اصطفاف إصلاحي لإنعاش حظوظ همتي ضد رئيسي

ثلاثة مرشحين انسحبوا من السباق... وخامنئي للإيرانيين: حل المشكلات ليس في مقاطعة الانتخابات

الإيرانيون يراقبون تطورات سوق العملة الأجنبية تحت تأثير الانتخابات الرئاسية أمام دار صرافة في طهران أول من أمس (أ.ف.ب)
الإيرانيون يراقبون تطورات سوق العملة الأجنبية تحت تأثير الانتخابات الرئاسية أمام دار صرافة في طهران أول من أمس (أ.ف.ب)
TT

اصطفاف إصلاحي لإنعاش حظوظ همتي ضد رئيسي

الإيرانيون يراقبون تطورات سوق العملة الأجنبية تحت تأثير الانتخابات الرئاسية أمام دار صرافة في طهران أول من أمس (أ.ف.ب)
الإيرانيون يراقبون تطورات سوق العملة الأجنبية تحت تأثير الانتخابات الرئاسية أمام دار صرافة في طهران أول من أمس (أ.ف.ب)

سبق المؤيدون للمرشح المعتدل عبد الناصر همتي، الصمت الانتخابي بتقريب المواقف في اصطفاف جديد جمع أطراف من الإصلاحيين، ضد تقدم مرشح التيار المحافظ، إبراهيم رئيسي، بحسب استطلاعات الرأي، بينما دعا المرشد علي خامنئي الإيرانيين إلى عدم مقاطعة صناديق الاقتراع غداً (الجمعة)، وسط أجواء انتخابية باردة.
ويأمل أنصار همتي (64 عاماً) من بعض الأحزاب الإصلاحية بأن ينعكس اصطفاف الساعات الأخيرة إيجاباً في قطع الطريق على فوز سهل لرئيس القضاء الحالي إبراهيم رئيسي، وأن تحسم هوية الفائز في الجولة ثانية.
وبعد فشل الإجماع في جبهة الإصلاحات على تسمية همتي أو المرشح الآخر، محسن مهر علي زاده، انضم حزب «اعتماد ملي»، فصيل الزعيم الإصلاحي، مهدي كروبي، إلى حزب «كاركزاران»، فصيل الرئيس الأسبق علي أكبر هاشمي رفسنجاني، وشكلا ائتلافاً مصغراً، في أحدث اصطفاف لرفع حظوظ همتي.
وكان كروبي قد أعلن نيته للمشاركة في الانتخابات والتصويت لصالح همتي، وذلك على خلاف حليفه ميرحسين موسوي الذي أعلن مقاطعته الانتخابات، منتقداً «الإذلال» و«الهندسة».
وجاء الإعلان عن الاصطفاف الجديد بالتزامن مع إعلان مهر علي زاده، الانسحاب لصالح همتي، غداة اجتماع ثنائي بينهما. وسارع الرئيس الإصلاحي الأسبق، محمد خاتمي، للترحيب بخطوة نائبه السابق مهر علي زاده، رغم أنه التزام الصمت إزاء مساعي الأخير لنيل تأييد الإصلاحيين.
ومع أن خاتمي لم يوجه دعوة صريحة لتأييد مرشح على غرار الانتخابات السابقة، لكن موقفه يدعم التفاف الإصلاحيين على همتي. ونقلت مواقع إصلاحية تسجيل فيديو من رسالة يوجهها خاتمي، يشدد فيها على أهمية المشاركة في الانتخابات الرئاسية وكذلك، انتخابات مجلس البلدية.
وقال خاتمي «آمل أن يسعى الناس للمشاركة لكي يحطبوا المشروع الذي يريد تسليم السلطة لتيار ما عبر تعطيل صناديق الاقتراع»، وتساءل «كيف يمكن هذا، هل ما يحدث جمهورية إسلامية؟ يجب أن يحضر الناس في المشهد الانتخابي لإحباط ما تم إعداده رغم غياب المرشح المثالي لهم». وقال «حضور الناس بأي شكل وفي ظل أي ضيق أو مشكلة مهم وأن يحاول تيار ما تعطيل صناديق الاقتراع أو يحرفها باتجاه آخر».
وبذلك، أعلن خاتمي عن تأييده لقائمة «ائتلاف جمهور» الذي أعلنه فصيل هاشمي رفسنجاني لدعم همتي، وقائمة الإصلاحيين في انتخابات مجالس البلدية.
