إخلاء «الشيخ جراح» أمام المحاكم الإسرائيلية مجدداً

ناشطون فلسطينيون وإسرائيليون وأجانب يحتجون على إجلاء عائلات من حي الشيخ جراح بالقدس (أ.ف.ب)
ناشطون فلسطينيون وإسرائيليون وأجانب يحتجون على إجلاء عائلات من حي الشيخ جراح بالقدس (أ.ف.ب)
TT

إخلاء «الشيخ جراح» أمام المحاكم الإسرائيلية مجدداً

ناشطون فلسطينيون وإسرائيليون وأجانب يحتجون على إجلاء عائلات من حي الشيخ جراح بالقدس (أ.ف.ب)
ناشطون فلسطينيون وإسرائيليون وأجانب يحتجون على إجلاء عائلات من حي الشيخ جراح بالقدس (أ.ف.ب)

في الوقت الذي قررت فيه الحكومة الإسرائيلية السابقة عدم التدخل في مسألة إخلاء العائلات الفلسطينية من بيوتها في حي الشيخ جراح، قررت «المحكمة الإسرائيلية العليا» عقد جلسة لها في 20 يوليو (تموز) المقبل، بينما قررت «المحكمة المركزية» عقد جلسة في 2 أغسطس (آب) المقبل، للبت في الموضوع.
ويأتي هذان الموعدان في أوج عطلة المحاكم الإسرائيلية، التي تبدأ في 15 يوليو وتنتهي في 15 سبتمبر (أيلول) المقبلين، مما يدل على أن المحكمة تنظر إلى القضية على أنها ملحة. وفي غياب دور للحكومة السابقة، تطرح تساؤلات حول ما إذا كانت الحكومة الجديدة برئاسة نفتالي بينيت، التي تضم أيضاً «الحركة الإسلامية»، سوف تسير على نهج سابقتها وتمتنع عن التدخل أم ستتخذ موقفاً مغايراً. فرغم الجانب القانوني في الموضوع، فإن القضية الأساس هنا هي قضية سياسية.
المعروف أن هناك 28 عائلة لاجئين فلسطينيين تعيش في الشيخ جراح منذ عام 1956 بموجب قرار الحكومة الأردنية وبالاتفاق مع «وكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (أونروا)». وتطالب منظمات استيطانية بإخلاء هذه المنازل من هذه العائلات الفلسطينية بداعي إقامتها على أرض كانت مملوكة ليهود قبل عام 1948 وهو ما ينفيه الفلسطينيون. وتخوض العائلات صراعاً مع المنظمات الاستيطانية في المحاكم الإسرائيلية منذ سنوات التسعينات. وجنباً إلى جنب تدور معركة سياسية حول الموضوع؛ إذ يقول الفلسطينيون إنهم يملكون آلاف العقارات، من أراض وبيوت، في القدس الغربية مما قبل عام 1948، فإذا كان اليهود يطالبون بحقهم في أملاك كانت لهم قبل النكبة، فإنه يكون من حقهم؛ أي الفلسطينيين، أن يطالبوا باستعادة تلك العقارات. ويعدّ قرار حكومة بنيامين نتنياهو، في الشهر الماضي، إبلاغ المحكمة بأنها لن تتدخل، بمثابة تهرب من مواجهة المقارنة التي يطرحها الفلسطينيون.
وقد وصلت القضية في حينها إلى «محكمة الصلح» في القدس، عبر 4 من العائلات الفلسطينية التي تسكن حي الشيخ جراح، وهي عائلات: جاعوني وإسكافي والكرد والقاسم. وقررت المحكمة طرد هذه العائلات من المنازل لصالح المستوطنين اليهود. فاستأنفت العائلات أمام «المحكمة المركزية» التي أثنت على قرار «محكمة الصلح». فاستأنفت العائلات أمام «المحكمة العليا»، فطلبت هذه رأي الحكومة، فأبلغها المستشار القضائي، أفيحاي مندلبليت، أنه والحكومة لن يتدخلا في مسألة الإخلاء ويتركان للمحكمة أن تتخذ قرارها وفقاً لحساباتها القانونية. وقد بدا واضحاً أن هذا التهرب يخبئ سياسة تساند المستوطنين. فقررت المحكمة أنه «مع تلقينا موقف المستشار القضائي للحكومة، فسننظر في كيفية استئناف معالجة الالتماس المقدم في هذا الشأن». ويثير هذا التوجه موجة غضب عارم في صفوف الفلسطينيين؛ ليس فقط في حي الشيخ جراح، الذي تحول إلى رمز لمواجهة سياسة الترحيل والاستيطان والتهويد، بل في جميع أحياء القدس العربية التي تتعرض لحملات تهويد شبيهة.
ومنه انطلقت الاحتجاجات الشعبية ضد الاعتداءات على القدس، ويشهد في كل أسبوع مظاهرات عربية يساندها العديد من أنصار السلام اليهود والأجانب.



