة تعمل في منطقة أتريبس منذ أكثر من 10 سنوات؛ وأسفرت أعمالها عن الكشف الكامل لجميع أجزاء معبد أتريبس الكبير، بالإضافة إلى ما يزيد على 30 ألف أوستراكا، عليها نصوص ديموطيقية وقبطية وهيراطيقة، وعدد من اللقى الأثرية.

وعدَّ عالم الآثار المصري، الدكتور حسين عبد البصير، «الكشف عن صرح معبد بطلمي جديد في منطقة أتريبس بسوهاج إنجازاً أثرياً كبيراً، يُضيء على عمق التاريخ المصري في فترة البطالمة، الذين تركوا بصمة مميزة في الحضارة المصرية». وقال لـ«الشرق الأوسط» إنّ «هذا الاكتشاف يعكس أهمية أتريبس موقعاً أثرياً غنياً بالموروث التاريخي، ويُبرز تواصل الحضارات التي تعاقبت على أرض مصر».

ورأى استمرار أعمال البعثة الأثرية للكشف عن باقي عناصر المعبد خطوة ضرورية لفهم السياق التاريخي والمعماري الكامل لهذا الصرح، «فمن خلال التنقيب، يمكن التعرّف إلى طبيعة استخدام المعبد، والطقوس التي مورست فيه، والصلات الثقافية التي ربطته بالمجتمع المحيط به»، وفق قوله.

ووصف عبد البصير هذا الاكتشاف بأنه «إضافة نوعية للجهود الأثرية التي تُبذل في صعيد مصر، ويدعو إلى تعزيز الاهتمام بالمواقع الأثرية في سوهاج، التي لا تزال تخفي كثيراً من الكنوز».