وفي موقف مماثل، حض حسن خميني، نجل المرشد الأول، وحليف خاتمي، في بيان، الإيرانيين على «الانتخاب الصحيح». وذلك بعد أسبوع من تصريحات حذر فيها من ضياع «جمهورية النظام».
وقال خميني في بيان نقله موقع «جماران» التابع لمكتبه، إنه «على الرغم من أن ضيق النظر والسلوك المضلل، أثار مخاوف الجميع حيال تراثنا التاريخي، وعلى الرغم من أن هذا التجاهل العميق حيال الجمهورية هو السبب الأساسي للاضطرابات الاقتصادية والاجتماعية، فإنه لا يزال من الممكن بقرار إيجابي وليس السلوك السلبي، الحفاظ على المستقبل وبناء اليوم، ورفع المشكلات المعيشية». وقال «أعتقد أن إحدى طرق الحفاظ على جمهورية النظام هي التصويت الصحيح».
ظاهرة التصويت السلبي، اشتهرت بمسمى «انتخابات السيئ على الأسوأ»، وهي المعادلة التي دفعت الإصلاحيين إلى حشد أنصارهم لدعم روحاني في انتخابات 2013، بعد رفض أهلية الرئيس الأسبق، علي أكبر هاشمي رفسنجاني؛ ما دفعه لحشد أنصاره من الإصلاحيين لدعم روحاني ضد المحافظين.
في المعسكر المحافظ، أعلن كل من المرشح سعيد جليلي، ممثل المرشد الإيراني في المجلس الأعلى للأمن القومي، والمرشح، النائب علي رضا زاكاني، رئيس مركز الأبحاث في البرلمان الإيراني انسحابهما من الانتخابات لصالح إبراهيم رئيسي. ودعا جليلي وزاكاني في بيانات منفصلة إلى دعم رئيسي.
وكتب همتي في تغريدة على «تويتر» «بخروج جليلي، تخرج قطعة أخرى من بازل أعد للبلاد. أدعو جميع المعنيين بإصلاح البلاد عدم السماح لهذا التيار بتولي السلطة».
وفي تصريح منفصل، نفى همتي ضمناً أن تكون النتيجة محسومة لصالح منافسه رئيسي، ودعا إلى «عدم تصديق الأكاذيب حول حسم هوية الرئيس». وقال «لا تصدقوا الأكاذيب بأن الجميع يدعمون فلاناً مرشحاً. لا تصدقوا الأكاذيب التي تقول فلان سيكون الرئيس سواء في ظل المشاركة من عدم المشاركة».
وقال المرشد الإيراني، علي خامنئي، إن الانتخابات على مستوى الرئاسة ومجالس البلدية، «حدث مصيري تشهده البلاد»، مضيفاً أن «مصير البلاد في فترة زمنية في جميع مجالات الاقتصاد، القضايا الثقافية، الأمن والصحة و… يعود إلى العمل الذي يقوم به الشعب الإيراني الجمعة».
وأعلن خامنئي عن اتفاقه مع شكاوى الناس من الوضع الاقتصادي، لكنه رفض عدم المشاركة في الانتخابات، ورأى أن «حل المشكلات هي الحضور لدى صناديق الاقتراع». ورفض أن تكون الانتخابات «غير تنافسية»، وقال «الدليل على أن الانتخابات نزيهة هي أن رؤساء الجمهورية لديهم توجهات سياسية مختلفة».
وخاطب الإيرانيين قائلاً «تحددون مصير البلاد في جميع المجالات بانتخابكم»، واعتبر «أصل المشاركة ونوع الانتخاب عملاً كبيراً على عاتق الناس». وقال «إذا لم يشارك الناس، والجمهور لن تتحقق الجمهورية الإسلامية».
واتهم خامنئي بأن «هدف الأعداء ألا تجري الانتخابات بطريقة المطلوبة من الجمهورية الإسلامية، أي أن يبتعد الناس عن النظام». وقال «التجربة أثبتت أن الناس لا يكثرون لهم»، وقال «أظهر الناس أنهم يتصرفون خلاف ما يريده الأعداء»، متهماً بعض المجموعات بتكرار ما يقوله «الأعداء».