اعتقالات الحوثيين وتسليح الاقتصاد يهيمنان على إحاطة غروندبرغ

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
TT

اعتقالات الحوثيين وتسليح الاقتصاد يهيمنان على إحاطة غروندبرغ

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)

تصدرت اعتقالات الحوثيين للموظفين الأمميين والإغاثيين، وتسليح الاقتصاد في اليمن، الإحاطة الشهرية للمبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ، أمام مجلس الأمن، الأربعاء، مع تأكيد المبعوث أن الحلّ السلمي وتنفيذ خريطة طريق تحقق السلام أمر ليس مستحيلاً، على الرغم من التصعيد الحوثي البحري والبري والردود العسكرية الغربية.

وقال المبعوث الأممي إنه من الضروري أن تقتنص الأطراف المعنية، والمنطقة، والمجتمع الدولي «اللحظات المحورية»، وألا تفوّت الفرصة لتحويلها إلى خطوات واضحة نحو تحقيق السلام المنشود في اليمن.

آثار مسيرة حوثية انفجرت في مبنى سكني في تل أبيب (أ.ف.ب)

ومع انهيار الاقتصاد وتدهور مستويات المعيشة، رأى غروندبرغ أنه لا يوجد أي مبرر لهذه المعاناة، وأن إنهاء الحرب في اليمن هو خيار حقيقي ومتاح، ويبقى ضمن متناول الأطراف، داعياً جميع الأطراف للانخراط بجدية مع الجهود التي يقودها لتنفيذ خريطة الطريق، والتي تهدف إلى تحقيق وقف إطلاق النار، وتنفيذ تدابير اقتصادية، تشمل دفع الرواتب بشكل مستدام، والتمهيد لعملية سياسية شاملة.

وحضّ غروندبرغ على اتخاذ الإجراءات اللازمة، وتقديم التنازلات، والتركيز الصادق على اليمن، باعتبار ذلك أمراً ضرورياً «إذا كانت الأطراف تسعى لتخفيف معاناة اليمنيين وإعادة الأمل في مستقبل يسوده السلام».

اعتقالات تعسفية

أشار المبعوث الأممي إلى اليمن في إحاطته إلى مرور 6 أشهر على بدء الحوثيين اعتقالات تعسفية استهدفت موظفين من المنظمات الدولية والوطنية، والبعثات الدبلوماسية، ومنظمات المجتمع المدني، وقطاعات الأعمال الخاصة.

وقال، رغم الإفراج عن 3 محتجزين، إن عشرات آخرين، بمن فيهم أحد أعضاء مكتبه لا يزالون رهن الاحتجاز التعسفي، «بل إن البعض يُحرم من أبسط الحقوق الإنسانية، مثل إجراء مكالمة هاتفية مع عائلاتهم». وفق تعبيره.

الحوثيون انخرطوا في ما يمسى محور المقاومة بقيادة إيران (إ.ب.أ)

ووصف المبعوث الأممي هذه الاعتقالات التعسفية بأنها «تشكل انتهاكاً صارخاً للحقوق الإنسانية الأساسية، وتسبب معاناة عميقة لأسرهم التي تعيش في حالة مستمرة من القلق والخوف على سلامة أحبائهم»، وشدّد على الإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع المعتقلين، مع تعويله على دعم مجلس الأمن لتوصيل هذه الرسالة.

وأوضح غروندبرغ أن مكتبه ملتزم بشكل كبير بإطلاق سراح جميع المحتجزين على خلفية النزاع في اليمن، وقال إن هناك من قضى 10 سنوات رهن الاعتقال، داعياً الجميع إلى الوفاء بالتزاماتهم بموجب اتفاق استوكهولم، ومواصلة العمل بروح من التعاون الصادق للوفاء بهذا الملف الإنساني البالغ الأهمية، وأن تسترشد المفاوضات بالمبدأ المتفق عليه، وهو «الكل مقابل الكل».