وحذر من أن تراجع الإقبال على الانتخابات «سيقابله في الطرف المقابل زيادة ضغوط الأعداء». وقال «إذا كانت نسبة الإقبال منخفضة، ستتاح للعدو فرصة الغطرسة».
وقال خامنئي، إن الانتخابات «تؤدي إلى قوة النظام بالمعنى الحقيقي للكلمة» قبل أن يلوم أشخاصاً يصدرون بيانات مليئة بـ«السفسطة» حول الانتخابات بأنهم «يريدون تضعيف النظام عبر إحباط الناس»، وأضاف «الأعداء الأجانب الذين يواجهون الانتخابات بصراحة يسعون وراء إضعاف النظام». وقال «إنهم يعلمون إذا ضعف حضور الناس وضعفت البلاد، حينها يتمكنون من زعزعة أمن البلاد». وتابع أن «الانتخابات تظهر حضور الناس في الساحة»، منوهاً بأن ذاك يعني «القاعدة الشعبية للنظام»، واعتبره «أداة قوة لا مثيل لها»، مشيراً إلى امتلاك إيران «أدوات سياسية وعسكرية واقتصادية».
ويعد الإقبال على صناديق الاقتراع في انتخابات غداً اختبار شرعية النظام؛ لأنها الانتخابات الرئاسية الأولى بعد سلسلة إضرابات واحتجاجات، ضربت البلاد خلال ولاية حسن روحاني الثانية. وسجلت إيران في الانتخابات التشريعية في نوفمبر (تشرين الثاني) العام الماضي، أعلى نسبة إحجام عن التصويت بلغت 57 في المائة، في عموم البلاد، و75 في المائة في العاصمة طهران.
وطالما ألقت حكومة روحاني باللوم على العقوبات الأميركية التي أعاد فرضها الرئيس السابق دونالد ترمب بهدف تعديل سلوك إيران، وخلال السنوات الثلاث الماضية اتهم روحاني خصومه المحافظين بالوقوف وراء احتجاجات الطبقة المتوسطة، على الوضع المعيشي في ديسمبر (كانون الأول) 2017، وقال إنها حفزت الرئيس الأميركي على الانسحاب من الاتفاق النووي.
وردد المتظاهرون شعارات منددة بالتيار المحافظ والإصلاحي، والسياسة الخارجية والإنفاق على الأجندة الإقليمية، ومن أبرز تلك الشعارات «لا إصلاحي ولا محافظ، لقد انتهت الحكاية».
ولم تكن علاقة روحاني بالتيار الإصلاحي على ما يرام خلال ولايته الثانية، ومنذ الأشهر الأولى، أثار روحاني سخط الإصلاحيين لتجاهل وعوده بشأن رفع الإقامة الجبرية عن الزعيمين الإصلاحيين مير حسين موسوي ومهدي كروبي، وما ساهم في تعميق الغضب تراجعه عن إشراكهم في الحكومة، واقترابه من نبرة المحافظين بعد فرض العقوبات الأميركية.
ويتحفظ الإصلاحيون على السياسة الاقتصادية لحكومة روحاني، خاصة في إدارة سوق العملة ورفع أسعار الدولار. وأثارت مواقف حكومة روحاني من قمع الاحتجاجات غضباً بين أنصار التيار الإصلاحي.
وترى كثير من أطراف الإصلاحية، أن تعطل وعود روحاني تسبب في نزيف القاعدة الشعبية للإصلاحيين، وابتعاد الناس عنهم.
ويرصد موقع «روحاني متر» وهو برنامج بحثي من جامعة تورونتو، تفاصيل 100 وعد وردت على لسان الرئيس حسن روحاني، خلال ثمانية أعوام من رئاسته حول قضايا الاقتصاد والسياسة الخارجية والداخلية والقضايا الثقافية والاجتماعية. ولم ينجح سوى في العمل بـ9 وعود حتى الآن، في حين تحقق 8 وعود بشكل منقوص، وهناك 11 وعداً آخر في طور المتابعة، وفي المقابل، 52 وعداً لم يتحقق، وتوقف على تحقق 11 وعداً، بينما هناك تسعة وعود لم تتم متابعتها من الأساس.



أميركا تطلب من تركيا الضغط على «حماس» للقبول بوقف النار في غزة

فيدان وبلينكن في تصريحات للصحافيين عقب انتهاء مباحثاتهما في أنقرة (الخارجية التركية)
فيدان وبلينكن في تصريحات للصحافيين عقب انتهاء مباحثاتهما في أنقرة (الخارجية التركية)
TT

أميركا تطلب من تركيا الضغط على «حماس» للقبول بوقف النار في غزة

فيدان وبلينكن في تصريحات للصحافيين عقب انتهاء مباحثاتهما في أنقرة (الخارجية التركية)
فيدان وبلينكن في تصريحات للصحافيين عقب انتهاء مباحثاتهما في أنقرة (الخارجية التركية)

طالبت الولايات المتحدة تركيا باستخدام نفوذها لجعل حركة «حماس» الفلسطينية تقبل مقترحاً لوقف إطلاق النار في غزة. وأكد البلدان اتفاقهما بشأن ضرورة العمل على تحقيق وقف إطلاق النار في أسرع وقت ممكن.

وقال وزير الخارجية التركي، هاكان فيدان، خلال مؤتمر صحافي مشترك قصير مع نظيره الأميركي أنتوني بلينكن، عقب ختام مباحثاتهما في أنقرة (الجمعة): «اتفقنا على تحقيق وقف إطلاق النار بغزة في أسرع وقت ممكن»، لافتاً إلى الجهود التي تبذلها تركيا والولايات المتحدة والشركاء الآخرون في المنطقة من أجل وقف إطلاق النار.

وأضاف فيدان أن «إسرائيل تواصل قتل المدنيين في غزة، وتعمل على استمرار دوامة العنف في المنطقة، وقد اتفقنا على أن تعمل تركيا وأميركا جنباً إلى جنب مع الشركاء الآخرين للحد من العنف».

وتابع أن العنف المستمر في غزة، أسفر عن سقوط عدد كبير من الضحايا المدنيين. وأعربت كل من تركيا وأميركا عن قلقهما إزاء الوضع.

جانب من مباحثات فيدان وبلينكن في أنقرة الجمعة (الخارجية التركية)

بدوره، قال وزير الخارجية الأميركي، أنتوني بلينكن، إنه رأى خلال الفترة الأخيرة «مؤشرات مشجّعة» على التقدّم نحو وقف لإطلاق النار في قطاع غزة.

وأضاف: «ناقشنا الوضع في غزة، والفرصة التي أراها للتوصّل إلى وقف لإطلاق النار. وما رأيناه خلال الأسبوعين الماضيين هو مزيد من المؤشرات المشجّعة».

وطالب بلينكن تركيا باستخدام نفوذها كي ترد حركة «حماس» بالإيجاب على مقترح لوقف إطلاق النار، مضيفاً: «تحدثنا عن ضرورة أن ترد (حماس) بالإيجاب على اتفاق ممكن لوقف إطلاق النار؛ للمساهمة في إنهاء هذا الوضع، ونُقدِّر جداً الدور الذي تستطيع تركيا أن تلعبه من خلال استخدام صوتها لدى (حماس) في محاولة لإنجاز ذلك».

وكان بلينكن وصل إلى أنقرة، مساء الخميس، والتقى الرئيس التركي رجب طيب إردوغان، في مطار إسنبوغا بالعاصمة التركية، قبل أن يجري مباحثات مع نظيره هاكان فيدان استغرقت أكثر من ساعة بمقر وزارة الخارجية التركية، حيث ركّزت مباحثاته بشكل أساسي على الوضع في سوريا بعد سقوط نظام بشار الأسد، والوضع في المنطقة وبشكل خاص التوصل إلى وقف لإطلاق النار في غزة.

جانب من لقاء إردوغان وبلينكن بمطار إسنبوغا في أنقرة مساء الخميس (الرئاسة التركية)

وجاءت زيارة بلينكن لتركيا بعدما زار الأردن، الخميس، لإجراء مباحثات تتعلق بسوريا والوضع في غزة أيضاً.

وتبدي أميركا قلقاً من أن تؤدي التطورات الجديدة إلى مخاطر على أمن إسرائيل، وأن تجد جماعات إرهابية فرصة في التغيير الحادث بسوريا من أجل تهديد إسرائيل، التي سارعت إلى التوغل في الأراضي السورية (في الجولان المحتل) في انتهاك لاتفاقية فض الاشتباك الموقّعة عام 1974، وهو ما أدانته تركيا، في الوقت الذي عدّت فيه أميركا أن من حق إسرائيل اتخاذ الإجراءات اللازمة لتأمين نفسها ضد التهديدات المحتملة من سوريا.