عواقب وخيمة

وفي ما يخص الوضع الاقتصادي في اليمن، قال المبعوث الأممي إن الأزمة تتفاقم مجدداً، مع التنبيه إلى «العواقب الوخيمة» التي تترتب على الانكماش الاقتصادي، وتجزئته، واستخدامه كأداة في الصراع.

وأكد غروندبرغ أن الفشل في دفع رواتب ومعاشات القطاع العام أدّى إلى زيادة الفقر بشكل واسع، بينما أسهم التضخم المتزايد في جعل كثير من الأسر عاجزة عن تلبية احتياجاتها الأساسية، بما في ذلك الغذاء.

تدهور الاقتصاد وانقطاع الرواتب في اليمن تسببا في جوع ملايين السكان (أ.ف.ب)

وفي شأن مساعيه، أفاد المبعوث الأممي بأن مكتبه من خلال زيارات صنعاء وعدن أوضح مفترق الطرق الحاسم الذي تواجهه الأطراف، وهو إما الاستمرار في «المسار الكارثي من النزاع غير المحسوم وتسليح الاقتصاد الذي سيؤدي بلا شك إلى خسارة الجميع، أو التعاون لحلّ القضايا الاقتصادية لتمهيد الطريق نحو النمو وتحقيق مكاسب السلام الممكنة».

وأشار إلى أن العمل جارٍ على استكشاف حلول عملية وملموسة تهدف إلى استعادة الاستقرار وتعزيز الحوار بشأن الاقتصاد اليمني، بما يشمل دفع الرواتب واستئناف صادرات النفط والغاز، بما يخدم مصلحة الشعب اليمني وترجمة الالتزامات التي تعهدت بها الأطراف في يوليو (تموز) الماضي إلى خطوات ملموسة تعود بالفائدة على جميع اليمنيين.

التصعيد العسكري

في شأن التصعيد العسكري، قال غروندبرغ إن انعدام الأمن في البحر الأحمر لا يزال يتفاقم نتيجة أعمال الحوثيين، إلى جانب الهجمات على إسرائيل، والغارات الجوية التي شنّتها الولايات المتحدة والمملكة المتحدة رداً على تلك التطورات.

وأشار إلى أن هذه الأحداث التي استمرت طوال العام، قلّصت الحيز المتاح لجهود الوساطة التي يقودها. وحضّ جميع الأطراف المعنية على اتخاذ خطوات جادة لتهيئة بيئة مناسبة، تمهد الطريق لحل النزاع في اليمن، وحذّر من أن الفشل في تحقيق ذلك لن يؤدي إلا إلى تعزيز دعوات العودة إلى الحرب.

طائرة حوثية من دون طيار في معرض أقامه الحوثيون في صنعاء بمناسبة الأسبوع السنوي لذكرى قتلاهم (رويترز)

وأوضح أن الأوضاع الهشّة في اليمن لا تزال مستمرة على عدة جبهات، مع تصاعد الاشتباكات بشكل متكرر في مناطق، مثل الضالع، الحديدة، لحج، مأرب، صعدة، شبوة، تعز. ما يؤدي مراراً إلى خسائر مأساوية في الأرواح.

وتصاعدت الأعمال العدائية في المناطق الشرقية من تعز - وفق المبعوث الأممي - مع ورود تقارير عن وقوع انفجارات وقصف بالقرب من الأحياء السكنية.

وفي الأسبوع الماضي فقط، أورد المبعوث في إحاطته أن طائرة من دون طيار استهدفت سوقاً مزدحمة في مقبنة بمحافظة تعز، ما أسفر عن مقتل 6 أشخاص على الأقل، وإصابة آخرين بجروح خطرة.

ودعا غروندبرغ أطراف النزاع اليمني إلى التقيد الجاد بالتزاماتهم، بموجب القانون الإنساني الدولي، لضمان حماية المدنيين والبنية التحتية المدنية. وقال إن هذه الحوادث تسلط الضوء على الحاجة الملحة للتوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار.

ولدعم جهود التهدئة، أفاد المبعوث بأن مكتبه يتواصل مع المسؤولين العسكريين والأمنيين من الطرفين، لتسهيل الحوار حول الديناميكيات الحالية، واستكشاف سبل تعزيز بناء الثقة.